1. فوائد من كتاب أطايب الجنى لعبد الملك القاسم
حكمــــــة
قال تعالى لموسى عليه السلام: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ﴾ [القصص: 32] قال ابن عباس: المعنى اضمم يدك إلى صدرك ليذهب عنك الخوف. وقال مجاهد: كل من فزِع فضم جناحه (أي يده) إليه ذهب عنه الروع. قال ابن كثير: وربما إذا استعمل أحد ذلك على سبيل الاقتداء فوضع يده على فؤاده؛ فإنه يزول عنه ما يجد أو يخفُّ إن شاء الله.
حكمــــــة
قالت بنت عبد الله بن مطيع لزوجها طلحة بن عبد الرحمن بن عوف، وكان أجود قريش في زمانه: ما رأيت قومًا أَلْأَم من إخوانك؟ قال لها: مَه ولِمَ ذلك؟ قالت: أراهم إذا أيسرت لزموك، وإذا أعسرت تركوك، فقال لها: هذا واللهِ من كرم أخلاقهم؛ يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم، ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقهم!
حكمــــــة
إن البركة إذا دخلت على قليل كثَّرته، وإذا أتت على كثير أبقته ونمته، وهي من الله عزَّ وجلَّ تُستجلب بالتقوى وطاعة الرَّحمن.. تأمل في بركة الأعمار والأوقات، فقد أخرج الشيخ عبد الرحمن بن قاسم كتاب " الدرر السنية " وعمره لم يتجاوز (35) عامًا، والشيخ عبد الرحمن أتَمَّ تفسيره وعمره (37) عامًا، والإمام النووي صاحب المؤلفات المشهورة توفي وعمره (45) عامًا، والإمام الشافعي توفي وعمره (55) عامًا رحمهم الله، وهناك من تجاوز عمره المائة وهو كَلٌّ على مولاه.
حكمــــــة
كانوا تسعة نفر ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ﴾ [الأحقاف: 29] فإذا الإنصاف وكلمة الحق: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا﴾ [الجن: 1] ففتح الله لهم أبواب الهداية ﴿فَآَمَنَّا بِهِ﴾ [الجن: 2] ومن آمن بشيء قام به ونهض ﴿وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾ [الأحقاف: 29] دعاة حق وهدى ﴿يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ﴾ هؤلاء الجن فأين الإنس من هذا القيام؟!
حكمــــــة
قَدِم إلى مجاهل إفريقيا يدعو إلى النصرانية، واجتمع برئيس قبيلة وثنية، وذكر لهم أن عيسى يغفر الخطيئة ويخلص من العذاب، فقال رئيس القبيلة: ومن هو عيسى هذا؟ قال: هو ابن الله، وتشاور الرئيس مع وجهاء القوم، وسألوا المُنَصِّر: هل والد عيسى موجود؟ قال: نعم، قالوا: رَأينا من غير اللائق أن نُقدِّم الابن على أبيه وهو حيٌّ موجود.
حكمــــــة
إن الهُموم والغُموم التي تُخَيِّم على الطالب وأُسرته – أيام الاختبارات – هي مما يؤجر عليه إذا احتسب ذلك، فيجمع الله لهم جمعيًا بين فضيلة تعلمّ العلم، والصبر عليه. وإن فات شيء من درجات الدنيا فلا تفوت منازل ودرجات الآخرة. وفي الحديث: «ما يُصيب المسلم من نصب ولا وصَب ولا هَمٍّ ولا حُزن ولا أذى ولا غَمٍّ، حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه». متفق عليه.
حكمــــــة
يقول ابن الجوزي في كتاب " اللطائف ": " شجرة الصنوبر تثمر في ثلاثين سَنَة، وشجرة الدباء تصعد في أُسبوعين فتدرك الصنوبر، فتقول شجرة الدباء: إن الطريق التي قطعت في ثلاثين سَنَة، قد قطعتها في أُسبوعين، فيقال لك: شجرة، ويقال لي: شجرة، فتقول شجرة الصنوبر: مهلاً إلى أن تهب رياح الخريف " يعني أنها لن تثبت لها.
حكمــــــة
إن كتاب البخاري أصحُّ كتاب في الإسلام بعد كتاب الله عزَّ وجلَّ. سبب تأليفه كلمة واحدة في مجلس واحد، وقعتْ في أُذُن الإمام البخاري حيث إنه كان في حلقة إسحاق بن راهوية رحمهما الله، فقال: لو أن أحدكم يجمع كتابًا فيما صحَّ من سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم فكان كذلك، وكم من كلمة قِيلَت.. فغيرت مجرى حياة أناس.
حكمــــــة
قال ابن تيمية رحمه الله: " عامة الفتن التي وقعت من أعظم أسبابها قلة الصبر، إذ الفتنة لها سببان: إمَّا ضعف العلم، وإمَّا ضعف الصبر، فإن الجهل والظلم أصل الشر، وفاعل الشر إنما يفعله لجهله بأنه شر، وتكون نفسه تريده، فبالعلم يزول الجهل، وبالصبر يحبس الهوى والشهوة فتزول تلك الفتنة " [المستدرك على الفتاوى].
حكمــــــة
إن أيام الامتحانات صورة مُصغرة لأهوال يوم العرض.. يوم الامتحان يوم يملأه الخوف ويلفُّه القلق والترقب.. ويوم العرض: ﴿يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾ [المزمل: 17]، ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾ [عبس: 34-36] هَانَ الأول عند الثاني!!
حكمــــــة
إن نكاح الصالحات من أسباب حصول الرزق ونزول البركة فيه، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: 32]. قال أبو بكر رضي الله عنه: «أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، يُنجز لكم ما وعدكم من الغنى». وقال علي رضي الله عنه: «التمسوا الغنى بالنكاح».
حكمــــــة
قال ابن تيمية: وإذا دخل أطفال المؤمنين الجنة فأرواحهم وأرواح غيرهم من المؤمنين في الجنة، وإن كانت درجاتهم متفاضلة، والصغار يتفاضلون بتفاضل آبائهم، وتفاضل أعمالهم – إذا كانت لهم أعمال - فإن إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم ليس هو كغيره، والأطفال الصغار يثابون على ما يفعلونه من الحسنات، وإن كان القلم مرفوعًا عنهم في السيئات ؛ كما ثبت في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم رفعتْ إليه امرأة صبيًّا من مَحَفَّة فقالت: ألهذا حج؟ قال: « نعم ولك أجر » رواه مسلم في صحيحه [مجموع الفتاوى].
حكمــــــة
في المِعْصم ساعة، وفي الجوال ساعة، وفي حوائط الغرف ساعات، ولها عُقد يتدلى من الرقبة تُجَمِّله ساعة! اهتمام لا مثيل له تراه من أول وهلة! لكن الأمر عكس ذلك تمامًا.. تضيع الساعات وتُهدر الأوقات وتنقضي الأعمار ولا تزال الساعات في كل مكان! والسؤال يوم القيامة كما في الحديث: «... وعن عمره فيما أفناه؟» [رواه الترمذي].
حكمــــــة
(لا تنسانا من صالح دعائك) يقولها البعض للمُسافر مُستدلاً بأن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من عُمر أن يدعو له عندما هَمَّ بالسفر للعمرة. ذكر الألباني رحمه الله، هذا الحديث في السلسلة الضعيفة. وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الحقيقة أنه ضعيف، وأنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ". وفي السنة الصحيحة قول: «أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك» [رواه أحمد].
حكمــــــة
بنظرة سريعة أمام أبواب المدارس يتبدى لك الفرح والحزن على وجوه الطلاب، منهم من يمشي ويتأمل في شهادته الدراسية ويقلبها ذات اليمين وذات الشمال تتباطأ خطواته وتظهر حسرته وندامته، والآخر يجري فرحًا مسرورًا ليريها مَنْ حوله.. تأمل من يهتف وهو أشد فرحًا منه في موقفٍ عظيمٍ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ [الحاقة: 19].
حكمــــــة
قال رجل لسفيان بن عيينة رحمه الله: المزاح هجنة – أي: مستنكر! فأجابه قائلاً: " بل هو سُنَّة، لكن لمن يُحسنه ويضعه في مواضعه ". والأمة اليوم وإن كانت بحاجة إلى زيادة المحبة بين أفرادها وطرد السَّأَم من حياتها، إلا أنها أغرقت في جانب الترويح والضحك والمِزاح فأصبح ديدنها وشغل مجالسها وسمرها. فتضيع الأوقات، وتفنى الأعمار. وليس لما بقي من عمرك ثمن!
حكمــــــة
إن النفوس المؤمنة الكريمة تفرح بالبنات، يقول محمد بن سليمان: " البنون نِعَمْ، والبنات حسنات، والله عزَّ وجلَّ يُحاسب على النِّعَم ويجازي على الحسنات ". وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: «من عال جاريتين – أي: قام عليهما في المؤونة والتربية – حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين» وضم أصابعه. رواه مسلم.
حكمــــــة
ذكي فطن تسأل وتستفسر عن كل بلد أنت متجه إليه، لك معلومة أخرى ضافية ووافية، عن مقر سترحل إليه وتمرُّ بأطواره وأيامه وتقلباته، قال صلى الله عليه وسلم: «من سره أن ينظر إلي يوم القيامة كأنه رأى العين فليقرأ: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾، و ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾، و ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾» رواه الترمذي.
حكمــــــة
قال ابن تيمية رحمه الله: " فاليهود – من حين - ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: 112] لم يكونوا بمجردهم ينتصرون لا على العرب ولا غيرهم، و إنما كانوا يقاتلون مع حلفائهم قبل الإسلام، والذِّلة ضُربت عليهم من حيث بعث المسيح عليه السلام فكذبوه " [مجموع الفتاوى: 1/301].
حكمــــــة
فتاة متوسطة الجمال وقد يكون بها بعض النَّقص، لكنها مُصَلِّية صائمة، حَيِيَّة تقيَّة، طاهرة الثياب، حافظة للكتاب. أتترك لقصر في طولها، أو لسواد في بشرتها، أو لصغر في عينيها؟! يا شباب الإسلام: لا تحرموا أنفسكم جمال الروح، وصفاء النَّفس، وحسن الخلق. أين أنتم عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «فاظفر بذات الدين تربت يداك» [متفق عليه].
حكمــــــة
من ثمرات الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ رجاء صلاح الذرية في الحياة وبعد الممات. قال تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ ومن أعظم القول الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ. وقد ذكر سبحانه في سورة الكهف قصة حفظ كنز اليتيمين بسبب صلاح الأب، فما بالك إذا كان مصلحًا وداعيًا إلى الله. ومن أبواب الدعوة الميسرة نشر الكتاب الإسلامي.
حكمــــــة
«إن الله يدافع عن الذين آمنوا» لا يحزنك قولهم ولا يفت عضدك حديثهم.. أمهموم ومغموم وصاحب العظمة والجبروت والذي عينه لا تنام يدافع عنك! أنسيت ماذا قالوا عن من خلقهم ورزقهم: إنه فقير، وأن يده مغلولة، وقالوا: اتخذ الله ولدًا، وقالوا عن نبينا: إنه ساحر وكاهن ومجنون! أتظن أنك تسلم.. لا تثريب عليك.. كن من الذين آمنوا وسترى.
حكمــــــة
إن للشيب مع الناس صحبة، فمنهم من تولَّى أمره وتعقبه وأخفاه، ومنهم من لم يأبه به ولم يلق له بالاً، وكأنه ما نزل بمفرق رأسه! ومنهم من رضي به واطمأن إليه وحمد الله أن مدَّ في عمره، وعدَّه نذيرًا واستعد لما بعده، قال صلى الله عليه وسلم: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورًا يوم القيامة» [رواه مسلم].قال الغزالي: الشيب يحصل من الحزن والخوف، ولتطييب الخواطر: ذكر عن أبي شامة الفقيه أنه حصل له الشيب وهو ابن خمس وعشرين سَنَة.
حكمــــــة
دائم النظر إلى معصمه لأمر ينتظر قدومه، يطل بحرص بين الحين والآخر على عقارب الساعة، ألديه رحلة، أم أن موعدًا مهمًا قد اقترب؟ ولمَّا ارتفع صوت المؤذن قام فرحًا، فأحسن الوضوء، ثم لبس أنصع ثيابه وتطيب وتجمل وخرج بسكينة ووقار. فكان ذاك أهَمُّ موعد وأعظمه. لعله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله «... ورجل قلبه مُعَلَّق في المساجد» رواه البخاري.
حكمــــــة
قال ابن القيم رحمه الله: " وشاهَدْتُ شيخ الإسلام ابن تيمية- قدَّسَ الله روحه- إذا خرج إلى الجُمْعة يأخذ ما وجد في البيت من خبز أو غيره فيتصدق به في طريقه سِرًا، وسمعته يقول: إذا كان الله قد أمرنا بالصدقة بين يدي مناجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالصدقة بين يدي مناجته أفضل وأولى بالفضيلة " [المستدرك على فتاوى ابن تيمية].
حكمــــــة
ذكر أن الفقيه نصر بن أبي حافظ لمَّا رحل من بيت المقدس في طلب العلم إلى الفقيه الكازروني في أرض العراق، قال له الكازروني: ألك والدة؟ قال: نعم، قال: فهل استأذنتها؟ قال: لا، قال: فوالله لا أقرأتك كلمة حتى ترجع إليها، فتخرج سخطها، قال: فرجعت إلهيا فأقمت معها إلى أن ماتت، ثم رحلت في طلب العلم.
حكمــــــة
قال ابن تيمية رحمه الله: " فكل من استقرأ أحوال العالم وجد أن المسلمين أحَدُّ وأسَدُّ عقلاً، وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعاف ما يناله غيرهم في قرون وأجيال، وكذلك أهل السنة والحديث تجدهم كذلك متمتعين؛ وذلك لأن اعتقاد الحق الثابت يقوي الإدراك ويصححه، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ [محمد: 17].
حكمــــــة
حُكِي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه: ما تصنع بالشيطان إذا سَوَّلَ لك الخطايا؟ قال: أجاهده، قال: فإن عاد.. قال: أجاهده، قال: فإن عاد.. قال: أجاهده.. قال: هذا يطول. أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها أو منعك من العبور ماذا تصنع؟ قال: أكابده وأردّه جهدي. قال: هذا يطول عليك، ولكن استعن بصاحب الغنم يَكُفُّه عنك [تلبيس إبليس].
حكمــــــة
قال الله عز وجل: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]. قال الإمام النووي: " وهذا تصريح بأنهم خلقوا للعبادة، فحقٌّ عليهم الاعتناء بما خلقوا له، والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزُّهادة، فإنها دار نفاد لا محل إخلاد، ومركب عبور لا منزل حبور، ومَشرع انفصام لا موطن دوام ".
حكمــــــة
إن مكة بلد تضاعف فيه الحسنات والسيئات يعظم إثمها، وقد توعَّد الله عز وجل من يَرِدْ فيه الفساد بعذاب أليم ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ قال ابن كثير: أي يَهُمُّ بأمر فظيع من المعاصي الكبار. قال في فتح الباري: وظاهر سياق الحديث أن فعل الصغيرة في الحرم أشدُّ من فعل الكبيرة في غيره. وعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: «لو أن رجلاً هَمَّ فيه بإلحاد وهو بعدن أبين، لأذاقه الله عذابًا أليمًا» هذا فيمن هَمَّ فكيف بمن عمل؟!
حكمــــــة
قال ابن تيمية رحمه الله: " من يعزم على ترك المعاصي في شهر رمضان دون غيره فليس هذا بتائب مطلقًا، ولكنه تارك للفعل في شهر رمضان، ويثاب إذا كان ذلك الترك لله، وتعظيمًا لشعائر الله واجتنابًا لمحارمه في ذلك الوقت، ولكنه ليس من التائبين الذين يغفر لهم بالتوبة مغفرة مُطْلقة، ولا هو مُصِرّ مطلقًا» [الفتاوى].
حكمــــــة
قال ابن رجب عن مقاصد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: " واعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تارة يحمل عليه رجاء ثوابه، وتارة خوف العقاب في تركه، وتارة الغضب لله على انتهاك محارمه، وتارة النصيحة للمؤمنين والرحمة لهم ورجاء إنقاذهم مما أوقعوا أنفسهم فيه من التعرض لغضب الله وعقوبته في الدنيا والآخرة، وتارة يحمل عليه إجلال الله وإعظامه ومحبته، وأنه أهل أن يُطاع فلا يُعصَى ويُذكَّر فلا ينسى ويُشكَر فلا يُكفَر " [جامع العلوم والحكم].
حكمــــــة
إن الوقف من أعظم الأبواب وأوسعها نفعًا؛ اجعل لك وقفًا اجعل لك مثلاً: مصحفًا أو ثلاثة أو عشرة، في بعض المساجد خارج البلاد يتم توزيع المصاحف ورقة ورقة على المصلين لعدم وجود مصاحف لديهم، ثم قبل دخول الخطيب يتم جمعها وحفظها، قال صلى الله عليه وسلم: «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علمًا عَلَّمه ونشره، وولدًا صالحًا تركه، ومصحفًا ورثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه به من بعد موته» [حسنه الألباني].
حكمــــــة
إن الزكاة عبادة مالية يُثَاب المرء على إخراجها، ويُعاقب على تركها، وفيها تثبيت أواصر المودة بين المسلمين، وتطهير للنفوس وتزكيتها من البخل والشُّح، قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 102]. وفي إخراج الزكاة استجلاب البركة والزيادة والخَلَف من الله ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ [سبأ: 39] وقد جاء الوعيد الشديد في حَقِّ من بخل بها، أو قصَّر في إخراجها.
حكمــــــة
كان بعض السلف يختم القرآن في رمضان في كل يوم، وبعضهم في كل ثلاثة أيام، وبعضهم في كلِّ خمسة أيام. قال ابن رجب: " إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقلِّ من ثلاث على المداومة على ذلك، فأمَّا في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصًا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها؛ فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتنامًا لفضيلة الزَّمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم ".
حكمــــــة
قال ابن تيمية رحمه الله: " وحقيقة الأمر أن قنوت الوتر من جنس الدعاء السائغ في الصلاة مَنْ شاء فعله، ومَنْ شاء تركه، كما يُخير الرجل أن يوتر بثلاث، أو خمس، أو سبع، وكما يُخير إذا أوتر بثلاث إن شاء فصل، وإن شاء وصل ". وكذلك يُخير في دعاء القنوت إن شاء فعله، وإن شاء تركه، وإذا صلى بهم قيام رمضان فإن قنت في جميع الشهر فقد أحسن، وإن قنت في النصف الأخير فقد أحسن، وإن لم يقنت بحال فقد أحسن ".[مجموع الفتاوى].
حكمــــــة
لا يرد القضاء إلا الدعاء كما قال عليه الصلاة والسلام؛ وفي الدعاء من الذل والانكسار لله عزَّ وجلَّ معنى عظيم من أنواع العبودية وتخليص القلب وتفريغه من التعلق بغيره، والدعاء من أكرم الأشياء عند الله كما روى ذلك الترمذي: «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء» [رواه الترمذي] وفي الدعاء ادخار الأجر والمثوبة عند الله إذا لم يجب الداعي في الدنيا، وهذا أنفع وأحسن.
حكمــــــة
إن الاعتكاف من السنن المهجورة التي قلَّ العمل بها وغفل عنها كثير من الناس، قال الإمام الزُّهْري: " عجبًا للمسلمين! تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عَزَّ وجَلَّ " فبادِرْ أخي المسلم إلى إحياء هذه السنة العظيمة وحثّ الناس عليها والترغيب فيها؛ وابدأ بنفسك فإن الدنيا مراحل قليلة وأيام يسيرة، فتخلص من عوائق الدنيا وزخرفها ولا يفوتك هذا الخير العظيم، واجعل لك أيامًا يسيرة تتفرغ فيها من المشاغل والأعمال، وتتجه بقلبك وجوارحك إلى الله عَزَّ وجَلَّ في ذُلٍّ وخضوع وانكسار ودموع؛ لتلحق بركب المقبولين الفائزين.
حكمــــــة
قال ابن عباس في قوله سبحانه: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4] يُكْتب من أمِّ الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر، حتى الحُجَّاج، يقال: يحج فلان ويحج فلان. وقال سعيد بن جُبير في هذه الآية: إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق، وقد وقع اسمه في الموتى، وهذا التقدير السنوي في ليلة القدر كالتفصيل من القدر السابق.
حكمــــــة
إن الاستغفار في الأسحار هو شعار الأخيار، فقد أثنى الله عليهم: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات: 18]. قال الشيخ السعدي رحمه الله: " للاستغفار بالأسحار فضيلة وخصيصة ليست لغيره " وهي مظن إجابة الدعاء، والله تعالى ينادي عباده: " من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له " [رواه البخاري].