فوائد من تفسير العثيمين
فوائد من تفسير العثيمين
هل النار باقية، أو تفنى؟ ذكر بعض العلماء إجماع السلف على أنها تبقى، ولا تفنى وذكر بعضهم خلافاً عن بعض السلف أنها تفنى، والصواب أنها تبقى أبد الآبدين، والدليل على هذا من كتاب الله في ثلاث آيات من القرآن: في سورة النساء، وسورة الأحزاب وسورة الجن، فأما الآية التي في النساء فهي قوله تعالى: (إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا * إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا)، والتي في سورة الأحزاب قوله تعالى: (إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا)، والتي في سورة الجن قوله تعالى: (ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا)، وليس بعد كلام الله كلام، حتى أني أذكر تعليقاً لشيخنا عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله على (كتاب شفاء العليل) لابن القيم، ذكر أن هذا من باب: (لكل جواد كبوة، ولكل صارم نبوة) وهو صحيح، كيف أن المؤلف يستدل بهذه الأدلة على القول بفناء النار، مع أن الأمر فيها واضح؟ ! غريب على ابن القيم رحمه الله أن يسوق الأدلة بهذه القوة للقول بأن النار تفنى ! وعلى كل حال، كما قال شيخنا في هذه المسألة: (لكل جواد كبوة، ولكل صارم نبوة) والصواب الذي لا شك فيه ـ وهو عندي مقطوع به ـ أن النار باقية أبد الآبدين لأنه إذا كان يخلد فيها تخليداً أبدياً لزم أن تكون هي مؤبدة لأن ساكن الدار إذا كان سكونه أبدياً لا بد أن تكون الدار أيضاً أبدية. و أما قوله تعالى في أصحاب النار: (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ماشاء ربك) فهي كقوله تعالى في أصحاب الجنة: (خالدين فيها مادامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك) لكن لما كان أهل الجنة نعيمهم، وثوابهم فضلاً ومنة، بين أن هذا الفضل غير منقطع، فقال تعالى: (عطاء غير مجذوذ) ولما كان عذاب أهل النار من باب العدل، والسلطان المطلق للرب عز وجل قال تعالى في آخر الآية: (إن ربك فعال لما يريد) وليس المعنى: (إن ربك فعال لما يريد) أنه سوف يخرجه من النار، أو سوف يُفني النار.