الفصل الثالث عشر الصلاة في المشاعر
الفصل الثالث عشر الصلاة في المشاعر
1- الصلاة:
ويصلون بعرفة ومزدلفة جمعا وقصرا.ويقصرون الصلاة فقط بمنىكما كان أهل مكة يفعلون خلف النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم - ولم يأمر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -ولا خلفاؤه أحدًا من أهل مكة أن يتموا الصلاة. إنما قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (يا أهل مكة، أتمُّوا صلاتكم، فإنَّا قوم سفرٍ) [34] في غزوة الفتح لمَّا صلى بهم بمكة، وأما في حجه؛ فكان نازلاً خارج عمران مكة، وهناك كان يصلي بأصحابه، ثم لما خرج إلى منى وعرفة خرج معه أهل مكة وغيرهم ثم رجعوا معه. ولما صلى بمنى أيام منى صلوا معه.
ولم يحدَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - السفر لا بمسافة ولا بزمان، ولم يكن بمنى أحدٌ ساكنًا في زمنه؛ ولهذا قال: (منى مُناخ مَنْ سبق)؛ رواه أحمد: 6: 207 وصححه الترمذي: 881.
وقيل أنها سُكِنَتْ في خلافة عثمان، وأنه بسبب ذلك أتمَّ عثمان الصلاة؛ لأنه كان يرى أنَّ المسافر مَنْ يحمل الزاد والمزاد.
ويستحب ألا يدع الصلاة في مسجد نمرة، والخيف بمنى مع الإمام؛ فإن لم يكن للناس إمامٌ عامٌّ؛ صلى الرجل بأصحابه.
2- صلاة العيد والجمعة بالمشاعر:
وليس بمنى صلاة عيد والنبي- صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يصلِّ جمعة ولا عيدًا في السفر لا بمكة ولا عرفة؛ بل كانت خطبته بعرفة خطبة نُسك لا خطبة جمعة، ولم يجهر بالقراءة في الصلاة بعرفة.
3- طواف الوداع والتزام الملتزَم:
ثم إذا نفر من منى؛ فإن بات بالمحصب وهو الأبطح وهو ما بين الجبلَيْن إلى المقبرة، ثم نفر بعد ذلك فحسن؛ فإن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بات به وخرج ولم يقم بمكة بعد صدوره من منى لكنه ودَّع البيت وقال: (لا ينفرنَّ أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت) [35]. فلا يخرج الحاج حتى يطوف طواف الوداع ليكون آخر عهده بالبيت.
ومَنْ أقام بمكة فلا وداع عليه، وهذا الطواف يؤخِّره الصادر من مكة حتى يكون بعد جميع أموره، فلا يشتغل بعده بتجارة ونحوها، لكن إن قضى حاجته أو اشترى شيئًا في طريقه بعد الوداع أو عمل ممَّا هو من أسباب الرحيل؛ فلا إعادة عليه. وإن أقام بعد الوداع أعاده، وهذا الطواف واجب عند الجمهور ويسقط عن الحائض.
وإن أحب أن يأتي الملتزَم وهو ما بين الحجر الأسود والباب، فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته - فعل.
ولا فرق بين أن يكون حال الوداع أو غيره، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكة.
ولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسنًا.
فإذا ولَّى؛ لا يقف ولا يلتفت ولا يمشي القهقرى - مشية الراجع إلى خلف - وكذلك عند سلامه على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بل يخرج كما يخرج الناس من المساجد عند الصلاة.
4- دعاء ابن عباس المأثور في طواف الوداع:
وإن شاء قال في دعائه الدعاء المأثور عن ابن عباس: " اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، وسيَّرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعنتني على أداء نسكي. فإن كنت رضيت عنى فازدد عنى رضا، وإلا فمن الآن فارضَ عني قبل أن تنأى عن بيتك داري، فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي، غير مستبدل بك ولا ببيتك، ولا راغبًا عنك ولا عن بيتك. اللهم فاصحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسِن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، وأجمع لي بين خير الدنيا والآخرة؛ إنك على كل شيء قدير ".
5- دخول الكعبة:
ليس بفرض ولا سنة مؤكدة؛ بل دخولها حسنٌ، والنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يدخلها في الحج ولا العمرة، وإنما دخلها عام فتح مكة.
ومن دخلها يستحبُّ أن يصلي فيها ويكبر الله ويدعوه ويذكره، فإذا دخل تقدَّم حتى يصير بينه وبين الحائط ثلاثة أذرع والباب خلفه، فذلك المكان الذي صلى فيه النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا يدخلها إلا حافيًا.
والحِجر أكثره من البيت من حيث ينحني حائطه، فمن دخله فهو كمن دخل الكعبة، وليس على داخل الكعبة ما ليس على غيره من الحجاج.
---------
[34] - رواه الإمام مالك في الموطأ موقوفاً على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في الحج، باب صلاة مِنى، برقم 203.
[35]- رواه البخاري في الحج، باب طواف الوداع 1755، ومسلم في الحج، باب وجوب طواف الوداع 1328.