فوائد من كتاب الصبر والثواب عليه
حكمــــــة
عن يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال : جلس إلي يوما زياد مولى ابن عياش ، فقال لي : يا عبد الله قلت : « ما تشاء ؟ » فقال : ما هي إلا الجنة والنار ؟ قلت : « لا والله ما هي إلا الجنة والنار » . قال : ما بينهما منزل ينزله العباد ؟ فقلت : ما بينهما منزل ينزله العباد قال : « فوالله لنفسي نفس أضن بها عن النار ، وللصبر اليوم عن معاصي الله خير من الصبر على الأغلال في نار جهنم »
حكمــــــة
قال الحسن بن صالح : « لقد دخل التراب من هذا المصر قوم قطعوا عنهم الدنيا بالصبر على طاعة الله ، وبين لهم هذا القرآن غير الدنيا قال : أفرأيت إن متعناهم سنين ، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون » ثم بكى حسن ، ثم قال : « إذا جاء الموت وسكراته لم يغن عن الفتى ما كان فيه من النعيم واللذة ثم مال مغشيا عليه »
حكمــــــة
قال خلف : « وسمعت رجلا منهم يقول : إن كنت إنما ابتليتني لتعرف صبرى فأفرغ علي صبرا يبلغني رضاك عني ، وإن كنت إنما ابتليتني لتثيبني وتأجرني وتجعل بلاءك لي سببا إلى رحمتك بي ، فمن من عبادك أعظم نعمة ومنة مننت بها علي إذ رأيتني لاختبارك لها أهلا ، فلك الحمد على كل حال ، فأنت أهل كل خير وولي كل نعمة قال : فلما كان بالعشي مات »
حكمــــــة
قال خلف : فذكرت ذلك لرجل منهم يكنى أبا ميمون ، وكان عاقلا ، فقال : يا أبا إسماعيل إن للصبر شروطا قلت : ما هي يا أبا ميمون ؟ قال : « إن من شروط الصبر أن تعرف كيف تصبر ؟ ولمن تصبر ؟ وما تريد بصبرك ؟ وتحتسب في ذلك وتحسن النية فيه ، لعلك إن يخلص لك صبرك ، وإلا فإنما أنت بمنزلة البهيمة نزل بها البلاء فاضطربت لذلك ، ثم هدأ فهدأت ، فلا هي عقلت ما نزل بها فاحتسبت وصبرت ولا هي صبرت ، ولا هي عرفت النعمة حين هدأ ما بها فحمدت الله على ذلك وشكرت »
حكمــــــة
عن يزيد بن تميم قال : لما أدخل إبراهيم التيمي سجن الحجاج ، رأى قوما مقرنين في الأغلال ، يقومون جميعا ويقعدون جميعا ، فقال : « يا أهل بلاء الله في نعمته ، ويا أهل نعمته في بلائه ، إن الله قد رآكم أهلا أن يختبركم ، فأروه أهلا أن تصبروا له » . فقالوا : من أنت رحمك الله ؟ قال : « من ينتظر من البلاء مثل ما نزل بكم » ، قالوا : ما نحب أن نخرج من موضعنا .
حكمــــــة
عن ربعي بن حراش ، أن عمر ، بعث إلى عزبة من الأرض ، فأتى بأشياخ من بني عبس ، فقال : إنكم قاتلتم الناس في الجاهلية ، « فأي الخيل وجدتم أصبر ؟ » قالوا : الكمت الخمر قال : « فأي الإبل وجدتم أصبر ؟ » قالوا : الحمر الجعاد قال : « فأي النساء وجدتم أصبر ؟ » قالوا : ما صبرت فينا غريبة قط قال : « بم كنتم تغلبون الناس ؟ » قالوا : بالصبر ، لم نلق قوما إلا صبرنا لهم ما صبروا لنا .
حكمــــــة
عن هشام بن محمد ، أن زيد بن صوحان ، أصيبت يده في بعض فتوح العراق ، فتبسم والدماء تشخب ، فقال له رجل من قومه : ما هذا موضع تبسم فقال زيد : « ألم حل هونه ثواب الله عليه ، أفأردفه بألم الجزع الذي لا جدوى فيه ، ولا دريكة لفائت معه ؟ وفي تبسمي عزية لبعض المؤتسين من المؤمنين » فقال الرجل : أنت أعلم بالله مني .