14. حياة السلف بين القول والعمل
حكمــــــة
الحياء من الناس: عن سلمان رضي الله تعالى عنه قال: إن الله تعالى إذا أراد بعبد شرا، أو هلكة نزع منه الحياء، فلم تلقه إلا مقيتًا ممقتًا، فإذا كان مقيتًا ممقتًا نزعت منه الرحمة، فلم تلقه إلا فظًا غليظًا، فإذا كان كذلك نزعت منه الأمانة، فلم تلقه إلا خائنًا مخونًا، فإذا كان كذلك نزعت ربقة الإسلام من عنقه فكان لعينًا ملعنًا. [الحلية (تهذيبه) 1 / 164].
حكمــــــة
الحياء من الناس: قال ابن القيم رحمه الله: أكمل ما يكون من الحياء: حياء المرء من نفسه، فهو حياء النفوس الشريفة العزيزة الرفيعة: من رضاها لنفسها بالنقص، وقناعتها بالدُّون، فيجد نفسه مُسْتَحييًا من نفسه حتى كأن له نفسين يستحي بإحداهما من الأخرى، فإن العبد إذا استحيى من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر. ا.هـ بتصرف. مدارج السالكين 2/608.
حكمــــــة
الكرم والجود والإيثار: عن عبد الله بن أبي عثمان قال: كان عبد الله بن عمر رضى الله عنه أعتق جاريته التي يقال لها رُمَيثة، فقال: إني سمعت الله - عزَّ وجلَّ - قال في كتابه: " لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ " [آل عمران: 92]، وإني والله إن كنت لأحبّك في الدنيا، اذهبي، فأنت حرة لوجه الله. [صفة الصفوة 1/269].
حكمــــــة
الكرم والجود والإيثار: عن أبي حازم، قال: انصرفت من العصر إلى سهل بن سعد رضى الله عنه، - وكان صائماً - فلما أمسى قلت لغلامه: هات فطره، قال: ما عنده شيئ، قال: فتمر، قال: ولا تمر، قال: فجعلت أسبه، وأقول: شيخ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيعته؟ قال: وما ذنبي؟ « فتح اليوم خزانته فما ترك فيها برة، ولا شعيرة إلا قسمه. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/126].
حكمــــــة
الكرم والجود والإيثار: عن حبيب بن أبي ثابت أن الحارثَ بنَ هشام وعِكْرِمةَ بن أبي جَهْل وعَيَّاشَ بن أبي ربيعة - رضي الله عنهم - خرجوا يوم اليَرْمُوك حتى انْبَتُّوا، فدعا الحارثُ بنُ هشام بماء ليشربه، فنظر إليه عكرمةُ فقال: ادفعه إلى عكرمةَ، فنظر إليه عيّاشٌ فقال عكرمةُ: ادفعه إلى عيّاش. فما وصل على عيّاشٍ حتى مات ولا عاد إليهم حتى ماتوا، فسُمِّي هذا حديثَ الكرام. [عيون الأخبار 1 / 390].
حكمــــــة
الكرم والجود والإيثار: قال أبو الحسن الأخفش: حدثنا المبرد في غير الكامل قال: قال الحسن والحسين رضوان الله عليهما لعبد الله بن جعفر رحمه الله: إنك قد أسرفت في بذل المال، قال: بأبي أنتما وأمي إن الله عودني أن يفضل علي، وعودته أن أفضل على عباده، فأخاف أن أقطع العادة فتقطع عني. [الكامل في اللغة والأدب /142].
حكمــــــة
الكرم والجود والإيثار: قال جعفر بن محمد رحمه الله: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: بتعجيله وتصغيرهِ وسَترِه (نقل ابن كثير رحمه الله هذا الكلام وجعله من كلام ابن عباس وقال: يعني أن تعجَّلَ العطِيَّةُ للمُعطَى، وأن تصْغُرَ في عينِ المُعْطِي، وأن تسترَها عن النَّاسِ فلا تُظهِرَها؛ فإنَّ في إظهارِها فتح بابِ الرياءِ وكسرَ قلبِ المُعْطى، واستحياءَه من النَّاسِ. البداية والنهاية 9/ 100). [صفة الصفوة 2/497].
حكمــــــة
الكرم والجود والإيثار: عن عبد الله بن خبيق قال: لقي يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام إبليس في صورته، فقال له: يا إبليس أخبرني ما أحب الناس إليك وأبغض الناس إليك؟ قال: أحب الناس إلي المؤمن البخيل، وأبغضهم إلي الفاسق السخي، قال يحيى: وكيف ذلك؟ قال: لأن البخيل قد كفاني بخله، والفاسق السخي أتخوف أن يطلع الله عليه في سخاه فيقبله، ثم ولَّى وهو يقول: لولا أنك يحيى لم أخبرك. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/552].
حكمــــــة
الكرم والجود والإيثار: عن سليمان قال: جاء رجل من أهل الشام، فقال: دلوني على صفوان بن سليم رحمه الله، فإني رأيته دخل الجنة. قيل له: بأي شيء؟ قال: بقميص كساه إنسانًا، فسأل بعض إخوان صفوان صفوانًا عن قصة القميص. فقال: خرجت من المسجد في ليلة باردة وإذا برجل عار فنزعت قميصي فكسوته. [الحلية (تهذيبه) 1 / 499].
حكمــــــة
الكرم والجود والإيثار: عن عبد الله بن محمد البلوي قال: أمر الرشيد لمحمد بن إدريس الشافعي رحمه الله بألف دينار فقبلها، فأمر الرشيد خادمه سراجًا باتباعه، فما زال يفرقها قبضة قبضة، حتى انتهى إلى خارج الدار وما معه إلا قبضة واحدة، فدفعها إلى غلامه وقال: انتفع بها. فأخبر سراج الرشيد بذاك فقال: لهذا فرغ همه وقوي متنه. [الحلية (تهذيبه) 3 / 130].
حكمــــــة
الكرم والجود والإيثار: قال رحمه الله: كان أبو الحارس الأولاسي رحمه الله شابًا يغني في أول أمره وقال: بينا أنا في غَفْلتي رأيت عليلاً مطروحًا على قارعة الطريق، فدنوت منه فقلت: هل تَشتَهي شيئًا؟ قال: نعم رمّانًا. فجِئْته برمّان، فلما وضعتُه بين يديه رفع بصره، وقال: تاب الله عليك، فما أمسيتُ حتى تغّير قلبي عما كنت عليه. [صفة الصفوة 4/485].
حكمــــــة
التواضع وذم الكبر: عن عبد العزيز بن عمر قال: قال لي رجاء بن حَيْوَة: ما أكمل مروءةَ أبيك! سمَرْت عنده، فعَشِيَ السِّراجُ، وإلى جانبه وصِيفٌ نامَ، قلت: ألا أُنبِّهُهُ؟ قال: لا، دَعْهُ، قلتُ: أنا أقومُ، قال: لا ليس من مروءة الرجل استخدامُه ضَيفَه، فقام إلى بطَّةِ الزيت وأصلحَ السِّراجَ، ثم رجع، وقال: قُمتُ وأنا عمر بن عبد العزيز، ورجعتُ وأنا عُمر بنُ عبد العزيز. [السير (تهذيبه) 2/590].
حكمــــــة
التواضع وذم الكبر: قال سفيان بن عيينة رحمه الله: من كانت معصيته في الشهوة، فارج له التوبة، فإن آدم عصى مشتهيًا فغفر له، فإذا كانت معصيته في كِبْرٍ، فاخْشَ على صاحبه اللعنة، فإن إبليس عصى مستكبرًا فُلعِن. [صفة الصفوة 2/540]. قال ابن القيم رحمه الله: وأكثر الناس من المتنزهين عن الكبائر الحسية والقاذورات في الكبائر مثلها أو أعظم منها أو دونها ولا يخطر بقلوبهم أنها ذنوب ليتوبوا منها فعندهم من الإزراء على أهل الكبائر واحتقارهم وصولة طاعاتهم ومنتهم على الخلق بلسان الحال واقتضاء بواطنهم لتعظيم الخلق لهم على طاعاتهم اقتضاء لا يخفى على أحد غيرهم وتوابع ذلك ما هو أبغض إلى الله وأبعد لهم عن بابه من كبائر أولئك فإن تدارك الله أحدهم بقاذورة أو كبيرة يوقعه فيها ليكسر بها نفسه ويعرفه قدره ويذله بها ويخرج بها صولة الطاعة من قلبه فهي رحمة في حقه كما أنه إذا تدارك أصحاب الكبائر بتوبة نصوح وإقبال بقلوبهم إليه فهو رحمة في حقهم وإلا فكلاهما على خطر. مدارج السالكين 1/348.
حكمــــــة
التواضع وذم الكبر: عن الأصمعي عن أبيه، قال: مرَّ المهلب بن أبي صفرة على مالك بن دينار رحمه الله متبخترًا، فقال: أما علمتَ أنها مِشية يكرهها الله إلا بينَ الصَّفينِ؟ فقال المهلَّبُ: أما تعرفني؟ قال: بلى، أوَّلُك نُطفة مَذِرَة، وآخِرُك جيفةٌ قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمِل العَذِرَة. فانكسر، وقال: الآن عرفتني حقَّ المعرفة. [السير (تهذيبه) 2/713].
حكمــــــة
التواضع وذم الكبر: قال ابن القيم رحمه الله: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: التكبر شَرٌّ من الشرك، فإن المتكبر يتكبر عن عبادة الله تعالى، والمشرك يعبد الله وغيره.... ومن تكبر عن الانقياد للحق- ولو جاءه على يد صغير أو من يُبغضه أو يُعاديه- فإنما تكبُّره على الله، فإن الله هو الحق، وكلامه حق، ودينه حق، والحق صفته ومنه وله، فإذا رده العبد وتكبر عن قبوله: فإنما رد على الله وتكبر عليه. ا.هـ بتصرف. مدارج السالكين 3/120
حكمــــــة
مقت النفس: قال بكر بن عبد الله المزني رحمه الله: إذا رأيت من هو أكبر منك، فقل: هذا سبقني بالإيمان، والعمل الصالح، فهو خير مني، وإذا رأيت من هو أصغر منك فقل: سبقتُه إلى الذنوب والمعاصي، فهو خير مني، وإذا رأيت إخوانك يكرمونك ويعظّمونك فقل: هذا فضلٌ أُخِذوا به، وإذا رأيت منهم تقصيرًا، فقل: هذا ذنْب أحدثتُه. [صفة الصفوة 3/175، موسوعة ابن أبي الدنيا 7/527].
حكمــــــة
مقت النفس: عن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: يا مسكين، أنت مسيءٌ وترى أنك محسن، وأنت جاهل وترى أنك عالم، وتبخلُ وترى أنك كريم، وأحمق وترى أنك عاقل، أجلُكَ قصير، وأملُك طويل. قال الذهبي رحمه الله: إي والله، صدق، وأنت ظالم وترى أنك مظلومٌ، وآكل للحرام وترى أنك متورِّع، وفاسق وتعتقِدُ أنك عَدْلٌ، وطالب العلم للدنيا وترى أنك تطلبُه لله.... [السير (تهذيبه) 2/779].
حكمــــــة
موقف السلف من المدح والثناء: قال ابن رجب رحمه الله: إذا عمل العمل لله خالصًا ثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين بذلك بفضل الله ورحمته واستبشر بذلك لم يضرّه ذلك. وفي هذا المعنى جاء حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سُئل عن الرجل يعمل العمل لله من الخير ويحمده الناس عليه، فقال: (تلك عاجل بشرى المؤمن) خرجه مسلم. جامع العلوم والحكم / 27
حكمــــــة
موقف السلف من المدح والثناء: قال الفضيل بن عياض رحمه الله: لا يترك الشيطان الإنسان حتى يحتال له بكل وجه، فيستخرج منه ما يخبر به من عمله، لعله يكون كثير الطواف فيقول: ما كان أحلى الطواف الليلة، أو يكون صائمًا فيقول: ما أثقل السحور أو ما أشد العطش. فإن استطعت أن لا تكون محدثًا ولا متكلمًا ولا قارئًا. إن كنت بليغًا، قالوا: ما أبلغه وأحسن حديثه وأحسن صوته، فيعجبك ذلك فتنتفخ، وإن لم تكن بليغًا ولا حسن الصوت قالوا: ليس يحسن يحدث، وليس صوته بحسن، أحزنك وشق عليك، فتكون مرائيًا، وإذا جلست فتكلمت ولم تبال من ذمك ومن مدحك من الله فتكلم. [الحلية (تهذيبه) 3 / 10].