فوائد من كتاب إيقاظ أولي الهمم العالية
فوائد من كتاب إيقاظ أولي الهمم العالية
قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ: استمعْ يا رهين الآفات والمصائب، يا أسير الطارقات النوائب، إياك وإياك الآمال الكواذب، فالدنيا دارٌ وليست بصاحب أما أرتْكَ في فعلها العجائب. فيمن مشى في المشارق والمغارب، ثم أرتك فيك شيب الذوائبْ. أما علمتَ أنَّ سهامَ الموت صَوَائِبْ، لا يَرُدُّهَا مُحَارِبْ، ولا يفوتُها هاربْ، تدبُّ إلينا دبيب الحيَّات والعَقارِبْ، بينما أنْتَ تسمعُ صوتَ مزْهِر صار صَوْت نادِبْ. يا أسير حُبِّ الدنيا إن قتلتك من نطالب كأني بك قدْ بتَّ فرحًا مسرورًا، فأصبحت ترحًا مثبورًا، وتركتَ مالك لِغَيَركَ مَوْفُورًا. وخرج من يدك فصار للكُلِّ شُوْرَى، وعَايَنْتَ ما فَعْلَتَ في الكتاب مَسْطْورًا. وعَلِمْتَ أنك كنتَ في الهوى مَغْرُورًا، واستحالتْ صَبَا الصَّبَا فعادتْ دَبُورًا، وأسكنتَ لحدًا تصيرُ فيه مأسورًا، ونزلت جدثًا خربًا وتركتَ قصرًا معمورًا، ودخلت في خبر كان وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا. أين الوالدان وعما ولدوا؟ أين الجبارون؟ وأين ما قصدوا؟ أين أرباب المعاصي على ماذا وردوا؟ أمَا جَنوا ثمرات ما جنوا وحصدوا، أما قدموا على أعمالهم في مآلهم ووفدوا، أما خلوا في ظلمات القبور. بكوا والله على تفريطهم وانفردوا أما ذَلُّوا وقلوا بعد أن عتوا ومردوا أما طلبو ا زادًا يكفي في طريقهم ففقدوا. عاينوا والله كلَّ ما قدَّموا ووجدُوا، فمنهم أقوام شقوا، ومنهم أقوام سعدوا.