فضل أيام التشريق
فضل أيام التشريق
عن نُبَيْشَةَ الهذلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيام التشريق أيام أكل وشرب) وفي رواية: (وذكر لله عز وجل) أخرجه مسلم.
* * *
الحديث دليل على فضل أيام التشريق وهي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، سميت بذلك لأن الناس يُشَرِّقُونَ فيها لحوم الأضاحي والهدايا، أي: يقددونها وينشرونها لِتَجِفَّ.
وهي من الأيام الفاضلة والمواسم العظيمة، وهي الأيام المعدودات المذكورة في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } [البقرة/203] ولا خلاف في ذلك كما نقله غير واحد.
وقد دل هذا الحديث على أمرين:
الأول: أن أيام التشريق أيام أكل وشرب وإظهار للفرح والسرور والتوسعة على الأهل والأولاد بما يحصل لهم من ترويح البدن وبسط النفس مما ليس بمحظور ولا شاغل عن طاعة الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدُنا أهلَ الإسلام).
ولا مانع من التوسع في الأكل والشرب ولا سيما اللحم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصفها بأنها أيام أكل وشرب، ما لم يصل ذلك إلى حد الإسراف والتبذير، أو التهاون بنعم الله تعالى.
الأمر الثاني: أن هذه الأيام أيام ذكر لله تعالى، وذلك بالتكبير عقب الصلوات وفي كل الأوقات والأحوال الصالحة لذكر الله تعالى، ومن ذلك ذكر الله تعالى على الأكل والشرب بتسمية الله في أوله، وتحميده في آخره، وإن كان هذا عاماً في كل وقت لكنه متأكد فيها.
فعلى المسلم أن يحذر الغفلة عن ذكر الله تعالى، فيكون قد أخذ أول الحديث وترك آخره، وعليه أن يعمر هذه الأوقات الفاضلة بالطاعة وفعل الخير، ولا يضيعها باللهو واللعب، كما عليه كثير من الناس في زماننا هذا، من السهر وتفويت الصلاة المفروضة عن وقتها، وقتل الوقت، والاستعانة بنعم الله على معاصيه، والعكوف على آلات اللهو والطرب.
واعلم أنه لا يجوز صيام أيام التشريق فمن وافق عادته يوم الخميس فلا يصومه، وكذا أيام البيض فلا يصوم الثالث عشر، ويستثنى من ذلك المتمتع الذي لم يجد الهدي، لما ورد عن ابن عمر وعائشة - رضي الله عنهما - قالا: (لم يُرَخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهدي) أخرجه البخاري.
اللهم اجعل خير أعمارنا آخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك، وتوفنا وأنت راضٍ عنا، وصلّى الله وسلم على نبينا محمد …