3- شدة الهجمة
يقول الإمام حسن البنا:
» قد ينشأ الشاب في أمة وادعة هادئة، قوي سلطانها واستبحر عمرانها، فينصرف إلى نفسه اكثر مما ينصرف إلى أمته، ويلهو ويعبث وهو هادئ النفس مرتاح الضمير.
وقد ينشأ في أمة مجاهدة عاملة قد استولى عليها غيرها، واستبد بشؤونها خصمها فهي تجاهد ما استطاعت في سبيل استرداد الحق المسلوب، والتراث المغصوب، والحرية الضائعة والأمجاد الرفيعة، والمثل العالية.
وحينئذ يكون من أوجب الواجبات على هذا الشباب أن ينصرف إلى أمته أكثر مما ينصرف إلى نفسه، وهو إذ يفعل ذلك يفوز بالخير العاجل في ميدان النصر، و الخير الآجل من مثوبة الله«.
يا غافلا ليس بمغفول عنه.
يا غافلا عن كيد أعداء لا يغفلون عنه لحظة.
أمتنا اليوم تواجه عدوا شرسا.. كشَّر عن أنيابه.. وأظهر ما كان مستورا في فؤاده.. سخَّر طاقاته وثرواته لبلوغ مراده، وتحالف مع أمثاله لتعجيل أهدافه، أيواجه هذا كله بهمم خائرة وعزائم مريضة وتسويف فعال وسط كومة أقوال؟!
ومن هنا حمل صاحب الرسالة همَّ الدعوة التي تتصدى لهؤلاء الأوغاد، لأنه يرى أن السكون إذا هجم العدو خيانة، ولأن المعركة محتدمة ونبض كثير ممن حوله صفر!!
هذه المعركة التي خلَّفت آهات الثكالى، وأنات المعذبين، وأشواق المغيبين في سجون اليهود والظالمين، ورحم الله الإمام البنا حين استشعر هذه التبعة الثقيلة والمهمة المقدَّسة فقال يصف حاله وحال كل حي القلب وافر المروءة:
) ليس يعلم أحد إلا الله كم من الليالي كنا نقضيها نستعرض حال الأمة، وما وصلت إليه في مختلف مظاهر حياتها، ونحلل العلل، والأدواء، ونفكر في العلاج وحسم الداء، ويفيض بنا التأثر لما وصلنا إليه إلى حد البكاء... ولهذا وأمثاله نعمل، ولإصلاح هذا الفساد وقفنا أنفسنا فنتعزى، ونحمد الله على أن جعلنا من الداعين إليه العاملين لدينه. )
إخوتاه.. ما أحوجنا اليوم إلى النائحة الثكلى وأغنانا عن أختها المسـتأجرة!
أنت.. نعم أنت!!
لكن يجب أن نعترف أن من محاسن هذه الهجمة الشرِسة أنها جعلتنا نفطن إلى سر الانتصار ومعادلة الظفر ومفتاح القفل المحكم المؤدي إلى كشف الغمة.. إنه أنت!! نعم أنت.
يقول الإمام حسن البنا:
(إن تاريخ الأمم جميعا إنما هو تاريخ ما ظهر بها من الرجال النابغين الأقوياء النفوس والإرادات. وإن قوة الأمم أو ضعفها إنما يقاس بخصوبتها في إنتاج الرجال الذين تتوفر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة. وإني أعتقد – والتاريخ يؤيدني – أن الرجل الواحد في وسعه أن يبني أمة إن صحت رجولته(.
فلماذا لا تكون أنت هذا الرجل؟!
أنت الأمل المرتقب..
أنت المعجزة الربانية..
فكيف لا تسعى لنيل هذا الشرف وحيازة قصب السبق؟!
إذا قالوا:
الأُلى، خِلْنا بأنَّا القصدُ والهدف يسير الناس إن سرنا، وإن قلنا: قِفوا وقفوا
مختارات