فوائد من كتاب الرضا عن الله بقضائه
عن علقمة " ومن يؤمن بالله يهد قلبه " قال هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى .
قال عمر بن ذر : بلغنا أن أم الدرداء كانت تقول ان الراضين بقضاء الله الذين ما قضى لهم رضوا به لهم في الجنة منازلا يغبطهم بها الشهداء يوم القيامة .
عن سليمان بن المغيرة قال كان فيما أوحى الله إلى داود عليه السلام يا داود إنك لن تلقانى بعمل هو أرضى لي عنك ولا أحط لوزرك من الرضا بقضائي ولن تلقانى بعمل هو أعظم لوزرك ولا أشد لسخطي عليك من البطر فإياك يا داود والبطر .
عن يونس بن محمد المكى قال زرع رجل من أهل الطائف زرعا فلما بلغ أصابته آفة فاحترق فدخلنا عليه نوسيه عنه فبكى فقال والله ما عليه أبكى ولكن سمعت الله تبارك وتعالى يقول " كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته " فأخاف أن أكون من هذه الصفة فذلك الذي أبكاني .
قال أبو سليمان الدارانى قال أرجو أن أكون قد رزقت من الرضا طرفا لو أدخلنى النار لكنت بذلك راضيا .
اجتمع مالك بن دينار ومحمد بن واسع فتذاكرا العيش فقال مالك ما شئ أفضل من أن يكون للرجل غلة يعيش فيها فقال محمد طوبى لمن وجد غداء ولم يجد عشاء ووجد عشاء ولم يجد غداء وهو عن الله عز و جل راض أو قال والله عنه راض .
قال أبو عمرو الكندي قال أغارت الروم على جواميس لبشير الطبرى نحو من أربع مائة جاموس قال فاستركبني فركبت معه أ نا وابن له قال فلقينا عبيده الذين كانوا مع الجواميس معهم عصيهم قالوا يا مولانا ذهبت الجواميس فقال وأنتم أيضا فاذهبوا معها فأنتم أحرار لوجه الله فقال له ابنه يا أبت أفقرتنا فقال أسكت أي بني إن ربي عز و جل اختبرني فأحببت أن أزيده .
كان في خرابات القبائل بمصر رجل مجذوم وكان شاب من أهل مصر يختلف اليه يتعاهده ويغسل خرقه ويخدمه فتقرأ فتى من أهل مصر فقال للذي كان يخدمه انه بلغنى أنه يعرف اسم الله الأعظم وأنا أحب أن أجيئ معك اليه فأتاه فسلم عليه وقال يا عم إنه بلغنى أنك تعرف اسم الله الأعظم فلو سألته أن يكشف ما بك قال يا ابن أخي هو الذي أبلاني فأنا أكره أن أراده .
قال حفص بن حميد كنت عند عبد الله بن المبارك بالكوفة حين ماتت امرأته فسألته ما الرضا قال الرضا الاظهار خلاف حاله .
قال قادم الديلمى العابد قلت للفضيل بن عياض من الراضى عن الله قال الذي لا يجب أن يكون على غير منزلته إلتي جعل فيها .
قال أبو عبد الله البراثى لن يرد يوم الآخر أرفع درجات من الراضين عن الله عز و جل على كل حال .
التقى يونس وجبريل صلى الله عليهما فقال يونس يا جبريل دلنى على أعبد أهل الأرض قال فأتى به على رجل قد قطع الجذام على يديه ورجليه وهو يقول متعتنى بهما حيث شئت وسلبتنيهما حيث شئت وأبقيت لى فيك الأمل يا بر يا وصول فقال يونس يا جبريل انما سألتك أن ترينيه صواما قواما قال جبريل ان هذا كان قبل البلاء هكذا وقد أمرت أن أسلبه بصره قال فأشار إلى عينيه بإصبعه فسالتا فقال متعتنى بهما حيث شئت وسلبتنيها حيث شئت وأبقيت لى فيك الأمل يا بر يا وصول فقال جبريل هلم تدعو وندعو معك فيرد عليك يديك ورجليك وبصرك فتعود إلى العبادة إلتى كنت فيها قال ما أحب ذاك قال ولم قال اذا كان محبته في هذا فمحبته أحب إلى من ذلك قال فقال يونس صلى الله عليه و سلم يا جبريل بالله ما رأيت أحد أعبد من هذا قط فقال جبريل يا يونس إن هذا الطريق لا يوصل إلى رضى الله بشئ أفضل منه .
عن خزيمة أبى محمد العابد قال مر نبي من الأنبياء برجل قد نبذه أهله من البلاء فقال يا رب عبدك هذا لو نقلته من حاله فأوحى الله اليه أن سله يحب أن أنقله فقال له يا هذا ما تحب أن ينقلك الله من حالك هذه إلى غيرها فقال الرجل أتخير على الله ذلك اليه .
عن مسروق قال كان رجل بالبادية له كلب وحمار وديك فالديك يوقظهم للصلاة والحمار ينقلون عليه الماء وتحمل لهم خباءهم والكلب يحرسهم قال فجاء ثعلب فأخذ الديك فحزنوا لذهاب الديك وكان الرجل صالحا فقال عسى أن يكون خيرا ثم مكثوا ما شاء الله ثم جاء ذئب فخرق بطن الحمار فقتله فحزنوا لذهاب الحمار فقال الرجل الصالح عسى أن يكون خيرا ثم مكثوا ما شاء الله ثم أصيب الكلب فقال الرجل الصالح عسى أن يكون خيرا ثم مكثوا ما شاء الله بعد ذاك فأصبحوا ذات يوم فنظروا فإذا قد سبى من حولهم وبقواهم وانما أخذوا أولئك لما كان عندهم من الصوت والجلبة ولم يكن عند أولئك شئ يجلب قد ذهب كلبهم وحمارهم وديكهم .
قال عمر بن الخطاب ما أبالي على أي حال أصبحت على ما أحب أو على ما أكره لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره .
عن أبى عبد الله النباجي قال إن أحببتم أن تكون أبدالا فأحبوا ما شاء الله ومن أحب ما شاء الله لم ينزل به من مقادير الله وأحكامه شئ إلا أحبه .
عن أبى عبد الله النباجى قال ان في خلق الله خلقا يستحيون من الصبر لو يعلمون مواقع أقداره تلقفوها تلقفا .
قال بعض الحكماء ان لله عبادا يستقبلون المصائب بالبشر فقال آخر اولئك الذين سبقت من الدنيا بلوتهم .
عن وهب بن منبه قال وجدت في زبور داود يا داود هل تدرى من أسرع الناس مرا على الصراط الذين يرضون بحكمي ألسنتهم رطبة من ذكرى .
كان بالبصرة رجل يقال له شداد أصابه الجذام فقطع فدخل عليه عواده من أصحاب الحسن فقالوا له كيف تجدك قال بخير قال أما انه ما فاتنى حزبى بالليل منذ سقطت وما لى إلا أنى لا أقدر على أن أحضر صلاة الجماعة .
عن محمد بن كعب قال : قال موسى النبي صلى الله عليه و سلم آي رب أي خلقك أعظم ذنبا قال الذي يتهمنى قال آي رب وهل يتهمك أحد قال نعم الذي يستخيرنى ولا يرضى بقضائى .
عن الحسن قال كانت الدود لتقع من جسد أيوب فيأخذها فيعودها إلى مكانها ويقول كلى من رزق الله .
عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز كان يقول لقد تركنى هؤلاء الدعوات وما لى في شئ من الأمور كلها أردت إلا في مواقع قدر الله قال وكان كثيرا مما يدعوا بها اللهم رضنى بقضائك وبارك لى في قدرك حتى لا أحب تعجيل شئ أخرته ولا تأخير شئ عجلته .
دخل أبو الدرداء على رجل وهو يموت وهو يحمد الله فقال أبو الدرداء أصبت إن الله إذا قضى قضاء أحب أن يرضى به .
مات ابن لرجل فحضره عمر بن عبد العزيز وكان الرجل حسن العزاء فقال رجل من القوم هذا والله الرضا فقال عمر بن عبد العزيز أو الصبر قال سليمان الصبر دون الرضا الرضا أن يكون الرجل قبل نزول المصيبة راض بأي ذلك كان والصبر أن يكون بعد نزول المصيبة يصبر .
عن عبد الواحد بن زيد قال خرجنا أنا وفرقد السبخى ومحمد بن واسع ومالك ابن دينار نزور أخا لنا بأرض فارس فلما جاوزنا رامهرمز اذا نحن بضوء في سفح جبل فتراكضنا نحوه فإذا نحن برجل مجذوم متفطر قيحا ودما فقال له بعضنا يا هذا لو دخلت هذه المدينة فتداويت وتعالجت من بلائك هذا فقال فرفع طرفه إلى السماء ثم قال الهى أتيت بهؤلاء يسخطونى عليك لك الكرامة والعتبى بأنى لا أخالفك أبدا
عن زيد بن أسلم قال قال موسى صلى الله عليه و سلم يا رب من الأمة المرحومة قال أمة أحمد يرضون بالقليل من العطاء وأرضى منهم بالقليل من العمل وأدخلهم الجنة بأن يقولوا لا إله الا الله .
قال ابن عمر : ان الرجل ليستخير الله فيختار له فيتسخط على ربه ولا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو قد خير له .
عن خيثمة عن عبد الله قال إن الرجل ليشرف على الأمر من التجارة أو الإمارة حتى إذا رأى أنه قد قدر عليه ذكره الله فوق سبع سموات فيقول للملك اذهب فاصرف عن عبدى هذا فإنى إن أيسره له أدخله جهنم فيجئ الملك فيعوقه فيصرف عنه فيظل يتطير بجيرانه دهانى فلان سبقنى فلان وما صرفه عنه إلا الله
قال أبو الدرداء ذروة الإيمان أربع خلال الصبر للحكم والرضا بالقدر والإخلاص للتوكل والاستسلام للرب عز و جل .
قال عبد الله بن مسعود ما أبالي اذا رجعت إلى أهلي على أي حال أراهم أبسراء أم بضراء وما أصبحت على حال فتمنيت أني على سواها .
عن مطرف قال : أتيت عمران بن حصين يوما فقلت له والله انى لأدع إتيانك لما أراك فيه ولما أراك تلقى قال فلا تفعل فوالله ان أحبه الى أحبه إلى الله قال جرير وكان سقى بطنه فمكث ثلاثين سنة على سرير منقوب .
اشتكى عمران بن حصين فدخل عليه جار له فاستبطاه في العيادة فقال له يا أبا نجيد ان بعض ما يمنعنى عن عيادتك ما أرى بك من الجهد قال فلا تفعل فإن أحبه إلى أحبه إلى الله ولا تبتئس لى بما ترى لرأيت اذا كان ما ترى مجازاة بذنوب قد مضت وأنا أرجو عفو الله على ما بقى فإنه قال " وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ "
عن عمران بن حصين أنه سقى بطنه فتقبله سرير فأجبر عليه ثلاثين سنة قال وكانت الملائكة تسلم عليه حتى اكتوى قبل وفاته بسنتين فلما أكتوى فقد التسليم عليه ثم عاد اليه .
عن إبراهيم أن أم الأسود أقعدت من رجليها فجزعت ابنة لها فقالت لا تجزعى اللهم إن كان خيرا فزد .
قال رجل لأمتحنن أهل البلاء فقال فدخلت على رجل بطرسوس وقد أكلت الآكلة أطرافه فقلت له كيف أصبحت قال أصبحت والله وكل عرق وعضو يألم على حدته من الوجع لو أن الروم في كفرها وشركها اطلعت على لرحمتنى مما أنا فيه وان ذلك لبعين الله أحبه إلى أحبه إلى الله وما قدر ما أخذ ربى منى وددت أن ربى قطع منى الأعضاء التى اكتسب بها الإثم وأنه لم يبق منى إلا لسانى يكون له ذاكرا فقال له رجل متى بدأت بك هذه العلة قال أما كفاك الخلق كلهم عبيد الله وعياله فإذا نزلت بالعباد علة فالشكوى إلى الله ليس يشكى الله إلى العباد .
عن على بن الحسين قال كان رجل بالمصيصة ذاهب النصف الأسفل لم يبق منه إلا روحه في بعض جسده ضرير على سرير مثقوب فدخل عليه داخل فقال له كيف أصبحت يا أبا محمد قال ملك الدنيا منقطع إلى الله ما لى اليه من حاجة إلا أن يتوفانى على الاسلام .
عن خلف بن اسماعيل قال سمعت رجلا مبتلى من هؤلاء الزمنى يقول وعزتك لو أمرت الهوام فقسمتنى مضغا ما ازددت لك بتوفيقك الا صبرا وعنك بمنك ونعمتك إلا رضا قال خلف وكان الجذام قد قطع يديه ورجليه وعامة بدنه .
وعظ عابد جبارا فأمر به فقطعت يداه ورجلاه وحمل إلى متعبده فجاء إخوانه يعزونه فقال لا تعزونى ولكن هنئونى بما ساق الله الى ثم قال الهى أصبحت في منزلة الرغائب انظر إلى العجائب الهى أنت تودد بنعمتك إلى من يوذيك فكيف توددك إلى من يوذى فيك .
قال ابن عون : ارض بقضاء الله على ما كان من عسر ويسر فإن ذلك أقل لهمك وأبلغ فيما تطلب من آخرتك واعلم أن العبد لن يصيب حقيقة الرضا حتى يكون رضاه عند الفقر والبؤس كرضاه عند الغناء والرخاء كيف تستقضى الله في أمرك ثم تسخط إن رأيت قضاءه مخالفا لهواك ولعل ما هويت من ذلك لووفق لك لكان فيه هلكتك وترضى قضاءه اذا وافق هواك وذلك لقلة علمك بالغيب وكيف تستقضيه ان كنت كذلك ما أنصفت من نفسك ولا أصبت باب الرضا .
قال وهب بن منبه : قال داود عليه السلام رب آي عبادك أبغض اليك قال عبد استخارنى في أمر فخرت له فلم يرض به .
قال بشر بن بشار المجاشعى وكان من العابدين : لقيت عبادا ثلاثة ببيت المقدس فقلت لأحدهم أوصنى قال ألق نفسك مع القدر حيث ألقاك فهو أحرى أن تفرغ قلبك ويقل همك واياك أن تسخط ذلك فيحل بك السخط وأنت عنه في غفلة لا تشعر به قال وقلت للآخر أوصنى قال ما أنا بمستوص فأوصيك قلت على ذلك عسى الله أن ينفع بوصيتك قال أما اذ أبيت إلا الوصية فاحفظ عنى التمس رضوانه في ترك مناهيه فهو أوصل لك إلى الزلفى لديه قال فقلت لآخر أوصني فبكى فاستجر سفوحا يعنى بالدموع ثم قال أي أخي لا تبتغي في أمرك تدبيرا غير تدبيره فتهلك فيمن هلك وتضل فيمن ضل .
قال أبو عبد الرحمن حاتم الجرجانى بلغنى ان لله تبارك وتعالى عبادا رفعيا إلا أن بعضهم أرفع من بعض ذهبت أعزى رجلا وقد قتلت الترك ابنه فبكى حيث رآنى فقلت ما يبكيك وقد قتل ابنك في سبيل الله قال يا أبا عبد الرحمن أنت تظن أنى أبكى لقتله إنما أبكى كيف كان رضاه عن الله حيث أخذته السيوف .
عن الحسن قال أوحى الله عز و جل إلى عيسى عليه السلام أن قل لبنى اسرائيل يحفظوا عنى حرفين لن يرضوا بدنئ الدنيا مع سلامة دينهم كما أن أهل الدنيا رضوا بدنئ الدين لسلامة دنياهم .
عن أبى حيان التيمى قال دخلوا على سويد بن مثعبة وكان من أفاضل أصحاب عبد الله , وأهله يقول له نفسى فداءك إما نطعمك إما نسقيك قال فأجابها بصوت له ضعيف بلغت الحراقف وطالت الضجعة والله مايسرنى أن الله نقصنى منه قلامة ظفر .
عن على بن صالح البكاء ان إبراهيم صلى الله عليه و سلم لما أضجع ابنه ليذبحه قال يا أبت شددنا فانى أخاف أن تنظر الى وأنت تذبحنى فلا تمضى لأمر ربك أو أنظر إليك وأنت تذبحنى فلا أدعك تمضى لأمر ربك قال فكبه لوجهه فذلك قول الله " فلما أسلما وتله للجبين "
قال الحسن في قوله " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات " قال ابتلاه بالكوكب فرضى عنه وابتلاه بذبح ابنه فرضى عنه وابتلاه بالهجرة فرضى عنه وابتلاه بالنار فرضى عنه وابتلاه بالختان .
لما هلك عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز وسهل بن عبد العزيز ومزاحم مولى عمر في أيام متتابعة دخل عليه الربيع بن سبرة فقال عظم الله أجرك يا أمير المؤمنين فما رأيت أحدا أصيب بأعظم من مصيبتك في أيام متتابعة والله ما رأيت مثل ابنك ابنا ولا مثل أخيك أخا ولا مثل مولاك مولى قط فطأطأ رأسه فقال لى رجل معه على الوسادة لقد هيجت عليه قال ثم رفع رأسه فقال كيف قلت الآن يا ربيع فأعدت عليه ما قلت أولا فقال لا والذي قضى عليه أو قال عليهم الموت ما أحب أن شيئا كان من ذلك لم يكن .
قال زياد بن أبى حسان أنه شهد عمر بن عبد العزيز حين دفن ابنه عبد الملك قال فلما سوى عليه قبره بالأرض وجعلوا في قبره خشبتين من زيتون احداهما عند رأسه والأخرى عند رجله ثم جعل قبره بينه وبين القبلة ثم استوى قائما وأحاط به الناس فقال رحمك الله يا بنى لقد كنت برأ بأبيك وما زلت منذ وهبك الله لى بك مسرورا ولا والله ما كنت قط أشد سرورا ولا أرجى لحظى من الله فيك منذ وضعتك في الموضع الذي صيرك الله فرحمك الله وغفر لك ذنبك وجزاك بأحسن عملك وتجاوز عن سيئة ورحم كل شافع يشفع لك بخير من شاهد وغائب ورضينا بقضاء الله وسلمنا لأمره والحمد لله رب العالمين ثم انصرف .
عن وهب بن منبه قال وجدت في زبور داود عليه السلام يا داود هل تدرى آي الفقراء أفضل قال الذين يرضون بحكمي وبقسمى ويحمدوننى على ما أنعمت عليهم هل تدرى يا داود آي المؤمنين أعظم عندي منزلة الذي هو بما أعطى أشد فرحا منه بما حبس .
عن محمد بن على أن بعض أهله اشتكى فوجد عليه ثم أخبر بموته فسرى عنه فقيل له فقال ندعو الله فيما نحب فإذا وقع ما نكره لم نخالف الله فيما أحب .
عن عامر بن عبد قيس قال ما أبالي ما فاتنى من الدنيا بعد آيات في كتاب الله قوله " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ " وقوله " مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ " وقوله " وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
كان الحسن يقول ارض عن الله يرضى الله عنك وأعط الله الحق من نفسك أما سمعت ما قال تبارك وتعالى " رضى الله عنهم ورضوا عنه "
عن صالح بن أبى شعيب قال : أوحى الله إلى عيسى بن مريم اصبر على البلاء وارض بالقضاء وكن كمسرتى فيك فان مسرتى أن أطاع ولا أعصى .
قال ابن مسعود :إن الله تبارك وتعالى بقسطه وعلمه جعل الروح والفرج في اليقين والرضا وجعل الهم والحزن في الشك والسخط .
قال الحسن : من رضى بما قسم الله له وسعه وبارك الله له فيه ومن لم يرض لم يوسعه ولم يبارك له فيه .
اشتكى ابن لعبد الله بن عمر فاشتد وجده عليه حتى قال بعض القوم لقد خشينا على هذا الشيخ ان حدث بهذا الغلام حدث فمات الغلام فخرج ابن عمر في جنازته وما رجل ابدا سرورا منه فقيل له في ذلك فقال ابن عمر إنما كان رحمة لى فلما وقع أمر الله رضينا به .
قال عبد الواحد بن جرير الدمشقى في زبور داود صلى الله عليه و سلم طوبى لرجل اطلع الله من قبله على الرضا يستوجب عظيما من الجزاء طوبى لمن لم يهمه هم الناس واذا عرض له غضب فيه معصية كظم الغيظ بالحلم .
عن أحمد بن أبى الحوارى قال سمعت أبا سليمان يعنى الدارانى يقول ما أعرف للرضا حد ولا للزهد حد ولا للورع حد ما أعرف من كل شئ إلا طريقه قال أحمد فحدثت به سليمان ابنه فقال لكنى أعرفه من رضى في كل شئ فقد بلغ حد الرضا ومن زهد في كل شئ فقد بلغ حد الزهد ومن تورع عن كل شئ فقد بلغ حد الورع .