فوائد من كتاب تسهيل الوصول لفوائد سير أعلام النبلاء لفرحان العطار 3
حكمــــــة
اجتمع في الحجر عبد الله ومصعب وعروة بنو الزبير وابن عمر فقال: تمنوا؟ فقال ابن الزبير: أتمنى الخلافة، وقال: عروة: أتمنى أن يؤخذ عني العلم، وقال: مصعب أتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكنية بنت الحسين، فقال ابن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة، فنالوا ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر له.
حكمــــــة
عن سعيد بن مسروق: عن منذر الثوري قال: كان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله قال: اتق الله فيما علمت، وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه، لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ، وما خيّركم اليوم بخيّر، ولكنه خير من آخر شر منه، وما تتبعون الخير حق أتباعه، وما تفرون من الشر حق فراره، ولا كل ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم أدركتم، ولا كل ما تقرؤون تدرون ما هو، ثم يقول: السرائر السرائر، اللاتي يخفين من الناس وهن والله بواد، التمسوا دهاءهن، وما دهاؤهن إلا أن يتوب ثم لا يعود.
حكمــــــة
عن مسالم بن عبد الله بن عروة عن أبيه: أن عمير بن جرموز أتى حتى وضع يده في يد مصعب فسجنه، وكتب إلى أخيه في أمره، فكتب إليه: أن بئس ما صنعت، أظننت أني قاتل أعرابياً بالزبير ! خل سبيله، فخلاه، فلحق بقصر بالسواد عليه أزج، ثم أمر إنساناً أن يطرحه عليه، فطرحه عليه فقتله، وكان قد كره الحياة لِما كان يهول عليه ويرى في منامه65
حكمــــــة
ادعت أروى بنت أويس أن سعيد بن زيد أخذ شيئا من أرضها، فخاصمته إلى مروان، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئا بعد الذي سمعت من رسول الله ! سمعته يقول: " من أخذ شيئا من الارض طوقه إلى سبع أرضين " قال مروان: لا أسألك بيّنة بعد هذا، فقال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة، فأعم بصرها، و اقتلها في أرضها، فما ماتت حتى عميت، وبينا هي تمشي في أرضها، إذ وقعت في حفرة فماتت. أخرجه مسلم، وقال ابن أبي حازم - في حديثه -: سألت أروى سعيداً أن يدعو لها وقالت: قد ظلمتك، فقال: لا أرد على الله شيئا أعطانيه الله.
حكمــــــة
قال خباب – رضي الله عنه -: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نبتغي وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مضى لسبيله، لم يأكل من أجره شيئا، منهم مصعب بن عمير، قتل يوم أحد، ولم يترك إلا نمرة، كنا إذا غطينا رأسه، بدت رجلاه، وإذا غطينا رجليه بدا رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غطوا رأسه واجعلوا على رجليه من الإذخر " ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها.
حكمــــــة
زيد بن الخطاب ابن نفيل بن عبد العزى بن رياح، السيد الشهيد المجاهد التقي ولقد قال له عمر يوم بدر: البس درعي، قال: إني أريد من الشهادة ما تريد، قال: فتركاها جميعا، وكانت راية المسلمين معه يوم اليمامة، فلم يزل يقدم بها في نحر العدو ثم قاتل حتى قتل، فوقعت الراية فأخذها سالم مولى أبي حذيفة، وحزن عليه عمر وكان يقول: أسلم قبلي واستشهد قبلي، وكان يقول: ما هبت الصبا إلا وأنا أجد ريح زيد.
حكمــــــة
عن ثابت البناني قال لما مرض سلمان: خرج سعد من الكوفة يعوده فقدم فوافقه وهو في الموت يبكي، فسلم وجلس وقال: ما يبكيك يا أخي؟ ألا تذكر صحبة رسول الله ألا تذكر المشاهد الصالحة؟ قال: والله ما يبكيني واحدة من ثنتين: ما أبكي حبا بالدنيا، ولا كراهية للقاء الله، قال سعد: فما يبكيك بعد ثمانين؟ قال يبكيني أن خليلي عهد إلي عهدا قال: " ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب " وإنا قد خشينا أنا قد تعدينا.
حكمــــــة
عن محمد بن صالح التمار: قال كان صفوان ابن سليم يأتي البقيع في الأيام، فيمر بي فاتبعته ذات يوم وقلت: لأنظرن ما يصنع؟ فقنع رأسه وجلس إلى قبر منها، فلم يزل يبكي حتى رحمته، وظننت أنه قبر بعض أهله، ومر بي مرة أخرى فاتبعته فقعد إلى جنب قبر غيره ففعل مثل ذلك، فذكرت ذلك لمحمد بن المنكدر وقلت: إنما ظننت أنه قبر بعض أهله، فقال محمد: كلهم أهله وإخوته، إنما هو رجل يحرك قلبه بذكر الأموات، كلما عرضت له قسوة، قال: ثم جعل محمد يمر بي فيأتي البقيع، فسلمت عليه ذات يوم فقال: أما نفعك موعظة صفوان؟ فظننت أنه انتفع بما ألقيت إليه منها.
حكمــــــة
قال عبدة بن سليمان المروزي: كنا سرية مع ابن المبارك في بلاد الروم، فصادفنا العدو، فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو، فدعا الى البراز، فخرج إليه رجل فقتله، ثم آخر فقتله، ثم آخر فقتله، ثم دعا إلى البراز، فخرج إليه رجل فطارده ساعة، فطعنه فقتله، فازدحم إليه الناس، فنظرت فإذا هو عبدالله بن المبارك، وإذا هو يكتم وجهه بكمه، فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو هو، فقال: وأنت يا أبا عمرو ممن يشنع علينا !
حكمــــــة
قال الحسن بن الربيع البوراني: قرئ كتاب الخليفة إلى ابن إدريس وأنا حاضر: من عبد الله هارون أمير المؤمنين، إلى عبد الله بن إدريس، قال فشهق ابن إدريس شهقة، وسقط بعد الظهر، فقمنا إلى العصر وهو على حاله، وانتبه قبيل المغرب، وقد صببنا عليه الماء فلا شيء قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، صار يعرفني حتى يكتب إلي ! أي ذنب بلغ بي هذا !.
حكمــــــة
حكى ابن عقيل عن نفسه قال: حججت فالتقطت عقد لؤلؤ في خيط أحمر، فإذا شيخ أعمى ينشده ويبذل لملتقطه مئة دينار، فرددته عليه فقال: خذ الدنانير، فامتنعت، وخرجت إلى الشام، وزرت القدس، وقصدت بغداد، فأويت بحلب إلى مسجد وأنا بردان جائع، فقدموني فصليت بهم فأطعموني، وكان أول رمضان فقالوا: إمامنا توفي فصل بنا هذا الشهر؟ ففعلت، فقالوا: لإمامنا بنت فزوجت بها، فأقمت معها سنة، و أولدتها ولدا ذكرا، فمرضت في نفاسها، فتأملتها يوما فإذا في عنقها العقد بعينه بخيطه الأحمر، فقلت لها: لهذا قصة، وحكيت لها، فبكت وقالت: أنت هو والله ! لقد كان أبي يبكي ويقول: اللهم ارزق بنتي مثل الذي رد العقد علي، وقد استجاب الله منه، ثم ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعدت إلى بغداد.
حكمــــــة
الرفاعي الإمام القدوة العابد الزاهد، شيخ العارفين أبو العباس قيل: إنه أقسم على أصحابه إن كان فيه عيب ينبهونه عليه، فقال الشيخ عمر الفاروثي: يا سيدي أنا أعلم فيك عيبا ! قال: ما هو؟ قال: يا سيدي عيبك أننا من أصحابك، فبكى الشيخ والفقراء وقال: أي عمر، إن سلم المركب حمل من فيه، وعنه قال: أقرب الطريق الانكسار والذل والافتقار، تعظم أمر الله، وتشفق على خلق الله، وتقتدي بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حكمــــــة
لما احتضر ابن أبي سرح وهو بالرملة، فجعل يقول من الليل: آصبحتم؟ فيقولون: لا، فلما كان عند الصبح قال: يا هشام إني لأجد برد الصبح فانظر، ثم قال: اللهم اجعل خاتمة عملي الصبح، فتوضأ ثم صلى، فقرأ في الأولى بأم القرآن والعاديات، وفي الأخرى بأم القرآن وسورة، وسلم عن يمينه، وذهب يسلم عن يساره فقبض رضي الله عنه.