فوائد من كتاب الرضا بعد القضاء لأنس بن محمد السليم
حكمــــــة
من الآيات الواردة في الصبر: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10]. ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 155-157].
حكمــــــة
من الأحاديث الواردة في الصبر: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده، فيقولون نعم، فيقول ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسمُّوه بيت الحمد»(الترمذي).
حكمــــــة
من الأحاديث الواردة في الصبر: عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعطاء: ألا أُريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي قال: «إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك» قالت أصبر قالت: فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها.(البخاري ومسلم).
حكمــــــة
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين، وكان زوجًا لمرضعة إبراهيم ابن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبَّله وشمَّه؛ ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجودُ بنفسه فجعَلَتْ عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان. فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: وأنت يا رسول الله؟ فقال: «يا ابن عوف إنها رحمة» ثم اتبعها بأخرى، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربُّنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون»(البخارى ومسلم).
حكمــــــة
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أرسلَتْ ابنة النبي صلى الله عليه وسلم على إليه: إن ابنًا لي قُبِض، فأتنا، فأرسل يُقْرِئ السَّلام ويقول: «إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكلٌّ عنده بأجل مَسَمَّى، فلتصبر ولتحتسب» فأرسلت إليه تُقْسِم عليه ليأتينَّها، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأُبَيِّ بن كعب وزيد بن ثابت ورجال، فَرُفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصبي، ونفسه تَتَقَعْقَع قال حسبته أنه قال: كأنها شن ففاضت عيناه فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟ فقال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرُّحماء»(البخاري ومسلم).
حكمــــــة
عن أنس رضي الله عنه قال: أُصِيب حارثة يوم بدر، وهو غلام، فجاءت أمُّه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، قد عرفت منزلة حارثة مِنِّي، فإن يكُ في الجنَّة أصبر واحتسب، وإن تكن الأخرى ترى ما أصنع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ويحكِ أو هَبِلْتِ أو جَنَّة واحدة هي؟ إنَّها جِنَان كثيرة، وإنه لفي جنَّة الفردوس»(البخاري).
حكمــــــة
روى الإمام أحمد من حديث معاوية بن قرة عن أبيه أنه كان رجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:« أتُحِبُّه؟» فقال: يا رسول الله أحبَّك اللهُ كمَا أُحِبُّه، فتفقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال:« ما فعل ابن فلان؟» فقالوا يا رسول الله مات، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لأبيه:« أما تُحِبُّ أن تأتيَ بابًا من أبواب الجَنَّة إلا وجدته عليه ينتظرك؟» فقال رجل: يا رسول الله أله خاصة أم لِكُلِّنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: « بل لِكُلِّكم»(مشكاة المصابيح، مسند الإمام أحمد).
حكمــــــة
روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تبكي عند قبر، وفي رواية لمسلم: تبكي على صَبِيٍّ لها، فقال عليه الصلاة والسلام: «اتقي الله واصبري» فقالت: إليك عني فإنك لم تُصَب بمصيبتي ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين فقالت: لمْ أعرِفك فقال: « إنمَّا الصَّبر عند الصدمة الأُولى » (البخاري ومسلم).
حكمــــــة
لمَّا أُمر بإلقاء جِيف المشركين في القليب، وأُخذ عتبة بن ربيعة فسُحب إلى القليب، نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه ابنه أبي حُذيفة، فإذا هو كئيب قد تغيَّر، فقال:« يا أبا حُذيفة لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء؟ » فقال: لا والله يا رسول الله ما شككت في أبي ولا مصرعه، ولكنِّي كنت أعرف من أبي رأيًا وحُلمًا وفَضْلاً، فكنت أرجو له أن يهده ذلك للإسلام، فلمَّا رأيت ما أصابه، وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له أحزنني ذلك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير، وقال له خيرًا.(الرحيق المختوم).
حكمــــــة
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»(البخاري – فتح الباري 14، مسند الإمام أحمد 12349، الجامع الصغير 7682، سنن ابن ماجه 56.). هذه امرأة من بني دينار، قد أُصيب زوجها وأخوها وأبوها بأُحد، فلمَّا نعوا لها، قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرًا يا أمَّ فلان، هو بحمد الله كما تُحبِّين، قالت: أرونيه حتى انظر إليه، فأُشِير إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مُصيبة بعدك جلل – تريد صغيرة.(الرحيق المختوم).
حكمــــــة
جاءت أمَّ سعد بن معاذ تعدو، وسعد آخذ بلجام فرسه فقال: يا رسول الله أُمِّي، فقال: مرحبًا بها. ووقف لها فلما دنت عزَّاها بابنها عمرو بن معاذ، فقالت: أمَا إذا رأيتك سالمًا، فقد اشتويت المصيبة (أي استقللتها)؛ ثم دعا لأهل من قُتل بأُحد، وقال:« يا أمَّ سعد أبشري وبشِّري أهلهم أن قتلاهم ترافقوا في الجنة جميعًا». قالت: رضينا يا رسول الله ومن يبكي عليهم بعد هذا؟ ثم قالت: يا رسول الله، ادع لمن خلفوا منهم، فقال: «اللهم اذهب حزن قلوبهم، واجبر مصيبتهم، وأحسن الخلف على من خلفوا» (الرحيق المختوم 257، السيرة الحلبية 2/47.).
حكمــــــة
الخشوع في الصلاة: بعد رجوع المسلمين من غزوة ذات الرقاع سَبَوا امرأة من المشركين، فنذر زوجها أن لا يرجع حتى يهريق دمًا في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فجاء ليلاً، وقد أرصد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين ربيئة (الشخص المخصص للمراقبة) للمسلمين من العدو، وهما عباد بن بشر وعمار بن ياسر، فَضُرِب عباد وهو قائم يُصلِّي بسهم، فنزعه ولم يبطل صلاته، حتى رشقه بثلاثة أسهم، فلم ينصرف منها حتى سلَّم، فأيقظ صاحبه، فقال: سبحان الله، هلَّا نبهتني؟ فقال: إني كنت في سورة فكرهت أن أقطعها (الرحيق المختوم).
حكمــــــة
لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه، تمثلت عائشة رضي الله عنها بهذا البيت: أعاذل ما يغني الحذار عن الفتى إذا حشرجتَ يومًا وضاق بها الصدرُ فقال أبو بكر رضي الله عنه: ليس كذلك يا بنية ولكن قولي: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق: 19] فقال: انظروا ثوبي هذين فاغسلوهما، ثم كفنوني فيهما فإن الحيَّ أحوج إلى الجديد من الميت (الزهد).
حكمــــــة
عن أنس رضي الله عنه قال: مات ابن لأبي طلحة من أم سليم، فقالت لأهلها: لا تحدِّثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أُحَدِّثه، قال: فجاء فقربت إليه عشاءً فأكل وشرب، فقال: ثم تصنعت له أحسن ما كان تصنع قبل ذلك، فوقع بها فلمَّا رأته قد شبع وأصاب منها، قالت:يا أبا طلحة أرأيت لو أن قومًا أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، قالت: فاحتسب ابنك، قال: فغضب، وقال: تركتني حتى تلطخت ثم أخبرتني بابني، فانطلق حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « بارك الله لكُمَا في غابر ليلتكما » قال: فحَمَلت. قال سفيان: قال رجل من الأنصار: فرأيت له تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن.(الصبر الجميل).
حكمــــــة
عن عبد الرحمن بن غنم قال: دخلنا على معاذ رضي الله عنه وهو قاعد عند رأس ابن له وهو يجود بنفسه، فما ملكنا أنفسنا أن ذرفت أعيننا وانتحب بعضنا فزجره معاذ، وقال: مه، فوالله لئن يعلم اللهُ برضائي بهذا أحَبُّ إليَّ من كلِّ غزاةٍ غَزَوْتُها. من كان له عزيزًا وبه ضنينًا فصبر على مصيبته واحتسبه أبدلَ الله الميت دارًا خيرًا من داره وقرارًا خيرًا من قراره وأبدل المصاب الصلاة والرحمة والمغفرة والرضوان. قال: فما برحنا حتى قضى الغلام فقام وغسَّله وحنَّطَه وكفَّنه وصلَّينا عليه، فنزل في قبره ووضعه، ثم سوى عليه التراب، ثم رجع إلى مجلسه فدعا بدهن فادهن وبكحل فاكتحل وببرده جميلة فلبسها، وأكثر من التبسم ينوي ما ينوي ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، في الله خلف من كل هالك وعزاء من كل مصيبة، ولله الأمر من قبل ومن بعد ولكن أكثر الناس لا يعلمون...(كشف الكربة عند فقه الأحبة).
حكمــــــة
يشتكي ابن لعبد الله بن عمر رضي الله عنهم فيشتد وجده عليه، فقال بعض القوم: لقد خشينا على هذا الشيخ إن حدث لهذا الغلام حدث، وشاء الله فمات الغلام، فخرج ابن عمر في جنازته وما رجلاً أبدى سرورًا إلا ابن عمر، فقيل: ما هذا قد خشينا عليك يا ابن عمر قال: إنما تلك كانت رحمة به، فلمَّا وقع أمر الله رضينا به.(كشف الكربة عند فقه الأحبة).
حكمــــــة
روى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي رحمهما الله: أن الشافعي قد بلغه أن عبد الرحمن بن مهدي مات له ابن فجزع عليه جزعًا شديدًا. فبعث إليه الشافعي رحمه الله يقول: يا أخي عَزِّ نفسك بما تُغِرِّ به غيرك، واستَقبِحْ من نفسك ما تَستِقبِحُه من غيرك، واعلم أن أعظم المصائب فقد سرور وحرمان أجر، فكيف إذا اجتمعتا مع اكتساب وزر؟ ألهمك الله عند المصائب صبرًا، وأجزل لنا ولك بالصبر أجرًا.
حكمــــــة
حُكي أن الإمام المزني، دخل على الإمام الشافعي في مرضه الذي مات فيه، فقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ فأجابه قائلاً: أصبحت من الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقًا، ولسَيِّء عملي مُلاقيًا، ولكأس المنية شاربًا، وعلى ربي تبارك وتعال واردًا، لا أدري: تصير روحي إلى الجنَّة فأُهَنِّيها، أو إلى النار فأُعَزِّيها، ثُمَّ أنشد قائلاً: ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي،جعلت الرجا مني لعفوك سُلَّما، تعاظمني ذنبي فلما قرنته، عفوك ربي كان عفوك أعظما، وما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل، تجود وتعفو منَّةً وتكرُّما (سمير المؤمنين في المواعظ والحكم والقصص).
حكمــــــة
اجتمع وهيب بن الورد وسفيان الثوري ويوسف بن أسباط فقال الثوري: قد كنت أكره الموت الفجاءة قبل اليوم، وأمَّا اليوم: فوددت أني ميت، فقال له يوسف بن أسباط: ولمَ؟ فقال: لِمَا أتخوف من الفتنة.فقال يوسف: لكني لا أكره طول البقاء.فقال الثوري: ولم تكره الموت؟ قال: لعلي أصادف يومًا أتوب فيه، وأعمل صالحًا. فقيل لوهيب: أي شيء تقول أنت؟ فقال: أنا لا اختار شيئًا أحبَّ ذلك إليَّ أحبُّه إلى الله. فقبله الثوري بين عينيه وقال: روحانية وربِّ الكعبة. فهذا حال عَبْدٍ قد استوت عنده حالة الحياة والموت، وقف مع اختيار الله له منهما. وقد كان وهيب رحمه الله له المقام العالي من الرِّضا وغيره.(تهذيب مدارج السالكين).
حكمــــــة
لمَّا تُوُفِّيَت ياقوتة بنت المهدي، جزع عليها أبوها المهدي جزعًا لم يسمع بمثله، وجلس، فجاء الناس يُعَزُّونه، فأمر ألا يُحْجَب عنه أحد، فأكثر الناس في التَّعَزِّي واجتهدوا في البلاغة والفصاحة لكونه الخليفة، ثم أجمعوا بعد ذلك على أنهم لم يسمعوا تعزية أوجز ولا أبلغ من تعزية " ابن شبه " رحمه الله يوم قال: أعطاك الله يا أمير المؤمنين على ما رُزِئْتَ أجرًا، وأعقبك خيرًا، ولا أجهد بلاءك بنقمة، ولا نزع منك نعمة، ثواب الله خيرًا لك منها، ورحمة الله خير لها منك، أسأل الله أن لا يحزنك ولا يفتنك. فكان ممَّا سرى على أمير المؤمنين هذه التعزية.(كشف الكربة عند فقه الأحبة).
حكمــــــة
وقفت أعرابية على قبر أبيها، فقالت: اللهم يا أبت، إن في الله تبارك وتعالى من فقدك عوضًا، وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم من مُصيبتك أُسْوة، ثم قالت: اللهم نَزَل بك عبدك مُقفرًا من الزَّاد، مُخْشوشِن المِهاد، غنيًا عمَّا في أيدي العباد، فقيرًا إلى ما في يديك يا جوَّاد، وأنت أي رب خير من نزل به المُؤمِّلون، واستغنى بفضله المُقِلُّون، وولج في سعة رحمته المذنبون، اللهم فليكن قِرَى عبدك منك رحمتك، ومهاده جنتك، ثُمَّ انصرفت. (العقد الفريد).
حكمــــــة
يقول أحد المعزين في " لطائف التعازي " لقاض من قُضَاة بلخ، وقد تُوُفِّيَت أمُّه، قال له: إن كانت وفاتُها عِظَة لك فعظَّم اللهُ أجرك على موتها، وإن لم يكن عِظَة لك فعظَّم الله أجرك على موت قلبك،ثُمَّ قال: أيُّها القاضي أنت تحكم بين عباد الله منذ ثلاثين سَنَةً ولم يَرُدَّ عليك أحدٌ حكمًا، فكيف بحكم واحد عليك من الواحد الأحد تَرُدُّه ولا ترضى به؛ فسُرِّيَ عنه وكُشِفَ ما به، وقال: تعزَّيت.. تعزَّيت. (كشف الكربة عند فقه الأحبة).
حكمــــــة
مات ابنٌ لأنس بن مالك، فقال أنس عند قبره: الحمد لله، اللهم عبدك وابن عبدك، وقد رُدَّ إليك فارأف به وارحمه، وجافي الأرض عن بدنه، وافتح أبواب السماء لروحه، وتقبَّله بقبول حسن، ثُمَّ انصرف فأكل وشرب وادَّهن وأصاب من أهله، ولسان حاله: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحديد: 22].(كشف الكربة عند فقه الأحبة).
حكمــــــة
عن منصور بن صفية عن أمه، قالت: قيل لابن عمر: إنَّ أسماء في ناحية المسجد، وذلك حين صُلِبَ ابنُ الزبير، فمال إليها، فقال: إن هذه الجثث ليست بشيء، وإنَّما الأرواح عند الله، فاتقي الله واصبري، فقالت: وما يمنعني، وقد أُهْدِيَ رأس يحيى بن زكريا عليه السَّلام إلى بَغِيٍّ من بغايا بني إسرائيل.وقال ابن سعد: أنها ماتت بعد ابنها بليال.(نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء).
حكمــــــة
مرَّ وهب بمبتلى أعمى، مجذوم، مُقْعَد، عريان، به وضح وهو يقول: الحمد لله على نِعَمه، فقال رجل كان مع وهب: أي شيء بقى عليك من النعمة تحمد الله عليها؟ فقال المبتلى: ارمِ ببصرك إلى أهل المدينة، فانظر إلى كثرة أهلها، أفلا أحمد الله أنه ليس فيها أحدٌ يعرِفُه غيري. (عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين).
حكمــــــة
مات عبد الله بن مُطرف، فخرج أبوه مُطرف بن الشخير على قومه في ثياب حسنة، وقد ادَّهن فغضبوا، قالوا: يموت عبد الله، ثم تخرج في ثياب مثل هذه مدَّهنًا، قال:مُطرف، أفأستكين لها؟ وقد وعدني ربي تبارك وتعالى عليها ثلاث خصال، كل خصلة منها أحَبُّ إليَّ من الدنيا كُلِّها، قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 156، 157] (الزهد).
حكمــــــة
قال رجلٌّ: اشتكيت إلى صديق لي بعض ما غمَّني، فسمعني شريح القاضي، فأخذ بيدي، وقال: يا ابنُ أخي، إيَّاك والشَّكوى إلى غير الله، فإنه لا يخلو من تشكو إليه أن يكون صديقًا أو عدُوًّا، فأمَّا الصديق فتُحزنه ولا يَنفعك، وأمَّا العدو فيشمت بك، انظر إلى عيني هذه، وأشار إلى إحدى عينيه، فوالله ما أبصرت بها شخصًا ولا طريقًا، منذ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وما أخبرت بها أحدًا إلى هذه الغاية، أمَا سمعت قول يعقوب عليه السلام: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف: 86] فاجعله مَشْكَاك ومَفْزَعك عند كل نائبة تَنُوبك، فإنه أكرم مسؤول، وأقرب مدعو إليك. (العقد الفريد).
حكمــــــة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أصاب أحدٌ قط، همٌّ ولا حزنٌ، فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي، إلا أذهب الله عزَّ وجلَّ همَّه، وأبدله مكان حزنه فرحًا» قالوا: يا رسول الله! ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: «أجل! ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن»(مسند الإمام أحمد، الترغيب والترهيب).