قطوف من مواعظ الصحابة رضى الله عنهم
حكمــــــة
قال أبو بكر الصديق رضى الله عنه بعد أن حمد الله وأثنى عليه: «يا أيَّها الناس، إنَّكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها: {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]! وإنَّا سمعنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: (إنَّ النَّاس إذا رأوا الظَّالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمَّهم الله بعقابٍ)» (رواه أبو داود).
حكمــــــة
قال أبو بكر الصديق رضى الله عنه في خطبة له: «اعلموا أنَّ أكيس الكيس التَّقوى، وأنَّ أحمق الحمق الفجور، وأنَّ أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقِّه، وأنَّ أضعفكم عندي القويُّ حتى آخذ منه الحقَّ، أيُّها الناس، إنَّما أنا متَّبعٌ ولست بمبتدعٍ، فإن أحسنت فأعينوني، وإن زغت فقوِّموني» (لطبقات الكبرى).
حكمــــــة
مرَّ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما – وهو معلِّقٌ لحمًا على ظهره – على عمر رضى الله عنه، فقال: «ما هذا يا جابر؟» قال: «هذا لحمٌ اشتريته اشتهيته!» قال: «أو كلَّما اشتهيت شيئًا اشتريته؟ أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20]؟!» (الزهد لأحمد بن حنبل).
حكمــــــة
كتب عمر إلى أبي عبيدة، فذكر كلامًا وقال: «فغمِّض عن الدُّنيا عينك، وولِّ عنها قلبك، وإيَّاك أن تهلكك كما أهلكت من كان قبلك؛ فقد رأيت مصارعها، وأُخبرت بسوء أثرها، على أهلها: كيف عري من كست، وجاع من أطعمت، ومات من أحيت؟!... وأنت غائبٌ منتظرٌ متى سفره في غيره دار مقامٍ، قد نضب ماؤها، وهاجت ثمرتها، فأحزم الناس الراجل منها إلى غيرها بزاد بلاغٍ» (الزهد لأبي داود).
حكمــــــة
قال عثمان بن عفان رضى الله عنه فى خطبة له: «إنَّ الله إنَّما أعطاكم الدُّنيا لتطلبوا بها الآخرة، ولم يعطكموها لتركنوا إليها، إنَّ الدُّنيا تفنى، وإنَّ الآخرة تبقى، لا تبطرنَّكم الفانية، ولا تشغلنَّكم عن الباقية، وآثروا ما يبقى على ما يفنى؛فإنَّ الدُّنيا منقطعة، وإنَّ المصير إلى الله، اتَّقوا الله فإنَّ تقواه جنَّةٌ من بأسه، ووسيلةٌ عنده، واحذروا من الله الغير، والزموا جماعتكم لا تصيروا أحزابًا {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103] » (البداية والنهاية).
حكمــــــة
قال عثمان بن عفان رضى الله عنه: «ما أسرَّ أحدٌ سريرةً إلا أبداها الله على صفحات وجهه، وفلتات لسانه» وقال مرةً رضى الله عنه «لو أنَّ عبدًا دخل بيتًا في جوف بيتٍ فأدمن هناك عملًا، أوشك الناس أن يتحدَّثوا به، وما من عاملٍ يعمل إلا كساه الله رداء عمله؛ إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًا فشرٌّ» (الزهد والرقائق؛ لابن المبارك، والزهد؛ لنعيم بن حماد).
حكمــــــة
قال عثمان بن عفان رضى الله عنه: «إيَّاكم والخمر؛ فإنَّها مفتاح كلِّ شرٍّ! أتي رجلٌ فقيل له: إمَّا أن تحرق هذا الكتاب، وإمَّا أن تقتل هذا الصبيَّ، وإمَّا أن تقع على هذه المرأة، وإمَّا أن تشرب هذه الكأس، وإمَّا أن تسجد لهذا الصليب! قال: فلم ير فيها شيئًا أهون من شرب الكأس، فلمَّا شربها، سجد للصليب، وقتل الصبيَّ، ووقع على المرأة، وحرق الكتاب!» (التمهيد).
حكمــــــة
قال عثمان بن عفان رضى الله عنه: «أيُّها الناس، اتَّقوا الله؛ فإنَّ تقوى الله غنمٌ، وإنَّ أكيس الناس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، واكتسب من نور الله نورًا لظلمة القبر، وليخش عبدٌ أن يحشره الله أعمى وقد كان بصيرًا، واعلموا أنَّ من كان الله له لم يخف شيئًا، ومن كان الله عليه فمن يرجو بعده؟!» (البداية والنهاية).
حكمــــــة
قال على بن أبى طالب رضى الله عنه لكُميل بن زيادٍ: «يا كُميل بن زيادٍ، إنَّ هذه القلوب أوعيةٌ، وخيرها أوعاها للعلم، احفظ عنِّي ما أقول لك: الناس ثلاثةٌ: عالمٌ ربَّانيٌّ، ومتعلِّمٌ على سبيل نجاةٍ، وهمجٌ رعاعٌ أتباع كلِّ ناعقٍ، يميلون مع كلِّ ريحٍ، لم يستضيئوا بنور العلم، ولمك يلجؤوا إلى ركنٍ وثيقٍ. يا كُميل بن زيادٍ، العلم خيرٌ من المال؛ العلم يحرسك وأنت تحرس المال، المال ينقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق. يا كُميل بن زيادٍ، محبة العالم دينٌ يدان، تكسبه الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته، ومنفعة المال تزول بزواله، العلم حاكمٌ والمال محكومٌ عليه. يا كميل، مات خزَّان المال وهم أحياءٌ! والعلماء باقون ما بقي الدهر؛ أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة» (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر).
حكمــــــة
قال على بن أبى طالب رضى الله عنه: «خذوا منِّي هذه الكلمات الخمس؛ فإنَّكم -والله - لو ركبتم المطيَّ حتى تنصبوها، ما أدركتم مثلهنَّ: لا يرجونَّ عبدٌ إلا ربَّه، ولا يخافنَّ إلا ذنبه، ولا يستحي إذا سُئل عمَّا لا يعلم أن يقول: لا أعلم، ولا يستحي أن يتعلَّم إذا لم يعلم، وإنَّ الصَّبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد؛ لا خير في جسدٍ لا رأس له» (الإيمان؛ للعدني).
حكمــــــة
مات أبو عبيدة شهيدًا في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة للهجرة، ولمَّا أصابه الطاعون دعا المسلمين، فدخلوا عليه، فقال لهم: «إنِّي موصيكم بوصية، فإن قبلتموها، لم تزالوا بخيرٍ ما بقيتم، وبعد ما تهلكون! أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا وتصدَّقوا، وحجُّوا واعتمروا، وتواصلوا وتحابُّوا، واصدقوا أمرءكم ولا تغشُّوهم، ولا تلهكم الدُّنيا؛ فإنَّ امرأً لو عمِّر ألف حولٍ، ما كان له بدُّ من أن يصير إلى مثل مصرعي هذا الذي ترون؛ إنَّ الله قد كتب الموت على بني آدم، فهم ميِّتون؛ فأكيسهم أطوعهم لربِّه، وأعملهم ليوم معاده» (الاكتفاء، بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء).
حكمــــــة
قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: «إنَّكم في ممرِّ الليل والنهار في آجالٍ منتقصة، وأعمالٍ محفوظة، والموت يأتي بغتةً، فمن يزرع خيرًا يوشك أن يحصد رغبةً، ومن زرع شرًّا فيوشك أن يحصد ندامةً، ولكلِّ زارع مثل الذي زرع، لا يسبق بطىءٌ بحظِّه، ولا يدرك حريصٌ ما لم يقدَّر له، فمن أعطي خيرًا فالله أعطاه، ومن وقي شرًا فالله وقاه، المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالسهم زيادة» (الزهد؛ لأحمد بن حنبل).
حكمــــــة
قيل لحُذيفة بن اليمان رضى الله عنه: «إيَّاكم والفتن لا يشخص لها أحدٌ، والله ما شخص فيها أحدٌ إلا نسفته كما ينسف السيل الدِّمن، إنَّها مشبهةٌ مقبلةً، حتى يقول الجاهل: هذه تُشبه مُقبلة، وتتبيَّن مُدبرة، فإذا رأيتموها فاجثموا في بيوتكم، وكسِّروا سيوفكم، وقطِّعوا أوتادكم» (جامع معمر بن راشد – الملحق بمصنَّف عبد الرازق).