تدبــــر - المجموعة الرابعة والعشرين
آية
قال تعالى في سورة البقرة: {لا يقدرون على شيء مما كسبوا} وفي سورة إبراهيم: {لا يقدرون مما كسبوا على شيء} ولهذا التغاير سر ذكره بعض أهل العلم، حاول أن تتأمل السياق ليظهر لك السبب. المثل في (البقرة) للعامل، فكان تقديم نفي قدرته وصلتها أنسب، أما آية (إبراهيم) فالمثل للعمل، لقوله تعالى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم} تقديره: مثل أعمال الذين كفروا. [ابن جماعة]
آية
من التطبيق العملي الذي كان يمارسه النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {وبشر المؤمنين} أنه كان يبشر أصحابه برمضان، ويقول: " قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم ". [د. عمر المقبل]
آية
ابن تيمية والبدهيات قال تعالى: {لا يعصون الله ما أمرهم} ثم قال: {ويفعلون ما يؤمرون} قد يقول قائل: إذا كانوا لا يعصون الله ما أمرهم، فما الذي أضافه قوله بعد ذلك: {ويفعلون ما يؤمرون} أليس المعنى واحدا؟ الجواب: هما جملتان مفيدتان معنيين مختلفين: فمعنى الأولى: أن الله سبحانه إذا أمرهم بالأمر لا يعصونه في أمره. ومعنى الثانية: أنهم لا يفعلون شيئا من عند أنفسهم، إنما يفعلون ما أمرهم به ربهم، فهم يفعلون ما يؤمرون لا ما لا يؤمرون، بل أفعالهم كلها ائتمار وطاعة لأمر ربهم.
آية
نظر العقل في هذه الدنيا، فرأى بأن فيها من يعيش ظالما ويموت ظالما، وأن فيها من يعيش مظلوما ويموت مظلوما، والرب العادل لا يقر الظلم، ولا يدع صاحبه بغير عقاب، ولا يترك من يقع عليه من غير إنصاف، فأيقن العقل أنه لا بد من حياة أخرى ينصف فيها المظلوم ويعاقب الظالم {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}. [علي الطنطاوي]
آية
زرت أحد العباد –في سن السبعين-، فذكر موقفا حصل له أيام شبابه، حيث دخل سجن التوقيف مع خصم له، في قضية حقوقية، قال: والحق معي، وكان خصمي سفيها، وكنت أوقظه للصلاة، فقد كان مقصرا فيها، وعندما أتى علينا وقت السحر؛ توضأت وأخذت المصحف وصليت، وبدأت بالجاثية، فلما بلغت قوله تعالى: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} تأثرت بها كثيرا، وبكيت منها بكاء طويلا، وعفوت عن خصمي بسببها. [من متدبر]
آية
ابن تيمية والبدهيات قوله تعالى: {إذا زلزلت الأرض زلزالها} ما فائدة إعادة ذكر الزلزلة مرة ثانية؟ أليس يكفي اللفظ الأول (زلزلت)؟ الجواب: إن ذكر الزلزال مرة ثانية وإضافته، يفيد معنى زائدا، وهو زلزالها المختص بها، المعروف منها المتوقع منها، كما تقول: غضب زيد غضبه، وقاتل قتاله، أي: غضبه الذي يعهد منه، وقتاله المختص به الذي يعرف منه.
آية
من تأمل حكاية الله لحال أنبيائه في سورة الأنبياء، وكيف نجى إبراهيم من النار، ولوطا من القرية التي تعمل الخبائث، ونوحا من الكرب العظيم؟ وكيف علم داود وفهم سليمان، وكشف الضر عن أيوب ونجى ذا النون من الغم، ووهب الولد لزكريا-عليهم الصلاة والسلام-؟ ثم عقب ذلك بقوله: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} عرف المؤهلات المطلوبة لإجابة الدعاء وتحصيل ولاية الله. [د.أحمد القاضي]
آية
ابن تيمية والبدهيات قوله تعالى: {كلا إذا دكت الأرض دكا دكا * وجاء ربك والملك صفا صفا} ما فائدة ذكر الدك والصف مرة أخرى؟ ألا تكفي الأولى منهما؟ الجواب: ليس للتأكيد كما يظنه طائفة من الناس، وإنما المراد الدك المتتابع، أي: دكا بعد دك... وكذلك قوله: {صفا صفا} ليس للتأكيد، إذ المراد صفا بعد صف، أي: صفا يتلوه صف.
آية
إن القصص القرآني لم يكن في لحظة من اللحظات سبيلا للتسلية، ولا حديثا مفترى، ولا منهجا للتفكه، ولا فتونا للاختلاق، وإنما جاء سردا لتاريخ أمم ومجتمعات وأجيال، يعرض وقائع حية، وحقائق موصلة إلى غايات عظمى، ومرام سامية، يتم إدراكها بالتفكر العميق، والتدبر الواعي، والتأمل الناضج، والعظة المعتبرة، قال تعالى: {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون}. [أحمد ولد محمد]
آية
قال تعالى في سورة الأعراف، بعد ذكر قصة آدم وما لقيه من وسوسة الشيطان: {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة} {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} {يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي} لمخاطبتهم ببني آدم وقع عجيب بعد الفراغ من ذكر قصة آدم وما لقيه من وسوسة الشيطان: وذلك أن شأن الذرية أن تثأر لآبائها، وتعادي عدوهم، وتحترس من الوقوع في شَركِه. [ابن عاشور]
آية
{والشعراء يتبعهم الغاوون} ثم: {إلا الذين آمنوا}، وقال عن المنافقين: {لايذكرون الله إلا قليلا}، وعن أهل الكتاب: {منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون}، وهذا منهج قرآني مطرد؛ فما بال بعض الناس يعممون ولا يستثنون؟ ألا تخافون: {أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}. [أ.د. ناصر العمر]
آية
ابن تيمية والبدهيات(1): قال تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} فلا يدرى انقضى أجل الميقات عند الثلاثين وكانت العشر تماما، أو إنما كان انقضاؤه عند تمام الأربعين، وأن الإتمام بعشرة هو زيادة في الأجل؟ الجواب: لما قال تعالى: {فتم ميقات ربه أربعين ليلة} علمنا أن العشر دخلت في الأجل، فصارت جزءا منه.
آية
قد تكون آخر ليلة من رمضان.. وقد تنتظر إمامك ليقنت أو يختم، فيتحرك قلبك مع دعائه، فتنزل دمعاتك، هذا حسن؛ ولكن ألا أدلك على دعاء عظيم تسمعه في كل ركعة، ولكن القليل منا من يحضر قلبه معه؟! إنه قول العزيز الرحيم في آخر الفاتحة -والتي نسمعها كل ركعة ثم نؤمن على هذا الدعاء بقلب غافل-: {اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم...} الآية. بالله حرك قلبك مع هذا الدعاء، فوالذي نفسي بيده إن استجاب الله لك هذه الدعوة فقط فإنك والله من الفائزين المفلحين. [عبدالعزيز المديهش]
آية
{إنا أنزلناه في ليلة مباركة} في كثرة خيراتها، مباركة في سعة فوائدها ومبراتها، ومن بركتها: أنها تفوق ليالي الدهر، وأن من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، أما يحق لك -أيها المؤمن- أن تجرد قلبك في هذه الليلة من جميع الأشغال؟ وأن تقبل بكليتك إلى طاعة ذي العظمة والجلال؟ وأن تعترف بذنوبك وفاقتك وافتقارك؟ وأن تتوسل إليه مخلصا في خضوعك وانكسارك؟ [السعدي]
آية
تأمل حالك في هذه الليالي المباركة هل تشعر بلذة النوم وحب الفراش؟ أو أنك تأوي إلى فراشك قدر حاجتك؛ لتستعين بذلك على العبادة، فتلحظ أنك كلما استغرقك النوم قمت فزعا؛ خوفا من فوات هذه المغانم؟ تدبر هذه الآية لتكتشف أي (عابد) أنت: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}الآية. فمن ضيع هذه الليالي المباركة فهو لما سواها أضيع. [أ.د.ناصر العمر]