من فوائد سير أعلام النبلاء د. محمد بن عدنان السمان
من فوائد سير أعلام النبلاء د. محمد بن عدنان السمان
عن قزعة، قال: رأيت على ابن عمر ثيابا خشنة أو جشبة، فقلت له: إني قد أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان، وتقر عيناي أن أراه عليك.
قال: أرنيه، فلمسه، وقال: أحرير هذا ؟ قلت: لا، إنه من قطن.
قال: إني أخاف أن ألبسه، أخاف أكون مختالا فخورا، والله لا يحب كل مختال فخور
قلت: كل لباس أوجد في المرء خيلاء وفخرا فتركه متعين ولو كان من غير ذهب ولا حرير.
فإنا نرى الشاب يلبس الفرجية الصوف بفرو من أثمان أربع مئة درهم ونحوها، والكبر والخيلاء على مشيته ظاهر، فإن نصحته ولمته برفق كابر، وقال: ما في خيلاء ولا فخر.
وهذا السيد ابن عمر يخاف ذلك على نفسه.
وكذلك ترى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فرجية تحت كعبيه، وقيل له: قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما أسفل من الكعبين من الازار ففي النار "، يقول: إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء، وأنا لا أفعل خيلاء.
فتراه يكابر، ويبرئ نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستقل عام، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء، ويترخص بقول الصديق: إنه يا رسول
الله يسترخي إزاري، فقال: " لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء " فقلنا: أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشد إزاره مسدولا على كعبيه أولا، بل كان يشده فوق الكعب، ثم فيما بعد يسترخي.
وقد قال عليه السلام: " إزرة المؤمن إلى أنصاب ساقيه، لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين " ومثل هذا في النهي لمن فصل سراويل مغطيا لكعابه.
ومنه طول الاكمام زائدا، وتطويل العذبة.
وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس.
وقد يعذر الواحد منهم بالجهل، والعالم لا عذر له في تركه الانكار على الجهلة.