فوائد من الثبات عند الممات
حكمــــــة
أبو بكر بن حبيب شيخنا رحمة الله عليه سمع الحديث وتفقه وكان يدرس ويعظ وكان نعم المؤدب فلما احتضر قال له أصحابه أوصنا فقال أوصيكم بثلاث بتقوى الله عز و جل ومراقبته في الخلوة واحذروا مصرعي هذا فقد عشت إحدى وستين سنة وما كأني رأيت الدنيا ثم قال لبعض إخوانه انظر هل ترى جبيني يعرق فقال نعم فقال الحمد لله هذه علامة المؤمن يريد بذلك قول رسول الله صلى الله عليه و سلم المؤمن يموت بعرق الجبين ثم بسط يده عند الموت وقال... ها قد مددت يدي إليك فردها... بالفضل لا بشماتة الأعداء
حكمــــــة
سألت جعفر بن محمد بن نصير بكران الدينوري وكان يخدم الشبلي ما الذي رأيت منه عند وفاته فقال قال علي درهم مظلمة قد تصدقت عن صاحبه بألوف فما على قلبي شغل أعظم منه ثم قال وضئني للصلاة ففعلت فنسيت تخليل لحيته وقد أمسك على لسانه فقبض على يدي وأدخلها في لحيته ثم مات فبكى جعفر وقال ما تقولون في رجل لم يفته في آخر عمره أدب من آداب الشريعة
حكمــــــة
يحكي عن غير واحد ممن حضر موت خير النساج من أصحابه أنه غشي عليه عند صلاة المغرب ثم أفاق ونظر إلى ناحية من البيت وقال قف عافاك الله فإنما أنت عبد مأمور وأنا عبد مأمور وما أمرت به لايفوتك وما أمرت به يفوتني فدعني أمضي لما أمرت به ودعا بماء فتوضأ للصلاة ثم صلى ثم تمدد وغمض عينيه وتشهد فمات فرآه بعض أصحابه في المنام فقال له ما فعل الله بك قال لا تسأل عن هذا ولكن استرحت من دنياكم
حكمــــــة
كنت جالسا عند أحمد بن خضرويه وهو في النزع فسأل عن مسألة فدمعت عيناه وقال يا بني باب كنت أدقه منذ خمس وتسعين سنة هو ذا يفتح لي الساعة ولا أدري أتفتح لي بالسعادة أم بالشقاوة وأنى لي بالجواب وكان قد ركبه من الدين سبعمائة دينار وحضره غرماؤه فنظر إليهم وقال اللهم إنك جعلت الرهون وثيقة فأد عني قال فدق داق الباب وقال أهذه دار أحمد بن خضرويه فقالوا نعم قال فأين غرماؤه قال فخرجوا فقضى عنه ثم خرجت روحه
حكمــــــة
حضرت الجنيد عند الموت في جماعة لأصحابنا فكان قاعدا يصلي ويثني رجليه كلما أراد أن يسجد فلم يزل كذلك حتى خرجت الروح من رجله فثقل عليه حركتها فمد رجليه وقد تورمتا فرآه بعض أصدقائه فقال ما هذا يا أبا القاسم قال هذه نعم الله أكبر فلما فرغ من صلاته قال له أبو محمد الحريري لو اضطجعت يا أبا القاسم قال يا أبا محمد هذا وقت يؤخذ منه الله أكبر فلم يزل ذلك حاله حتى مات رحمه الله
حكمــــــة
عن محمد بن نافع قال كان أبو نواس لي صديقا فمات فرأيته في المنام فقلت ما فعل الله بك قال غفر لي بأبيات قلتها هي تحت الوسادة فأتيت أهله فإذا رقعة فيها شعر مكتوب وهو... يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة... فلقد علمت بأن عفوك أعظم... إن كان لا يرجوك إلا محسن... فمن الذي يدعو ويرجو المجرم... أدعوك رب كما أمرت تضرعا... فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم... مالي إليك وسيلة إلا الرجا... وجميل عفوك ثم إني مسلم...
حكمــــــة
قال فتح بن شخرف دخلت على ذي النون عند موته فقلت كيف تجدك فقال... أموت وما ماتت إليك صبابتي... ولا رويت من صدق حبك أوطاري... مناي المنى كل المنى أنت لي منى... وأنت الغنى كل الغنى عند إقتاري... وأنت مدى سؤلي وغاية رغبتي... وموضع آمالي ومكنون إضماري... تحمل قلبي فيك مالا أبثه... وإن طال سقمي فيك أو طال إضراري... وبين ضلوعي منك مالا أبثه... ولم أبد بادية لأهل ولا جار... سرائر لا تخفي عليك خفيها... وإن لم أبح حتى التنادي بأسراري... فهب لي نسيما منك أحيا بروحه... وجد لي بيسر منك يطرد إعساري
حكمــــــة
محمد بن أسلم الطوسي رحمة الله عليه خادم ابن أسلم قال دخلت عليه قبل موته بأربعة أيام فقال تعال أبشرك بما صنع الله بأخيك من الخير قد نزل بي الموت وقد من الله تعالى علي أنه ليس عندي درهم يحاسبني عليه أغلق الباب ولا تأذن لأحد علي حتى أموت واعلم أني أخرج من الدنيا وليس أدع ميراثا غير كسائي ولبدي وإنائي الذي أتوضأ فيه وكتبي هذه وكانت معه صرة فيها نحو ثلاثين درهما فقال هذه لابني أهداه له قريب له ولا أعلم شيئا أحل لي منه لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال أنت ومالك لأبيك فكفنوني فيها فإذا أصبتم لي بعشرة دراهم ما يستر عورتي فلا تشتروا بخمسة عشر وابسطوا على جنازتي لبدي وغطوا عليها بكسائي وتصدقوا بإنائي أعطوه مسكينا يتوضأ فيه ثم مات في اليوم الرابع
حكمــــــة
عن الحسن أنه لما حضره الموت دخل عليه رجال من أصحابه فقالوا زودنا منك كلمات ينفعنا الله عز و جل بهن قال إني مزودكم ثلاث كلمات ثم قوموا ودعوني لما توجهت له ما نهيتم عنه من أمر فكونوا من أترك الناس له وما أمرتم به من معروف فكونوا من أعمل الناس به واعلموا أن خطاكم خطوة لكم وخطوة عليكم فانظروا أين تغدون وأين تروحون وقال الحسن بن دينار كان الحسن البصري يغمى عليه ثم يفيق ويقول صبرا واحتسابا وتسليما لأمر الله حتى قبض رحمه الله