باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى
باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لما نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} الآية [البقرة (284)]. اشتد ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله، كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والجهاد والصيام والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير» [قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير]. فلما اقترأها القوم، وذلت بها ألسنتهم أنزل الله تعالى في إثرها: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} [البقرة (285)] فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى، فأنزل الله - عز وجل -: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} قال: نعم {ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا} قال: نعم {ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به} قال: نعم {واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين} قال: نعم. رواه مسلم.
----------------
قال السدي: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [البقرة (286)] طاقتها وحديث النفس مما لا يطيقون. وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل».