18. حياة السلف بين القول والعمل
حكمــــــة
الرجاء وإحسان الظن بالله: عن سلمة بن الهزال قال: سمعت الحسن رحمه الله في جنازة فيها الفرزدق، والقوم حافين بالفتى يتذاكرون الموت، فقال الحسن: يا أبا فراس ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: لا والله ما أعددت له إلا شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة، فقال الحسن: أثبت عليها وأبشر، نعمت العدة نعمت العدة. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/102].
حكمــــــة
الرجاء وإحسان الظن بالله: عن مالك بن دينار قال: رأيت مسلم بن يسار رحمه الله في منامي بعد موته بسنة، فسلمت عليه فلم يرد عليَّ السلام، فقلت: لم لا ترد عليّ السلام؟ فقال: أنا ميت وكيف أرد عليك السلام، فقال: وماذا لقيت بعد الموت؟ قال: فدمعت عينا مالك عند ذلك، فقال: لقد لقيت والله أهوالا وزلازل عظاما شدادًا، قلت: فما كان بعد ذلك؟ قال: وما تراه أن يكون من الكريم، قبل منا الحسنات وعفا عن السيئات، وضمن عنا التبعات، قال: ثم شهق مالك شهقة خر مغشيًا عليه، فلبث بعد ذلك أيامًا مريضًا من غشيته.[موسوعة ابن أبي الدنيا 1/115].
حكمــــــة
الموازنة بين الخوف والرجاء: قال ابن القيم رحمه الله: القلب في سيره إلى الله بمنزل الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان: فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فُقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر. ولكن السلف استحبوا أن يقوى في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء، وعند الخروج من الدنيا يقوى جناح الرجاء على جناح الخوف. ا.هـ بتصرف. مدارج السالكين 2/145.
حكمــــــة
حرص السلف على تربية أبنائهم وتعليمهم والصبر على ذلك: عن عروة بن الزبير رحمه الله، أنه كان يقول لبنيه: أي بَنيَّ هلموا فتعلموا فإنكم توشكوا أن تكونوا كبار قوم، وإني كنت صغيرا لا يُنظر إلي، فلما أدركت من السن ما أدركت جعل الناس يسألوني، وما أشد على امرئ أن يُسأل عن شيء من أمر دينه فيجهله. [موسوعة ابن أبي الدنيا 8/133].
حكمــــــة
حرص السلف على تربية أبنائهم وتعليمهم والصبر على ذلك: عن ابن عائشة قال: بلغ عمر بن عبد العزيز رحمه الله أن ابنًا له اشترى فصًا بألف درهم فتختم به، فكتب إليه عمر: عزيمة مني إليك لما بعت الفص الذي اشتريت بألف درهم وتصدقت بثمنه، واشتريت فصًا بدرهم واحد ونقشت عليه: رحم الله امرأ عرف قدره والسلام. [الحلية (تهذيبه) 2/ 225].
حكمــــــة
حرص السلف على تربية أبنائهم وتعليمهم والصبر على ذلك: كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى مؤدب ولده: خذهم بالجفاء، فهو أمنع لأقدامهم، وترك الصبحة، فإن عادتها تُكسب الغفلة، وقلة الضحك، فإن كثرته تميت القلب، وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي، التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف، واستماع الأغاني، واللهج بهما، ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب بالماء، وليفتتح كل غلام منهم بجزء من القرآن يثبت في قراءته، فإذا فرغ منه تناول نبله وقوسه، وخرج إلى الغرض حافيا، فرمى سبعة أرشاق، ثم انصرف إلى القائلة، فإن ابن مسعود كان يقول: يا بنيَّ قيلوا فإن الشياطين لا تقيل. قوله: الصبحة التي نهاهم عنها، فإنها هي: النوم بعد طلوع الصبح. [موسوعة ابن أبي الدنيا 5/285].
حكمــــــة
حرص السلف على تربية أبنائهم وتعليمهم والصبر على ذلك: عن نهشل بن كثير عن أبيه قال: دخل الشافعي رحمه الله يومًا إلى بعض حجر هارون الرشيد واستأذن له عليه فأقعده الخادم عند أبي عبد الصمد مؤدب أولاد الرشيد، قال له: يا أبا عبد الله، هؤلاء أولاد أمير المؤمنين وهذا مؤدبهم، فلو أوصيته، فأقبل على أبي عبد الصمد، فقال له: ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح أولاد أمير المؤمنين إصلاحك نفسك فإن أعينهم مغفورة بعينك، فالحسن عندهم ما تستحسنه، والقبيح عندهم ما تستقبحه، علمهم كتاب الله، ولا تكرههم عليه فيملوه، ولا تتركهم فيهجروه، ثم زدهم من الشعر أعفّه ومن الحديث أشرفه، ولا تخرجنهم من علم إلى غيره حتى يتقنوه، فإن ازدحام الكلام في المسمع مُصدّ للفهم. [المنتظم 10 / 139، 140].
حكمــــــة
كتب أبو الدرداء رضى الله عنه إلى بعض إخوانه -وخاف عليه حب ولده-: أما بعد يا أخي، فإنك لست في شيء من الدنيا إلا وقد كان له أهلٌ قبلَك، وستكونُ أهلٌ بعدَك، وإنما تجمع لمن لا يحمدك، وتصير إلى من لا يعذرك، وإنما تجمع لأحد رجلين: إما محسن فيسعد بما شقيت له، وإما مفسد فيشقى بما جمعت له، وليس واحد منهما أهلا أن تؤثره على نفسك، ثِق لمن مضى منهم رحمةُ الله، ولمن بقي منهم رزقُ الله، والسلام. [موسوعة ابن أبي الدنيا 8/104].
حكمــــــة
المواساة وتفريج الكُرب: جاء رجل إلى يونس بن عبيد رحمه الله، فشكا إليه ضيقًا من حاله ومعاشه واغتمامًا منه بذلك، فقال له يونس: أيسرّك ببصرك هذا الذي تبصر به مائة ألف؟ قال: لا. قال: فسمعك الذي تسمع به يسرّك به مائة ألف؟ قال: لا. قال: فؤادك الذي تعقل به يسرك به مائة ألف؟ قال: لا. قال: فيَداك يسرك بهما مائة ألف؟ قال: لا. قال: فرجلاك؟ قال: فذكّره نِعَمَ الله - عزَّ وجلَّ - عليه، فأقبل عليه يونس، فقال: أرى لك مئين ألوفًا، وأنت تشكو الحاجة. [صفة الصفوة 3/218].
حكمــــــة
المسارعة إلى فعل الخيرات: قال أبو محرز رحمه الله: كلف الناس بالدنيا ولن ينالوا منها فوق قسمتهم، وأعرضوا عن الآخرة وببغيتها يرجو العباد نجاة أنفسهم. وقال: لما بان للأكياس أعلى الدارين منزلة: طلبوا العلو بالعلو من الأعمال، وعلموا أن الشيء لا يدرك بأكثر منه، فبذلوا أكثر ما عندهم، بذلوا والله المهج رجاء الراحة لديه، والفرج في يوم لا يخيب فيه له طالب. [موسوعة ابن أبي الدنيا 5/59].
حكمــــــة
حال السلف مع الطعام والشراب: قال عمر رضى الله عنه: أيها الناس، إياكم والبطنة من الطعام، فإنها مكسلة عن الصلاة، مفسدة للجسد، مورثة للسقم، وإن الله تبارك وتعالى يبغض الحبر السمين، ولكن عليكم بالقصد في قوتكم، فإنه أدنى من الإصلاح، وأبعدَ من السَرَف، وأقوى على عبادة الله، وإنه لن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/92].
حكمــــــة
حال السلف مع الطعام والشراب: عن عبد الواحد بن زياد، قال: سمعت مالكا رحمه الله، يقول لحوشب: يا أبا بشر، احفظ عني اثنتين: لا تبيتن وأنت شبعان، ودع الطعام وأنت تشتهيه. قال: فقال له حوشب: يا أبا يحيى، هذا وصف أطباء أهل الدنيا، قال: ومحمد بن واسع يسمع كلامهما، فقال محمد: نعم، ووصف طريق أهل الآخرة، فقال مالك: بخ بخ، دار الآخرة والدنيا. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/87].
حكمــــــة
حال السلف مع الطعام والشراب: عن ثابت البناني رحمه الله، قال: بلغني أن إبليس ظهر ليحيى بن زكريا - عليه السلام - فرأى عليه معاليق من كل شيء. فقال يحيى - عليه السلام -: يا إبليس ما هذه المعاليق التي أرى عليك؟ قال: هذه الشهوات التي أصيب بهن ابن آدم، قال: فهل لي فيها من شيء. قال: ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة وعن الذكر، قال: هل غير ذلك؟ قال: لا! قال: لله عليّ أن لا أملأ بطني من طعام أبدًا. قال إبليس: ولله عليّ أن لا أنصح مسلمًا أبدًا. [الحلية (تهذيبه) 1 / 406].
حكمــــــة
التوكل والاعتماد على الله: قال محمد بن أبي عمران: سمعت حاتمًا رحمه الله الأصم، وسأله رجل على ما بنيت أمرك هذا في التوكل على الله؟ قال: على خِصَال أربع: علمت أن رزقي لا يأكله غيري فاطمأنَّت به نفسي، وعلمت أن عملي لا يعمله غَيْرِي، فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتيني بغتة، فأنا أُبادره، وعلمت أني لا أخلو من عين الله حيث كنتُ، فأنا مُستَحْيٍ منه. [صفة الصفوة 4/391].
حكمــــــة
التوكل والاعتماد على الله: قال مكحول رحمه الله: الجنين في بطن أمّه لا يطلُب ولا يحزَن ولا يغتمّ، فيأتيه الله برزقه من قِبَل سُرّته، وغذاؤه في بطن أمه من دم حيضها، فمن ثَمّ لا تَحيض الحامل، فإذا سقط استهَلّ استهلالة إنكارًا لمكانه، وقُطِعت سُرّته وحَوّل الله رزقه إلى ثدي أمّه ثم حوله إلى الشيء يُصْنع له ويَتناوله بكفّه، حتى إذا اشتدّ وعقل قال: أين لي بالرزق! يا ويحك! أنت في بطن أمك وفي حِجْرها تُرْزَق حتى إذا عَقَلتَ وشَبَبت قلتَ: هو الموت أو القتل وأين لي بالرزق! ثم قرأ: " يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ " [الرعد: 8]. [عيون الأخبار 2 / 730].
حكمــــــة
التوكل والاعتماد على الله: قال بعض الحكماء: التوكل على ثلاث درجات، أولاها: ترك الشكاية، والثانية: الرضى، والثالثة: المحبة، فترك الشكاية درجة الصبر، والرضى سكون القلب بما قسم الله له، وهي أرفع من الأولى، والمحبة أن يكون حبه لما يصنع الله به، فالأولى للزاهدين، والثانية للصادقين، والثالثة للمرسلين. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/161].
حكمــــــة
التوكل والاعتماد على الله: جاء رجل إلى الربيع بن عبد الرحمن رحمه الله يسأله أن يكلم الأمير في حاجة، فبكى الربيع ثم قال: أي أخي، أقصد الله في أمرك تجده سريعًا قريبًا، فإني ما ظاهرت أحدًا في أمر أريده إلا الله - عزَّ وجلَّ - فأجده كريمًا قريبًا لمن قصده وأراده وتوكل عليه. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/165].