بابُ وَعْظِهِ وتأديبِهِ مَنْ يُسيءُ في أكلِه
ذكـــــر
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عمر بن أبي سلمةَ رضي اللّه عنهما قال:
كنتُ غلاماً في حِجْر رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكانتْ يدي تطيشُ في الصحفة، فقال لي رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " يا غُلامُ! سَمّ اللّه تعالى، وكُلْ بِيَمينِكَ، وكُلْ مِمَّا يَلِيكَ " وفي رِوَاية في الصحيح قال: أكلتُ يوماً مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجعلتُ آكلُ من نواحي الصحفة، فقال لي رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " كُلْ مِمَّا يَلِيكَ " . قُلت: قولُه تطِيشُ، بكسر الطاء وبعدها ياء مثناة من تحت ساكنة، ومعناه: تتحرّك وتمتدّ إلى نواحي الصحفة ولا تقتصرُ على موضع واحد.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن جبلةَ بن سحيم قال: أصابَنَا عامُ سَنةٍ مع ابن الزبير، فرزقنا، فكان عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما يمرّ بنا ونحن نأكلُ، ويقولُ: لا تقارِنُوا، فإن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم نهى عن الإِقران، ثم يقول: إلاَّ أنْ يَسْتأذِنَ الرَّجُلُ أخاهُ.
قلت: قوله لا تقارنوا: أي لا يأكل الرجل تمرتين في لقمة واحد.
وروينا في صحيح مسلم، عن سلمة بن الأكوع رضي اللّه عنه؛ أن رجلاً أكل عندَ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم بشماله، فقال: " كُلْ بِيَمِيْنِكَ " ، قال: لا أستطيعُ، قال: " لا اسْتَطَعْتَ " ، ما منعه إلا الكِبْر، فما رفعها إلى فِيْه.
قلتُ: هذا الرجل هو بُسر بضم الموحدة وبالسين المهملة: ابن راعي العَير بالمثناة وفتح العين، وهو صحابي، وقد أوضحتُ حالَه، وشرح صحيح مسلم " واللّه أعلم.