باب فضل الجوع وخشونة العيش
باب فضل الجوع وخشونة العيش
تطريز رياض الصالحين
عن أنس - رضي الله عنه - قال: رهن النبي - صلى الله عليه وسلم - درعه بشعير، ومشيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبز شعير وإهالة سنخة، ولقد سمعته يقول: «ما أصبح لآل محمد صاع ولا أمسى» وإنهم لتسعة أبيات. رواه البخاري.
----------------
«الإهالة» بكسر الهمزة: الشحم الذائب. و «السنخة» بالنون والخاء المعجمة: وهي المتغيرة. فيه: إعراضه - صلى الله عليه وسلم - عن المشتهيات، واجتزاؤه بما يسد الحاجة من القوت. وفيه: تسلية لذوي الفقر والحاجة من أمته. قوله: وإنهم لتسعة أبيات. قال الحافظ: ومناسبة ذكر أنس لهذا القدر مع ما قبله، الإشارة إلى سبب قوله - صلى الله عليه وسلم - هذا، وأنه لم يقله متضجرا، ولا شاكيا، وإنما قاله معتذرا عن إجابة دعوى اليهودي، ولرهنه درعه. وفي الحديث: جواز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم عين المتعامل فيه، وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم. واستنبط منه جواز معاملة من أكثر ماله حرام. وفيه: جواز بيع السلاح، ورهنه، وإجازته، وغير ذلك من الكافر ما لم يكن حربيا. وفيه: ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من التواضع، والزهد في الدنيا، والتقلل منها مع قدرته عليها، والكرم الذي أفضى به إلى عدم الادخار، والصبر على ضيق العيش. وفيه: فضيلة لأزواجه وصبرهن معه على ذلك.