فوائد من كتاب الذاكرون الله والذاكرات من كتاب«الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب» لابن القيم
حكمــــــة
فضل الذكر: قال النبى صلى الله عليه وسلم: «وآمركم أن تذكروا الله تعالى، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً، حتى إذا أتى إلى حصن حصين، فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله». (صحيح الترغيب) فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة، لكان حقيقاً بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله تعالى، وأن لا يزال لهجاً بذكره، فإنه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة، فهو يرصده، فإذا غفل وثب عليه وافترسه، وإذا ذكر الله تعالى انخنس عدو الله تعالى وتصاغر، وانقمع، حتى يكون كالوصع وكالذباب، ولهذا سمي " الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ "، أي: يوسوس في الصدور، فإذا ذكر الله تعالى خنس، أي: كف وانقبض.
حكمــــــة
فضل الذكر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه، إلا قاموا عن مثل جيفة حمارٍ، وكان عليهم حسرة» (رواه أبو داود). وفي رواية الترمذي: «ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم».
حكمــــــة
فضل الذكر: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إليّ ذراعاً، تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي، أتيته هرولة» (رواه البخاري ومسلم).
حكمــــــة
فضل الذكر: عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه يقول: «إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو مُلاق قِرْنه» (رواه الترمذي). وهذا الحديث هو فصل الخطاب في التفصيل بين الذاكر والمجاهد، فإن الذاكر المجاهد أفضل من الذاكر بلا جهاد والمجاهد الغافل، والذاكر بلا جهاد أفضل من المجاهد الغافل عن الله تعالى، فأفضل الذاكرين المجاهدون، وأفضل المجاهدين الذاكرون. قال الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [الأنفال:45]. فأمرهم بالذكر الكثير والجهاد معاً، ليكونوا على رجاء من الفلاح، وقد قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا " [الأحزاب].
حكمــــــة
قال تعالى: " وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا " [الكهف:28]. فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر: هل هو من أهل الذكر، أو من الغافلين؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي؟ فإن كان الحاكم عليه هو الهوى وهو من أهل الغفلة، وأمره فرط، لم يُقتد به، ولم يتبعه فإنه يقوده إلى الهلاك.
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أنه يورثه ذكر الله تعالى له، كما قال تعالى: " فَاذْكُرُونِي َذْكُرْكُمْ " [البقرة:152] ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفي بها فضلا وشرفاً. وقال صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم». (صحيح البخاري).
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أنه قوت القلب والروح، فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته. يقول ابن القيم: وحضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر، ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار، ثم التفت إلى وقال: هذه غدوتي، ولو لم أتغد هذا الغداء سقطت قوتي، أو كلاما قريبا من هذا. وقال لي مرة: لا أترك الذكر إلا بنية إجمام نفسي وإراحتها لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر، أو كلاماً هذا معناه.
حكمــــــة
من فوائد الذكر:: أن ما يذكر به العبد ربه عز وجل من جلاله وتسبيحه وتحميده، يذكر بصاحبه عند الشدة، فقد روى الإمام أحمد في (المسند) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن ما تذكرون من جلال الله عز وجل من التهليل والتكبير والتحميد يتعاطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل يذكرون بصاحبهن، أفلا يحب أحدكم أن يكون له ما يذكر به»(رواه أحمد وابن ماجة)؟ هذا الحديث أو معناه.
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أنه غراس الجنة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقيت ليلة أسرى بي إبراهيم الخليل عليه السلام فقال: يا محمد أقرئ أمتك [مني] السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» (رواه الترمذي). ومن حديث أبي الزبير، عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من قال: سبحان الله وبحمده، غرست له نخلة في الجنة» (رواه الترمذي).
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن العطاء والفضل الذي رتب عليه لم يرتب على غيره من الأعمال. قال صلى الله عليه وسلم: « من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه، ومن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» (رواه البخارى ومسلم). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس»(رواه مسلم).
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن دوام ذكر الرب تبارك وتعالى يوجب الأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومعاده، فإن نسيان الرب سبحانه وتعالى يوجب نسيان نفسه ومصالحها، قال تعالى: " وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " [الحشر:19]. وإذا نسي العبد نفسه، أعرض عن مصالحها ونسيها، واشتغل عنها، فهلكت وفسدت ولابد، كمن له زرع أو بستان أو ماشية أو غير ذلك مما صلاحه وفلاحه بتعاهده والقيام عليه، فأهمله ونسيه، واشتغل عنه بغيره، وضيع مصالحه، فإنه يفسد ولابد.
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن الذكر يُسيّر العبد وهو قاعد على فراشه، وفي سوقه، وفي حال صحته وسقمه، وفي حال نعيمه ولذته، ومعاشه وقيامه وقعوده، واضطجاعه وسفره وإقامته، فليس في الأعمال شيء يعم الأوقات والأحوال مثله، حتى إنه يسير العبد وهو نائم على فراشه، فيسبق القائم مع الغفلة، فيصبح هذا النائم وقد قطع الركب وهو مستلق على فراشه، ويصبح ذلك القائم الغافل في ساقة الركب، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن الذكر نور للذاكر في الدنيا، ونور له في قبره، ونور له في معاده، يسعى بين يديه على الصراط، فما استنارت القلوب والقبور بمثل ذلك الله تعالى: قال الله تعالى: " أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا " [الأنعام:122]. فالأول هو المؤمن استنار بالإيمان بالله ومحبته ومعرفته وذكره والآخر هو الغافل عن الله تعالى، المعرض عن ذكره ومحبته، والشأن كل الشأن، والفلاح كل الفلاح، في النور، والشقاء كل الشقاء في فواته. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبالغ في سؤال ربه تبارك وتعالى حين يسأله أن يجعله في لحمه، وعظامه، وعصبه، وشعره، وبشره، وسمعه، وبصره، ومن فوقه، ومن تحته، وعن يمينه، وعن شماله، وخلفه، وأمامه، حتى يقول: «واجعلني نوراً» فسأل ربه تبارك وتعالى أن يجعل النور في ذراته الظاهرة والباطنة، وأن يجعله محيطا به من جميع جهاته، وأن يجعل ذاته وملته نوراً.
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن في القلب خلة وفاقة لا يسدهما شيء ألبتة إلا ذكر الله عز وجل، فإذا صار الذكر شعار القلب، بحيث يكون هو الذاكر بطريق الأصالة واللسان تبع له، فهذا هو الذكر الذي يسد الخلة، ويغني الفاقة، فيكون صاحبه غنيا بلا مال، عزيزاً بلا عشيرة، مهيباً بلا سلطان، فإذا كان غافلا عن ذكر الله عز وجل، فهو بضد ذلك، فقير مع كثرة جدته، ذليل مع سلطانه، حقير مع كثرة عشيرته.
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن الذكر يجمع المتفرق، ويفرق المجتمع، ويقرب البعيد، ويبعد القريب، فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته، وهمومه وعزومه، والعذاب كل العذاب في تفرقتها وتشتتها عليه، وانفراطها له. والحياة والنعيم في اجتماع قلبه وهمه، وعزمه وإرادته، ويفرق ما اجتمع عليه من الهموم، والغموم، والأحزان، والحسرات على فوت حظوظه ومطالبه، ويفرق أيضاً ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره، حتى تتساقط عنه وتتلاشى وتضمحل، ويفرق أيضا ما اجتمع على حربه من جند الشيطان، فإن إبليس لا يزال يبعث له سرية بعد سرية، وكلما كان أقوى طلبا لله سبحانه وتعالى، وأشد تعلقا به وإرادة له، كانت السرية أكثف وأكثر وأعظم شوكة، بحسب ما عند العبد من مواد الخير والإرادة، ولا سبيل إلى تفريق هذا الجمع إلا بدوام الذكر. وأما تقريبه البعيد، فإنه يقرب إليه الآخرة التي يبعدها منه الشيطان والأمل ويبعد القريب إليه وهي الدنيا التي هي أدنى إليه من الآخرة، فإن الآخرة متى قربت من قلبه بعدت منه الدنيا.
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن الذكر شجرة تثمر المعارف والأحوال التي شمر إليها السالكون، فلا سبيل إلى نيل ثمارها إلا من شجرة الذكر وكلما عظمت تلك الشجرة ورسخ أصلها، كان أعظم لثمرتها، فالذكر يثمر المقامات كلها من اليقظة إلى التوحيد، وهو أصل كل مقام، وقاعدته التي ينبني ذلك المقام عليها، كما يقوم السقف على حائطه، وذلك أن العبد إن لم يستيقظ، لم يمكنه قطع منازل السير، ولا يستيقظ إلا بالذكر كما تقدم، فالغفلة نوم القلب أو موته.
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن الذاكر قريب من مذكوره، ومذكوره معه، وهذه المعية معية خاصة غير معية العلم والإحاطة العامة، فهي معية بالقرب والولاية والمحبة والنصر والتوفيق، كقوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا " [النحل:128] " إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ " [البقرة:249] " وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " [العنكبوت:69] " لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا " [التوبة:40] وللذاكر من هذه المعية نصيب وافر، كما في الحديث الإلهي: «أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه» (البخاري تعليقا واحمد).
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن الذكر يعدل عتق الرقاب، ونفقة الأموال، والحمل على الخيل في سبيل الله عز وجل، ويعدل الضرب بالسيف في سبيل الله عز وجل، وقد تقدم أن «من قال في يوم مائة مرة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي...»الحديث (صحيح مسلم). وقيل لأبي الدرداء: إن رجلا أعتق مائة نسمة قال: إن مائة نسمة من مال رجل كثير، وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار، وأن لا يزال لسان أحدكم رطبا من ذكر الله عز وجل. وقال ابن مسعود: لأن أسبح الله تعالى تسبيحات أحب إلى من أن أنفق عددهن دنانير في سبيل الله عز وجل.
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى، فينبغي للعبد أن يداوي قسوة قلبه بذكر الله تعالى: قال رجل للحسن: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوة قلبي، قال: أذبه بالذكر. وهذا لأن القلب كلما اشتدت به الغفلة، اشتدت به القسوة، فإذا ذكر الله تعالى ذابت تلك القسوة كما يذوب الرصاص في النار فما أذيبت قسوة القلوب بمثل ذكر الله عز وجل.
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن الذكر أصل موالاة الله عز وجل ورأسها، والغفلة أصل معاداته ورأسها، فإن العبد لا يزال يذكر ربه عز وجل حتى يحبه فيواليه، ولا يزال يغفل عنه حتى يبغضه فيعاديه. فهذه المعاداة سببها الغفلة، ولا تزال بالعبد حتى يكره ذكر الله ويكره من يذكره، فحينئذ يتخذه عدوا كما اتخذ الذاكر وليا.
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أنه ما استجلبت نعم الله عز وجل، واستدفعت نقمه بمثل ذكر الله تعالى، فالذكر جلاب للنعم، دافع للنقم، قال سبحانه وتعالى: " إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا "، وفي القراءة الأخرى: " إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ " [الحج:38] فدفعه ودفاعه عنهم بحسب قوة إيمانهم وكماله، ومادة الإيمان وقوته بذكر الله تعالى، فمن كان أكمل إيمانا، وأكثر ذكرا، كان دفع الله تعالى عنه ودفاعه أعظم، ومن نقص نقص ذكرا بذكر، ونسيانا بنسيان، وقال سبحانه وتعالى: " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ " [إبراهيم:7].
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن الذكر يوجب صلاة الله عز وجل وملائكته على الذاكر، ومن صلى الله تعالى عليه وملائكته فقد أفلح كل الفلاح، وفاز كل الفوز، قال سبحانه وتعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا " [الأحزاب:41-43].
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن مجالس الذكر مجالس الملائكة، فليس من مجالس الدنيا لهم مجلس إلا مجلس يذكر الله تعالى فيه، كما أخرجا في (الصحيحين) من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة (رواه مسلم). فمجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس الغفلة مجالس الشياطين وكل مضاف إلى شكله وأشباهه، وكل امرئ يصير إلى ما يناسبه.
حكمــــــة
من فوائد الذكر: أن الله عز وجل يباهي بالذاكرين ملائكته، كما روى مسلم في (صحيحه) عن أبي سعيد الخدري، قال: خرج معاوية على حلقة في المسجد، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا جلسنا نذكر الله تعالى. قال: الله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك. قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه، فقال: «ما أجلسكم؟» قالوا: جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا. قال: «الله ما أجلسكم إلا ذاك» قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك. قال: «أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله تبارك وتعالى يباهي بكم الملائكة» فهذه المباهاة من الرب تبارك وتعالى دليل على شرف الذكر عنده، ومحبته به، وأن له مزية على غيره من الأعمال.