فوائد من كتاب ذم الدنيا
حكمــــــة
عن أبي أمامة الباهلي قال: لما بعث محمد صلى الله عليه و سلم أتت إبليس جنوده وقالوا: قد بعث نبي وأخرجت أمته قال: يحبون الدنيا؟ قالوا: نعم قال: لئن كانوا يحبونها ما أبالي أن لا يعبدوا الأوثان وأنا أغدو عليهم وأروح بثلاث: أخذ المال من غير حقه وإنفاقه في غير حقه وإمساكه عن حقه والشر كله لهذا تبع.
حكمــــــة
عن الحسن قال: بينما رجلان من صدر هذه الأمة يتراجعان بينهما أمر الناس فقال أحدهما لصاحبه: لا أبا لك أما ترى الناس وقد أتى ما أهلكهم عن هذا الأمر بعدما زعموا أن قد آمنوا؟ قال: جعل يقول: ضعف الناس الذنوب والشيطان قال: وجعل يعرض بأمور لا توافق الرجل في نفسه فلما رأى ذلك قال: بل خرجوا عن هذا الأمر بعدما زعموا أن قد آمنوا إن الله عز و جل أشهر الدنيا وغيب الآخرة فاخذ الناس بالشاهد وتركوا الغائب والذي نفس عبد الله بن قيس بيده لو أن الله قرن إحداهما إلى جانب الأخرى حتى يعاينها الناس ما عدلوا ولا امتثلوا.
حكمــــــة
عن جابر بن عون الأسدي قال: أول كلام تكلم به سليمان بن عبد الملك أن قال: الحمد لله الذي ما شاء صنع وما شاء رفع وما شاء وضع ومن شاء أعطى ومن شاء منع إن الدنيا دار غرور ومنزل باطل وزينة تتقلب تضحك باكيا وتبكي ضاحكا وتخيف آمنا وتؤمن خائفا وتفقر مثريها وتثري فقيرها ميالة لاعبة بأهلها يا عباد الله اتخذوا كتاب الله إماما وارضوا به واجعلوه لكم قائدا فإنه ناسخ لما قبله ولن ينسخه كتاب بعده اعلموا عباد الله إن هذا القرآن يجلو كيد الشيطان وضغائنه كما يجلو ضوء الصبح إذا تنفس إدبار الليل إذا عسعس.
حكمــــــة
عن وهب بن منبه قال: قال عيسى: بحق أقول لكم كما ينظر المريض إلى طيب الطعام فلا يلتذ به من شدة الوجع كذلك صاحب الدنيا لا يلتذ العبادة ولا يجد حلاوتها مع ما يجد من حب الدنيا وبحق أقول لكم إن الدابة إذا لم تركب وتمتهن تصعبت وتغير خلقها كذلك القلوب إذا لم ترقق بذكر الموت وتنصبها دأب العبادة تقسو وتغلظ بحق أقول لكم إن الزق ما لم بنخرق أو يقحل فسوف يكون وعاء للعسل وكذلك القلوب ما لم تحرقها الشهوات أو يدنسها الطمع أو يقسيها النعيم فسوف تكون أوعية للحكمة.
حكمــــــة
قال أبو محرز الطفاوي: كلف الناس بالدنيا ولن ينالوا منها فوق قسمتهم وأعرضوا عن الآخرة وببغيتها يرجو العباد نجاة أنفسهم قال: قال أبو محرز: لما بان للأكياس أعلى الدارين منزلة طلبوا العلو بالعلو من الأعمال وعلموا أن الشيء لا يدرك بأكثر منه فبذلوا أكثر ما عندهم بذلوا والله المهج رجاء الراحة لديه والفرج في يوم لا يخيب فيه له طالب.
حكمــــــة
عن الحسن قال: خطب عتبة بن غزوان الناس بالبصرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس إن هذه الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء وإنكم مفارقوها لا محالة فانتقلوا منها بخير ما بحضرتكم والذي نفسي بيده ما كانت قبلك نبوة إلا تناسخت حتى يكون آخرها ملكا وستبلون الأمراء بعدنا.
حكمــــــة
عن يزيد بن أبي حبيب: أن علي بن رباح أخبره أنه سمع عمرو بن العاص يقول على المنبر: والله ما رأيت قوما قط أرغب فيما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يزهد فيه منكم يرغبون في الدنيا وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يزهد فيها والله ما مر رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاث من الدهر إلا والذي عليه أكثر من الذي له.
حكمــــــة
عن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أخ له: يا أخي إنك قد قطعت عظيم السفر وبقي أقله فاذكر يا أخي المصادر والموارد فقد أوحي إلى نبيك محمد صلى الله عليه و سلم في القرآن أنك من أهل الورود ولم يخبرك أنك من أهل الصدر والخروج وإياك أن تغرك الدنيا فإن الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له أي أخي إن أجلك قد دنا فكن وصي نفسك ولا تجعل الرجال أوصياءك.
حكمــــــة
قال ابن عباس: يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها بادية مشوهة خلقها فتشرف على الخلائق فيقال: أتعرفون هذه؟ فيقولون: نعوذ بالله من معرفة هذه فقال: هذه الدنيا التي تناحرتم عليها بها تقاطعتم الأرحام وبها تحاسدتم وتباغضتم واغتررتم ثم تقذف في جهنم فتنادي أي رب أين أتباعي وأشياعي؟ فيقول الله عز و جل: ألحقوا بها أتباعها وأشياعها.
حكمــــــة
عن الفضيل قال: بلغني أن رجلا عرج بروحه قال: فإذا بامرأة على قارعة الطريق عليها من كل زينة الحلى والثياب وإذا هي لا يمر بها أحد إلا جرحته وإذا هي أدبرت كانت أحسن شيء رآه الناس وإذا أقبلت كانت أقبح شيء رآه الناس عجوز شمطاء زرقاء عمشاء قال: فقلت: أعوذ بالله منك قالت: لا والله لا يعيذك الله حتى تبغض الدرهم قلت: من أنت؟ قالت: أما تعرفني؟ قلت: لا قالت: أنا الدنيا.
حكمــــــة
عن إبراهيم قال: سمعت الفضيل يقول: قيل: يا ابن آدم إجعل الدنيا دارا تبلغك لأثقالك واجعل نزولك فيها استراحتك لا يحسبك كالهارب من عدوك المستريح إلى أهله في طريق مخوفة لا يجد مسالما يقدم فيه من الراحة فتبدلت في سفره يستبقي صالح متاعه لإقامته فإن عجزت أن تكون كذلك في العمل فليكن ذلك هو الأصل وإياك أن تكون لصا من لصوص تلك الطريق ممن ينهون عنه وينأون عنه وإن آية العمى إذا أردت أن تعرف بذلك نفسك أو غيرك فإنها لا تقف عن الهلكة ولا تمض في الغربة فذلك أعمى القلب وإن كان بصيرا.
حكمــــــة
عن سفيان بن عيينة قال: والله ما أعطى الله عز و جل الدنيا من أعطاها إياه إلا اختبارا ولا زواها من زواها عنه إلا اختبارا وآية ذلك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم جاع وشبعتم ابن آدم تهيأ للجدل وتيسر لحسابك وانظر من موقفك على من يسألك عن النقير والقطمير والفتيل وما هو أصغر من ذلك وأكبر وما تغني حياة بعدها الموت قال: فقيل له: يا أبا محمد من يقول هذا؟ قال: ومن يحسن يقول هذا إلا الحسن.
حكمــــــة
عن بدر بن عثمان عن عمه قال: آخر خطبة خطبها عثمان في جماعة: إن الله إنما أعطاكم الدنيا لتطلبوا بها الآخرة ولم يعطكموها لتركنوا إليها إن الدنيا تفنى والآخرة تبقى لا تبطرنكم الفانية ولا تشغلنكم عن الباقية آثروا ما يبقى على ما يفنى فإن الدنيا منقطعة وإن المصير إلى الله عز و جل واتقوا الله فإن تقواه جنة من بأسه ووسيلة عنده واحذروا أمر الله والزموا جماعتكم ولا تصيروا أحزابا { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء } إلى آخر الآيتين [آل عمران: 103].
حكمــــــة
قال عبد الواحد بن زيد: بالله لحرص المرء على الدنيا أخوف عليه عندي من أعدى أعدائه له قال: وسمعته يقول: يا إخواتاه لا تغبطوا حريصا على ثروة ولا سعة في مكسب ولا مال وانظروا إليه بعين المقت له في فعله وبعين الرحمة له في اشتغاله اليوم بما يرد به غدا في المعاد قال: ثم يبكي ويقول: الحرص حرصان: فحرص فاجع وحرص نافع فأما النافع فحرص المرء على طاعة الله وأما الفاجع فحرص المرء على الدنيا متعذب مشغول لا يسر ولا يلذ بجمعه لشغله ولا يفرغ من محبته الدنيا لآخرته كدا كدا لما يفنى وغفلته عما يدوم ويبقى قال: ثم يبكي.
حكمــــــة
عن عطاء بن السائب قال: قال أبو عبد الرحمن السلمي: نزلنا وبيننا وبين المدائن فرسخ فأخذ أبي بيدي فذهب بي إلى الجمعة فإذا حذيفة يخطب فقال: ألا إن الساعة قد اقتربت وإن القمر قد انشق وإن الدنيا قد آذنت بفراق وإن المضمار اليوم وغدا السباق فقلت: يا أبتاه غدا يستبق الناس؟ فقال: يا بني ما أجهلك إنما يعني العمل فلما كانت الجمعة الثانية قال: مثلها وإن الغاية النار والسابق من سبق إلى الجنة.