فوائد من ذم الهوى 2
حكمــــــة
اعلم وفقك الله أن البصر صاحب خبر القلب ينقل إليه اخبار المبصرات وينقش فيه صورها فيجول فيها الفكر فيشغله ذلك عن الفكر فيما ينفعه من أمر الآخرة ولما كان إطلاق البصر سببا لوقوع الهوى في القلب أمرك الشرع بغض البصر عما يخاف عواقبه فإذا تعرضت بالتخليط وقد أمرت بالحمية فوقعت إذا في أذى فلم تضج من أليم الألم
حكمــــــة
سمعت فتح بن شخرف يقول قال لي عبد الله ابن خبيق يا خراساني إنما هي أربع لا غير عينك ولسانك وقلبك وهواك فانظر عينك لا تنظر بها إلى ما لا يحل وانظر لسانك لا تقل به شيئا يعلم الله خلافه من قلبك وانظر قلبك لا يكون فيه غل ولا حقد على أحد من المسلمين وانظر هواك لا تهو شيئا من الشر فإذا لم يكن فيك هذه الأربع خصال فاجعل الرماد على رأسك فقد شقيت
حكمــــــة
فاحذر يا أخي وفقك الله من شر النظر فكم قد أهلك من عابد وفسخ عزم زاهد وسترى في غضون هذا الكتاب ما تعتبر به من قصص من فتنة النظر فاتعظ بذلك وتلمح معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم النظر سهم مسموم لأن السهم يسري إلى القلب فيعمل في الباطن قبل أن يرى عمله في الظاهر فاحذر من النظر فإنه سبب الآفات إلا ان علاجه في بدايته قريب فإذا كرر تمكن الشر فصعب علاجه
حكمــــــة
سمعت أبا عمرو بن علوان يقول خرجت يوما إلى سوق الرحبة في حاجة فرأيت جنازة فتبعتها لأصلي عليها ووقفت في جملة الناس حتى يدفن الميت فوقعت عيني على امرأة مسفرة من غير تعمد فلححت بالنظر واسترجعت واستغفرت الله وعدت إلى منزلي فقالت لي عجوز يا سيدي مالي أرى وجهك أسود فأخذت المرآة فنظرت فإذا وجهي أسود فرجعت إلى سري أنظر من أين دهيت فتذكرت النظرة فانفردت في موضع أستغفر الله وأسأله الإقالة أربعين يوما فخطر في قلبي أن زر شيخك الجنيد فانحدرت إلى بغداد فلما جئت الحجرة التي هو فيها طرقت الباب فقال لي ادخل يا أبا عمرو تذنب بالرحبة وتستغفر ربك ببغداد
حكمــــــة
قيل لبعض الحكماء ما سبب الذنب قال الخطرة فإن تداركت الخطرة بالرجوع إلى الله ذهبت وإن لم تفعل تولدت عنها الفكرة فإن تداركتها بالرجوع إلى الله بطلت وإلا فعند ذلك تخالط الوسوسة الفكرة فتولد عنها الشهوة وكل ذلك بعد باطن في القلب لم يظهر على الجوارح فإن استدركت الشهوة وإلا تولد منها الطلب فإن تداركت الطلب وإلا تولد منه الفعل
حكمــــــة
سمعت يونس بن جبير يقول شيعنا جندب بن عبد الله فلما بلغ خص المكاتب قلنا له أوصنا قال أوصيكم بتقوى الله عز و جل والقرآن فإنه نور الليل المظلم وهدى النهار فاعملوا به على ما كان من جهد وفاقه فإن عرض بلاء فعرض مالك قبل نفسك فإن تجاوزه البلاء فقدم مالك ونفسك دون دينك فإن المحزوب من حرب دينه والمسلوب من سلب دينه إنه لا غنى بعد النار ولا فاقة بعد الجنة وإن النار لا يفك أسيرها ولا يستغني فقيرها
حكمــــــة
عن ابن عباس أنه قال يا صاحب الذنب لا تأمنن سوء عاقبته ولما يتبع الذنب أعظم من الذنب إذا علمته قلة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال وأنت على الذنب أعظم من الذنب وضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب وحزنك على الذنب إذا فاتك أعظم من الذنب إذا ظفرت به وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب إذا عملته