المسائل المشكلة في الحج
المسائل المشكلة في الحج
بعض الحجاج يحجون مفردين، ثم يأتون بالعمرة بعد الحج؛ حتى يسقط عنهم الهدي، فما حكم فعلهم هذا؟
فعلهم صحيح، والإتيان بالعمرة بعد الحج ثبت من أمر النبي - عليه الصلاة والسلام - لعبدالرحمن بن أبي بكر أن يعمر أخته عائشة من التنعيم، ويسقط عنه الهدي، وفعله صحيح، لكنه فاته الأفضل، إلا على قول من يوجب التمتع.
حسنًا، هذه مما اختلف فيه أهل العلم، فأوجبه كثير من أهل العلم، وأنه لا يجوز أن يدخل مكة بغير إحرام، وأن دخوله - عليه الصلاة والسلام - يوم الفتح بغير إحرام وعلى رأسه المغفر، هذا إنما كان في الساعة التي أحلَّت له، والاستثناء يشمل هذا، وهذا قال به جمع من أهل العلم ممن يعتد بقولهم.
وأما القول الآخر فإنه لا يلزم الإحرام إلا مَن أراد الحج والعمرة، وهذا هو الأظهر من حيث الدليل؛ لما حدد النبي - عليه الصلاة والسلام – المواقيت، قال: (هُن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة)، فهذا صريح، وأما الاستثناء فإن ترخص أحد بفعل النبي - عليه الصلاة والسلام -: (فإنما أُحلت لي ساعة من نهار، وعادت حرمتُها إلى يوم القيامة).
قالوا: إن قوله - عليه الصلاة والسلام - مَن ترخص بفعلي، أو اقتدى بي في هذه الساعة، فقولوا له: إن النبي - عليه الصلاة والسلام - إنما أحلت له في هذه الساعة؛ يعني أحل له القتال، وأحل له الدخول بغير إحرام، ثم عادت حرمتها، فلا يجوز القتال فيها، ولا يجوز دخولها بغير إحرام، وهذا نص عليه جمع من أهل العلم، واستدلوا بهذا الحديث على أنه يجب على كل مَن أراد دخول مكة أن يحرم، لكن الحديث الآخر أصرح في الدلالة، والقول الثاني أرجح، وأنه لا يلزم؛ لأن دليل القول الأول مجمل، يحتمل الأمرين معًا، ويحتمل القتال فقط، وما دام مجملاً، ويوجد النص الصحيح المفسر البين الواضح؛ فيقدم عليه؛ ولذا المرجح من قول أهل العلم أنه لا يلزم الإحرام، إلا من أراد الحج والعمرة.