فوائد من كتاب نزهة الأخيار فى رياض الفوائد والأسرار 2
قال قتـادة رحمه الله: مَا تَــشَـاور قَــوم يَبتغُـون وَجْـه الله إلا هُــدوا إلَى أَرشَـــد أَمـرهــم .
قال ابن تيمـية رحمه الله: مَا نَـدم مَن استـخَـار الخَـالق, وَشــاور الْمَخــلوق, وَثبــت فِي أَمــره.
قال بعـض البـلغــاء: مِن حَـق العَاقـل أَن يضيـف إلَى رَأيـه آراء العُقــلاء, وَيجمع إلَى عَقـله عـقُول الحُكمــاء, فَالـرأي الفـذ ربّما زَل, وَالعَقـل الفــرد رُبمَـا ضَــل.
قال علي رضي الله عنه: لِكُل جَـواد كَـبْوة, وَلِكُل حَـكِـيـم هــفـوة, وَلكُل نَفـس مَــلَّة, فَاطـلبـوا لهَـا طـرَائـف الـحِكْـمَة . وقال أيضا: لا تضـعُـوا الحِـكمَـة فِي غَيـر أهلهَـا فَتَـظْـلِمـوهَا, وَلا تمنعـوهَا أهـلهَا فَــتـظلِـمُوهم .
مَن فرّغ نفسه لكتَاب الله فَحفظه وحَافظ عليه وَضبطه فإن الله سبحانه وتعالى يَكفيه همّ الدنيَا وَالآخرة.. [محمد بن محمد المختار الشنقيطي حَفظه الله] .
الحِكـمة نِسبَتُـهــا فيـهَا, وأبُـوها نَفْسُها, وَحُـجَّــتها معَهَـا, وإسنادها متنها, لا تَفـتقـر إلَى غيـرهَـا, وَلا تسـتـعِيـن بِشـيء وَيسـتـعَان بِهَـا. (أبو حيـان التوحيـدي رحمه الله) .
يروى عَن لقمان أنهُ قَال لابنه: يا بُني إذَا امتَلأت المَعدة نَامت الفكرة, وخرست الحِكمَة, وَقعدت الأعضَاء عَن العبَادة. (البحر الرائق في الزهد والرقائق, لـ أحمد فريد) .
قال الشافعي رَحمه الله: مَا شبعت منذ ست عَشرة سنَة، وَسبب ذَلك أن كَثرة الأكل جَـالبة لكثرَة الشرب، وَكثرته جَالبة للنوم والبلادة وَقصور الذهن وَفتور الحوَاس وَكسل الجِسم، هَذا مَع مَا فيه مِن الكرَاهية الشرعية وَالتعرّض لخطر الأسقَام البَدنية. (تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم, لابن جماعة ) .
حرَاسة البَاطن أجلّ مِن حرَاسة الظاهِر؛ لأنّ البَاطن يَحرس الظاهِر, وَلا يحرس الظاهِر البَاطِن... (صَالح عَبد الله العصيمِي حَفظه الله) .
الطَّــلب لقَـاح الإيمَـان, فإذَا اجْــتمَــع الإيمَان وَالطــلب أثْمـر العَــمل الصّـالح .
حُــسن الظّـن بالله لقـاحُ الافتقَار والاضـطرَار إلَيه, فإذَا اجتمعَا أثمرَا إجَـابة الدعَــاء.
الخَشيَة لقَـاح المحَــبة, فإذَا اجــتمعَا أثمرَا امتثَال الأوامِـر, وَاجْــتِناب النوَاهِـي.
صحّـة الإقتدَاء بالرسُول صلّى الله عَليْه وَسلّم لقــاحُ الإخـلاص, فإذَا اجْــتمعا أثمـرَا قبُول العَــمل وَالاعتدَاد بِه.
العمَل لقاحُ العِلم, فإذَا اجتمعَا كَان الفَلاح وَالسعَـادة, وَإن أفرد أَحدهمَا عَن الآخر لَم يفـد شَيئاً.
الحِلْمُ لقاح العِلم, فإذَا اجتمعَا حصلت سيَادة الدنيا وَالآخرَة, وَحَصل الانتِفاع بِعلم العالِم, وَإن انفرد أحدهُــمَا عَن صَاحبه فَات النّفع وَالانتفَاع.
العزيمَة لقاح البَصيرة, فإذا اجــتمعَـا نَال صَاحبهـمَا خَير الدنيَا وَالآخرَة, وَبلغت به همــته مِن العلياء كُل مكَان.
حُــسن القَصد لقَاح لصحة الذهن, فإذَا فقدا فقد الخَير كُله, وَإذا اجتمَعَا أثمرَا أنوَاع الخَيرَات.
صِحّـة الرأي لقَاح الشَجَـاعة فإذَا اجْتمعَا كَان النّـصـر وَالظـفر, فإن فـقدا فَالخُـذلان وَالخَـيبَـة.
التذكر وَالتفكّر كُل منهمَا لقَاح الآخر, إذَا اجتمعَا أنتجَا الزّهد فِي الدنيَا, وَالرغبة فِي الآخرَة.
تعلـمُوا العِلم, فإنّ تعلمه خَشيـة, وَطلبه عبَـادة, وَمدارستـه تَسبيح, وَالبحث عنهُ جِهَـاد, وَتعليمه لمن يتعلمه صَدقة, وَبذله لأهـله قُربَة, وهُـو الأنيـس فِي الوحْـدة, وَالصّـاحب فِي الخـلْـوَة.
قال سعيد بن جبير رَحمه الله: لا يَزال الرجُـل عَالِمـا مَـا تعلّـم فإذا تَـرك التعَلــم وَظـن أنهُ قَـد استغنَى وَاكتفَى بمَا عندهُ فهُو أجْهَـل مَـا يكون.( تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم لابن جماعة ) .
قال الإمام البخـاري – رحمه الله – قال مجاهـد: لا يَتعـلم العِـلم مُسـتــحٍ ولا مُسـتَكـبـر.
قـيل: لا يَستـحِي, الذِي لا يعْـلم أَن يَسـأل حَتـى يعلـم, وَلا يَستـحي, من يُسـأل عمّـا لا يَعلـم أن يقُول: لا أعلَـم.
قال الخليل بن أحمد: الرّجَــال أربـعَــة: رجُل يَدري وَيدري أنهُ يدري فذلـكَ عَـالِـم فاتبـعُــوه, وَرجُل يَدرِي وَلا يَدري أنهُ يدري فذلـكَ نَائـم فأيقـظُــوه, وَرَجُل لا يَدرِي وَيدري أنهُ لا يدري فَذلـكَ مسـتـرشـد فَأرشــدوه, وَرجُل لا يَدري وَلا يدْرِي أنهُ لا يَدري فذلـكَ جَـاهِـل فَارفـضــوه.
قال مـحمـود شـاكـر رحمه الله: إن جَـودة العِـلـم لا تـكُون إلا بـجَودة النقـد, وَلولا النقـد لبـطل كَثيــر عِلـم, وَلاختـلَط الجَهل بالعِــلم اختـلاطـاً لا خَـلاص مِنــه.
قيــل: مَن كَـان شيـخه كتَابـه فإنّ خطــأه أكثر من صَــوابـه. فَلابد للإنسَــان أن يتخـذ لهُ مرْجعــا فِي العِـلم يثـق بِه, ليُحسن تَوجيهه, وَإلا تخبـط فِي إيـرَاده للمسَــائـل وَكثـر خطـأه. فَقـد تفقـه ابن وَهـب علَى الإمَام مَالـك مَا يقـارب 25 سنــة " ربْع قـرن " , ثُـم قال: رَضيــت بمَالـك حُجّــة بَيـني وَبين الله سُبحانه وتعالى.
يَنبغِــي لطَـالِب العِـلم أَن يهيئ نَفسـه لاستخـلاص الفَـوائِـد ممّا يَقــرؤه أو يَسمعه, وأن لا يكُون جَـامـداً لا يستفيــد إلا مما يكُـون من بَاب الوَاضـحَـات التي يشَـارك جميـع الناس طالب العِـلم فِي درجَة الاستِفَـادة منْهَـا.
الإنسَان إذا عَمل عمـلاً مشروعـاً وَأخلص فِيه, فمِن عَلامات الإخـلاص أنهُ سيبتلى فيهِ, أليس الأنبيـاء كانـوا على حـق وَمعَ ذلك ابـتــلُوا. وَقال أحد المشايـخ : مَن سـلك طـرِيـق العِـلـم وَلم يـجد منغصات فليُراجِع إخْـلاصـه.
قال الزهـري رَحمه الله: إن الرّجل ليـطلب وَقلبـه شعب من الشـعَاب, ثُم لا يَلبث أن يصـير وَادياً, وَلا يُوضع فيه شيء إلا اِلْـتَهَمَهُ.
كان العلمــاء يقــولـون: كُل وعَـاء أفْرغـت فيـه شَيئــا فإنهُ يضيــق إلا الـقَـلـب فإنهُ كُلمــا أفـرغ فيهِ اتــسَــع.
حكي عن ابن حـامد أنه كان يقول لأصحـابــه: إذَا درسـتــم فَارفـعُـوا أصْواتكـم, فإنهُ أثــبـت للحِفــظ وَأذهَب للــنّوم.
يقول ابن القيـم رحمه الله تعالى : وَقد أجمع عُقـلاء كُل أمة عَلى أن النّعيم لا يـدرك بِالنّعيم وَأن من آثـر الرّاحـة فَاتتـه الرّاحـة, وَأن بحسب ركُوب الأهْـوال واحتـمال المشـاق تكُـون الفَرحـة وَاللـذة,فلا فـرحة لِمَن لا هَـمَّ له , وَلا لذة لِمَن لا صَبـر لَه, وَلا نَعـيـم لمن لا شقَـاء له, وَلا رَاحـة لِمَن لا تَـعـب لَه , بَل إذا تَعـب العَبـد قليلاً, استـرَاح طويلاً, وإذا تحمل مشقة الصّبـر سَـاعـة قـاده لحيَاة الأبَـد , وكُل ما فيـهِ أهل النّعـيـم المقيـم فهُـو َصبـر سَـاعـة وَالله المستعان, وَلا قوة إلا بالله. ( مفتاح دار السعادة ) .
قال ابن مسعود رضي الله عنه: " وَالله الذي لا إله غَيره, وَما أُنزلت سُورة مِن كتاب الله, إلا وَأنا أعلم أيْن أُنزلت, وَلا أُنزلت آيَة مِن كتَاب الله, إلا أنَا أعلم فِيمن أُنزلت, وَلو أعلم أحَداً أعلمَ مني بكتَاب الله, تَبْلُغُهُ الإبل, لَركبتُ إليه. (رواه البخاري ) .
قال مجاهد رحمه الله تعالى: عَرَضْتُ القرآن علَى ابن عباس ثلاثَ عَرَضَات, أوقفه عنْد كُل آيَة أسأله, فِيمـن نَزلـت, وَكـيفَ كَانت.(سنن الدارمي) .
دخل قتادة بن دعامة الدوسي على سعيد بن المسيًّب ثمانية أيّام فَقط وهُو يقول له: مَا تقـول فِي آيَـة كـذا, مَا تقُـول فِي آيَـة كَـذا, حَتى قال لهُ سعيـد: اخْــرج يا أعْمـى لَقـد استـنزفـتـني فَقد أخَـذت كُـل مَا عـنـدي.
روي عَن عُمر بن الخَطاب رَضيَ الله عَنه أنهُ قَال: مَن بُوركَ لَهُ فِي شَيء فَليلْزمه. [التعليق على القواعد الحسان] .
يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما, أنهُ سُئـل بِــمَ أَدركـت العِـلْـم؟ فقــال: بلسَـان سَـؤول, وقَلــب عقــول, وَبـدن غيْر مئــول.
ذُكــر عن الكسائي إمَام أهل الكوفة فِي النحـو, أنهُ طلــب عِلـم النّــحو, فَلَـم يتمـكن, وَفِي يَوم من الأيّـام وَجـد نَملـة تحمل طَعاما لَها وَتصعد بِه إلَى الجدار, وَكلما صعدت سَقطـت, وَلكنها ثابرت حَتى تخلصت من هذه العقبة وَصعدت الجدَار,فقَال الكسائـــي: هَذه النملة ثابرت حَتى وصلـت الغايَـة, فثــابَـر حَتّى صَــار إماما فِي النّـحــو .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فَالطـالب الـجَاد لا بُد أَن تـعرض لهُ فَــترة, فيشـتَـاق فِي تلك الفَـترة إلَى حاله وَقْت الطلب وَالاجتهَـاد. (مدارج السالكين ) .
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى مبينـاً تلبيـس الشيطـان على الفقهـاء: وَمن ذلك أنهم جعلُـوا النـظر جـل اشْتغالـهـم وَلم يمـزجـوه بِما يُرقـق القـلُـوب مِن قرَاءَة القـرآن وَسمَـاع الـحَــدِيث وَسيرَة النبي صلّى الله عليه وسَلم وأصحَـابه.( تلبيس إبليس ) .
قال أبو محمد الثقفـي: سمعـت جـدي يقول: " جَالسـت أبا عبد الله المـروذي أَربـع سنـين؛ فَلـم أسمعـه طُـول تِلك المـدة يَتـكلّم فِي غير العِـلْـم.
قال أبو الأسـود الدؤلـي رَحمه الله : ليـسَ شيء أعـزَّ من العِـلـم, الْمـلوك حُكـام على النّاس, وَالعلمـَاء حُـكام علَى المـلـوك .
قال سهـــل رَحمه الله: مَن أرَاد النّـظر إلَى مَجَالِس الأنبيَـاء, فَلينظـر إلَى مجَالِس العلـماء, فاعـرفـوا لهُـم ذلـك .
قال مَـعْـمَـر : كَان يقـال: إنّ الرجُـل يطْـلب العِـلـم لغـير الله, فيـأبـَى عَليـه العـلمُ حَـتـى يكُون لله .
عن الشعـبي أنّـه قـال : لو أنّ رجُلاً سَافـر منْ أقصـى الشـام إلَى أقصَى اليمـَن ليـسْمع كلمـةَ حِكمـةٍ مَا رأيْت أن سـفـره ضَـاع .
قال المـاوردي رَحمه الله : العـلـم عـوض من كلّ لـذة ومغــنٍ عن كلّ شـهْـوة, ومن تفرّد بالـعـلـم لمْ تـوحِـشه خلْـوة, ومَن تسـلّـى بالكُـتـب لمْ تـفـتـه سـلْـوَة, فلا سَـمِـيـر كـالـعِلْـم, وَلا ظـهِـيـر كالـحِــم .
العِلم أنيس فِي الوحدة, صَاحب في الغربة, رقيب فِي الخلوة, دَليل إلَى الرشد, معين في الشدة, ذخر بَعد المَوت.
قَال أبُو عَلي الغساني فِي شرَف المحدثين: خص الله هذه الأمة بثلاثة أشياء لَم يعطهَا من قَبلها: الإسنَاد، وَالإعراب، وَالأنسَاب. [نكت الزركشي]
السّــؤال مفـتــاح الـعـلْـم, وهُو بحـد ذاته غير مَذمـوم, لا سيمـا سُـؤال المـرء عما يعنـيه من أمـر دينـه, فإنّـما شفَـاء العـي السّـؤال, وَلهـذَا قَال تَعالى: " فَاسْأَلُـوا أَهْـلَ الـذِّكْـرِ إِنْ كُـنْـتُـمْ لاَ تَـعْـلَـمُـون".
الأدب في السّـؤال منْ لَـوازم طَـالب العلْـم, فَلا يسْـأل إلاّ طـلبـا للعِـلـم والفِـهْـم, وبَحثـاً عَن الـحَـق, لَكن هنـاك من يطرح السؤال بهدف التعْجِـيز, والتعنت, وتعمّـد الإحرَاج للمسؤول, وَإيقاعه في الزلل وإظهَـار ضعفـه, والتقلِيل من شـأنِه, فَهذا النوع ممّـا لا ينبغي, وقد حذّر العُلماء من إجابـة هؤلاء أَو الإصغَاء إليـهِم؛ لأنّهم يسألون عمّـا لا يعنـيهم.
قال ابن المنيــر: فِي فوَائد حديث جبريل في الإسْلام وَالإيمَـان والإحسَـان, فِي قوله : " يُعلمـكم دينـكم" دَلالَـة على أنّ السّؤال الحَسَـن يُسمّى علْــمــًا وَتعلـيـمـا. ( ابن حجر في فتح الباري ) .
عن عائشـة رضي الله عنها قَالـت: " نِــعـم النسَــاء نسَــاء الأنصَـار لَم يمنعـهنّ الحَـيَاء أن يَتفقـهـن في الـدِّيــن " .( البـخاري) .
قال زيـد بن أسـم لمحمد بن عجـلان : اذهَـــب فـتـعـلّـم كيْف يُـسـأل ثـمّ تـعَــال. وَكــان ابن عجلان يقــول: مَــا هـبـت أحَـداً هَـيبــتِي زَيـد بن أَسـلم. (المعرفة والتاريخ) .
قال الزهـري رَحمه الله : إنّـمَــا هَـذا العِــلم خَــزائـن وَتفتـحهَــا الْمَسـألَـة. (المعرفة والتاريخ ) .
قال السـعـدي رحمه الله: وَينبغـي أيضـا للمُتعـلم أَن يلطـف بِالسّـؤال وَيرفـق بمعـلّـمه وَلا يسـأله في حَالـة ضَـجـر أو مَـلل أَو غضَــب, لئلا يتصـور خِـلاف الحَـق مَع تشـويش الذهـن, وأقل الحالات أن يقـع الـجَـواب ناقصـاً. (اهــ الفتـاوى السعديـة ) .
قال عمر بن الخطّـاب رضي الله عنه: تعلمـوا العـلم, وَتعلمـوا للعـلم السّكِـينة وَالحـلم, وَتواضعَـوا لمن تعلِّـمون, وَتواضعـوا لمن تعلَّـمون منـه, وَلا تكونوا جبَـابـرة العـلَـمـاء .
قيـل: المتـواضِـع من طُلاب العِـلم أكثـر عِـلماً, كَما أنّ المَكان المنخفض أكثر البِقـاع مَـاءً .
قيـل: مَن أعجَـب برأيـه ذل, وَمن استغـنَـى بعقـلِه زل , وَمن تكبّـر على النّـاس ذل, وَمَن خالَـط الأنذال حقـر, وَمن جَـالَـس العُلـماء وَقــر .
يقول الذهبـي رحمه الله : احْـذر المــراء فِي البَحـث وإَن كُـنـت مُحـقـاً, وَلا تـنازِع في مسْـألة لا تَعتقـدها, وَاحـذر الكـبر وَالعـجب بِعـلْـمــك .
يَنبغي لطَالب العلم أن يُوقـر العُلـماء, وَينظـر إليهم بعَيـن الإجـلال, وَيتواضـع لَهم, وَيخفض الجنـاح لهـم, ويَـحذر مِن الإسَـاءة إليْهم, أَو انتـقَـاص قـدرهِـم, أَو الوقُـوع بِـما يخـل بِالأدب مَعـهم أَو يـؤذيـهـم.
يقول ابن جماعة الكناني : يَنبغي لطـالب العِـلـم أن يتـأوَّل أفعـال شيخـه التي يظـهَـر أَن الصّـواب خلافـهـا علَى أحْسـن تــأوِيـل, وَيبـدأ هُو عنْـد جفْـوَة الشّيـخ بالاعتِـذار وَالتـوبـة ممّـا وَقـع وَالاستغـفـار, وَينسـب الموجـب إليـه, وَيجعـل العتـب علَيـه, فَإنّ ذلك أبقَـى لـموَدة شَيخـه, وَأحفـظ لقلبـه, وأَنفـع للطّـالب فِي دنيَـاه وَآخرتـه .
قال الحافـظ ابن عـبد البـر رحمه الله: وَحقيـق على مـن جَـالـس عـالمـاً أن ينـظُـر إليهِ بعيـن الإجـلال, وينْصـب لَه عِـند المقــال, وَأن تكون مـراجـعـتـه لهَ تفـهّمـاً لا تعنتـاً, وَبقـدر إجلال الطّـالِـب للعَـالِـم يَنتفـع بمَا يفيـد مِن علــمِـه .
قال النووي رحمه الله: وَمن آداب المتعـلم أن يتحـرى رِضـا المعلّـم, وَإن خَـالـف رأي نفسـه, وَلا يغتَاب عندَه ولا يُفـشي له سـراً, وَأن يَـرُدَّ غِـيبـتـه إذا سَمعهـا, فَإن عـجـز فَــارَق ذلكَ المَـجْـلـس .
قال الحـافـظ ابن الصـلاح رحمه الله: يَنبغـي للمستـفـتي أَن يحفَـظ الأدَب مَع المفـتـي, وَيبجـلـه فِي خطـابـه وَسُـؤالـه, وَنـحو ذلكَ, وَلا يومئ بِيـده فِي وَجـهـه ....
الزّجر عَن المَعاصِي ينبغِي أنْ يكُون بلُطف لِيقبل، وكذَا تعلِيم العِلم يَنبغي أن يكُون بالتدرِيج؛ لأنّ الشّيء إذَا كَان فِي ابتدائِه سَهلا حبب إلَى مَن يدخُل فِيه وَتلقاه بانبساط، وَكانت عَاقبته غالباً الازديَاد، بِخلاف ضده. وَالله تعالَى أعْلَم. [ فتح الباري ] .
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : عَليـكم بالقـرآن فَتعلـموه وَعلـموه أبنَـائـكم, فَإنّـكُم عنهُ تسـألون وَبـه تـجزون, وَكَفــى بـهِ وَاعـظــاً لِـمن عقــل . (الطحـاوي, مشكل الآثـار) .
عَن ابن سيـريـن رحمه الله أنه قــال: إنّ هَــذا العِـلم دِيــن, فَانــظـروا عَـمّـن تَـأخــذُونــه . (الفقيه والمتفقه للبغدادي ) .
قال أبـو عثـمـان النيسابـوري رحمه الله: مَن أمّــر السنـة عَلى نفسه قولاً وَفِعلاً نَـطــق الحِـكمَــة, ومَن أمّـر الهَـوى علَى نفْسه نـطـق بالـبدعَـــة.
قَال الزهرِي: الاعتصَـام بِالسنة نجَـاة؛ لأن السنّة كما قال مَالك: مِثل سفينة نُوح مَنْ ركبها نجَـا, ومن تخلّف عنها هَلك. (البحر الرائق في الزهد والرقائق, لـ أحمد فريد) .
قال الطحــاوي رحمه الله تعالى: وَعلماء السلف مِن السابقيـن وَمن بعدهـم من التابعِـين أهل الخَير والأثـر, وَأهل الفِقـه وَالنظـر لا يُذكـرُون إلا بِالجمــيل, ومَن ذكـرهم بسُــوء فهُـو علَى غير السّبيــل.