الرحيق المختوم
____________
مختصر الفقه الاسلامى / محقق
وقال الله تعالى: (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) [المطففين/ 25-28]
----------------
يُسْقَون من خمر صافية محكم إناؤها، آخره رائحة مسك، وفي ذلك النعيم المقيم فليتسابق المتسابقون. وهذا الشراب مزاجه وخلطه من عين في الجنة تُعْرَف لعلوها بـ " تسنيم "، عين أعدت ; ليشرب منها المقربون، ويتلذذوا بها
باب بيان ما أعد الله تعالى للمؤمنين في الجنة
تطريز رياض الصالحين
قال تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم * على الأرائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختوم * ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون * ومزاجه من تسنيم * عينا يشرب بها المقربون} [المطففين (22: 28)].
----------------
قال ابن كثير: ثم قال تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم}، أي: يوم القيامة هم في نعيم مقيم، وجنات فيها فضل عميم. {على الأرائك}، وهي السرر تحت الحجال، ينظرون في ملكهم، وما أعطاهم الله من الخير، والفضل الذي لا ينقضي ولا يبيد. وقيل: معناه على الأرائك ينظرون إلى الله عز وجل، وهذا مقابل لما وصف به أوئك الفجار: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}. فذكر عن هؤلاء أنهم يباحون النظر إلى الله عز وجل، وهم عى سررهم وفرشهم. كما تقدم في حديث ابن عمر: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة، يرى أقصاه كما يرى أدناه، وإن أعلاهم لمن ينظر إلى الله عز وجل في اليوم مرتين». وقوله تعالى: {تعرف في وجوههم نضرة النعيم}، أي: تعرف إذا نظرت إليهم في وجوههم نضرة النعيم، أي: صفة الرأفة، والحشمة، والسرور، والدعة، والرياسة، مما هم فيه من النعيم العظيم. وقوله تعالى: {يسقون من رحيق مختوم}، أي: يسقون من خمر من الجنة، والرحيق: من أسماء الخمر. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والحسن وقتادة، وابن زيد. قال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حثنا زهير، عن سعد أبي المجاهد الطائي، عن عطية بن سعيد العوفي، عن أبي سعيد الخدري، أراه قد رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «أيما مؤمن سقى مؤمنا شربة ماء على ظمأ سقاه الله تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم، وأيما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مؤمن كسا مؤمنا ثوبا على عري كساه الله من خضر الجنة». وقال ابن مسعود في قوله: {ختامه مسك}، أي: خلطه مسك. وقال العوفي: عن ابن عباس: طيب الله لهم الخمر، فكان آخر شيء جعل فيها مسك، ختم بمسك. كذا قال قتادة والضحاك. وقال إبراهيم والحسن: {ختامه مسك}، أي: عاقبته مسك. وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا أبو حمزة، عن جابر، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي الدرداء {ختامه مسك}، قال: شراب أبيض مثل القصة يختمون به شرابهم، ولو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل أصبعه فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها. وقال ابن أبي نجيح: عن مجاهد: {ختامه مسك}، قال: طيبه مسك. وقوله تعالى: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}، أي: وفي مثل هذا الحال فليتفاخر المتفاخرون وليتباهى ويتكاثر ويسبق إلى مثله المستبقون، وليتباهى ويتكاثر ويستبق إلى مثله المستبقون كقوله تعالى: {لمثل هذا فليعمل العاملون} [الصافات (61)]. وقوله تعالى: {ومزاجه من تسنيم}، أي: ومزاج هذا الرحيق الموصوف، من تسنيم، أي: شراب يقال له: تسنيم، وهو: أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه. قاله أبو صالح، والضحاك. ولهذا قال: {عينا يشرب بها المقربون}، أي: يشربها المقربون صرفا، وتمزج لأصحاب اليمين مزجا. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومسروق، وقتادة وغيرهم. انتهى.
فوائد من كتاب الرضا بعد القضاء لأنس بن محمد السليم
الخشوع في الصلاة: بعد رجوع المسلمين من غزوة ذات الرقاع سَبَوا امرأة من المشركين، فنذر زوجها أن لا يرجع حتى يهريق دمًا في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فجاء ليلاً، وقد أرصد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين ربيئة (الشخص المخصص للمراقبة) للمسلمين من العدو، وهما عباد بن بشر وعمار بن ياسر، فَضُرِب عباد وهو قائم يُصلِّي بسهم، فنزعه ولم يبطل صلاته، حتى رشقه بثلاثة أسهم، فلم ينصرف منها حتى سلَّم، فأيقظ صاحبه، فقال: سبحان الله، هلَّا نبهتني؟ فقال: إني كنت في سورة فكرهت أن أقطعها (الرحيق المختوم).
من أقوال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي
مما يعينك على الثبات على الطاعة بعـد رمضان: أن تتفكر وتتدبر في زوال الدنيا، وأنك مهما عشت فإنك ميت، وأنك إلى الله صائر، وإلى الله منقلب، وكما بدأ الشهر وانقضى فإنك بدأت وستنقضي، وكما بدأ وانتهى فإنك بدأت وعن قريب عاجلا أو آجلا تنتهي، فكل شيء إلى فناء، ولا يدوم للعبـد البقاء، إنـا مـن الـدنـيا على طـريــق إما إلى الغساق أو إلى الرحيق من علـم أنه إلى الله صائر هانت عليه الدنيا...
7. حياة السلف بين القول والعمل
قيام الليل: عن سفيان، قال: كان محمد بن جحادة رحمه الله من العابدين وكان يقال: إنه لا ينام من الليل إلا أيسره قال: فرأت امرأة من جيرانه كأن حُللاً فرقت على أهل مسجدهم، فلما انتهى الذي يفرقها إلى محمد بن جحادة دعا بسفطٍ مختوم فأخرج منه حلة خضراء قالت: فلم يقم لها بصري فكساه إياه وقال: هذه لك بطول السهر، قالت تلك المرأة: فوالله لقد كنت أراه بعد ذلك فأتخايلها عليها، يعني الحلة. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/306].