فوائد من كتاب التوكل على الله
حكمــــــة
عن سعيد بن المسيب قال: التقى عبد الله بن سلام وسلمان، فقال أحدهما لصاحبه: إن مت قبلي فالقني، فأخبرني ما لقيت من ربك، وإن مت قبلك لقيتك، فأخبرتك. فقال أحدهما للآخر: أو تلقى الأموات الأحياء؟ قال: نعم أرواحهم تذهب في الجنة حيث شاءت. قال: فمات فلان فلقيه في المنام فقال: « توكل وأبشر، فلم أر مثل التوكل قط توكل وأبشر فلم أر مثل التوكل قط »
حكمــــــة
عن الفيض بن إسحاق قال: قلت للفضيل: « تحد لي التوكل؟ قال: آه، كيف تتوكل عليه وأنت يختار لك، فتسخط قضاءه أرأيت لو دخلت بيتك، فوجدت امرأتك قد عميت، وابنتك قد أقعدت وأنت قد أصابك الفالج، كيف كان رضاك بقضائه؟ قلت: كنت أخاف ألا أصبر. قال: فكيف لا، حتى يكون عندك واحدا ترضى بكل ما صنع في العافية والبلاء، لا تسخط على ما زوى عنك، وتثق بما آتاك. قال: ثم ذكر رجلا قد سماه قال: إني لأكره أن أقول في سجودي: اللهم عليك توكلت ».
حكمــــــة
عن عون بن عبد الله قال: بينا رجل في بستان بمصر في فتنة ابن الزبير مكتئبا، معه شيء ينكت به في الأرض، إذ رفع رأسه، فسنح له صاحب مسحاة، فقال له: يا هذا، ما لي أراك مكتئبا حزينا؟ قال: فكأنه ازدراه. فقال: لا شيء. فقال صاحب المسحاة: أللدنيا؟ فإن « الدنيا عرض حاضر، يأكل منها البر والفاجر والآخرة أجل صادق، يحكم فيها ملك قادر، يفصل بين الحق والباطل، حتى ذكر أن لها مفاصل كمفاصل اللحم، من أخطأ شيئا أخطأ الحق. فلما سمع ذلك منه كأنه أعجبه. قال: فقال لما فيه المسلمون. قال: فإن الله سينجيك بشفقتك على المسلمين، وسل، فمن ذا الذي سأل الله فلم يعطه، ودعاه فلم يجبه، وتوكل عليه فلم يكفه أو وثق به فلم ينجه. قال: فعلقت الدعاء: اللهم سلمني وسلم مني فتجلت ولم تصب منه أحدا ».
حكمــــــة
عن وهيب بن الورد أن رجلين كسرت بهما سفينة في البحر، فوقعا إلى الأرض، فأتيا بيتا مبنيا من شجر فكانا فيه، فبينما هما ذات ليلة، أحدهما نائم والآخر يقظان، إذ جاءت امرأتان، فوقفتا على الباب بهما من قبح الهيئة شيء لا يعلمه إلا الله فقالت إحداهما للأخرى: ادخلي. فقالت: ويحك إني لا أستطيع. قالت: ويحك، لمه؟ قالت: أوما ترين ما في البيت؟ فإذا لوح في البيت فيه كتاب: « حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله منتهى ».
حكمــــــة
قال أبو قدامة الرملي: قرأ رجل هذه الآية: (وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا) فأقبل على سليمان الخواص فقال: يا أبا قدامة ما ينبغي لعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غير الله في أمره. ثم قال:انظر كيف قال الله تبارك وتعالى: (وتوكل على الحي الذي لا يموت)، فأعلمك أنه لا يموت، وأن جميع خلقه يموتون، ثم أمرك بعبادته فقال: (وسبح بحمده) ثم أخبرك بأنه خبير بصير. ثم قال: والله يا أبا قدامة « لو عامل عبد الله بحسن التوكل، وصدق النية له بطاعته ؛ لاحتاجت إليه الأمراء فمن دونهم فكيف يكون هذا محتاجا، وموئله وملجؤه إلى الغني الحميد؟ »
حكمــــــة
قال محمد بن صالح التميمي:كان بعض العلماء إذا تلا (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) قال: « اللهم إني سمعتك في كتابك تندب عبادك إلى كفايتك، وتشترط عليهم التوكل عليك اللهم وأجد سبيل تلك الندبة سبيلا قد انمحت دلالتها، ودرست ذكراها، وتلاوة الحجة بها وأجد بيني وبينك مشبهات تقطعني عنك، وعوقات تقعدني عن إجابتك، اللهم وقد علمت أن عبدا لا يرحل إليك إلا نالك، فإنك لا تحتجب عن خلقك، إلا أن تحجبهم الآمال دونك، وعلمت أن أفضل زاد الراحل إليك صبر على ما يؤدي إليك، اللهم وقد ناجاك بعزم الإرادة قلبي، وأفهمتني حجتك بما تبين لي من آياتك اللهم فلا أتخيرن دونك وأنا أؤملك، ولا أختلجن عنك وأنا أتحراك اللهم فأيدني منك بما تستخرج به فاقة الدنيا من قلبي، وتنعشني من مصارع أهوائها، وتسقيني بكأس للسلوة عنها، حتى تستخلصني لأشرف عبادتك، وتورثني ميراث أوليائك الذين ضربت لهم المنار على قصدك، وحثثتهم حتى وصلوا إليك، آمين رب العالمين ».
حكمــــــة
عن أبي الجلد قال: لقيني رجل من العجم، فشكا إلي سلطانه وما يلقى من الظلم، فقلت له: ألا « أدلك على أمر إن أخذت به وتركت ما سواه كفيت أمر السلطان وغيره؟ قال: بلى، قلت: ارجع إلى أهلك، وتوكل على الله في أمرك كله ؛ فإنك إن تفعل تجد ما أقول لك. قال: فلقيني بعد ذلك، فجعل يتشكر لي ويقول: إني والله رجعت يومئذ إلى أهلي، وتوكلت على الله، فلم ألبث إلا أن جاءني ما أحب ».
حكمــــــة
قال أبو فروة الزاهد: قال لي رجل في منامي: أما علمت أن المتوكلين هم المستريحون؟ قلت: يرحمك الله مم ذا؟ قال: من هموم الدنيا، وعسر الحساب غدا قال أبو فروة: فوالله ما اكترثت بعد ذلك بإبطاء رزق ولا سرعته ؛ وذلك أنه « من أجمع التوكل عليه كفاه ما همه، وساق الرزق والخير له، وقد قال الله عز وجل: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره ».
حكمــــــة
عن حكيم بن جعفر قال: سمعت أبا عبد الله البراثي يقول: قال لي رجل من العباد: إنك أيها الرجل « إن فوضت أمرك إلى الله، اجتمع لك في ذلك أمران، قلت: ما هما؟ قال: قلة الاكتراث بما قد ضمن لك، وراحة البدن من مطلب ذلك، فأي حال أكبر من حال المطيع له، والمتوكل عليه كفاه الله بتوكله عليه الهم، وأعقبه الراحة ».