تدبــــر - المجموعة العشرين
آية
نظرت في هذه الآية: {ألم تر أن الله يسجد له من في السموات...}، ثم قال: {وكثير من الناس} فرأيت الجمادات كلها قد وصفت بالسجود، واستثنى من العقلاء، فقلت: هذه قدرة عظيمة، يوهب عقل الشخص، ثم يسلب فائدته! وإلا فكيف يحسن من عاقل ألا يعرف بوجوده، وجود من أوجده؟ غير أنه سبحانه وهب لأقوام من العقل ما يثبت عليهم الحجة، وأعمى قلوبهم كما شاء عن المحجة. [ابن الجوزي]
آية
أن يخضع لك عدوك كأنه صديق؛ فهذا انتصار! وأن يعصمك الله من الشيطان؛ فهذا انتصار أكبر! تدبر: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} فقد " أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك: عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم ". [ابن عباس]
آية
ادعى رجل على ابن أحد الخلفاء، فقضى الخليفة على ابنه؛ فأخذ المدعي يمدحه بأبيات شعر؛ فشكره الخليفة ثم قال: أما أنا فما جلست هذا المجلس حتى قرأت في المصحف: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} قال الراوي: فما رأيت باكياً أكثر من ذلك اليوم. [تاريخ بغداد]
آية
القرآن غيرني (23): حدث بيني وبين أحد إخوتي سوء تفاهم؛ فأرسل رسالة جوال تحمل: اتهامات باطلة، وظنونا سيئة، وكلمات مؤلمة؛ فغضبت وكدت أن أدفع الإساءة بمثلها، فقرأت قول أحد ابني آدم: {لئن بسطت إلي يدك...} الآية، فعلمت أن المؤمن يجب أن يجعل خوف الله نصب عينيه، ولا تغلبه حظوظ النفس، وتأخذه العزة بالإثم؛ فآثرت كظم غيظي، والعفو عنه، والإحسان إليه.
آية
{إإِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } ومن لطائف القرآن: الاقتصار في وصف (سريع العقاب) على مؤكد واحد، وتعزيز وصف (الغفور الرحيم) بمؤكدات ثلاثة وهي: إن، ولام الابتداء، والتوكيد اللفظي؛ لأن (الرحيم) يؤكد معنى (الغفور): ليطمئن أهل العمل الصالح إلى مغفرة الله ورحمته، وليستدعي أهل الإعراض والصدوف إلى الإقلاع عما هم فيه
آية
قال ابن تيمية: " وصف الله أهل الفواحش -الذين لا يغضون أبصارهم ولا يحفظون فروجهم- بخمسة عشر وصفا: السكرة، والعَمَه، والجهالة، وعدم العقل، وعدم الرشد، والبغض، وطمس الأبصار، والخبث، والفسوق، والعدوان، والإسراف، والسوء، والفحش، والفساد، والإجرام... " ا.هـ. ثم ذكر الآيات. أليس وصف واحد من هذه الأوصاف كاف في البعد عنها؟
آية
منهج القرآن في بناء التفاؤل الذاتي في نفوس المؤمنين – مهما كانت الظروف والأحوال المحيطة به– يؤسس حصانة متينة دون التردي في الهزيمة النفسية، وآثارها السلبية على الفرد والأمة، والآيات في ذلك متعددة متواترة، تدبر -مثلا-: {االَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا...} الآيات، ثم انظر كيف كانت النتيجة! [أ.د.ناصر العمر]
آية
القرآن غيرني (20): { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} والله الذي لا إله غيره، لقد جربت الحالتين، فلمست الفرق الذي أثبتته هذه الآية؛ حين نفت التماثل بين حالة العاصي وحالة المؤمن
آية
من أعظم أسباب انحراف بعض الدعاة عن الطريق المستقيم: جعل كثرة الأتباع مقياس النجاح والفشل؛ فأتباع الشيطان وحده أكثر من أتباع الأنبياء والمرسلين مجتمعين! تدبر: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} فمن اغتر بالكثرة، واعتبرها مقياسه؛ أصبح تابعا ومطيعا لها، شاء أم أبى. [أ.د.ناصر العمر]
آية
{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} و: {كتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} ضع هاتين الجملتين: {فَاتَّبِعُوهُ} و{لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} بين قوسين، لعل قارئها يستشعر أن هاتين الآيتين هما جواز الداخل إلى أقطار القرآن، ويعرف حق القرآن عليه! ووظيفته التي يجب أن يقوم بها نحوه، وهي: التدبر لمعانيه واتباعه. [البشير الإبراهيمي].
آية
ما سر تخصيص الناصية بالأخذ دون سائر الجسد في قول هود لقومه: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}؟ يجيب ابن جرير: " لأن العرب كانت تستعمل ذلك فيمن وصفته بالذلة والخضوع؛ فتقول: " ما ناصية فلان إلا بيد فلان "، أي: هو له مطيع يصرفه كيف شاء، وكانوا إذا أسروا الأسير فأرادوا إطلاقه والمن عليه، جزوا ناصيته؛ ليعتدوا بذلك عليه فخرا عند المفاخرة ".
آية
إذا قارف العبد الذنب، ولم يبادر إلى التوبة؛ فلا يأمن أن يسلط الله عليه الشيطان؛ فيستزله ويغويه: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }.[د.عبدالله السكاكر]
آية
رسالة للدعاة الذين يقبضون ثمن نجاحهم! فسر عمر وابن عباس –رضي الله عنهما – سورة النصر بأجل النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أسرار ذلك –والله أعلم-: أن الانتصار تعقبه غنائم جمة، فحتى لا يتعجل شيئا من غنيمة الدنيا المتحققة تلقائيا –لادخارها له كاملة يوم القيامة– توفاه قبل أن يتنعم بشيء من مكاسب الانتصار الدنيوية. [أ.د.ناصر العمر]
آية
{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً- وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً } فتدبر ما ذكره الله عن أعداء الرسل من نفي فقههم وتكذيبهم تجد بعض ذلك فيمن أعرض عن ذكر الله، وعن تدبر كتابه واتبع ما تتلوه الشياطين وما توحيه إلى أوليائها. [ابن تيمية]
آية
يقول سعيد بن جبير: كنت لا أسمع بحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- على وجهه إلا وجدت تصديقه في القرآن، فبلغني حديث: " لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي إلا دخل النار "، فجعلت أقول أين مصداقه في كتاب الله؟ حتى وجدت هذه الآية {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ}
آية
أركان الأخلاق: 1 - حفظ المراتب: كحفظ مرتبة النبي صلى الله عليه وسلم: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}. 2 - مراعاة العواقب: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم}. 3 - تحري المناقب، وتجنب المثالب: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}.[د.مصطفى البحياوي]
آية
قال تعالى عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) فأشارت هذه الآية إلى أن محبة الرسول، وحقيقة ما جاء به، إذا كان في القلب ؛ فإن الله لا يعذبه في الدنيا ولا في الآخرة. وإذا كان وجود الرسول في القلب مانعاً من تعذيبه، فكيف بوجود الرب تعالى في القلب ! ! ابن القيم ـ الكلام في مسألة السماع.
آية
قال تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) ولم يقل: (علينا) لأن أمر المؤمن كله له خير؛ فإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا. قال ابن رجب في " ذيل طبقات الحنابلة " نقلاً عن ابن الجوزي في " المقتبس في الفوائد العونية " -نسبة إلى الوزير عون الدين ابن هبيرة-: (وسمعته -أي ابن هبيرة- يقول في قوله تعالى: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، قَالَ: إنما لم يقل: ما كتب علينا لأنه أمر يتعلق بالمؤمن، ولا يصيب المؤمن شيء إلا وهو له، إن كان خيرًا فهو له في العاجل، وإن كان شرًا فهو ثواب له في الآجل)
آية
" القرآن حدائق ذات بهجةفإذا أتممت سورة وبدأت بأخرى فقد انتقلت من شجرة يانعة الثمرة إلى أخرى، ومن حزب إلى حزب فمن حديقة غناء إلى مثلها، فـ (السبع الطوال) و (ذوات الراء) (المسبحات السبع) و (الطواسيم) و (الم) و (الحواميم) و (المفصل) لكل حزب لونه وطعمه الخاص به، ولكل سورة ذوقها الخاص بها.فتذوقها برفق كأغلى حلوى بين يديك،
آية
كيف نستمع لسورة الفاتحة؟ هذا هو اسمها الأشهر وقد أجمعت عليه أمة القرآن، فالسورة هي مفتاحك الأعظم الذي تفتح به لنفسك كل أبواب الخير، فهي مفتاح الحُجُب بينك وبين الله، قد كنت بعيدا غائبا فلهج قلبك ولسانك بالحمد ففتح لك، ثم أثنيت بهما ثانية ففتح، ثم خضعت في الثالثة ففتح، قد وصلت فخاطب مخاطبة من حضر (إياك)، بعدها سل وأبشر (اهدنا) قال الله: هذه لعبدي ولعبدي ما سأل.
آية
كيف نقرأ ونستمع لسورة البقرة؟ هي في الأوامر والنواهي وموقف الناس منها فيها ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر، تردد قوم موسى في الاستجابة لأمره عليه السلام في شأن (البقرة) فكانت العاقبة (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ)، أمة محمد صلى الله عليه وسلم إن فهمت أوامر ونواهي (البقرة) فامتثلت نجت، وإن أعرضت لا تدري ماذا تقرأ ولا تستجيب لما تسمع فالعاقبة قلب كالحجر، ضع يدك على قلبك أخي.
آية
كيف نقرأ ونستمع لسورة آل عمران؟ السورة من أولها إلى قريب من الآية التسعين (90)نزلت في وفد نجران أي في محاجة النصارى، فذكرت نموذجا لـ (الضالين)،ونموذجا للمهتدين (آل عمران)، وبما أن السبب الأول في ضلال النصارى هو الجهل وعدم بذل الوسع في الوصول للعلم الحق، هو البحث في (المتشابهات) للروغان عن (المحكمات)، هو الانشغال باللذات (النساء والبنين..) ونسيان التفكر في أول الأمر وآخره، فهي تفصيل لكلمة واحدة من أم الكتاب (وَلاَ الضَّالِّينَ) كما أن سورة البقرة شرح لـ (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ)، جاءت السورة لترسم منهجا محكما للوصول للعلم النافع، حقيقته.. ثمرته.. أهله.. سبل تحصيله.. أسباب الزيغ عن طريقه، عواقب نقصانه أو زواله، ولما كان أنفع العلم هو العلم بالله وموعوده وسبيل رضاه ؛ ختمت " ال عمران " بالعشر الأخيرة التي قال فيها صلى الله عليه وسلم " ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها ".
آية
كيف نقرأ ونستمع لسورة المائدة؟ يقول العلامة عبدالرزاق عفيفي: السورة كلها في العقود والمواثيق. وهو كما ذكر فاسمها مأخوذ من ميثاق المائدة العظيم في آخرها، وهي أول وأكثر سورة جاء فيها النداء بـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فقد تكرر فيها النداء (16) مرة من أصل (89) في جميع القرآن. وهذه النداءات تلخص جميع المواثيق التي بين الله وعباده المؤمنين.
آية
سورة " الكهف " كهفك من الفتن عشر آيات منها كفتك فتنة المسيح الدجال فكيف بها جميعا؟ فيها الفتن الأربع والنجاة منها... فيها الآية المروعة التي حذرتنا من أعظم فتنة (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا...) فيها الوسيلة العظمى للنجاة من كل فتنة.. والحسنة العظمى التي لا يبقى معها أثر لأي فتنة.
آية
" الفرق بين تعامل موسى عليه السلام مع الخضر وبين تعامله مع غيره ظاهر جدا،فقد ذلل عليه السلام نفسه للعلم تذليلا، فبينما هو يقتل بوكزة! ويتهدد فرعون بقوة! ويمسك رأس هارون بشدة! ويفقع عين ملك الموت بغمزة! ؛ أما في العلم فيقول للخضر عليهما السلام (هل) أتأذن لي (اتبعك) أكون تابعا لك (على أن) ليس لشيء إلا هذا (تعلمن) تلميذ يتعلم (من ما) تبعيض (علمت) من الله وخصك به فاشكر نعمة الله بتعليمي (رشدا) لترشد من ضل عما علمك الله، لا يُنال العلم إلا بالذل والتذلل ".
آية
سورة (ق): ما من أحد يرددها فيفتح مسامع قلبه لها إلا فتحت كل السدود التي تراكمت بسبب الذنوب، إن الآمر بقوله (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ) هو نفسه القائل (ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ) هو أيضاً من أمر فقال (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ)،فيا قارئ (ق) قد لا تنجو من (الأولى) وتظفر (بالثانية) إلا (بالثالثة).
آية
ثقافة " التكاثر " في عدد (المصلين) و (المشاهدين) و (والحاضرين) و (الحافظين) و (المشتركين)... والتي نقلت الكثرة والقلة من كونها " نبضا " إلى كونها " معيارا " للنجاح والفشل وقلبت " المتبوع " إلى " تابع "،جاءت " ألهاكم التكاثر " لتعري حقيقة هذه (اللهاية) التي سيتلوها (علم اليقين)، لقد تكرر في " التكاثر " لفظ (العلم) و (الرؤية) ست مرات
آية
قال الإمام الفخر: آمن فرعون ثلاث مرات أولها قوله (آمنت) وثانيها (لا إله إلا الذي آمنت به بنو اسرائيل) وثالثها (وأنا من المسلمين) فما السبب في عدم قبول إيمانه؟ والجواب أنه إنما آمن عند نزول العذاب والإيمان في هذا الوقت غير مقبول لأنه يصير الحال حال إلجاء فلا تنفع التوبة ولا الإيمان قال تعالى: (فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا).