سورة القصص
آية
﴿ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْىِۦ نِسَآءَهُمْ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٤﴾]
وذلك لأن الكهنة قالوا له: إن مولودا يولد في بني إسرائيل يذهب ملكك على يديه، أو قال المنجمون له ذلك، أو رأى رؤيا فعبرت كذلك. قال الزجاج: العجب من حمقه! لم يدر أن الكاهن إن صدق فالقتل لا ينفع، وإن كذب فلا معنى للقتل. القرطبي:16/230.
آية
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِى ٱلْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا ﴾ [سورة القصص آية:﴿٤﴾]
(شيعاًً) أي: فرقاًً يتبع كل فرقة شيئاًً وتنصره، والكل تحت قهره وطوع أمره؛ قد صاروا معه كالشياع، وهو دق الحطب؛ فرق بينهم لئلا يتمالؤوا عليه، فلا يصل إلى ما يريده منهم، فافترقت كلمتهم، فلم يحم بعضهم لبعض، فتخاذلوا، فسفل أمرهم. البقاعي:14/240.
آية
﴿ نَتْلُوا۟ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٣﴾]
فإليهم يساق الخطاب، ويوجه الكلام؛ حيث إن معهم من الإيمان ما يقبلون به على تدبر ذلك، وتَلَقِّيه بالقبول، والاهتداء بمواقع العبر، ويزدادون إيماناً ويقيناً وخيراً إلى خيرهم، وأما من عداهم فلا يستفيدون منه إلا إقامة الحجة عليهم، وصانه الله عنهم، وجعل بينهم وبينه حجاباً أن يفقهوه. السعدي:611.
آية
﴿ وَأَنْ أَتْلُوَا۟ ٱلْقُرْءَانَ ۖ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِۦ ۖ ﴾ [سورة النمل آية:﴿٩٢﴾]
(وأن أتلو الفرآن) أي: أواظب على قراءته على الناس بطريق تكرير الدعوة وتثنيته الإرشاد؛ لكفايته في الهداية إلى طريق الرشاد، وقيل: أي أواظب على قراءته لينكشف لي حقائقه الرائقة المخزونة في تضاعيفه شيئا فشيئا. الألوسي:10/248.
آية
﴿ مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ ءَامِنُونَ ﴾ [سورة النمل آية:﴿٨٩﴾]
(فله خير منها): للتفضيل؛ أي: ثواب الله خير من عمل العبد وقوله وذكره، وكذلك رضوان الله خير للعبد من فعل العبد. وقيل: ويرجع هذا إلى الإضعاف؛ فإن الله تعالى يعطيه بالواحدة عشرا، وبالإيمان في مدة يسيرة الثواب الأبدي. القرطبي 16/224.
آية
﴿ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدًا ﴾ [سورة القصص آية:﴿٩﴾]
فقَدَّر الله تعالى أنه نفع امرأة فرعون التي قالت تلك المقالة؛ فإنه لما صار قرة عين لها، وأحبته حباً شديداً، فلم يزل لها بمنْزلة الولد الشفيق حتى كبر، ونبأه الله وأرسله، فبادرت إلى الإسلام والإيمان به، رضي الله عنها وأرضاها. السعدي:612.
آية
﴿ وَقَالَتِ ٱمْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٩﴾]
وإنما أمرها الله بإرضاعه لتقوى بُنيته بلبان أمه؛ فإنه أسعد بالطفل في أول عمره من لبان غيرها، وليكون له من الرضاعة الأخيرة- قبل إلقائه في اليمّ- قوت يشد بنيته فيما بين قذفه في اليم وبين التقاط آل فرعون إياه، وإيصاله إلى بيت فرعون. ابن عاشور:20/73.
آية
﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى ٱلْيَمِّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحْزَنِ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِۦ قُصِّيهِ ۖ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٧﴾]
إن العبد ولو عرف أن القضاء والقدر ووعد الله نافذ لا بد منه فإنه لا يهمل فعل الأسباب التي أُمِرَ بها، ولا يكون ذلك منافياً لإيمانه بخبر الله؛ فإن الله قد وعد أم موسى أن يرده عليها، ومع ذلك اجتهدت في رده، وأرسلت أخته لتقصه وتطلبه. السعدي:619.
آية
﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى ٱلْيَمِّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحْزَنِىٓ ۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٧﴾]
فبين أنه يلهم المؤمنين الإيمان وما ينفعهم؛ وذلك إيحاء إليهم وإن لم يكونوا أنبياء. ابن تيمية:5/70.
آية
﴿ وَقَالَتِ ٱمْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٩﴾]
وجود الصالحين من بين المفسدين يخفف من لأواء فساد المفسدين؛ فإن وجود امرأة فرعون كان سبباً في صد فرعون عن قتل الطفل؛ مع أنه تحقق أنه إسرائيلي. ابن عاشور:20/86.
آية
﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَٱغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُۥٓ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِي ﴾ [سورة القصص آية:﴿١٦﴾]
ندم موسى- عليه السلام- على ذلك الوكز الذي كان فيه ذهاب النفس، فحمله ندمه على الخضوع لربه، والاستغفار من ذنبه، قال قتادة: عرف والله المخرج؛ فاستغفر، ثم لم يزل صلى الله عليه وسلم يعدد ذلك على نفسه مع علمه بأنه قد غفر له، حتى أنه في القيامة يقول: إني قتلت نفسا لم أومر بقتلها، وإنما عدده على نفسه ذنبا، وقال:)ظلمت نفسي فاغفر لي (من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر، وأيضا فإن الأنبياء يشفقون مما لا يشفق منه غيرهم. القرطبي:16/247-248.
آية
﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَٱغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُۥٓ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [سورة القصص آية:﴿١٦﴾]
ثم اعترف واستغفر؛ فغفر الله له. فإن قيل: كيف استغفر من القتل وكان المقتول كافراً؟ فالجواب: أنه لم يؤذن له في قتله، ولذلك يقول يوم القيامة: إني قتلت نفساً لم أومر بقتلها. ابن جزي:2/141.
آية
﴿ وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِۦ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِۦ ۖ فَٱسْتَغَٰثَهُ ٱلَّذِى مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِى مِنْ عَدُوِّهِۦ فَوَكَزَهُۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَٰنِ ۖ إِنَّهُۥ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ﴾ [سورة القصص آية:﴿١٥﴾]
(فقضى عليه) معناه: قتله مجهزا، وكان موسى- عليه السلام- لم يرد قتل القبطي، لكن وافقت وكزته الأجل وكان عنها موته فندم، ورأى أن ذلك من نزغ الشيطان في يده، وأن الغضب الذي اقترنت به تلك الوكزة كان من الشيطان ومن همزه، ونص هو- عليه السلام- على ذلك، وبهذا الوجه جعله من عمله، وكان فضل قوة موسى ربما أفرط في وقت غضبه بأكثر مما يقصد. ابن عطية:4/280.
آية
﴿ قَالَتْ إِحْدَىٰهُمَا يَٰٓأَبَتِ ٱسْتَـْٔجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَـْٔجَرْتَ ٱلْقَوِىُّ ٱلْأَمِينُ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٢٦﴾]
(استأجره) أي: اجعله أجيراً لك، (إن خير من استأجرت القوي الأمين): هذا الكلام حكمة جامعة بليغة؛ روي أن أباها قال لها: من أين عرفت قوته وأمانته؟ قالت: أما قوته ففي رفعه الحجر عن فم البئر، وأما أمانته فإنه لم ينظر إليّ. ابن جزي:2/143.
آية
﴿ فَجَآءَتْهُ إِحْدَىٰهُمَا تَمْشِى عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾ [سورة القصص آية:﴿٢٥﴾]
ولما كان الحياء كأنه مركب لها وهي متمكنة منه، مالكة لزمامه، عبر بأداة الاستعلاء، فقال: (على استحياء) أي: حياء موجود منها؛ لأنها كلفت الإتيان إلى رجل أجنبي؛ تكلمه، وتماشيه. البقاعي:14/268.
آية
﴿ فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰٓ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٢٣﴾]
فأول ذلك إيتاء الحكمة والعلم، ومن الخير: إنجاؤه من القتل، وتربيته الكاملة في بذخة الملك وعزته، وحفظه من أن تتسرب إليه عقائد العائلة التي ربي فيها؛ فكان منتفعاً بمنافعها، مجنباً رذائلها وأضرارها. ومن الخير: أن جعل نصر قومه على يده، وأن أنجاه من القتل الثاني ظلماً، وأن هداه إلى منجى من الأرض، ويسر له التعرف ببيت نبوءة. ابن عاشور:20/ 102.
آية
﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِى حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٢٣﴾]
(قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء): امرأتان لا نستطيع أن نزاحم الرجال، (وأبونا شيخ كبير) لا يقدر أن يمس ذلك من نفسه، ولا يسقي ماشيته، فنحن ننتظر الناس حتى إذا فرغوا أسقينا، ثم انصرفنا. الطبري:19/554.
آية
﴿ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَٰنًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَٰلِبُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٣٥﴾]
ومحل العبرة من هذا الجزء من القصة: التنبيه إلى أن الرسالة فيض من الله على من اصطفاه من عباده، وأن رسالة محمد- صلى الله عليه وسلم- كرسالة موسى: جاءته بغتة؛ فنودي محمد في غار جبل حراء كما نودي موسى في جانب جبل الطور، وأنه اعتراه من الخوف مثل ما اعترى موسى، وأن الله ثبته كما ثبت موسى، وأن الله يكفيه أعداءه كما كفى موسى أعداءه. ابن عاشور:20/118.
آية
﴿ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَٰنًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَٰلِبُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٣٥﴾]
(أنتما ومن اتبعكما الغالبون): وهذا وعد لموسى في ذلك الوقت، وهو وحده فريد، وقد رجع إلى بلده بعد ما كان شريدا، فلم تزل الأحوال تتطور، والأمور تنتقل، حتى أنجز الله له موعوده، ومكنه من العباد والبلاد، وصار له ولأتباعه، الغلبة والظهور. السعدي:615.
آية
﴿ وَأَخِى هَٰرُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّى لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِىَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِىٓ ۖ إِنِّىٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٣٤﴾]
(فأرسله معي ردءا) أي: معاونا ومساعدا، (يصدقني) فإنه مع تضافر الأخبار يقوى الحق. فأجابه الله إلى سؤاله فقال: (سنشد عضدك بأخيك) أي: نعاونك به ونقويك. السعدي:615.
آية
﴿ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَٰمُوسَىٰٓ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ ٱلْءَامِنِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٣١﴾]
يبقى احتمال؛ وهو أنه قد يقبل وهو غير خائف، ولكن لا تحصل له الوقاية والأمن من المكروه، فقال: (إنك من الآمنين) فحينئذ اندفع المحذور من جميع الوجوه، فأقبل موسى عليه السلام غير خائف ولا مرعوب، بل مطمئنا، واثقا بخبر ربه، قد ازداد إيمانه، وتم يقينه؛ فهذه آية أراه الله إياها قبل ذهابه إلى فرعون ليكون على يقين تام، فيكون أجرأ له، وأقوى وأصلب. السعدي:615.
آية
﴿ فَلَمَّآ أَتَىٰهَا نُودِىَ مِن شَٰطِئِ ٱلْوَادِ ٱلْأَيْمَنِ فِى ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَٰرَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّىٓ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٣٠﴾]
وصف (رب العالمين) يدل على أن جميع الخلائق مسخرة له؛ ليثبت بذلك قلب موسى من هول تلقي الرسالة. ابن عاشور:20/112.
آية
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَٰٓأَيُّهَا ٱلْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِى فَأَوْقِدْ لِى يَٰهَٰمَٰنُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجْعَل لِّى صَرْحًا لَّعَلِّىٓ أَطَّلِعُ إِلَىٰٓ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّى لَأَظُنُّهُۥ مِنَ ٱلْكَٰذِبِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٣٨﴾]
ولكن العجب من هؤلاء الملأ الذين يزعمون أنهم كبار... كيف لعب هذا الرجل بعقولهم، واستخف أحلامهم؟! وهذا لفسقهم الذي صار صفة راسخة فيهم، فسد دينهم، ثم تبع ذلك فساد عقولهم. تفسير السعدي:616.
آية
﴿ فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَا بَيِّنَٰتٍ قَالُوا۟ مَا هَٰذَآ إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِىٓ ءَابَآئِنَا ٱلْأَوَّلِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٣٦﴾]
(وما سمعنا بهذا) أي: الذي تقوله من الرسالة عن الله. (في آبائنا): وأشاروا إلى البدعة التي قد أضلت أكثر الخلق؛ وهي تحكيم عوائد التقليد؛ ولا سيما عند تقادمها. البقاعي:14/292.
آية
﴿ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَٰبَ مِنۢ بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلْأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٤٣﴾]
إن الله سبحانه وتعالى كانت سنته قبل إنزال التوراة إذا كذب نبي من الأنبياء ينتقم الله من أعدائه بعذاب من عنده؛ كما أهلك قوم نوح بالغرق، وقوم هود بالريح الصرصر، وقوم صالح بالصيحة، وقوم شعيب بالظلة، وقوم لوط بالحاصب، وقوم فرعون بالغرق. ابن تيمية:5/80.
آية
﴿ وَجَعَلْنَٰهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ ۖ وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٤١﴾]
أي: جعلناهم زعماء يتبعون على الكفر، فيكون عليهم وزرهم ووزر من اتبعهم؛ حتى يكون عقابهم أكثر، وقيل: جعل الله الملأ من قومه رؤساء السفلة منهم، فهم يدعون إلى جهنم، وقيل: أئمة يأتم بهم ذوو العبر، ويتعظ بهم أهل البصائر. القرطبي:16/330.
آية
﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا۟ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٥٠﴾]
والأهواء هي إرادات النفس بغير علم؛ فكل من فعل ما تريده نفسه بغير علم يبين أنه مصلحة فهو متبع هواه، والعلم بالذي هو مصلحة العبد عند الله في الآخرة هو العلم الذي جاءت به الرسل. ابن تيمية:5/83.
آية
﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا۟ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٥٠﴾]
دليل على أن كل من لم يستجب للرسول، وذهب إلى قول مخالف لقول الرسول؛ فإنه لم يذهب إلى هُدًى، وإنما ذهب إلى هوًى. السعدي:618.
آية
﴿ وَلَٰكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ ۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِىٓ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا۟ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٤٥﴾]
فاندرس العلم، ونُسِيَت آياته؛ فبعثناك في وقت اشتدت الحاجة إليك، وإلى ما علمناك وأوحينا إليك. السعدي:617.
آية
﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِىِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ ٱلشَّٰهِدِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٤٤﴾]
(وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربي): خطاب لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ والمراد به إقامة حجة لإخباره بحال موسى وهو لم يحضره. و(الغربي): المكان الذي في غربي الطور؛ وهو المكان الذي كلم الله فيه موسى. والأمر المقضي إلى موسى هو النبوة. و(من الشاهدين) معناه: من الحاضرين هناك... المعنى: لم تحضر يا محمد للاطلاع على هذه الغيوب التي تخبر بها، ولكنها صارت إليك بوحينا؛ فكان الواجب على الناس المسارعة إلى الإيمان بك. ابن جزي:2/145.
آية
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍۭ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ۖ فَتِلْكَ مَسَٰكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّنۢ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَٰرِثِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٥٨﴾]
ومعنى بطرهم لها: أنهم شقوها بمجاوزة الحد في المرح، والأشر والفرح، إلى أن تعدوها فأفسدوها، وكفروها فلم يشكروها، بل فعلوا في تلقيها فعل الحائر المدهوش، فلم يحسنوا رعايتها. البقاعي: 14/327.
آية
﴿ وَقَالُوٓا۟ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ ۚ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا ءَامِنًا يُجْبَىٰٓ إِلَيْهِ ثَمَرَٰتُ كُلِّ شَىْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٥٧﴾]
لا وجه لخوف من التخطف إن آمنوا؛ فإنهم لا يخافون منه وهم عبدة أصنام، فكيف يخافون إذا آمنوا وضموا حرمة الإيمان إلى حرمة المقام؟! الألوسي: 10/305.
آية
﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٥٦﴾]
فيقولون إن الاهتداء الذي في القلب لا يقدر عليه إلا الله، ولكن العبد يقدر على أسبابه، وهو المطلوب منه بقوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم)، وهو المنفي عن الرسولﷺ بقوله: (إنك لا تهدي من أحببت). ابن تيمية: 5/87.
آية
﴿ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٥١﴾]
وللتوصيل أحوال كثيرة: فهو باعتبار ألفاظه وصل بعضه ببعض ولم ينزل جملة واحدة، وباعتبار معانيه وصل أصنافاً من الكلام: وعداً، ووعيداً، وترغيباً، وترهيباً، وقصصاً ومواعظ وعبراً، ونصائح يعقب بعضها بعضاً وينتقل من فن إلى فن؛ وفي كل ذلك عون على نشاط الذهن للتذكر والتدبر. ابن عاشور: 20/142.
آية
﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴿٦٥﴾ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْأَنۢبَآءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَآءَلُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٦٥﴾]
يقول: فخفيت عليهم الأخبار؛ من قولهم: قد عمي عني خبر القوم: إذا خفي. وإنما عني بذلك أنهم عميت عليهم الحجة، فلم يدروا ما يحتجون؛ لأن الله تعالى قد كان أبلغ إليهم في المعذرة، وتابع عليهم الحجة، فلم تكن لهم حجة يحتجون بها، ولا خبر يخبرون به، مما تكون لهم به نجاة ومخلص. الطبري:19/607.
آية
﴿ قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ رَبَّنَا هَٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَٰهُمْ كَمَا غَوَيْنَا ۖ تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ ۖ مَا كَانُوٓا۟ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٦٣﴾]
(ربنا هؤلاء): إشارة إلى الأتباع. (الذين أغوينا) أي: أوقعنا الإغواء؛ وهو الإضلال بهم بما زينا لهم من الأقوال التي أعاننا على قبولهم أنها منا، مع كونها ظاهرة العوار، واضحة العار، ما خولتنا فيه في الدنيا من الجاه والمال. ثم استأنفوا ما يظنون أنه يدفع عنهم، فقالوا: (أغويناهم) أي: فغووا باختيارهم. البقاعي:14/334.
آية
﴿ وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَىْءٍ فَمَتَٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰٓ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٦٠﴾]
(فمتاع الحياة الدنيا وزينتها): فهو شيء شأنه أن يتمتع به، ويتزين به أياما قلائل. ويشعر بالقلة لفظ المتاع، وكذا ذكر أَبْقى في المقابل. وفي لفظ الدنيا إشارة إلى القلة والخسة. (وما عند الله) في الجنة؛ وهو الثواب، (خير) في نفسه من ذلك؛ لأنه لذة خالصة وبهجة كاملة. (وأبقى) لأنه أبدي، وأين المتناهي من غير المتناهي. (أفلا تعقلون) أي: ألا تتفكرون فلا تفعلون هذا الأمر الواضح، فتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير. الألوسي:10/306.
آية
﴿ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ ۖ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٧٧﴾]
أي: لا تضيع حظك من دنياك، وتمتع بها مع عملك للآخرة، وقيل: معناه لا تضيع عمرك بترك الأعمال الصالحات؛ فإن حظ الإنسان من الدنيا إنما هو بما يعمل فيها من الخير؛ فالكلام على هذا وعظ، وعلى الأول إباحة للتمتع بالدنيا لئلا ينفر عن قبول الموعظة. (وأحسن كما أحسن الله إليك) أي: أحسن إلى عباد الله كما أحسن الله إليك بالغنى. ابن جزي: 2/151.
آية
﴿ إِذْ قَالَ لَهُۥ قَوْمُهُۥ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٧٦﴾]
(لا تفرح): الفرح هنا هو الذي يقود إلى الإعجاب والطغيان، ولذلك قال: (إن الله لا يحب الفرحين)، وقيل: السرور بالدنيا؛ لأنه لا يفرح بها إلا من غفل عن الآخرة، ويدل على هذا قوله: (ولا تفرحوا بما آتاكم) [الحديد: 23]. ابن جزي: 2/151.
آية
﴿ إِنَّ قَٰرُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٧٦﴾]
لما قال تعالى: (وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها) بين أن قارون أوتيها واغتر بها، ولم تعصمه من عذاب الله كما لم تعصم فرعون، ولستم أيها المشركون بأكثر عددا ومالا من قارون وفرعون، فلم ينفع فرعون جنوده وأمواله، ولم ينفع قارون قرابته من موسى ولا كنوزه. القرطبي: 16/312.
آية
﴿ وَمِن رَّحْمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا۟ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا۟ مِن فَضْلِهِۦ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٧٢﴾]
ثم ذكر عز وجل انقسام الليل والنهار على السكون وابتغاء الفضل بالمشي والتصرف، وهذا هو الغالب في أمر الليل والنهار، فعدد النعمة بالأغلب، وإن وجد من يسكن بالنهار، ويبتغي فضل الله بالليل، فالشاذ النادر لا يعتد به. ابن عطية: 4/297.
آية
﴿ قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٧٢﴾]
في هذه الآيات تنبيه إلى أن العبد ينبغي له أن يتدبر نِعَم الله عليه، ويتبصر فيها، ويقيسها بحال عدمها؛ فإنه إذا وازن بين حالة وجودها وبين حالة عدمها تنبه عقله لموضع المنة، بخلاف من جرى مع العوائد، ورأى أن هذا أمر لم يزل مستمراً، ولا يزال، وعميَ قلبه عن الثناء على الله بنِعَمِهِ، ورؤية افتقاره إليها في كل وقت، فإن هذا لا يحدث له فكره شكراً ولا ذكراً. السعدي: 623.
آية
﴿ قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَآءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٧١﴾]
ومن أبدع الاستدلال أن اختير للاستدلال على وحدانية الله هذا الصنع العجيب المتكرر كل يوم مرتين، والذي يستوي في إدراكه كل مميز، والذي هو أجلى مظاهر التغير في هذا العالم. ابن عاشور: 20/168.
آية
﴿ تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلْءَاخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٨٣﴾]
سورة القصص حيث افتتحها بأمر فرعون وذكر علوه في الأرض وهو الرياسة والشرف والسلطان ثم ذكر في آخرها قارون وما أوتيه من الأموال وذكر عاقبة سلطان هذا وعاقبة مال هذا ثم قال: (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذينَ لا يُريدُونَ عُلُواً فِي الأَرْضِ وَلا فسَاداً) كحال فرعون وقارون. ابن تيمية5/90.
آية
﴿ وَلَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلصَّٰبِرُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٨٠﴾]
(وَلا يُلَقَّاهَا) أي: لا يجعل لاقياً لهذا الكلمات أوالنصيحة التي قالها أهل العلم؛ أي عاملاً بها (إِلا الصَّابِرُونَ) أي على قضاء ربهم في السراء والضراء، والحاملون أنفسهم على الطاعات، الذين صار الصبر لهم خلقاً. وعبر بالجمع ترغيباً في التعاون إشارة إلى أن الدين لصعوبته لا يستقل به الواحد. البقاعي:14/358.
آية
﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحًا وَلَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلصَّٰبِرُونَ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٨٠﴾]
(إِلا الصَّابرُونَ) يعني بذلك: الذين صبروا عن طلب زينة الحياة الدنيا، وآثروا ما عند الله من جزيل ثوابه على صالحات الأعمال على لذّات الدنيا وشهواتها، فجدّوا في طاعة الله، ورفضوا الحياة الدنيا. الطبري:19/629.
آية
﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحًا ﴾ [سورة القصص آية:﴿٨٠﴾]
فليس (الذين أوتوا العلم) داعين بالويل على الذين يريدون الحياة الدنيا لأن المناسب لمقام الموعظة لين الخطاب ليكون أعون على الاتعاظ، ولكنهم يتعجبون من تعلق نفوس أولئك بزينة الحياة الدنيا واغتباطهم بحال قارون دون اهتمام بثواب الله الذي يستطيعون تحصيله بالإقبال على العمل بالدين والعمل النافع، وهم يعلمون أن قارون غير متخلق بالفضائل الدينية. ابن عاشور:20/184.
آية
﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحًا ﴾ [سورة القصص آية:﴿٨٠﴾]
(وقال الذين أوتوا العلم) أي: بأحوال الدنيا والآخرة كما ينبغي... وإنما لم يوصفوا بإرادة ثواب الآخرة تنبيها على أن العلم بأحوال النشأتين يقتضي الإعراض عن الأولى والإقبال على الأخرى حتما، وأن تمني المتمنين ليس إلا لعدم علمهم بهما كما ينبغي. الألوسي:10/327.
آية
﴿ قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِىٓ ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِۦ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ ﴾ [سورة القصص آية:﴿٧٨﴾]
ألم يقف على ما يفيده العلم، ولم يعلم ما فعل الله تعالى بمن هو أشد منه قوة حسا أو معنى، وأكثر مالا أو جماعة يحوطونه ويخدمونه؛ حتى لا يغتر بما اغتر به. الألوسي:10/326.