فوائد من كتاب أحصاه الله ونسوه لعبد الملك القاسم 2
حكمــــــة
أخي المسلم: لو هللت الله وذكرته وسبحته لكان خيرا لك فكم من كلمة يبني بها قصرًا في الجنة، ومن قدر أن يأخذ كنزًا من الكنوز فأخذ مكانه مدرة لا ينتفع بها كان خاسرًا خسرانًا مبينًا، وهذا مثال من ترك ذكر الله تعالى واشتغل بمباح لا يعنيه، فإنه وإن لم يأثم فقد خسر حيث فاته الربح العظيم بذكر الله تعالى، فإن المؤمن لا يكون صمته إلا فكرا ونظره إلا عبرة ونطقه إلا ذكرا (الإحياء).
حكمــــــة
روى الربيع بن صبيح أن رجلاً قال للحسن: يا أبا سعيد إني أرى أمرًا أكرهه، قال: وما ذاك يا ابن أخي، قال: أرى أقواما يحضرون مجلسك يحفظون عليك سقط كلامك ثم يحكونك ويعيبونك فقال: يا ابن أخي، لا يكبرن هذا عليك، أخبرك بما هو أعجب، قال: وما ذاك يا عم؟ قال: أطعت نفسي في جوار الرحمن وملوك الجنان والنجاة من النيران، ومرافقة الأنبياء ولم أطع نفسي في السمعة من الناس، أنه لو سلم من الناس أحد لسلم منهم خالقهم الذي خلقهم فإذا لم يسلم خلقهم فالمخلوق أجدر أن لا يسلم (أمراض النفوس).
حكمــــــة
قال الإمام البخاري صاحب الكتاب المعروف الذي جاب الآفاق يجمع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبن باغتياب أحد. وعقب على هذا الأمر أبو عبد الله الحافظ بقوله: يشهد لهذه المقالة كلامه في الجرح والتعديل فإن أبلغ ما يقول في الرجل المتروك أو الساقط: فيه نظر، سكتوا عنه ولا يكاد يقول فلان كذاب، وفلان يضع الحديث وهذا من شدة ورعه (طبقات الشافعية).
حكمــــــة
بيان العلاج الذي يمنع اللسان عن الغيبة: من اغتابه على سبيل التنقيص والاحتقار، فاز بحسنات يوم القيامة فهو يأخذ الحسنات والمغتاب يكسب السيئات والأوزار. - أن يتصور حين يغتاب أخاه المسلم أنه كمن يأكل لحمه وهو ميت. - أن يتذكر وهو يغتاب أنه يأكل وينهش في لحم أخيه المسلم. - أن يتذكر موقفه يوم القيامة عند الحساب ذليلا كبلته الذنوب وأحاطت به الأوزار.
حكمــــــة
ما يباح من الغيبة: الاستفتاء فيقول للمفتي: ظلمني أبي، أو أخي، أو زوجي أو فلان بكذا، فهل له ذلك؟ وما طريقي في الخلاص منه، وتحصيل حقي ودفع الظلم؟ ونحو ذلك فهذا جائز للحاجة، ولكن الأحوط والأفضل أن يقول: ما تقول في رجل أو شخص، أو زوج، قال أمره كذا؟ فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين ومع ذلك فالتعيين جائز.
حكمــــــة
روى خالد الربعي قال: كنت في المسجد الجامع، فتناولوا رجلاً، فنهيتهم عن ذلك، فكفوا وأخذوا في غيره، ثم عادوا إليه، فدخلت معهم في شيء من أمره، فرأيت تلك الليلة في المنام كأني أتاني رجل أسود طويل، ومعه طبق عليه قطعة من لحم خنزير، فقال لي: كل، فقلت: آكل لحم خنزير؟ والله لا آكله فانتهرني انتهارًا شديدًا، وقال: قد أكلت ما هو شر منه، فجعل يدسه في فمي، حتى استيقظت من منامي، فوالله لقد مكثت ثلاثين يومًا أو أربعين يومًا، ما أكلت طعامًا، إلا وجدت طعم ذلك اللحم ونتنه في فمي (تنبيه الغافلين).
حكمــــــة
قيل لبعض الحكماء: ما الحكمة في أن ريح الغيبة ونتنها كانت تتبين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تتبين في يومنا هذا؟ قال: لأن الغيبة قد كثرت في يومنا، فامتلأت الأنوف منها، فلم تتبين الرائحة، وهي النتن، ويكون مثال هذا، مثال رجل دخل الدباغين، لا يقدر على القرار فيها من شدة الرائحة، وأهل تلك الدار، يأكلون فيها الطعام، ويشربون الشراب ولا تتبين لهم الرائحة لأنه قد امتلأت أنوفهم منها، كذلك أمر الغيبة في يومنا هذا (تنبيه الغافلين).
حكمــــــة
ذكر عن وهب المكي أنه قال: لأن أدع الغيبة أحب إلي من أن تكون لي الدنيا وما فيها، منذ خلقت إلى أن تفنى، فأجعلها في سبيل الله تعالى ولإن أغض بصري عما حرم الله تعالى أحب إلي من أن تكون لي الدنيا وما فيها فاجعلها في سبيل الله ثم تلا قوله تعالى: " وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا " وتلا قوله تعالى: " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ َبْصَارِهِمْ " (تنبيه الغافلين).
حكمــــــة
النميمة: حرم الله على المؤمنين ما يوقع بينهم العداوة والبغضاء كما قال تعالى: " إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ". " وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا " وقال: " هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ " (جامع العلوم والحكم).
حكمــــــة
حقيقة النميمة: إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه، بل كل ما رآه الإنسان من أحوال الناس مما يكره، فينبغي أن يسكت عنه إلا في حكايته فائدة لمسلم أو دفع لمعصية، كما إذا رأى من يتناول مال غيره، فعليه أن يشهد به مراعاة لحق المشهود له، فأما إذا رآه يخفي مالا لنفسه فذكره فهو نميمة وإفشاء للسر. فإن كان ما ينم به نقصا وعيبا في المحكي عنه، كان قد جمع بين الغيبة والنميمة (الإحياء).
حكمــــــة
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين جديدين فقال: " إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستنـزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين وغرز في كل قبر واحدة " فقالوا يا رسول الله لم صنعت هذا؟ فقال: " لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا " رواه البخاري. ومعنى قوله: " وما يعذبان في كبير " يعني ليس بكبيرة عندكم ولكنه كبيرة عند الله (تنبيه الغافلين).
حكمــــــة
روى عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئا فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك فإن كنت كاذبا فأنت من أهل هذه الآية " إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا " وإن كنت صادقا فأنت من أهل هذه الآية: " هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ " وإن شئت عفونا عنك؟ فقال: العفو يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه أبدا (الإحياء).
حكمــــــة
رفع بعض السعاة إلى الصاحب بن عباد رقعة نبه فيها على مال يتيم يحمله على أخذه لكثرته فوقع على ظهرها: السعاية قبيحة، وإن كانت صحيحة، فإن كنت أجريتها مجرى النصح فخسرانك فيها أفضل من الربح، ومعاذ الله أن نقبل مهتوكا في مستور، ولولا أنك في خفارة شيتك لقابلناك بما يقتضيه فعلك في مثلك فتوق العيب، فإن الله أعلم بالغيب الميت رحمه الله واليتيم جبره الله والمال ثمرة الله والساعي لعنه الله (الإحياء).
حكمــــــة
قال مصعب بن الزبير: نحن نرى أن قبول السعاية شر من السعاية، لأن السعاية دلالة والقبول إجازة، وليس من دل على شيء فأخبر به كمن قبله وأجازه، فاتقوا الساعي، فلو كان صادقا في قوله لكان لئيما في صدقه حيث لم يحفظ الحرمة ولم يستر العورة. والسعاية هي النميمة إلا أنها إذا كانت إلى من يخاف جانبه سميت سعاية (الإحياء).
حكمــــــة
روي عن حماد بن سلمة أنه قال: باع رجلا غلاما فقال للمشتري ليس فيه عيب إلا أنه نمام، فأستخفه المشتري فاشتراه على ذلك العيب، فمكث الغلام عنده أياما، ثم قال لزوجة مولاه: إن زوجك لا يحبك وهو يريد أن يتسرى عليك، أفتريدين أن يعطف عليك؟ قالت: نعم، قال لها: خذي الموسى وأحلقي شعرات من باطن لحيته إذا نام، ثم جاء إلى الزوج وقال: إن امرأتك تخادنت (يعني اتخذت خليلاً) وهي قائلتك: أتريد أن يتبين لك ذلك؟ قال: نعم، قال فتناوم لها، فتناوم الرجل، فجاءت امرأته بموسى لتحلق الشعرات فظن الزوج أنها تريد قتله، فأخذ منها الموسى فقتلها، فجاء أولياؤها فقتلوه، فجاء أولياء الرجل ووقع القتال بين الطرفين (تنبيه الغافلين).