باب في اليقين والتوكل
باب في اليقين والتوكل
تطريز رياض الصالحين
عن جابر - رضي الله عنه -: أنه غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل نجد، فلما قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قفل معهم، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفرق الناس يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت سمرة فعلق بها سيفه ونمنا نومة، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعونا وإذا عنده أعرابي، فقال: «إن هذا اخترط علي سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا، قال: من يمنعك مني؟ قلت: الله - ثلاثا-» ولم يعاقبه وجلس. متفق عليه. وفي رواية قال جابر: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معلق بالشجرة فاخترطه، فقال: تخافني؟ قال: «لا». فقال: فمن يمنعك مني؟ قال: «الله». وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في " صحيحه "، قال: من يمنعك مني؟ قال: «الله». قال: فسقط السيف من يده، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السيف، فقال: «من يمنعك مني؟». فقال: كن خير آخذ. فقال: «تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟» قال: لا، ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، فأتى أصحابه، فقال: جئتكم من عند خير الناس.
----------------
قوله: «قفل» أي رجع، و «العضاه» الشجر الذي له شوك، و «السمرة» بفتح السين وضم الميم: الشجرة من الطلح، وهي العظام من شجر العضاه، و «اخترط السيف» أي سله وهو في يده. «صلتا» أي مسلولا، وهو بفتح الصاد وضمها. في هذا الحديث: قوة يقينه - صلى الله عليه وسلم -، وتوكله على الله عز وجل، وعفوه، وحلمه، ومقابلة السيئة بالحسنة، ومحاسن أخلاقه، وكمال كرمه، وقد قال الله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم} [القلم (4)].