تفسير آية
تدبــــر - المجموعة الأولى
{يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} فجعلوا السبب الداعي لهم إلى الإيمان وتوابعه: ما علموه من إرشادات القرآن، المشتملة على المصالح والفوائد واجتناب المضار، فهذا هو الإيمان النافع، المثمر لكل خير، المبني على هداية القرآن، بخلاف إيمان العوائد، والمربى والإلف ونحو ذلك، فإنه إيمان تقليد تحت خطر الشبهات والعوارض الكثيرة. [السعدي]
تدبــــر - المجموعة الأولى
قال سليمان عليه السلام: { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي } [ص:35] فبدأ بطلب المغفرة قبل طلب الملك العظيم؛ وذلك لأن زوال أثر الذنوب هو الذي يحصل به المقصود، فالذنوب تتراكم على القلب، وتمنعه كثيرا من المصالح، فعلى المؤمن أن يسأل ربه التخلص من هذه الذنوب قبل أن يسأل ما يريد. [ابن عثيمين]
تدبــــر - المجموعة الأولى
ما أدق وصف الله للشعراء، تأمل: { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ } لغوايتهم { فِي كُلِّ وَادٍ } من أودية الشعر، { يَهِيمُونَ } [الشعراء:225] فتارة في مدح، وتارة في قدح، وتارة في صدق، وتارة في كذب، وتارة يتغزلون، وأخرى يسخرون، ومرة يمرحون، وآونة يحزنون، فلا يستقر لهم قرار، ولا يثبتون على حال من الأحوال { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا } (227) [السعدي]
تدبــــر - المجموعة الثانية
كما أن السماوات والأرض لو كان فيهما آلهة غيره سبحانه لفسدتا، كما قال تعالى: { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } [الأنبياء:22] فكذلك القلب إذا كان فيه معبود غير الله تعالى فسد فسادا لا يرجى صلاحه؛ إلا بأن يخرج ذلك المعبود منه، ويكون الله تعالى وحده إلهه ومعبوده الذي يحبه ويرجوه ويخافه، ويتوكل عليه وينيب إليه. [ابن القيم]
تدبــــر - المجموعة الثانية
" إنما حسن طول العمر ونفع ؛ ليحصل التذكر والاستدراك، واغتنام الفرص، والتوبة النصوح، كما قال تعالى: { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ } [فاطر:37] فمن لم يورثه التعمير، وطول البقاء، إصلاح معائبه، واغتنام بقية أنفاسه، فيعمل على حياة قلبه، وحصول النعيم المقيم، وإلا فلا خير له في حياته ". [ابن القيم]
تدبــــر - المجموعة الثانية
انظر إلى الهدهد يقول لنبي: { أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ.. } [النمل:22]. هذا هو الهدهد المخلوق الأقل من سليمان عليه السلام يقول له: عرفت ما لم تعرفه، وكأن هذا القول جاء ليعلمنا حسن الأدب مع من هو دوننا، فهو يهب لمن دوننا ما لم يعلمه لنا، ألم يعلمنا الغراب كيف نواري سوأة الميت؟ { فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ..} [المائدة:31]. [الشعراوي]
تدبــــر - المجموعة الثانية
ذم الله في القرآن أربعة أنواع من الجدل: - الجدل بغير علم: {هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ} [آل عمران:66] - الجدل في الحق بعد ظهوره: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ} [الأنفال:6] - الجدل بالباطل: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [غافر:5] - الجدل في آياته: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} [غافر:4] [ابن تيمية]
تدبــــر - المجموعة الثانية
{لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} علق البخاري على قوله: (لَّا يَمَسُّهُ)، فقال: " لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن ولا يحمله بحقه إلا الموقن المؤمن " قال ابن حجر: " والمعنى: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به، وأيقن بأنه من عند الله، فهو المطهر من الكفر، ولا يحمله بحقه إلا المطهر من الجهل والشك، لا الغافل عنه الذي لا يعمل ".
تدبــــر - المجموعة الثانية
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ... } كان خالد الربعي يقول: عجبت لهذه الأمة أمرهم بالدعاء ووعدهم بالإجابة، وليس بينهما شرط! فسئل عن هذا؟ فقال: مثل قوله: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فها هنا شرط [أي البشارة مشروطة بالإيمان والعمل الصالح]، وقوله: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} فها هنا شرط، وأما قوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ليس فيه شرط. [تفسير القرطبي]
تدبــــر - المجموعة الثانية
تأمل كيف أن زكريا عليه السلام لم يكتف بطلب الولد بل قال: { رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً } [آل عمران:38]، وقال: { وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا } [مريم:6]، " والولد إذا كان بهذه الصفة نفع أبويه في الدنيا والآخرة، وخرج من حد العداوة والفتنة إلى حد المسرة والنعمة ". [القرطبي]
تدبــــر - المجموعة الثانية
{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى } [النازعات:40-41] يحتاج المسلم إلى أن يخاف الله وينهى النفس عن الهوى، ونفس الهوى والشهوة لا يعاقب عليه - إذا لم يتسبب فيها - بل على اتباعه والعمل به، فإذا كانت النفس تهوى وهو ينهاها، كان نهيه عبادة لله وعملا صالحا، و (مَقَامَ رَبِّهِ) أي قيامه بين يديه تعالى للجزاء. [ابن تيمية]
تدبــــر - المجموعة الثانية
{ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } [النحل:98] وفائدة الاستعاذة: ليكون الشيطان بعيدا عن قلب المرء - وهو يتلو كتاب الله - حتى يحصل له بذلك تدبر القرآن وتفهم معانيه، والانتفاع به؛ لأنك إذا قرأته وقلبك حاضر حصل لك من معرفة المعاني والانتفاع بالقرآن ما لم يحصل لك إذا قرأته وأنت غافل، وجرب تجد. [ابن عثيمين]
تدبــــر - المجموعة الثالثة
التقدم حقيقة بالإسلام، والرجعية حقيقة بمخالفة الإسلام؛ لقوله تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ } [البقرة:143]؛ فإن هذا حقيقة الرجوع على غير هدى؛ لأن الذي ينقلب على عقبيه لا يبصر ما وراءه؛ فمن قال للمتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله رجعيون، قلنا له: بل أنت الرجعي حقيقة! [ابن عثيمين]
تدبــــر - المجموعة الثالثة
{إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ }(القيامة:30). من لك إذا ألم الألم وسكت الصوت، وتمكن الندم، ووقع الفوت، وأقبل لأخذ الروح ملك الموت، وجاءت جنوده وقيل: من راق، ونزلت منزلا ليس بمسكون! وتعوضت بعد الحركات السكون! فيا أسفا لك كيف تكون؟ وأهوال القبر لا تطاق! أكثر عمرك قد مضى، وأعظم زمانك قد انقضى، أفي أفعالك ما يصلح للرضا إذا التقينا يوم التلاق؟ [ابن الجوزي]
تدبــــر - المجموعة الثالثة
عن أبي عروة قال: كنا عند مالك بن أنس، فذكروا رجلا ينتقص الصحابة، فقرأ مالك هذه الآية: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ } حتى بلغ: { يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } [الفتح:29]. فقال مالك: من أصبح في قلبه غيظ على أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد أصابته الآية. [حلية الأولياء]
تدبــــر - المجموعة الثالثة
في قوله تعالى: { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } [الإنسان:3] جمع بين الشاكر والكفور، ولم يقل: إما شكورا وإما كفورا، مع اجتماعهما في صيغة المبالغة، فنفى المبالغة في الشكر، وأثبتها في الكفر؛ لأن شكر الله تعالى لا يؤدى مهما كثر، فانتفت عنه المبالغة، ولم تنتف عن الكفر المبالغة، فإن أقل الكفر مع كثرة النعم على العبد يكون جحودا عظيما لتلك النعم. [القرطبي]
تدبــــر - المجموعة الثالثة
{ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ } [الواقعة:73] أخبر سبحانه عن النار أنها تذكرة، تذكر بنار الآخرة، وهي منفعة للمقوين أي المسافرين. والسؤال: لماذا خص الله المسافرين بالذكر مع أن منفعتها عامة للمسافرين والمقيمين؟ جعل الله النار تذكرة للمقوين أي المسافرين، مع أن منفعتها عامة للمسافرين والمقيمين تنبيها لعباده - والله أعلم - على أنهم كلهم مسافرون، وأنهم في هذه الدار على جناح سفر، ليسوا مقيمين ولا مستوطنين. [ابن القيم]
تدبــــر - المجموعة الثالثة
قال إبراهيم بن آزر: حضرت أحمد بن حنبل، وسأله رجل عما جرى بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما -؟ فأعرض عنه، فقيل له: يا أبا عبدالله، هو رجل من بني هاشم. فأقبل عليه فقال: اقرأ: { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [البقرة:134]
تدبــــر - المجموعة الثالثة
قال بعضهم: ما افتقر تقي قط، قالوا: لم؟ قال: لأن الله يقول: { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } [الطلاق:2] والآية اقتضت أن المتقي يرزق من حيث لا يحتسب، ولم تدل على أن غير المتقي لا يرزق، فالكفار قد يرزقون بأسباب محرمة، وقد لا يرزقون إلا بتكلف، وأهل التقوى يرزقهم الله من حيث لا يحتسبون، ولا يكون رزقهم بأسباب محرمة، والتقي لا يحرم ما يحتاج إليه من الرزق، وإنما يحمى من فضول الدنيا، رحمة به. [ابن تيمية]
تدبــــر - المجموعة الثالثة
{ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } سماهم مصلين، لكنهم ساهون عن فعلها، أو عن وقتها، أو عن أدائها بأركانها وشروطها، أو عن الخشوع وتدبر معانيها، فاللفظ يشمل هذا كله، من اتصف بشيء من ذلك فله قسط من هذه الآية، ومن اتصف بجميع ذلك، فقد تم نصيبه منها، وكمل له النفاق العملي. [ابن كثير]
تدبــــر - المجموعة الثالثة
من الإعجاز اللفظي في القرآن: { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ } [يونس:107] ففي الضر قال: (يمسسك) بينما قال في الخير: (وإن يردك)؛ لأن الأشياء المكروهة لا تنسب إلى إرادة الله؛ ولأن الضرر عند الله ليس مرادا لذاته بل لغيره؛ ولما يترتب عليه من المصالح، بينما الخير مراد لله بذاته، ومفعول له. [ابن عثيمين]
من فضائل القرآن
لا تظن أن قوله تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم * وإن الفجار لفي جحيم} يختص بيوم المعاد فقط، بل هؤلاء في نعيم في دورهم الثلاثة: الدنيا، والبرزخ، والآخرة، وأولئك في جحيم في دورهم الثلاثة ! وأي لذة ونعيم في الدنيا أطيب من بر القلب، وسلامة الصدر، ومعرفة الرب تعالى، ومحبته، والعمل على موافقته؟ [ابن القيم].
تدبــــر - المجموعة الخامسة
كثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون، ظن أن ذلك مخصوص بهم، مع أن الله أمر بقراءة الفاتحة كل صلاة، فيا سبحان الله كيف يأمره الله أن يستعيذ من شيء لا حذر عليه منه، ولا يتصور أنه يفعله؟ بل يدخل في المغضوب عليهم من لم يعمل بعلمه، وفي الضالين العاملون بلا علم. [محمد بن عبدالوهاب]
تدبــــر - المجموعة الخامسة
ما الحكمة من قراءة سورة " المنافقون " في الجمعة؟ مناسبتها ظاهرة، ومنها: 1/ أن يصحح الناس قلوبهم ومسارهم إلى الله تعالى كل أسبوع. 2/ أن يقرع أسماع الناس التحذير من المنافقين كل جمعة؛ لأن الله قال فيها عن المنافقين: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} (المنافقون:4) [ابن عثيمين]
تدبــــر - المجموعة الخامسة
{ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ } [النمل:20] فيه دليل على تفقد الإمام أحوال رعيته، والمحافظة عليهم، فانظر إلى الهدهد مع صغره: كيف لم يخف حاله على سليمان، فكيف بما هو أعظم؟ ويرحم الله عمر فإنه كان على سيرته، قال: لو أن سخلة على شاطئ الفرات أخذها الذئب ليسألن عنها عمر. [القرطبي]
تدبــــر - المجموعة الخامسة
قال سفيان الثوري: من أبكاه علمه فهو العالم؛ فإن الله تعالى يقول: { إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا } (الإسراء:107)، وقال تعالى: { إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا } (مريم:58)
تدبــــر - المجموعة الخامسة
قال تعالى في عرض النار على الكفار: { وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا } [الكهف:100] وقال تعالى في عرض الكفار على النار: { وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ } [الأحقاف:20] فهي تقرب إليهم وهم - أيضا - يقربون إليها، وذلك من زيادة العذاب عياذا بالله. [الشنقيطي]
تدبــــر - المجموعة الخامسة
المشرك يخاف المخلوقين ويرجوهم فيحصل له رعب: { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا } [آل عمران:151] والخالص من الشرك يحصل له الأمن: { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } [الأنعام:82] [ابن تيمية]
تدبــــر - المجموعة الخامسة
تأمل قوله تعالى: { أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ } [الواقعة:69-70] لم يقل: لو نشاء لم ننزل؛ لكن قال: لو نشاء جعلناه أجاجا، أي مالحا لا يمكن أن يشرب، فما الحكمة في اختيار هذه اللفظة؟ الجواب: لم يقل: لو نشاء لم ننزل؛ لأن حسرة الإنسان على ماء بين يديه ولكن لا يستطيعه ولا يستسيغه أشد من حسرته على ماء مفقود. [ابن عثيمين]
تدبــــر - المجموعة الخامسة
{ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } [مريم:39] يوم حسرتهم وندمهم على ما فرطوا في جنب الله، وحسرتهم يوم أورثت مساكنهم من الجنة أهل الإيمان بالله والطاعة له، وحسرتهم يوم أدخلوا من النار، وأيقن الفريقان بالخلود الدائم، والحياة التي لا موت بعدها، فيا لها من حسرة وندامة! [الطبري]
تدبــــر - المجموعة السادسة
{ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ } النساء:78] هكذا قال المنافقون عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا يتناول كل من جعل طاعة الرسول، وفعل ما بعث به مسببا لشر أصابه، إما من السماء وإما من آدمي، وهؤلاء كثيرون. [ابن تيمية]
تدبــــر - المجموعة السادسة
{ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [البقرة:216] في هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد، فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والمحبوب قد يأتي بالمكروه لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة؛ لعدم علمه بالعواقب فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد. [ابن القيم]
تدبــــر - المجموعة السادسة
{ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى } [طه:117] تأمل كيف جمع بينهما في الخروج من الجنة، وخص الذكر بالشقاء فقال: (تشقى) ولم يقل تشقيان؛ لأن الأصل أن الذكر هو الذي يشتغل بالكسب والمعاش، وأما المرأة فهي في خدرها. [ابن القيم] وفي هذه لفتة لمن يدعو إلى خروج المرأة من منزلها إلى ميادين العمل بإطلاق، وكأن ذلك هو الأصل!
تدبــــر - المجموعة السادسة
{ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } [الهمزة:8] أي: مغلقة الأبواب لا يُرجى لهم فرج - عياذا بالله - ! تأمل لو أن إنسانًا كان في حجرة أو في سيارة، ثم اتقدت النيران فيها، وليس له مهرب ولا مخرج، ما حاله؟ حسرة عظيمة لا يمكن أن يماثلها حسرة ! والله تعالى أخبرنا بهذا لا لمجرد تلاوته، بل لنحذر من هذه الأوصاف الذميمة الواردة في هذه السورة (سورة الهمزة). [ابن عثيمين]
تدبــــر - المجموعة السادسة
{ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } [الفلق:5] العائن حاسد خاص، وهو أضر من الحاسد؛ ولهذا جاء في السورة ذكر الحاسد دون العائن؛ لأنه أعم، فكل عائن حاسد ولابد، وليس كل حاسد عائنا، فإذا استعاذ العبد من شر الحسد دخل فيه العين، وهذا من شمول القرآن الكريم وإعجازه وبلاغته. [ابن القيم]
تدبــــر - المجموعة السادسة
قدم العبادة على الاستعانة في قوله تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة:5] لأن العبادة قسم الرب وحقه، والاستعانة مراد العبد، ومن الطبيعي أن يقدم العبد ما يستوجب رضا الرب ويستدعي إجابته قبل أن يطلب منه شيئا، وهو هنا التذلل لله والخضوع بين يديه بالعبادة، فكان القيام بالعبادة مظنة استجابة طلب الاستعانة. [ابن القيم]
تدبــــر - المجموعة السادسة
{ وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا * وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا } [النساء:72، 73] فهولاء المبطئون لم يحبوا لإخوانهم المؤمنين ما يحبون لأنفسهم، بل إن أصابتهم مصيبة فرحوا باختصاصهم، وإن أصابتهم نعمة لم يفرحوا لهم بها، فهم لا يفرحون إلا بدنيا تحصل لهم، أو شر دنيوي ينصرف عنهم، ومن لم يسره ما يسر المؤمنين ويسوءه ما يسوء المؤمنين فليس منهم [ابن تيمية].
تدبــــر - المجموعة السادسة
قوله تعالى: { وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا } [الفرقان:55] هذا من ألطف خطاب القرآن وأشرف معانيه، فالمؤمن دائما مع الله على نفسه وهواه وشيطانه وعدو ربه، وهذا معنى كونه من حزب الله وجنده وأوليائه، والكافر مع شيطانه ونفسه وهواه على ربه، وعبارات السلف على هذا تدور. [ابن القيم]
تدبــــر - المجموعة السادسة
" هل قوله تعالى: { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [التغابن:16] تخفيف أم تكليف؟ يحتمل الأمرين، فإن قلنا المعنى: لا تقصروا عما تستطيعون، فهذا تكليف، وإن قلنا المعنى: لا يلزمكم فوق ما تستطيعون، فهو تخفيف، وأكثر الناس يستدلون بهذه الآية في التخفيف دون التكليف " [ابن عثيمين]
تدبــــر - المجموعة السادسة
استعمل لفظ " الأمَّة " في القرآن أربعة استعمالات: [1] الجماعة من الناس، وهو الاستعمال الغالب، كقوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ} [2] في البرهة من الزمن، كقوله: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [3] في الرجل المقتدى به، كقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [4] في الشريعة والطريقة، كقوله: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الشنقيطي].
تدبــــر - المجموعة السادسة
كثير من الناس لا يفهم من الرزق - في قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3] - إلا الرزق المالي ونحوه من المحسوسات، ولكن تأمل ماذا يقول ابن الجوزي: " ورزق الله يكون بتيسير الصبر على البلاء ". [صيد الخاطر]
تدبــــر - المجموعة السادسة
كان الحسن البصري يعظ فيقول: المبادرة، المبادرة! فإنما هي الأنفاس، لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله تعالى! رحم الله امرأ نظر إلى نفسه، وبكى على عدد ذنوبه، ثم قرأ هذه الآية: { إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا } [مريم:84] يعني الأنفاس، آخر العدد خروج نفسك، آخر العدد فراق أهلك، آخر العدد دخولك في قبرك ".
تدبــــر - المجموعة السادسة
قال تعالى - في قصة موسى مع السحرة -: { إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى } [طه:65] والحكمة في هذا - والله أعلم - ليرى الناس صنيعهم ويتأملوه، فإذا فرغوا من بهرجهم، جاءهم الحق الواضح الجلي بعد تطلب له، وانتظار منهم لمجيئه، فيكون أوقع في النفوس، وكذا كان ". [ابن كثير]
تدبــــر - المجموعة السادسة
وكل شيء في القرآن تظن فيه التناقض - فيما يبدو لك - فتدبره حتى يتبين لك؛ لقوله تعالى: { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا } [النساء:82] فإن لم يتبين لك فعليك بطريق الراسخين في العلم الذين يقولون: { آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا } [آل عمران:7] واعلم أن القصور في علمك، أو في فهمك. [ابن عثيمين]
تدبــــر - المجموعة السابعة
من أحسن ما يفتح لك باب فهم الفاتحة قوله تعالى-في الحديث القدسي-: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين} قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: {مالك يوم الدين} قال الله: مجدني عبدي، فإذا قال: {إياك نعبد وإياك نستعين} قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم} -إلى قوله-: {ولا الضالين} قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل "، فإذا تأمل العبد هذا، وعلم أنها نصفان: نصف لله، ونصف للعبد، وتأمل أن الذي علمه هذا هو الله، وأمره أن يدعو به ويكرره في كل ركعة، وأنه سبحانه ضمن إجابة هذا الدعاء -إذا دعاه بإخلاص وحضور قلب- تبين له ما أضاع أكثر الناس. [محمد بن عبدالوهاب]
تدبــــر - المجموعة السابعة
{وسع كرسيه السماوات والأرض} والكرسي ليس أكبر مخلوقات الله تعالى، بل هناك ما هو أعظم منه وهو العرش، وما لا يعلمه إلا هو، وفي عظمة هذه المخلوقات تحير الأفكار وتكل الأبصار، وتقلقل الجبال، فكيف بعظمة خالقها ومبدعها، والذي قد أمسك السماوات والأرض أن تزولا من غير تعب ولا نصب، فلهذا قال: {ولا يؤوده حفظهما}. [السعدي]
تدبــــر - المجموعة الثامنة
{ لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله } [الحشر:11] فهذا حال جبال الحجارة الصلبة، وهذه رقتها وخشيتها وتدكدكها من جلال ربها، فيا عجبا من مضغة لحم أقسى من هذه الجبال! تسمع فلا تلين! ومن لم يلن لله في هذه الدار قلبه فليستمتع قليلا، فإن أمامه الملين الأعظم - النار عياذا بالله منها-! [ابن القيم]
تدبــــر - المجموعة الثامنة
{ قال رب اغفر لي ولأخي } [الأعراف:151] قال كعب: رب قائم مشكور له، ونائم مغفور له، وذلك لأن الرجلين يتحابان في الله، فقام أحدهما يصلي، فرضي الله صلاته ودعاءه، فلم يرد من دعائه شيئا، فذكر أخاه في دعائه من الليل فقال: رب! أخي فلان اغفر له؛ فغفر الله له وهو نائم. [حلية الأولياء]
تدبــــر - المجموعة الثامنة
قال ابن تيمية رحمه الله: تأملت أنفع الدعاء، فإذا هو سؤال العون على مرضاته تعالى، ثم رأيته في الفاتحة: {إياك نعبد وإياك نستعين} [5] ويشهد لقول ابن تيمية: الدعاء الذي أوصى نبينا معاذا أن يقوله دبر كل صلاة: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، فليتدبر المؤمن هذه الآية العظيمة وذلك الدعاء.
تدبــــر - المجموعة الثامنة
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ } [البقرة: 185] من فضائل شهر الصيام أن الله تعالى مدحه من بين سائر الشهور، بأن اختاره لإنزال القرآن العظيم فيه، واختصه بذلك، ثم مدح هذا القرآن الذي أنزله الله فقال: (هدى) لقلوب من آمن به، (وبينات) لمن تدبرها على صحة ما جاء به، ومفرقا بين الحق والباطل والحلال والحرام. [ابن كثير]
تدبــــر - المجموعة الثامنة
من أجمل صفات المؤمنين: استعمال الأدب مع الله تعالى حتى في ألفاظهم؛ فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله: {فأردت أن أعيبها} [الكهف:79]، وأما الخير فأضافه إلى الله بقوله: {فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك} [الكهف:82]، وقال إبراهيم عليه السلام: {وإذا مرضت فهو يشفين} [الشعراء:80]، فنسب المرض إليه والشفاء إلى الله، وقالت الجن: {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا} [الجن:10] مع أن الكل بقضاء الله وقدره. [السعدي]
تدبــــر - المجموعة الثامنة
يبين إيمان المؤمن عند الابتلاء، فهو يبالغ في الدعاء ولا يرى أثرا للإجابة، ولا يتغير أمله ورجاؤه ولو قويت أسباب اليأس؛ لعلمه أن ربه أعلم بمصالحه منه؛ أما سمعت قصة يعقوب عليه السلام؟ بقي ثمانين سنة في البلاء، ورجاؤه لا يتغير، فلما ضم بنيامين بعد فقد يوسف لم يتغير أمله، وقال: { عسى الله أن يأتيني بهم جميعا } [يوسف:83] فإياك أن تستطيل زمان البلاء، وتضجر من كثرة الدعاء، فإنك مبتلى بالبلاء، متعبد بالصبر والدعاء، ولا تيأس من روح الله وإن طال البلاء [ابن الجوزي].
تدبــــر - المجموعة الثامنة
إذا رأيت وقتك يمضي، وعمرك يذهب وأنت لم تنتج شيئاً مفيداً، و لا نافعاً، ولم تجد بركة في الوقت، فاحذر أن يكون أدركك قوله تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً} [الكهف:28] أي انفرط عليه وصار مشتتاً، لا بركة فيه، وليعلم أن البعض قد يذكر الله؛ لكن يذكره بقلب غافل، لذا قد لا ينتفع [ابن عثيمين]
تدبــــر - المجموعة التاسعة
إذا ذكر أهل الكتاب - في القرآن - بصيغة {الذين آتيناهم الكتاب} فهذا لا يذكره الله إلا في معرض المدح، وإذا ذكروا بصيغة {أوتوا نصيبا من الكتاب} فلا تكون إلا في معرض الذم، وإن قيل فيهم {أوتوا الكتاب} فقد يتناول الفريقين؛ لكنه لا يفرد به الممدوحون فقط، وإذا جاءت {أهل الكتاب} عمت الفريقين كليهما [ابن القيم]
تدبــــر - المجموعة التاسعة
قال تعالى:{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ } [فاطر:32] قيل في سبب تقديم الظالم لنفسه على السابق بالخيرات - مع أن السابق أعلى مرتبة منه - لئلا ييأس الظالم من رحمة الله، وأخر السابق لئلا يعجب بعمله.. [القرطبي].
تدبــــر - المجموعة التاسعة
تأمل قوله تعالى - لما جيء بعرش بلقيس لسليمان عليه السلام -: {فلما رآه مستقرا عنده} فمع تلك السرعة العظيمة التي حمل بها العرش، إلا أن الله قال: {مستقرا} وكأنه قد أتي به منذ زمن، والمشاهد أن الإنسان إذا أحضر الشيء الكبير بسرعة، فلا بد أن تظهر آثار السرعة عليه وعلى الشيء المحضر، وهذا ما لم يظهر على عرش بلقيس، فتبارك الله القوي العظيم [ابن عثيمين].
تدبــــر - المجموعة التاسعة
قد علم أنه من قرأ كتابا في الطب أو الحساب أو غيرهما فإنه لابد أن يكون راغبا في فهمه وتصور معانيه.. فكيف بمن يقرأ كتاب الله - تعالى - الذي به هداه وبه يعرف الحق والباطل والخير والشر؟ فإن معرفة الحروف بدون المعاني لا يحصل معها المقصود إذ اللفظ إنما يراد للمعنى.. (ابن تيمية)
تدبــــر - المجموعة التاسعة
{ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } ينبغي لكل مسلم ـ يخاف العرض على ربه ـ أن يتأمل هذه الآية الكريمة، ويُمعن النظر فيها مرارا وتكرارا؛ ليرى لنفسه المخرج من هذه الورطة العظمى، والطامة الكبرى، التي عمّت جُل بلاد المسلمين من هذه المعمورة، وهي هجر القرآن الكريم! [الشنقيطي]
تدبــــر - المجموعة العاشرة
قوله تعالى: (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) (البقرة: 213) من فوائد الآيــة: أنه كلما قوي إيمان العبد كان أقرب إلى إصابة الحق لقوله تعالى: (فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا) ؛ لإن الله علق الهداية على وصف الإيمان، وما علق على وصف فإنه يقوى بقوته، ويضعف بضعفه، ولهذا كان الصحابة أقرب إلى الحق ممن بعدهم.. (تفسير القرآن للعثيمين 5/28)
تدبــــر _ المجموعة الحادية عشر
لو أن شخصا نظر إلى ماضيه فوجده مثقلا بالآلام ـ كما وقع ليوسف عليه السلام ـ لضاقت به الأرض إلا أن يوسف الصديق بقي متألق اليقين وراء جدران السجن يذكر بالله من جهلوه، ويبصر بفضله من جحدوه وذلك شأن أولي الفضل من الناس، لا يفقدون صفاء دينهم إن فقدوا صفاء دنياهم، ولا يهونون أمام أنفسهم لنكبة حلّت بهم. [محمد الغزالي]
تدبــــر _ المجموعة الحادية عشر
لما سافر موسى للخضر وجد في طريقه مس الجوع و النصب فقال لفتاه: { آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا } ولما واعده ربه 30 ليلة وأتمها بعشر، فلم يأكل فيها لم يجد مس الجوعِ والنصب فالأول سفر لمخلوق والثاني سفر للخالق وهكذا سفر القلب وسيره إلى ربه، لا يجد فيه من الشقاء والنصب ما يجده في سفره إلى بعض المخلوقين. [ابن القيم]
تدبــــر _ المجموعة الحادية عشر
قال إبراهيم عليه السلام: { إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي } و لم يقل إلا الله؛ لفائدتين: 1) الإشارة إلى علة إفراد الله بالعبادة؛ لأنه كما أنه منفرد بالخلق؛ فيجب أن يُفرد بالعبادة. 2) الإشارة إلى بطلان عبادة الأصنام؛ لأنها لم تفطركم حتى تعبدوها، وهذه من البلاغة التامة في تعبير إبراهيم عليه السلام. [ابن عثيمين]
تدبــــر _ المجموعة الحادية عشر
{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } ففي أمر الملائكة لها بالقنوت والركوع والسجود، إشارة إلى أنه كلما منّ الله سبحانه وتعالى على إنسان بشيء، وازدادت عليه النعم أن يزداد على ذلك شكرا بالقنوت لله والركوع والسجود وسائر العبادات. [ابن عثيمين]
تدبــــر _ المجموعة الحادية عشر
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ} مئات القتلى في تشيلي، ومئات الآلاف يجلون من مساكنهم في اليابان، ورعب في عدة دول من تسونامي جديد.. لكن {وَمَا يَتَذَكَّرُ} أي: ما يتعظ بهذه الآيات {إِلَّا مَن يُنِيبُ} " والإنابة: الرجوع عن الكفر والمعاصي، إلى الإيمان والطاعة " [الشنقيطي]
تدبــــر _ المجموعة الحادية عشر
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} فتأمل قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} فإن أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم نسبوه إلى ما لا يليق به، وقالوا فيه ما هو منزه عنه، فأمره الله سبحانه وتعالى أن يصبر على قولهم، ويكون له أسوة بربه سبحانه، حيث قال أعداؤه فيه ما لا يليق. [ابن القيم]
تدبــــر _ المجموعة الحادية عشر
لماذا يشمخ الإنسان بأنفه وهو لولا إعزاز الله ذليل؟ ولولا ستره مفضوح؟ وإذا كان لدى البعض فضل ذكاء أو ثراء فمن أين جاءه؟ {إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ} ولو قطع الوهاب إمداده لانتقل العبقري إلى مستشفى المجانين ! ولمد القوارين - جمع قارون - أيديهم متسولين: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ}؟ [محمد الغزالي]
تدبــــر _ المجموعة الحادية عشر
.{جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ} تأملها، تجد تحتها معنى بديعا، فهم إذا دخلوا الجنة لم تغلق أبوابها بل تبقى مفتحة، بعكس أبواب النار فهي موصدة على أهلها. وفي تفتيح الأبواب إشارة إلى: 1) ذهابهم وإيابهم وتبوئهم من الجنة حيث شاءوا. 2) دخول الملائكة عليهم كل وقت بالتحف والألطاف. 3) أنها دار أمن، لا يحتاجون إلى غلق الأبواب كما في الدنيا. [ابن القيم]