فوائد من كتاب الرضا عن الله بقضائه
حكمــــــة
قال أبو عمرو الكندي قال أغارت الروم على جواميس لبشير الطبرى نحو من أربع مائة جاموس قال فاستركبني فركبت معه أ نا وابن له قال فلقينا عبيده الذين كانوا مع الجواميس معهم عصيهم قالوا يا مولانا ذهبت الجواميس فقال وأنتم أيضا فاذهبوا معها فأنتم أحرار لوجه الله فقال له ابنه يا أبت أفقرتنا فقال أسكت أي بني إن ربي عز و جل اختبرني فأحببت أن أزيده.
حكمــــــة
كان في خرابات القبائل بمصر رجل مجذوم وكان شاب من أهل مصر يختلف اليه يتعاهده ويغسل خرقه ويخدمه فتقرأ فتى من أهل مصر فقال للذي كان يخدمه انه بلغنى أنه يعرف اسم الله الأعظم وأنا أحب أن أجيئ معك اليه فأتاه فسلم عليه وقال يا عم إنه بلغنى أنك تعرف اسم الله الأعظم فلو سألته أن يكشف ما بك قال يا ابن أخي هو الذي أبلاني فأنا أكره أن أراده.
حكمــــــة
التقى يونس وجبريل صلى الله عليهما فقال يونس يا جبريل دلنى على أعبد أهل الأرض قال فأتى به على رجل قد قطع الجذام على يديه ورجليه وهو يقول متعتنى بهما حيث شئت وسلبتنيهما حيث شئت وأبقيت لى فيك الأمل يا بر يا وصول فقال يونس يا جبريل انما سألتك أن ترينيه صواما قواما قال جبريل ان هذا كان قبل البلاء هكذا وقد أمرت أن أسلبه بصره قال فأشار إلى عينيه بإصبعه فسالتا فقال متعتنى بهما حيث شئت وسلبتنيها حيث شئت وأبقيت لى فيك الأمل يا بر يا وصول فقال جبريل هلم تدعو وندعو معك فيرد عليك يديك ورجليك وبصرك فتعود إلى العبادة إلتى كنت فيها قال ما أحب ذاك قال ولم قال اذا كان محبته في هذا فمحبته أحب إلى من ذلك قال فقال يونس صلى الله عليه و سلم يا جبريل بالله ما رأيت أحد أعبد من هذا قط فقال جبريل يا يونس إن هذا الطريق لا يوصل إلى رضى الله بشئ أفضل منه.
حكمــــــة
عن مسروق قال كان رجل بالبادية له كلب وحمار وديك فالديك يوقظهم للصلاة والحمار ينقلون عليه الماء وتحمل لهم خباءهم والكلب يحرسهم قال فجاء ثعلب فأخذ الديك فحزنوا لذهاب الديك وكان الرجل صالحا فقال عسى أن يكون خيرا ثم مكثوا ما شاء الله ثم جاء ذئب فخرق بطن الحمار فقتله فحزنوا لذهاب الحمار فقال الرجل الصالح عسى أن يكون خيرا ثم مكثوا ما شاء الله ثم أصيب الكلب فقال الرجل الصالح عسى أن يكون خيرا ثم مكثوا ما شاء الله بعد ذاك فأصبحوا ذات يوم فنظروا فإذا قد سبى من حولهم وبقواهم وانما أخذوا أولئك لما كان عندهم من الصوت والجلبة ولم يكن عند أولئك شئ يجلب قد ذهب كلبهم وحمارهم وديكهم.
حكمــــــة
عن عبد الواحد بن زيد قال خرجنا أنا وفرقد السبخى ومحمد بن واسع ومالك ابن دينار نزور أخا لنا بأرض فارس فلما جاوزنا رامهرمز اذا نحن بضوء في سفح جبل فتراكضنا نحوه فإذا نحن برجل مجذوم متفطر قيحا ودما فقال له بعضنا يا هذا لو دخلت هذه المدينة فتداويت وتعالجت من بلائك هذا فقال فرفع طرفه إلى السماء ثم قال الهى أتيت بهؤلاء يسخطونى عليك لك الكرامة والعتبى بأنى لا أخالفك أبدا
حكمــــــة
اشتكى عمران بن حصين فدخل عليه جار له فاستبطاه في العيادة فقال له يا أبا نجيد ان بعض ما يمنعنى عن عيادتك ما أرى بك من الجهد قال فلا تفعل فإن أحبه إلى أحبه إلى الله ولا تبتئس لى بما ترى لرأيت اذا كان ما ترى مجازاة بذنوب قد مضت وأنا أرجو عفو الله على ما بقى فإنه قال " وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ "
حكمــــــة
قال رجل لأمتحنن أهل البلاء فقال فدخلت على رجل بطرسوس وقد أكلت الآكلة أطرافه فقلت له كيف أصبحت قال أصبحت والله وكل عرق وعضو يألم على حدته من الوجع لو أن الروم في كفرها وشركها اطلعت على لرحمتنى مما أنا فيه وان ذلك لبعين الله أحبه إلى أحبه إلى الله وما قدر ما أخذ ربى منى وددت أن ربى قطع منى الأعضاء التى اكتسب بها الإثم وأنه لم يبق منى إلا لسانى يكون له ذاكرا فقال له رجل متى بدأت بك هذه العلة قال أما كفاك الخلق كلهم عبيد الله وعياله فإذا نزلت بالعباد علة فالشكوى إلى الله ليس يشكى الله إلى العباد.
حكمــــــة
قال ابن عون: ارض بقضاء الله على ما كان من عسر ويسر فإن ذلك أقل لهمك وأبلغ فيما تطلب من آخرتك واعلم أن العبد لن يصيب حقيقة الرضا حتى يكون رضاه عند الفقر والبؤس كرضاه عند الغناء والرخاء كيف تستقضى الله في أمرك ثم تسخط إن رأيت قضاءه مخالفا لهواك ولعل ما هويت من ذلك لووفق لك لكان فيه هلكتك وترضى قضاءه اذا وافق هواك وذلك لقلة علمك بالغيب وكيف تستقضيه ان كنت كذلك ما أنصفت من نفسك ولا أصبت باب الرضا.
حكمــــــة
قال بشر بن بشار المجاشعى وكان من العابدين: لقيت عبادا ثلاثة ببيت المقدس فقلت لأحدهم أوصنى قال ألق نفسك مع القدر حيث ألقاك فهو أحرى أن تفرغ قلبك ويقل همك واياك أن تسخط ذلك فيحل بك السخط وأنت عنه في غفلة لا تشعر به قال وقلت للآخر أوصنى قال ما أنا بمستوص فأوصيك قلت على ذلك عسى الله أن ينفع بوصيتك قال أما اذ أبيت إلا الوصية فاحفظ عنى التمس رضوانه في ترك مناهيه فهو أوصل لك إلى الزلفى لديه قال فقلت لآخر أوصني فبكى فاستجر سفوحا يعنى بالدموع ثم قال أي أخي لا تبتغي في أمرك تدبيرا غير تدبيره فتهلك فيمن هلك وتضل فيمن ضل.
حكمــــــة
لما هلك عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز وسهل بن عبد العزيز ومزاحم مولى عمر في أيام متتابعة دخل عليه الربيع بن سبرة فقال عظم الله أجرك يا أمير المؤمنين فما رأيت أحدا أصيب بأعظم من مصيبتك في أيام متتابعة والله ما رأيت مثل ابنك ابنا ولا مثل أخيك أخا ولا مثل مولاك مولى قط فطأطأ رأسه فقال لى رجل معه على الوسادة لقد هيجت عليه قال ثم رفع رأسه فقال كيف قلت الآن يا ربيع فأعدت عليه ما قلت أولا فقال لا والذي قضى عليه أو قال عليهم الموت ما أحب أن شيئا كان من ذلك لم يكن.
حكمــــــة
قال زياد بن أبى حسان أنه شهد عمر بن عبد العزيز حين دفن ابنه عبد الملك قال فلما سوى عليه قبره بالأرض وجعلوا في قبره خشبتين من زيتون احداهما عند رأسه والأخرى عند رجله ثم جعل قبره بينه وبين القبلة ثم استوى قائما وأحاط به الناس فقال رحمك الله يا بنى لقد كنت برأ بأبيك وما زلت منذ وهبك الله لى بك مسرورا ولا والله ما كنت قط أشد سرورا ولا أرجى لحظى من الله فيك منذ وضعتك في الموضع الذي صيرك الله فرحمك الله وغفر لك ذنبك وجزاك بأحسن عملك وتجاوز عن سيئة ورحم كل شافع يشفع لك بخير من شاهد وغائب ورضينا بقضاء الله وسلمنا لأمره والحمد لله رب العالمين ثم انصرف.
حكمــــــة
عن عامر بن عبد قيس قال ما أبالي ما فاتنى من الدنيا بعد آيات في كتاب الله قوله " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ " وقوله " مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ " وقوله " وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "