سورة لقمان
آية
﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٦﴾]
قال قتادة: والله لعله لا ينفق فيه مالاً، ولكن شراءه استحبابه، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق، وما يضر على ما ينفع. ابن كثير:3/426.
آية
﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٦﴾]
(لهو الحديث) أي: ما يلهي من الأشياء المتجددة التي تستلذ، فيقطع بها الزمان من: الغناء، والمضحكات، وكل شيء لا اعتبار فيه، فيوصل النفس بما أوصلها إليه من اللذة إلى مجرد الطبع البهيمي، فيدعوها إلى العبث من اللعب؛ كالرقص، ونحوه...فينزل إلى أسفل سافلين كما علا الذي قبله بالحكمة إلى أعلى عليين. البقاعي:15/146.
آية
﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٦﴾]
قال أبو الصهباء البكري: سألت ابن مسعود عن هذه الآية فقال: «هو الغناء، واللّه الذي لا إله إلا هو»، يرددها ثلاث مرات، وقال إبراهيم النخعي: الغناء ينبت النفاق في القلب،... وقيل: الغناء رقية الزنا. البغوي:3/506.
آية
﴿ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلْءَاخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٤﴾]
(الذين يقيمون الصلاة) أي: يجعلونها كأنها قائمة بفعلها بسبب إتقان جميع ما آمر بعد فيها، وندب إليه، وتوقفت بوجه عليه، على سبيل التجديد في الأوقات المناسبة لها والاستمرار. البقاعي:15/144.
آية
﴿ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٤﴾]
خَصَّ من العمل عملين فاضلين: الصلاة المشتملة على الإخلاص، ومناجاة الله تعالى، والتعبد العام للقلب، واللسان، والجوارح، المعينة على سائر الأعمال، والزكاة التي تزكي صاحبها من الصفات الرذيلة، وتنفع أخاه المسلم، وتسد حاجته، ويبين بها أن العبد يؤثر محبة الله على محبته للمال؛ فيخرج محبوبه من المال لما هو أحب إليه؛ وهو طلب مرضاة الله. السعدي:646
آية
﴿ تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱلْكِتَٰبِ ٱلْحَكِيمِ ﴿٢﴾ هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٣﴾]
ولكن مع أنه حكيم، يدعو إلى كل خلق كريم، وينهى عن كل خلق لئيم، أكثر الناس محرومون الاهتداء به، معرضون عن الإيمان والعمل به، إلا من وفقه الله تعالى وعصمه، وهم المحسنون في عبادة ربهم، والمحسنون إلى الخلق. السعدي:646.
آية
﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَٰنُ لِٱبْنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَىَّ لَا تُشْرِكْ بِٱللَّهِ ۖ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿١٣﴾]
ابتدأ لقمان موعظة ابنه بطلب إقلاعه عن الشرك بالله؛ لأن النفس المعرضة للتزكية والكمال يجب أن يقدم لها قبل ذلك تخليتُها عن مباديء الفساد والضلال. ابن عاشور:21/155.
آية
﴿ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَٰنَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِۦ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِىٌّ حَمِيدٌ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿١٢﴾]
كان أول ما لُقنه لقمان من الحكمة هو الحكمة في نفسه؛ بأن أمره الله بشكره على ما هو محفوف به من نعم الله؛ التي منها نعمة الاصطفاء. ابن عاشور:21/152.
آية
﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِى ٱلْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَٰمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُۥ مِنۢ بَعْدِهِۦ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَٰتُ ٱللَّهِ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٢٧﴾]
الآية إخبار بكثرة كلمات الله، والمراد: اتساع علمه، ومعنى الآية: أن شجر الأرض لو كانت أقلاماً، والبحر لو كان مداداً يصب فيه سبعة أبحر صَبّاً دائماً، وكتبت بذلك كلمات الله؛ لنفدت الأشجار والبحار، ولم تنفد كلمات الله؛ لأن الأشجار والبحار متناهية، وكلمات الله غير متناهية. ابن جزي:2/175.
آية
﴿ أَلَمْ تَرَوْا۟ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُۥ ظَٰهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٢٠﴾]
فوظيفتكم أن تقوموا بشكر هذه النعم؛ بمحبة المنعم والخضوع له، وصرفها في الاستعانة على طاعته، وأن لا يستعان بشيء منها على معصيته. السعدي:649.
آية
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌۢ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌۢ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٣٤﴾]
ولُقِّبت هذه الخمسة في كلام النبي ﷺ بمفاتح الغيب، وفسر بها قوله تعالى: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) [الأنعام:59]؛ ففي صحيح البخاري من حديث ابن عمر قال رسول الله ﷺ: (مَفاتح الغيب خمس) ثم قرأ: (إن الله عنده علم الساعة). ابن عاشور:21/198.
آية
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمْ وَٱخْشَوْا۟ يَوْمًا لَّا يَجْزِى وَالِدٌ عَن وَلَدِهِۦ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِۦ شَيْـًٔا ۚ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٣٢﴾]
يأمر تعالى الناس بتقواه؛ التي هي امتثال أوامره وترك زواجره، ويستلفتهم لخشية يوم القيامة؛ اليوم الشديد، الذي فيه كل أحد لا يهمه إلا نفسه فـــ(لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جازٍ عن والده شيئًا): لا يزيد في حسناته ولا ينقص من سيئاته، قد تم على كل عبد عمله، وتحقق عليه جزاؤه. فلفت النظر في هذا لهذا اليوم الـمُهيل مما يقوي العبد، ويسهِّل عليه تقوى الله. السعدي:652.
آية
﴿ وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَٱلظُّلَلِ دَعَوُا۟ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٢٩﴾]
(ختَّار) أي: غدّار، شديد الغدر؛ وذلك أنه جحد نعمة الله غدراً. ابن جزي:2/176
آية
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ تَجْرِى فِى ٱلْبَحْرِ بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ ءَايَٰتِهِۦٓ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٣١﴾]
مبالغ في كل من الصبر والشكر، وعلم من صيغة المبالغة في كل منهما أنه لا يعرف في الرخاء من عظمة الله ما كان يعرفه في الشدة إلا من طبعهم الله على ذلك، ووفقهم له، وأعانهم عليه بحفظ العهد، وترك النقض، جرياً مع ما تدعو إليه الفطرة الأولى السليمة، وقليل ما هم. البقاعي:15/206.
آية
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ تَجْرِى فِى ٱلْبَحْرِ بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ ءَايَٰتِهِۦٓ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٣١﴾]
ووجه إيثار خلقي الصبر والشكر هنا للكناية بهما، من بين شعب الإيمان، أنهما أنسب بمقام السير في البحر؛ إذ راكب البحر بين خطر وسلامة، وهما مظهر الصبر والشكر. ابن عاشور:21/190.
آية
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلَّيْلَ فِى ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِى ٱلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِىٓ إِلَىٰٓ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [سورة لقمان آية:﴿٢٩﴾]
والابتداء بالليل؛ لأن أمره أعجب كيف تغشَى ظُلمته تلك الأنوار النهارية. ابن عاشور:21/185.