فضل الحج المبرور وصفته
فضل الحج المبرور وصفته
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) أخرجه البخاري ومسلم.
* * *
الحديث دليل على فضل الحج المبرور وعظيم جزائه عند الله تعالى، حيث إن صاحبه يكون من الفائزين برضوان الله وجنته.
وعن أبي هريرة - أيضاً - قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ العمل أفضل؟ قال: (إيمان بالله ورسوله) قيل: ثم ماذا؟ قال: (الجهاد في سبيل الله) قيل: ثم ماذا؟ قال: (حج مبرور) متفق عليه.
والحج المبرور له أوصاف:
الأول: أن تكون النفقة من مال حلال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً …) أخرجه مسلم.
الثاني: إخلاص العمل لله تعالى ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
الثالث: البعد عن المعاصي والآثام، والبدع والمخالفات.
الرابع: حسن الخلق، ولين الجانب، والتواضع في مركبه ومنزله، في تعامله مع الآخرين، وفي جميع أحواله، كما كان عليه النبي في حجته، قال ابن عبد البر - رحمه الله -: (الحج المبرور هو الذي لا رياء فيه ولا سمعة، ولا رفث ولا فسوق، ويكون بمال حلال …).
ومما يتأكد في حق الحاج أن يعظم شعائر الله تعالى، ويستشعر فضل المشاعر وقيمتها، فيؤدي مناسكه على صفة التعظيم والإجلال والمحبة والخضوع لله رب العالمين، وعلامة ذلك أن يؤدي شعائر الحج بسكينة ووقار، ويتأنى في أفعاله وأقواله، ويحذر العجلة التي عليها كثير من الناس في هذا الزمان، ويُعَوِّد نفسه الصبر في طاعة الله تعالى، فإن هذا أقرب إلى القبول وأعظم للأجر.
وقد حث الله تعالى عباده على تعظيم شعائره وإجلالها، وحفظ حرماته وصيانتها، فقال تعالى: { ذلِك وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج/30] وقال تعالى: { ذلِك وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ْ} [الحج/32].
والمراد بحرمات الله: كل ما له حرمة، وأُمِرَ باحترامه، من عبادة أوغيرها، ومن ذلك المناسك كلها، والحرم، والإحرام …
وشعائر الله: أعلام الدين الظاهرة، ومنها المناسك كلها، كما قال تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } [البقرة/158].
فتأمل - أخي المسلم – ذلك، فإن الله تعالى جعل تعظيم شعائره ركن التقوى وشرط العبودية، وجعل تعظيم حرماته سبيلاً لنيل العبدِ ثوابَ الله تعالى وجزيل عطائه.
ومن تأمل في حجة النبي ونظر فيها نظر المستفيد المتأسي لاح له تعظيم شعائر الله بأبرز صُوَرِهِ، وأوضح معانيه، في جميع أقواله وأفعاله، صلوات الله وسلامه عليه.
اللهم اجعل عملنا صالحاً، ولوجهك خالصاً، ووفقنا لما تحب وترضى، واحشرنا في زمرة المتقين، وألحقنا بعبادك الصالحين، واغفر لنا ولوالدين ولجميع المسلمين، وصلّى الله وسلم على نبينا محمد …