بابُ دعاءِ المدعوّ والضيفَ لأهلِ الطَّعامِ إذا فَرَغَ من أكلهِ
ذكـــــر
روينا في صحيح مسلم، عن عبد اللّه بن بُسْرٍ ـ بضمّ الباء وإسكان السين المهملة ـ الصحابيّ، قال: نزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أبي: فقرّبنا إليه طعاماً ووَطْبَةً فأكل منها، ثم أُتيَ بتمر فكان يأكلُه ويُلقي النَّوَى بين أصبعيه ويجمعُ السبَّابَةَ والوُسطى ـ قال شعبة: هو ظني وهو فيه إن شاء اللّه تعالى إلقاءُ النَّوى بين الأصبعين ـ ثم أُتي بشرابٍ فشربَه، ثم ناولَه الذي عن يمينه، فقال أبي، وأخذَ بلجامِ دابّته: ادعُ اللَّهَ لنا، فقال: " اللَّهُمَّ بارِكْ لَهُمْ فِيما رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ " .
قلتُ: الوطبة بفتح الواو وإسكان الطاء المهملة بعدها باء موحدة: وهي قربة لطيفة يكون فيها اللبن.
وروينا في سنن أبي داود وغيره، بالإِسناد الصحيح، عن أنس رضي اللّه عنه؛ أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة رضي اللّه عنه، فجاء بخبزٍ وزيْتٍ فأكل، ثم قال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم: " أفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وأكَلَ طَعَامَكُمُ الأبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلائِكَةُ " .
وروينا في سنن ابن ماجه، عن عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنهما قال: أفطرَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عند سعد بن معاذ، فقال: " أفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ " الحديث.
قلتُ: فهما قضيتان جَرَتَا لسعد بن عبادة وسعد بن معاذ.
وروينا في سنن أبي داود، عن رجل عن جابر رضي اللّه عنه قال: صنعَ أبو الهيثم بن التَّيِّهَان للنبيّ صلى اللّه عليه وسلم طعاماً، فدعا النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم وأصحابَه، فلما فرغوا، قال: " أثِيبُوا أخاكُمْ " قالوا: يا رسول اللّه! وما إثابته؟ قال: " إنَّ الرَّجُلَ إذَا دُخلَ بَيْتُهُ فأُكِلَ طَعامُهُ وَشُرِبَ شَرَابُهُ، فَدَعَوْا لَهُ، فَذَلِكَ إثابَتُهُ " .