فوائد من كتاب طهارة النفس وأمراض القلوب
حكمــــــة
ما أنواع النفس؟ أولا: النفس المطمئنة: وهي النفس التي تداوم على فعل الطاعات وترك المنكرات وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وهي دائما ملهمة بالخير النفس المطمئنة لا تأمر صاحبها إلا بالخير دائما ولا تحمل شيئا من أمراض القلوب من حقد أو حسد أو غل أو نفاق بل تجد صاحبها نقي السريرة منشرح الصدر سليم القلب طاهر البدن يحب الخير لكل الناس فإذا رأى بأحد نعمة لا يتمنى زوالها منه بل يدعو الله أن يزيده من فضلة ويبارك له فيها.
حكمــــــة
ثانيا – النفس اللوامة:وقد أقسم الله تعالى بها وذلك في قوله " لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة " قال الحسن: هي والله نفس المؤمن، ما يرى المؤمن الا يلوم نفسه قائلا: ما اردت بكلامي؟ ما اردت بأكلي؟ ما اردت بحديث نفسي؟ والفاجر لا يحاسب نفسه. و قال مجاهد هي التي تلوم على ما فات وتندم، فتلوم نفسها على الشر لم فعلته، وعلى الخير لم لا تستكثر منه. تفسير القرطبي جزء 18 سورة القيامة.
حكمــــــة
ثالثا – النفس الأمارة بالسوء: وهي النفس الخبيثة التي تشتهي فعل الشر دائما ولا تأمر صاحبها إلا بمعصية فتأمره بفعل كل ما هو سيئ وترك كل ما هو حسن وتأمره بالمنكر وتنهاه عن المعروف وتأمره أيضا بمعصية الخالق وظلم المخلوق فتجد نفسه مملوءة بكل أمراض القلوب من حقد وحسد وغل ونفاق وبغض وتجدها تحمل كل ما هو نجس وسيئ من الأخلاق المذمومة وهي نفس المنافق والكافر والمشرك وقد ورد ذكرها في كتاب الله في قوله تعالى وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم " يوسف 53. ويوم القيامة لا ينجومن النار ولا يدخل الجنة إلا من أتي الله بقلب سليم. سليم من الشرك والنفاق وغيرهما من الخبائث كما قال تعالى (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) الشعراء:89.
حكمــــــة
قد يسأل سائل كيف أعرف أن نفسي مطمئنة أو لوامة أو أمارة بالسوء؟ أو بمعنى آخر ما صفات كل نفس؟ إذا كان لديك يقينا دائما أن الله معك ولا يخزيك أبدا وأن الله لا يأمر أو يقضي إلا بما هو في صالحك اطمأنت نفسك وتغلبت على صراعات نفسك فللنفس صراعات بين فعل الخير وارتكاب المعصية فإذا غلبت فعل الخير على الشر كنت من أصحاب النفس المطمئنة وإذا غلبت فعل الشر على الخير في كل أحوالك كنت من أصحاب النفس الأمارة بالسوء وأما إذا غلبت الخير تارة ولكن قد تضطرك نفسك إلى ارتكاب بعض المعاصي تارة أخرى ولامتك نفسك على فعلها فعدت إلى فعل الخير مرة أخرى كنت من أصحاب النفس اللوامة.
حكمــــــة
أولا - صفات النفس المطمئنة: 1- المداومة على ذكر الله النفس المطمئنة دائما تذكر الله لا يشغلها عن ذكره شاغل سواء كان ولدا أو زوجة أو مالا فهي مع الله تحيا بحبه وتطمئن بذكره وتتمنى لقاءه وفي ذلك قال تعالى(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) سورة الرعد28 وهي لا تغفل عن ذكر الله أبدا ولذلك لا تفعل شيئا يغضبه و يذكر صاحبها الله سبحانه على كل أحواله كما في قوله تعالى (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) آل عمران 191 وكذلك في كل أوقاته في السر والعلن كما في قوله تعالى (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين) إذن يكون الإنسان على كل أحواله ذاكرا لله عز وجل فذكر الله نبراسا ينير له قلبه ويهديه إلى الطريق المستقيم لا يضل عنه ولا يزيغ أبدا.
حكمــــــة
إن الله ذكر حياة القلوب ونورها كقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) الأنفال 24 وذكر الله أساس كل عمل صالح ولك أن تتخيل رجلا يذكر الله على كل أحواله وحركاته أيفعل شيئا يغضبه؟ وهل الذي يحمد الله بقوله الحمد لله يطمع في شيءلم يكتبه الله له أو يتمنى ما في يد الآخرين وليس له فيه حق؟ وهل الذي ملأ قلبه بذكر الله يجد الحقد في قلبه مكانا؟ وهل الذي ملأ قلبه بحب الله ورسوله تجد في قلبه بغضا لأحد؟ فكر قليلا وسوف تجد الإجابة إن شاء الله هدانا الله وإياك إلى ما يحب ويرضى.
حكمــــــة
2 - سلامة الصدر و النفس المطمئنة صاحبها من أشد المقربين إلى الله تعالى وتجد إيمانه من أعلى درجات الإيمان وهم الأنبياء والصديقون وإذا تفكرت في سير الأنبياء تجد أن الله زكي أنفسهم أولا ثم بعثهم بالرسالة بعد ذلك فغسل الله قلوب أنبيائه بالحكمة والإيمان وذلك حتى يستقبلوا النور الإلهي بنفس مطمئنة لا تزيغ ولا تضطرب ونرع الله من قلوبهم الغل والحسد والحقد وكل سواد من شأنه أن يعمي القلوب ويزيغ الأبصار فهذا سيدنا موسى عليه السلام يدعو الله قائلا (رب اشرح لي صدري) طه 25.
حكمــــــة
إن خير البرية صلى الله عليه وسلم عندما أراده الله سبحانه وتعالى أن يستقبل النور الإلهي شرح صدره مرتين الأولى في سن الخامسة -وهو ما اتفق عليه أئمة أهل السير – من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه وأعاده في مكانه رواه أحمد ومسلم وصححه الألباني والثانية: قبل القيام برحلة الإسراء والمعراج من حديث أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل صلى الله عليه وسلم ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي فعرج بي صحيح رواه البخاري كتاب الصلاه336.
حكمــــــة
إن القلب إن لم يملأ بحب الله والإيمان به مليء بوسوسة الشيطان وهوى النفس ولذلك كان من دعاء النبي (ص) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وصححه الألباني 4402. وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهد قال الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ابوداودكتاب الصلاه وصححه الألباني.
حكمــــــة
3 - القناعة: قال ذو النون: من وثق بالمقادير لم يغتم وقال من عرف الله رضي بالله وسر بما قضى الله. والقناعة رضا العبد بما قسمه ربه له من المال والزوجة والأولاد وهي قناعة بالموجود وترك الحزن على المفقود والقناعة أيضا أن تحمد الله على كل أحوالك وتشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ويتحقق الحمد والشكر بالقناعة وتقوى الله تعالى فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس ابن ماجه وصححه الألباني 4580.
حكمــــــة
أوجز من أوتي جوامع الكلم في تعريف القناعة في قوله صلى الله عليه وسلم من أصبح منكم معافى في جسده آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا رواه ابن ماجه وحسنه الألباني 6042. وهي أيضا أن ترضى برزق الله ولا تقيس كل شيء بالمال فإن الغنى غنى النفس و كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس ابن ماجه وصححه الألباني 5377.
حكمــــــة
لماذا لا نقنع؟ ما كنا على يقين أن الله يرزق من يشاء كيفما يشاء بما فيه مصلحة العباد وأن ما من دابة في الأرض إلى على الله رزقها كما في قوله تعالى " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها " هود:6 فهي الرضا والتعفف وترك المسألة. واعلموا أن القناعة عز الفقير والمسكين وهي رأس مال كل متعفف صان نفسه عن مسألة الآخرين.
حكمــــــة
أمراض القلوب الأمراض نوعان: بدني ونفسي أو قلبي و مرض البدن خلال صحته وصلاحه وهو فساد يكون فيه يفسد به إدراكه وحركته الطبيعية فإدراكه إما أن يذهب كالعمى والصمم وأما فساد حركته الطبيعية فمثل أن تضعف قوته عن الهضم أو مثل أن يبغض الأغذية التي يحتاج إليها ويحب الأشياء التي تضره ويحصل له من الآلام بحسب ذلك ولكن مع ذلك المرض لم يمت ولم يهلك بل فيه نوع قوة على إدراك الحركة الإرادية في الجملة فيتولد من ذلك ألم يحصل في البدن فيداوى (ابن تيميه: أمراض القلوب)
حكمــــــة
مرض القلب هو نوع فساد يحصل له يفسد به تصوره وإرادته فتصوره بالشبهات التي تعرض له حتى لا يرى الحق أو يراه على خلاف ما هو عليه وإرادته بحيث يبغض الحق النافع ويحب الباطل الضار فلهذا يفسر المرض تارة بالشك والريب كما فسر مجاهد وقتادة قوله تعالى (في قلوبهم مرض) أي شك وتارة يفسره بشهوة الزنا كما فسر به قوله (فيطمع الذي في قلبه مرض) (ابن تيميه أمراض القلوب).
حكمــــــة
المرض النفسي هو حدوث اضطرابات وصراعات نفسية وقلبية تجعل الإنسان يشعر بعدم الطمأنينة ينتج عنها أفعال خارجية تضر به وبمن حوله سواء كان عن قصد أو غير قصد وقد وصف الله سبحانه وتعالى القلب الذي يحمل صفات من شأنها أن توجد الشحناء والبغضاء بين الناس بالمرض فهذه نفوس مريضة عظيمة الداء وذلك في قوله تعالي " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا " البقرة:10 وقوله تعالى " وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم " التوبة 125.
حكمــــــة
الطمع من أمراض القلوب: وهو عدم الرضا بقسمة الله تعالى والرغبة في الحصول على ما في يد الآخرين دون بذل أي مجهود من ناحيته فالإنسان مريض القلب والنفس يشتهي النعمة التي في يد أخيه مع العلم أن في يده مثلها ولكنه الطمع فيطمع الإنسان في شيء ليس فيه مطمع ويشعر دائما أنه في احتياج لهذا الشيء وهو ليس من حقه.
حكمــــــة
هل الطمع مرض نفسي و قلبي؟ سوف يجيبك رحمة الله للعالمين حيث أنه كان يتعوذ صلى الله عليه وسلم من النفس التي لا تشبع في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن دعاء لا يسمع ومن نفس لا تشبع ومن علم لا ينفع الترمذي تحقيق الألباني (صحيح) انظر حديث رقم: 1297 في صحيح الجامع. فالنفس التي لا تشبع هي بالطبع مريضه يجب علاجها وتزكيتها حتى تهدأ وترضى برزق الله وقضائه وقد ذكر الله جل وعلا في كتابه العزيز أن الطمع مرض قلبي فقد قال تعالى(يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا) الأحزاب 32.
حكمــــــة
لا يملأ نفس ابن آدم إلا التراب: والإنسان الذي يطمع لا يملأ نفسه إلا التراب والمخزي حقا أنك تجد الإنسان ميسور الحال وقد رزقه الله من حيث لا يحتسب ومع ذلك لا يقنع وتجده متلهفا للمزيد وقد أخبر عن ذلك من لا ينطق عن الهوى كما في الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أن لابن آدم واديين من مال لأحب أن يكون معهما ثالث ولا يملأ نفسه إلا التراب ويتوب الله على من تاب ابن ماجه تحقيق الألباني (صحيح) انظر حديث رقم: 1781 في صحيح الجامع.
حكمــــــة
1 – الطمع فيما عند الله تعالى: وهو أن تطمع في الزيادة من فضل الله وفي رحمته قال تعالى (هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال)الرعد 12 أي خوفا من عقابه وطمعا في فضله ورحمته وقال أيضا (إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين) الشعراء 51ومعنى الطمع في الآيتين الرجاء أي أننا نرجوا من الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا ويعمنا بفضله ويرحمنا من عقابه، ويتضح هذا المعنى من قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إني لأطمع أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبرنا وحمدنا الله، ثم قال إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبرنا وحمدنا الله، ثم قال: إني لأطمع أن تكونوا نصف أهل الجنة، إنما مثلكم في الناس كمثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو كمثل الشعرة السوداء في الثور الأبيض ". رواه الطبري تحقيق الألباني (صحيح) انظر حديث رقم: 89 في صحيح الجامع. وفي رواية (إني لأرجو).
حكمــــــة
هل الطمع يؤدي إلى التواكل؟ الطمع في رحمة الله وفي فضله يسبقه ويصاحبه إيمان وعمل حتى لا يكون ذلك تواكلا فتسبقه النية الخالصة ويصاحبه العمل الصادق وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد " صحيح رواه مسلم والمقصود من ذلك أن تتقرب إلى الله تعالى بأفضل الأعمال لينشر لك من رحمته وينعم عليك بفضله ومعنى الطمع في الحديث حسن الظن بالله بعد أداء ما أمر به واجتناب ما نهى عنه كما قال تعالى " أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم " المعارج وهو تعجب من الكافرين الذين يرفضون عبادة الله سبحانه وتعالى ويطمعون في جناته، وقال تعالى " ثم يطمع أن أزيد " المدثر أي بعد ما أنعمت عليه بالنعم الكثيرة وكفر بها يطمع أن أزيدها له.
حكمــــــة
2 – الطمع في زيادة الخير والبر: وهو أن تتمنى الخير لك ولغيرك وإن كنت لا تملكه الآن والتمني المحمود: أن تري أحد الأبرار كثير العطاء وكثير أعمال الخير فتتمنى لو أن لك مثل ما يملك لتفعل مثل ما يفعل وهذا لا حرج فيه بل يكون أجرك وأجره سواء. أو أن تطمع في أن تعبد الله في أفضل أوقات التعبد كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل " صحيح رواه مسلم والترمذي.
حكمــــــة
صور وعاقبة الطمع للطمع صور في المجتمع الذي نعيش فيه الآن منها: 1- طمع الزوجات فالزوجة الجشعة هي التي لا ترضى بدخل زوجها وتتطلع لما في أيدي صديقاتها الأخريات فتعقد المقارنة بين دخل زوجها وبين دخول أزواج صديقاتها فيكون نتيجة ذلك عدم رضاها عن زوجها مما يمثل ذلك عبئا عليه فقد تدفعه إلى الاقتراض من الآخرين حتى يصير مثقلا بالديون فيعاني من همين هم الزوجة وهم الدين أو قد تدفعه إلى الكسب الحرام فتمتد يده إلى ما يغضب الله ونتيجة ذلك تكون العاقبة مهينة ومخزية إلا من تاب إلى الله سبحانه وتعالى.
حكمــــــة
2- انتشار الرشوة والاختلاس والسرقة: من صور الطمع في المجتمع وعدم الرضا بالمتاح والمقسوم من الرزق اضطرار الموظف إلى الرشوة أو خيانة الأمانة باختلاس أموال الغير أو إلى السرقة وتناسى أولئك أن ما عند الله لا يطلب إلا بطاعته أو بسخاوة وطيب نفس ولا يطلب ما عند الله بمعصيته أبدا فقد قال صلى الله عليه وسلم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه رواه الترمذي وقال هذا حديث صحيح. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نفث روح القدس في روعي أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته رواه الطبراني وعبدالرزاق وابن أبي شيبة.
حكمــــــة
الحقد من أمراض القلوب: الحقد هو إظهار مشاعر كره وبغض للآخرين دون سبب منهم فهو غليان القلب بأحاسيس مضادة نحو الآخرين وتجد في القلب نارا تتأجج حتى تصل إلى درجة الانصهار فتذيب كل من يقترب منها فالحقد مرض نفسي ينشأ عن وسوسة النفس فتدفع الإنسان إلى عدم الرضا عن الله سبحانه وتعالى وقد قيل من دواعي الحقد أن يكون في الحاقد شح بالفضائل وبخل بالنعم فيسخط على الله في قضائه ويحقد على ما منح من نعم والحقود من الهم كساقي السم فان سرى سمه استراح همه.
حكمــــــة
ما هى أسباب الحقد؟ 1- ضعف في الإيمان وعدم الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى. 2- امتلاء قلب الحاقد للبغض الشديد لكل شيء حتى يخيل إليك أنه يبغض نفسه فلا تحقد على أخيك المسلم ولا تكرهه وألا تحمل في قلبك له ضغينة أبدا وحاول أن تتقرب له بالود والحب دائما.طهارة النفس والقلب تدخل صاحبها الجنة ولكن مع طاعة الله ورسوله وأداء الفروض والواجبات التي أمر بها الله تعالى.
حكمــــــة
الحسد من أمراض القلوب: الناس حاسد ومحسود ولكل نعمه حسود وأول ذنب عصي به الله في السماء حيث حسد إبليس اللعين أبانا آدم عندما أبى أن يسجد له وأول ذنب عصي الله به في الأرض حيث حسد قابيل هابيل فقتله ومن أنواع الحسد حسد الكفار للأنبياء و حسد أخوة يوسف لسيدنا يوسف عليه السلام و حسد المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين و حسد أهل الكتاب للمؤمنين كما في قوله تعالى " ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق " البقرة 109 وقد قيل ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحسود نفس دائم وهم لازم وقلب هائم.
حكمــــــة
الحسد نوعان: مذموم ومحمود، فالمذموم أن تتمنى زوال نعمة الله عن أخيك المسلم، وسواء تمنيت مع ذلك أن تعود إليك أو لا، وهذا النوع الذي ذمه الله تعالى في كتابه بقوله " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " النساء 54 وإنما كان مذموما لأن فيه تسفيه الحق سبحانه، وأنه أنعم على من لا يستحق. وأما المحمود فهو ما جاء في صحيح الحديث من قوله عليه السلام: " لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله ما لا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار ". صحيح رواه البخاري هذا الحسد معناه الغبطة. وحقيقتها: أن تتمنى أن يكون لك ما لأخيك المسلم من الخير والنعمة ولا يزول عنه خيره، وقد يجوز ان يسمى هذا منافسة، ومنه قوله تعالى: " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون " تفسير القرطبي.
حكمــــــة
لماذا الحسد؟ وقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحسد الذي من شأنه أن يوجد الشحناء والبغضاء كما في الحديث عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تنافسوا وكونوا عباد الله إخوانا رواه احمد تحقيق الألباني ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2679 في صحيح الجامع . فيجب عليك أن تفرح لفرح أخيك وأن تحزن لحزنه فإذا أصابته نعمة من ربه تمنيت له الخير والسعة في الرزق وان أصابته ضراء تقف بجانبه وتمد له يد العون هذه هي الأخوة فاحرص عليها وأن تدعو له كما في قوله تعالى (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم) الحشر.
حكمــــــة
اعلم أخي المسلم أنه لا يجتمع أبدا في قلب مؤمن الإيمان الصادق والحسد الهالك فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمعان في قلب عبد الإيمان والحسد صحيح رواه النسائي. قال العلماء: الحاسد لا يضر إلا إذا ظهر حسده بفعل أو قول، وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود، فيتبع مساوئه ويطلب عثراته. الله سبحانه خالق كل شر، وأمر نبيه صلىالله عليه وسلم أن يتعوذ من جميع الشرور. فقال " من شر ما خلق " وجعل خاتمة ذلك الحسد، تنبيها على عظمة، وكثرة ضرره، والحاسد عدو نعمة الله.
حكمــــــة
قال بعض الحكماء: بارز الحاسد ربه من خمسة اوجه: أحدها: أن أبغض كل نعمة ظهرت على غيره. وثانيها: أنه ساخط لقسمة ربه، كأنه يقول: لم قسمت هذه القسمة؟ وثالثها: أنه ضاد فعل الله، أي أن فضل الله يؤتيه من يشاء، وهو يبخل بفضل الله. ورابعها: أنه خذل أولياء الله، أو يريد خذلانهم وزوال النعمة عنهم. وخامسها: أنه أعان عدوه إبليس. وقيل: الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة، ولاينال عند الملائكة إلا لعنة وبغضاء، ولا ينال في الخلوة إلا جزعا وغما، ولا ينال في الآخرة إلا خزنا واحتراقا، ولا ينال من الله إلا بعدا ومقتا. وروي:أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا يستجاب دعاؤهم: آكل الحرام، ومكثر الغيبة، ومن كان في قلبه غل او حسد للمسلمين) " تفسير القرطبي سورة العلق. والله سبحانه وتعالى أعلم.
حكمــــــة
علاج الحسد: الاغتسال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاغتسال من الحسد فقال صلى الله عليه وسلم قال العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا صحيح رواه مسلم الرقية الشرعية ومن سنته صلى الله عليه وسلم رقية كل محسود كما فعل معه جبريل عليه السلام فروي أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد اشتكيت فقال نعم قال باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك صحيح رواه مسلم عدم الإكثار من مخالطة الحسود يجب عدم الإكثار في مخلطة الحسود فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العين حق ويحضر بها الشيطان وحسد ابن آدم احمد.
حكمــــــة
الشماتة: إن الشماتة من أمراض القلوب ومعناها: الفرح ببلية أو مصيبة من يعاديك أو من تعاديه ؛ فيجب على الإنسان سوي النفس نقي السريرة ألا يفرح في مصيبة أخيه المسلم فيظهر له شماتة في قلبه تجاهه. وقد تكون هذه الشماته رحمة له حيث يقف الله بجانبه في مصيبته وبلوى على الشامت. والإنسان الشامت الذي يفرح في مصيبة غيره لا محالة أن في قلبه مرض فيكفي أنه يظهر عداوته لغيره وقد كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ منها فيقول تعوذوا بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء رواه البخاري.
حكمــــــة
الشك والريبة: الريبة معناها: قلق النفس واضطرابها وسوء الظن بمن حوله ووضعهم في مواضع التهمة والتردد ومجاهرتهم بذلك فتظهر فائدتها وهي الرهبة والانزجار وإن لم تكن ريبة –أي سوء ظن - تورث البغض والفتن. قال صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة احمد تحقيق الألباني( صحيح ) انظر حديث رقم : 3378 في صحيح الجامع .
حكمــــــة
من علاج أمراض القلوب: الهدية: إن من علاج أمراض القلوب: الإنفاق على المساكين والفقراء، فبهذه النفقة يذهب الحقد من قلوبهم بل تزيدهم حبا لمنفقها حيث أعانهم على متاعب الحياة ومواجهة مصاعبها وكذلك إهداء الهدية للأقارب والأصحاب الذين لا يستحقون النفقة فتكون دلالة على المحبة والمودة ويعم الحب على الجميع.
حكمــــــة
الصوم: عليكم بالصوم فالصوم طهارة للنفس زكاة للبدن فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر صوم ثلاثة أيام من كل شهر النسائي تحقيق الألباني ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2608 في صحيح الجامع . فيا من تبحث عن السعادة والحب والأمان وراحة البال كن طاهر النفس ونقي السريرة لا تحمل غلا لأحد ولا حقدا لأحد واطمئن نفسا بأن الله يدبر الأمر كيف يشاء وله ما أعطى وله ما أخذ وكل شيء عنده بمقدار وثق بأن الله حكيما عليما يرزق من يشاء كيف يشاء وبما يشاء ومن يستحق بما يستحق وتوكل على الله العزيز الحكيم وقل حسبي الله ونعم الوكيل.