قطوف من مواعظ الصحابة رضى الله عنهم 2
قال حذيفة بن اليمان رضى الله عنه : «معروفكم اليوم منكر زمانٍ قد مضى، وإنَّ منكركم اليوم معروف زمانٍ قد أتي، وإنَّكم لا تزالون بخيرٍ ما عرفتم الحقَّ، وكان العالم فيكم غير مستخفٍّ به» (إحياء علوم الدين) .
قال حذيفة بن اليمان رضى الله عنه : «ما من صباحٍ ولا مساءٍ إلا ومنادٍ ينادي : أيُّها الناس، الرحيل الرحيل!» (إحياء علوم الدين) .
قال معاذ بن جبل رضى الله عنه : «إنَّ من ورائكم فتنًا يكثر فيها المال، ويفتتح القرآن؛ حتى يقرأه المؤمن والمنافق، والصغير والكبير، والأحمر والأسود، فيوشك قائلٌ يقول : ما لي أقرأ على الناس القرآن فلا يتَّبعوني عليه؟ فما أظنُّهم يتبعوني عليه حتى أبتدع لهم غيره، فإيَّاكم إيَّاكم ما ابتدع؛ فإنَّ ما ابتدع ضلالةٌ» ثم قال فى تتمة كلامه «وأحذِّركم زيغة الحكيم! فإنَّ الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحقِّ»، قال: قلت لمعاذٍ: ما يدريني -رحمك الله - أنَّ الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأنَّ المنافق قد يقول كلمة الحقِّ؟! ولا يثنينَّك ذلك عنه؛ فإنَّه لعلَّه أن يراجع وتلقَّ الحقَّ إذا سمعته فإنَّ على الحقِّ نورًا» (سنن أبي داود) .
قال معاذ بن جبل رضى الله عنه لابنه : «يا بُنيَّ، إذا صلَّيت صلاةً، فصلِّ صلاة مودِّعٍ: لا تظنُّ أنَّك تعود إليها أبدًا، واعلم يا بنيَّ أنَّ المؤمن يموت بين حسنتين: حسنةٍ قدَّمها، وحسنةٍ أخَّرها» (حلبة الأولياء) .
قال معاذ بن جبل رضى الله عنه : «إنَّك تجالس قومًا لا محالة يخوضون في الحديث، فإذا رأيتهم غفلوا، فارغب إلى ربِّك عز وجل عند ذلك رغباتٍ» (حلبة الأولياء) .
لما حضرت الوفاة معاذ بن جبل رضى الله عنه قال : «انظروا أصبحنا؟»، فأُتي فقيل: لم تُصبح، فقال: «انظروا أصبحنا؟»، فأُتي فقيل له: لم تُصبح، حتى أُتي في بعض ذلك فقيل: قد أصبحت، قال: «أعوذ بالله من ليلةٍ صباحها إلى النار، مرحبًا بالموت مرحبًا! زائرٌ مُغبٌّ، وحبيبٌ جاء على فاقةٍ، اللَّهمَّ إنِّي قد كنت أخافك، فأنا اليوم أرجوك، اللَّهمَّ إنَّك تعلم أنِّي لم أكن أحبُّ الدُّنيا وطول البقاء فيها لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالرُّكب عند حلق الذِّكر» (ينظر: الزهد؛ لأحمد بن حنبل) .
قال أبو الدرداء رضى الله عنه : «لا تحقرنَّ شيئًا من الشرِّ أن تتَّقيه، ولا شيئًا من الخير أن تفعله» (تاريخ دمشق) .
قال أبو الدرداء رضى الله عنه : «ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكنَّ الخير أن يكثر عملك، ويعظم حِلمُك، وأن تباري الناس في عبادة الله، وإذا أحسنت حمدتَّ الله، وإذا أسأت استغفرت الله» (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر) .
قال أبو الدرداء رضى الله عنه لأحد إخوانه : «إيَّاك ودعوة المظلوم، واعلم أنَّ قليلًا يغنيك، خيرٌ من كثيرٍ يلهيك، وأنَّ البرَّ لا يبلى، وأنَّ الإثم لا يُنسى» (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر) .
قال أبو الدرداء رضى الله عنه : «معاتبة الأخ خيرٌ لك من فقده، ومن لك بأخيك كلِّه؟! أعط أخاك ولِنْ له، ولا تطع فيه حاسدًا» (حلبية الأولياء) .
قال أبو الدرداء رضى الله عنه : «ابن آدم، إنَّما أنت أيامٌ؛ فإذا ذهب يومٌ، ذهب بعضك ، ابن آدم، إنَّك لن تزال في هدم عمرك منذ يوم ولدتك أمُّك» (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر) .
قال أبو الدرداء رضى الله عنه لمسلمة بن مخلدٍ – وهو أمير مصر يومئذٍ - «أمَّا بعد، فإنَّ العبد إذا عمل بطاعة الله، أحبَّه الله، فإذا أحبَّه الله، حبَّبه إلى خلقه، وإنَّ العبد إذا عمل بمعصية الله، أبغضه الله، فإذا أبغضه الله، بغَّضه إلى خلقه» (مصنَّف ابن أبي شيبة) .
قال أبو الدرداء رضى الله عنه : «لن تزالوا بخيرٍ ما أحببتم خياركم، وما قيل فيكم الحقُّ فعرفتموه؛ فإنَّ عارفه كفاعله» (جامع بيان العلم وفضله).
جاء رجل إلى أبى الدرداء رضى الله عنه فقال له أوصنى ، فقال أبو الدرداء : «أذكر الله في السَّرَّاء، يذكرك في الضَّرَّاء، وإذا ذكرت الموتى، فاجعل نفسك كأحدهم، وإذا أشرفت نفسك على شيءٍ من الدُّنيا، فانظر إلى ما يصير» (تاريخ دمشق) .
قال أبو الدرداء رضى الله عنه : «لو تعلمون ما أنتم راؤون بعد الموت، ما أكلتم طعامًا بشهوةٍ، ولا شربتم شرابًا على شهوةٍ، ولا دخلتم بيتًا تستظلُّون فيه، و لحرصتم على الصعيد تضربون صدوركم وتبكون على أنفسكم! ولوددتُّ أنِّي شجرةٌ تعضد ثم تؤكل»(الزهد؛ للإمام أحمد) .
وعظ أبو الدرداء رضى الله عنه أهل دمشق فقال : «يا أهل دمشق، اسمعوا قول أخٍ لكم ناصحٍ، ما لي أراكم تجمعون فلا تأكلون؟ وتبنون فلا تسكنون؟ وتأملون فلا تدركون؟ إنَّ من كان من قبلكم جمعوا كثيرًا، وبنوا شديدًا، وأمَّلوا بعيدًا، فأصبح ما جمعوا بورًا، وما أملوا غرورًا، وأصبحت مساكنهم قبورًا » (تاريخ دمشق) .
كان أبو الدرداء رضى الله عنه إذا رأى جنازةً قال : «اغدوا فإنَّا رائحون، أو روحوا فإنَّا غادون، موعظةٌ بليغة، وغفلةٌ سريعة، كفى بالموت واعظًا، يذهب الأول فالأول، ويبقى الآخر لا حلم له» (حلية الأولياء) .
قال جبير بن نفيرٍ : لما فتحت قبرس، فرِّق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعضٍ، ورأيت أبا الدرداء جالسًا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يومٍ أعزَّ الله فيه الإسلام وأهله؟! قال:
«ويحك يا جبير! ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره! بينا هي أمَّةٌ قاهرةٌ ظاهرةٌ، لهم الملك، تركوا أمر الله؛ فصاروا إلى ما ترى» (حلية الأولياء) .
قال أبو الدرداء رضى الله عنه : «تفكُّر ساعةٍ، خيرٌ من قيام ليلةٍ» (الزهد؛ لهناد بن السري) .
قال أبو الدرداء رضى الله عنه : «أخوف ما أخاف أن يقال لي يوم القيامة: يا عويمر، أعلمت أم جهلت؟ فإن قلت: علمت، لا تبقى آيةٌ آمرةٌ أو زاجرةٌ إلا أخذت بفريضتها؛ الآمرة: هل ائتمرت؟ والزاجرة: هل ازدجرت؟ وأعوذ بالله من علمٍ لا ينفع، ونفسٍ لا تشبع، ودعاءٍ لا يسمع» (حلية الأولياء) .
قال أبو الدرداء رضى الله عنه : «ليحذر امرؤٌ أن تبغضه قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر»، ثم قال: «أتدري ما هذا؟ العبد يخلو بمعاصي الله عز وجل ؛ فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر» (حلية الأولياء) .
قال أبو الدرداء رضى الله عنه : «أنصف أذنيك من فيك؛ فإنَّما جعل لك أذنان اثنتان وفمٌ واحدٌ؛ تسمع أكثر ممَّا تقول» (عيون الأخبار) .
قال أبو ذر الغفاريُّ رضى الله عنه لرجل شتمه : «يا هذا، لا تغرقنَّ في شتمنا، ودع للصلح موضعًا؛ فإنَّا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه!» (الآداب الشرعيَّة، والمنح المرعيَّة) .
قال أبو ذر الغفاريُّ رضى الله عنه : «ذو الدِّرهمين يوم القيامة أشدُّ حسابًا من ذي الدرهم» (الزهد؛ لابن المبارك) .
قال أبو ذر الغفاريُّ رضى الله عنه : «وددتُّ أنِّي كنت شجرةً أُعضَدُ، ووددتُّ أنِّي لم أخلق» (الزهد؛ لأحمد بن حنبل) .
أوصى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قائلًا : " كن في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو عابر سبيلٍ " (البخاري) قال مترجمًا هذا المعنى : «إذا أمسيت فلا تنتظر الصَّباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحَّتك لمرضك، ومن حياتك لموتك» .
سُئل ابن عمر عن فريضةٍ من الفرائض- أي : في علم المواريث- فقال : «لا أدري» فقيل له: ما منعك أن تجيبه؟ فقال :«سُئل ابن عمر عمَّا لا يدري، فقال: «لا أدري!» (جامع بيان العلم وفضله) .
قال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما : «أحقُّ ما طهَّر العبد: لسانه» (الزهد؛ لابن أبي عاصم) .
قال مجاهد بن جبرٍ رحمه الله : كنت أمشي مع ابن عمر، فمرَّ على خربةٍ، فقال: «قل: يا خربة، ما فعل أهلك؟» فقلت: يا خربة، ما فعل أهلك؟ قال ابن عمر: «ذهبوا وبقيت أعمالهم» (الزهد؛ لأحمد بن حنبل) .
قال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما : «إذا طاب المكسب، زكت النَّفقة» (الزهد؛ لأحمد بن حنبل) .
قال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما : «من استغنى بالله اكتفى، ومن انقطع إلى غير الله يعمى» (الزهد الكبير؛ للبيهقي) .
قال رجل لابن عمر رضى الله عنهما : يا خير الناس- أو يا بن خير الناس- فقال ابن عمر : «ما أنا بخير الناس، ولا ابن خير الناس، ولكنِّي عبدٌ من عباد الله، أرجو الله تعالى وأخافه، والله لن تزالوا بالرَّجل حتى تهلكوه!» (حلية الأولياء) .
قال أبو الزِّناد : «اجتمع في الحجر مصعب بن الزُّبير، وعروة بن الزُّبير، وعبد الله بن الزُّبير، وعبد الله بن عمر، فقالوا : تمنَّوا! فقال عبد الله بن الزبير: أمَّا أنا، فأتمنَّى الخلافة، وقال عروة: أمَّا أنا، فأتمنَّى أن يؤخذ عنِّي العلم، وقال مصعبٌ: أمَّا أنا، فأتمنَّى إمرة العراق، والجمع بين عائشة بنت طلحة وسُكينة بنت الحسين، وقال عبد الله بن عمر: «أمَّا أنا، فأتمنَّى المغفرة» قال: فنالوا كلُّهم ما تمنَّوا، ولعلَّ ابن عمر قد غفر له» (حلية الأولياء) .
قال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما : «لقد عشنا برهةً من دهرنا وإنَّ أحدنا يُؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلَّم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يُوقف عنده فيها كما تعلَّمون أنتم القرآن»، ثمَّ قال: «لقد رأيت رجالًا يُؤتى أحدهم القرآن فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، ينثره نثر الدَّقل!» (الحاكم في المستدرك ، والبيهقي في «الكبرى» قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، و لا أعرف له علة، ولم يخرجاه) .
قال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما :«لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصَّدر» (رواه البخاري) .
قال رجل لأبيِّ بن كعبٍ رضى الله عنه : عظني، ولا تكثر عليَّ فأنسى، فقال له: «اقبل الحقَّ ممَّن جاءك به وإن كان بعيدًا بغيضًا، واردد الباطل على من جاءك به وإن كان حبيبًا قريبًا»، قال: «وآخ الإخوان على قدر تقواهم، ولا تغبط الحيَّ إلا بما تغبط الميِّت» (حلية الأولياء) .
قال أبيِّ بن كعبٍ رضى الله عنه : «تعلَّموا العلم واعملوا به، ولا تتعلَّموه لتتجمَّلوا به؛ فإنَّه يوشك- إن طال بكم زمانٌ- أن يُتجمَّل بالعلم كما يتجمَّل الرَّجل بثوبه!» (جامع بيان العلم وفضله) .
قال أبيِّ بن كعبٍ رضى الله عنه : «المؤمن بين أربعٍ: إن ابتُلي صبر، وإن أعطي شكر، وإن قال صدق، وإن حكم عدل» (حلية الأولياء) .
قال أبيِّ بن كعبٍ رضى الله عنه : «عليكم بالسَّبيل والسُّنَّة، وإنَّ اقتصادًا في سنَّةٍ وسبيل، خيرٌ من اجتهادٍ في غير سنَّةٍ وسبيل، فانظروا أعمالكم؛ فإن كانت اقتصادًا واجتهادًا، فلتكن على منهاج الأنبياء وسُنَّتهم» (مصنف ابن أبي شيبة، باختصار) .
قال أبيِّ بن كعبٍ رضى الله عنه لرجلٍ طلب منه الوصيَّة : «اتَّخذ كتاب الله إمامًا، وارض به قاضيًا وحكمًا؛ فإنَّه الذي استخلف فيكم رسولكم، شفيعٌ مُطاعٌ، وشاهدٌ لا يُتَّهم، فيه ذكركم وذكر من قبلكم، وحكم ما بينكم، وخبركم وخبر ما بعدكم» (حلية الأولياء) .
قال سلمان الفارسى رضى الله عنه : «إنَّ العلم كثير، والعمر قصير؛ فخذ من العلم ما تحتاج إليه في أمر دينك، ودع ما سواه فلا تُعانه» (حلية الأولياء) .
قال سلمان الفارسى رضى الله عنه : «أكثر الناس ذنوبًا يوم القيامة، أكثرهم كلامًا في معصية الله» (مصنف ابن أبي شيبة) .
سُئل سلمان الفارسى رضى الله عنه : ما حسبك؟ فقال : «كرمي ديني، وحسبي التراب، ومن التراب خُلقت، وإلى التراب أصير، ثم أبعث وأصير إلى الموازين؛ فإن ثقلت موازيني، فما أكرم حسبي، وما أكرمني على ربِّي! يُدخلني الجنة، وإن خفَّت موازيني، فما ألأم حسبي، وما أهونني على ربِّي! ويعذِّبني، إلا أن يعود بالمغفرة والرحمة على ذنوبي» (الزهد الكبير؛ للبيهقي) .
قال سلمان الفارسى رضى الله عنه : «إنَّ الله تعالى إذا أراد بعبدٍ شرًّا أو هلكةً، نزع منه الحياء، فلم تلقه إلا مقيتًا مُمقَّتًا» (حلية الأولياء) .
قال سلمان الفارسى رضى الله عنه : «أضحكني ثلاثٌ، وأبكاني ثلاثٌ: ضحكت من مؤمِّل الدُّنيا والموت يطلبه، وغافلٍ لا يُغفل عنه، وضاحكٍ ملء فيه لا يدري أمُسخطٌ ربَّه أم مُرْضيه! وأبكاني ثلاثٌ: فِراقُ الأحبَّة؛ محمدٍ وحِزبه، وهول المطلع عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي ربِّ العالمين حين لا أدري إلى النار انصرافي أم إلى الجنة؟» (حلية الأولياء) .
قال سلمان الفارسى رضى الله عنه : «إنَّما مثل المؤمن في الدُّنيا كمثل رجلٍ مريضٍ معه طبيبه الذي يعلم داءه ودواءه، فإذا اشتهى شيئًا يضرُّه منعه، وقال: لا تقربه؛ فإنَّك إن أصبته أهلكك، فلا يزال يمنعه ما اشتهى ممَّا يضرُّه حتى يبرأ من وجعه بإذن الله، وكذلك المؤمن يشتهي أشياء كثيرةً ممَّا فضِّل به غيره من العيش، فيمنعه الله إيَّاه ويحجزه عنه حتى يتوفَّاه فيدخله الجنة» (الكنى والأسماء؛ للدولابي) .
قال سلمان الفارسى رضى الله عنه : «إذا أسأت سيِّئةً في سريرةٍ، فأحسن حسنةً في سريرةٍ، وإذا أسأت سيئةً في علانيةٍ، فأحسن حسنةً في علانيةٍ؛ لكي تكون هذه بهذه» (صفة الصفوة) .
قال رجل لسلمان الفارسى رضى الله عنه : أوصني! قال: «لا تكلَّم»! قال: ما يستطيع مَن عاش في الناس ألَّا يتكلَّم. قال: «فإن تكلَّمت، فتكلَّم بحقٍّ أو أسكت»! قال: زدني، قال: «لا تغضب»، قال: أمرتني ألَّا أغضب، وإنَّه ليغشاني ما لا أملك! قال: «فإن غضبت، فاملك لسانك ويدك».
قال: زدني، قال: «لا تلابس الناس»- أي: لا تخالطهم خلطةً كثيرةً – قال: ما يستطيع من عاش في الناس ألَّا يلابسهم، قال: «فإن لابستهم، فاصدق الحديث، وأدِّ الأمانة» (الصمت؛ لابن أبي الدنيا) .
تفاخر بعض أفراد قبيلة قريشٍ عند سلمان الفارسيِّ رضى الله عنه يومًا، فقال سلمان : «لكنَّني خُلقت من نُطفةٍ قذرةٍ، ثم أعود جيفةً مُنتنةً، ثم آتي الميزان، فإن ثَقُلَ فأنا كريم، وإن خفَّ فأنا لئيم» (إحياء علوم الدين) .
كان أبو هريرة رضى الله عنه يقول في آخر عمره : «اللَّهمَّ إنِّي أعوذ بك أن أزني، أو أعمل بكبيرةٍ في الإسلام»، يقول بعض أصحابه: يا أبا هريرة، ومثلك يقول هذا ويخافه وقد بلغت من السِّنِّ ما بلغت، وانقطعت عنك الشهوات، وقد شافهت النبيَّ صلى الله عليه وسلم وبايعته، وأخذت عنه؟! قال: «ويحك! وما يؤمِّنني وإبليس حيٌّ؟!» (أخرجه البيهقي في شُعب الإيمان) .
سأل رجلٌ أبا هريرة رضى الله عنه : ما التقوى؟ فقال : «أخذتَ طريقًا ذا شوكٍ؟» قال: نعم، قال: «فكيف صنعت؟» قال: إذا رأيت الشوك، عدلت عنه، أو جاوزته، أو قصرت عنه! قال: «ذاك التَّقوى» (أخرجه البيهقي في الزهد) .
لما حضرت الوفاة أبا هريرة رضى الله عنه بكى، فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : «أما إنِّي لا أبكي على دنياكم هذه، ولكنِّي أبكي على بُعدِ سفري، وقلة زادي، وأنِّي أصبحت في صعودٍ مُهبطٍ على جنةٍ ونارٍ، لا أدري لأيِّهما يُؤخَذُ بي» (حلية الأولياء) .
جاء رجل لأبى هريرة رضى الله عنه فقال له : إنِّي أريد أن أتعلَّم العلم، وأنا أخاف أن أضيِّعه ولا أعمل به! فقال له أبو هريرة : «ما أنت بواجدٍ شيئًا أضيع له من تركه» (تاريخ دمشق) .
قال عمرو بن العاص رضى الله عنه : «لا أملُّ ثوبي ما وسعني، ولا أملُّ زوجتي ما أحسنت عشرتي، ولا أملُّ دابَّتي ما حَمَلَتْني ؛ إنَّ الملال من سيِّىء الأخلاق» (تاريخ دمشق) .
قال عمرو بن العاص رضى الله عنه : «ثلاثٌ لا أناة فيهنَّ: المبادرة بالعمل الصالح، ودفن الميِّت، وتزويج الكُفْءِ» (العقد الفريد) .
دخل عبد الله بن عبَّاسٍ رضي الله عنهما على عمرو بن العاص رضى الله عنه، فقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال: «أصبحت وقد ضيَّعت من يديني كثيرًا، وأصلحت من دنياي قليلًا، فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدتُّ، والذي أفسدتُّ هو الذي أصلحت، لقد فزت، ولو كان ينفعني أن أطلب طلبت، ولو كان ينجيني أن أهرب هربت، فصرت كالمجنون بين السماء والأرض، لا أرتقي بيدين، ولا أهبط برجلين، فعظني بعظةٍ أنتفع بها يا بن عباسٍ!» قال ابن عباسٍ: هيهات! صار ابن أخيك أخاك، ولا يشاء أن يبكي إلا بكيت (حلية الأولياء) .
قال عمرو بن العاص رضى الله عنه : «ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشرِّ، ولكنَّه الذي يعرف خير الشرَّين، وليس الواصل الذي يصل من وصله، ولكنَّه الذي يصل من قطعه!» (الإشراف، في منازل الأشراف؛ لابن أبي الدنيا) .
أوصى عمرو بن العاص رضى الله عنه ابنه فقال : «يا بُنيَّ، احفظ عنِّي ما أُوصيك به: إمامٌ عادل، خيرٌ من مطرٍ وابل، وإمامٌ ظلومٌ غشوم، خيرٌ من فتنةٍ تَدُوم» (تاريخ دمشق) .
قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما : «دع ما لست منه في شيءٍ، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن نفقتك» (مصنف ابن أبي شيبة) .
قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما : «من سُئل عمَّا لا يدري، فقال: لا أدري، فقد أحرز نصف العلم» (العقد الفريد) .
قال أنس بن مالك رضى الله عنه : «إذا لقيت امرأةً فغمِّض عينيك حتى تمضي» (الزهد؛ للإمام أحمد) .
قال أنس بن مالك رضى الله عنه : «إنَّكم لتعملون أعمالًا، هي أدقُّ في أعينكم من الشَّعر، إن كُنَّا لنعُدُّها على عهد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من الموبقات»، قال أبو عبد الله البخاريُّ: «يعني بذلك: المهلكات» (لبخاري) .
شتم رجلٌ عبد الله بن عباس ، فقال عبد الله بن عباسٍ رضى الله عنهما : «إنَّك لتشتُمُني وفيَّ ثلاث خصالٍ: إنِّي لأتي على الآية من كتاب الله عزوجل ، فلوددتُّ أنَّ جميع النَّاس يعلمون منها ما أعلم منها. وإنِّي لأسمع بالحاكم من حُكَّام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به، ولعلِّي لا أقاضي إليه أبدًا. وإنِّي لأسمع بالغيث قد أصاب البلد من بلاد المسلمين فأفرح، وما لي به من سائمةٍ» (المعجم الكبير؛ للطبراني) .
قال عبد الله بن عباسٍ رضى الله عنهما : «لو قال لي فرعون: بارك الله فيك، لقلت: وفيك» (مصنف ابن أبي شيبة، الأدب المفرد للبخاري) .
قال عبد الله بن عباسٍ رضى الله عنهما : «لو بغى جبلٌ على جبلٍ، لدكَّ الباغي» (الأدب المفرد؛ للبخاري) .
قال عبد الله بن عباسٍ رضى الله عنهما : «إذا أردتَّ أن تذكر عيوب صاحبك، فاذكر عيوب نفسك» (الزهد؛ للإمام أحمد) .
قال وُهيب بن كيسان رحمه الله : كتب إليَّ عبد الله بن الزبير بموعظةٍ : «أمَّا بعد، فإنَّ لأهل التَّقوى علاماتٍ يُعرفون بها، ويَعرِفُونها من أنفسهم؛ من صبرٍ على البلاء، ورِضى بالقضاء، وشُكر النَّعماء، وذُلٍّ لحكم القرآن» (حلية الأولياء) .
قال محمد بن عبد الله الثَّقفيُّ : «شهدتُّ خُطبة ابن الزبير بالموسم، خرج علينا قبل التَّروية بيومٍ، وهو مُحرمٌ، فلبَّى بأحسن تلبيةٍ سمعتُها قطُّ، ثمَّ حمد الله وأثنى عليه، ثمَّ قال : «أمَّا بعد، فإنَّكم جئتم من آفاقٍ شتَّى، وفودًا إلى الله عز وجل ، فحقٌّ على الله أن يكرم وفده، فمن كان جاء يطلب ما عند الله، فإنَّ طالب الله لا يخيب، فصدِّقوا قولكم بفعلٍ؛ فإنَّ ملاك القول الفعل ، والنية النية، القلوب القلوب، الله الله في أيامكم هذه! فإنَّها أياٌم تغفر فيها الذُّنوب، جئتم من آفاقٍ شتَّى في غير تجارةٍ ولا طلب مالٍ ولا دنيا، ترجون ما هنا» قال الثقفيُّ: «ثمَّ لبَّى ولبَّى الناس، فما رأيت يومًا قطُّ كان أكثر باكيًا من يومئذٍ» (حلية الأولياء) .
قالت عائشة رضى الله عنها : «أقلُّوا الذُّنوب؛ فإنَّكم لن تلقوا الله بشيءٍ أفضل من قلَّة الذُّنوب» (الزهد؛ لوكيع) .