بابُ ما يقولُ إذا أرادَ النومَ واضطجعَ على فراشِه
ذكـــــر
قال اللّه تعالى: {إنَّ في خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لآياتٍ لأُولي الألْبابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّه قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ} آل عمران: 190ـ191 الآيات.
وروينا في صحيح البخاري رحمه اللّه، من رواية حذيفة وأبي ذرّ رضي اللّه عنهما:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: " باسْمِكَ اللَّهُمَّ أحْيا وأمُوت " ورويناهُ في صحيح مسلم، من رواية البراء بن عازب رضي اللّه عنهما.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عليّ رضي اللّه عنه:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال له ولفاطمة رضي اللّه عنهما: " إذَا أوَيْتُما إلى فِرَاشِكُما، أوْ إذَا أخَذْتُما مَضَاجِعَكُما فَكَبِّرَا ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَسَبِّحا ثَلاثاً وثَلاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثاً وَثَلاثِينَ " .
وفي رواية: " التَّسْبِيحُ أرْبَعاً وَثِلاثِينَ " .
وَفي رواية: " التَّكْبيرُ أرْبعاً وَثَلاثِينَ " . قالَ عليّ: فما تركته منذ سمعتُه من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قيل له: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفّين.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " إذَا أوَى أحَدُكُمْ إلى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخلَةِ إِزَارِهِ، فإنَّهُ لا يَدْرِي ما خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: باسْمِكَ رَبي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أرْفَعُهُ، إنْ أمْسَكْتَ نَفْسِي فارْحَمْها، وَإِنْ أرْسَلْتَها فاحْفَظْها بما تَحْفَظُ بِهِ عِبادَكَ الصَّالِحينَ " وفي رواية " يَنْفُضُهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ " .
وروينا في الصحيحين عن عائشة رضي اللّه عنها
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه وقرأ بالمعوّذات ومسح بهما جسده.
وفي الصحيحين عنها
أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفّيه ثم نفث فيهما وقرأ فيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} و{قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الفَلَقِ} و{قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الناس} ثُم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرّات، قال أهل اللغة: النفث: نفخ لطيف بلا ريق.
وروينا في الصحيحين عن أبي مسعود الأنصاري البدري عقبة بن عمرو رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " الآيَتانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ مَنْ قَرأ بِهِما في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ " .
اختلف العلماء في معنى كفتاه؛ فقيل: من الآفات في ليلته وقيل: كفتاه من قيام ليلته. قلت: ويجوز أن يُراد الأمران.
وروينا في الصحيحين عن البَراء بن عازب رضي اللّه عنهما، قال:
قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " إذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ على شِقِكَ الأيْمَنِ وَقُلِ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إِلَيْكَ، وَألجأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةَ وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لا ملجأ وَلا مَنْجَى مِنْكَ إِلاَّ إِليْكَ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الَّذي أنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذي أَرْسَلْتَ. فإنْ مِتَّ مِتَّ على الفِطْرَةِ، واجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَقُولُ " هذا لفظ إحدى روايات البخاري، وباقي رواياته وروايات مسلم مقاربة لها.
وروينا في صحيح البخاري، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
وكَّلني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام.. وذكر الحديث، وقال في آخره: إذا أويتَ إلى فراشِكَ فاقرأ آيةَ الكرسي، فإنه لن يزالَ معكَ من اللّه تعالى حافظ، ولا يقربَك شيطانٌ حتى تُصْبِحَ. فقال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم: " صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيطانٌ " أخرجهُ البُخاري في صحيحه فقال: وقال عثمان بن الهيثم: حدّثنا عوف عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة وهذا متصل، فإن عثمان بن الهيثم أحد شيوخ البخاري الذين روى عنهم في صحيحه، وأما قول أبي عبد اللّه الحميدي في الجمع بين الصحيحين: إن البخاري أخرجه تعليقاً، فغير مقبول؛ فإن المذهب الصحيح المختار عند العلماء والذي عليه المحقّقون أن قول البخاري وغيره: " وقال فلان " محمولٌ على سماعه منه واتصاله إذا لم يكن مدلِّساً وكان قد لقيَه، وهذا من ذلك. وإنما المعلَّقُ ما أسقط البخاري منه شيخه أو أكثر بأن يقول في مثل هذا الحديث: وقال عوف، أو قال محمد بن سيرين، وأبو هريرة، واللّه أعلم.
وروينا في سنن أبي داود عن حفصة أُمّ المؤمني رضي اللّه عنها؛
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أرادَ أن يرقدَ وضعَ يدَه اليمنى تحتَ خدّه ثم يقول: اللَّهُمَّ قِني عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبادَكَ. ثَلاثَ مَرَّاتٍ " ورواه الترمذي من رواية حذيفة، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم وقال: حديث صحيح حسن. ورواه أيضاً من رواية البراء بن عازب ولم يذكر فيها ثلاث مرات.
وروينا في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه،
عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقولُ إذا أوى إلى فراشه: " اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبََّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فالِقَ الحَبّ وَالنَّوَى، مُنَزِّل التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالقُرآنِ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ كُلّ ذِي شَرٍّ أنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ؛ أنْتَ الأوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وأنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وأنْتَ الباطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وأغْنِنا مِنَ الفَقْرِ " وفي رواية أبي داود " اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ، وأغْنِني مِنَ الفَقرِ " .
وروينا بالإِسناد الصحيح في سنن أبي داود والنسائي، عن عليٍّ رضي اللّه عنه،
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول عند مضجعه: " اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ، وَكَلِماتِكَ التَّامَّة، مِنْ شَرّ ما أنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أنْتَ تَكْشِفُ المَغْرَمَ والمأثمَ، اللَّضهُمَّ لا يُهْزَمُ جُنْدُكَ، وَلا يُخْلَفُ وَعْدُكَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدّ مِنْكَ الجَدُّ، سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ " .
وروينا في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي عن أنس رضي اللّه عنه؛
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: " الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي أطْعَمَنا وَسَقَانا، وكَفانا وآوَانا، فَكَمْ مِمَّنْ لا كافِيَ لَهُ وَلا مُؤْوِيَ " قال الترمذي: حديث حس صحيح.
وروينا بالإِسناد الحسن في سنن أبي داود، عن أبي الأزهريّ، ويقال: أبو زهير الأنماري رضي اللّه عنه؛
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال: " باسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبِي، وأخْسِىءْ شَيْطانِي، وَفُكَّ رِهانِي، وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيّ الأعْلَى " النديّ: بفتح النون وكسر الدال وتشديد الياء.
وروينا عن الإِمام أبي سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي رحمه اللّه في تفسير هذا الحديث قال: النديّ: القوم المجتمعون في مجلس، ومثله النادي، وجمعه أندية. قال: يريد بالنديّ الأعلى: الملأ الأعلى من الملائكة.
وروينا في سنن أبي داود والترمذي، عن نوفل الأشجعي رضي اللّه عنه قال:
قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " اقْرأ: قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ، ثُمَّ نَمْ على خاتِمَتِها فإنَّها بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ " .
وفي مسند أبي يعلى الموصلي، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما،
عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: " ألا أدُلُّكُمْ على كَلِمَةٍ تُنَجِّيكُمْ مِنَ الإِشْرَاكِ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، تَقْرَؤونَ: قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ عِنْدَ مَنَامِكُمْ "
وروينا في سنن أبي داود والترمذي، عن عرباض بن سارية رضي اللّه عنه؛
أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان يقرأ المسبِّحات قبل أن يرقد. قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا عن عائشة رضي اللّه عنها قالت:
كان النبيّ صلى اللّه عليه وسلم لا ينامُ حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر. قال الترمذي: حديث
وروينا بالإِسناد الصحيح في سنن أبي داود عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛
أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم كان يقول إذا أخذ مضجعه: " الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي كفاني وآوَانِي، وأطْعَمَنِي وَسَقَانِي، وَالَّذِي مَنَّ عَليَّ فأفْضَلَ، وَالَّذي أعطانِي فأجْزَل، الحَمْدُ لِلَّهِ على كُلّ حالٍ؛ اللَّهُمَّ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، وَإِلهَ كُلِّ شَيْءٍ، أعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ "
وروينا في كتاب الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عه،
عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: " مَنْ قَالَ حِينَ يَأوِي إلى فِرَاشِهِ: أسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ وأتُوب إِلَيْهِ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، غَفَرَ اللَّهُ تَعالى لَهُ ذُنُوبَهُ وَ إِنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ، وَ إِنْ كَانَتْ عَدَدَ النُّجُومِ، وَإِنْ كانَتْ عَدَدَ رَمْلِ عالجٍ، وَ إنْ كانَتْ عَدَدَ أيَّامِ الدُّنْيَا " .
وروينا في سنن أبي داود وغيره بإسناد صحيح، عن رجل من أسلم من أصحاب النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال:
كنتُ جالساً عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجاء رجلٌ من أصحابه فقال: يا رسول اللَّهِ! لُدِغْتُ الليلةَ فلم أنم حتى أصبحتُ، قال: " مَاذَا؟ " قال: عقربٌ، قال: " أما إنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أمْسَيْتَ: أعُوذُ بكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرّ ما خَلَقَ لَمْ يَضُرَّكَ شَيْءٌ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى " .
ورويناه أيضاً في سنن أبي داود وغيره من رواية أبي هريرة، وقد تقدّم روايتنا له عن صحيح مسلم في باب: ما يقال عند الصباح والمساء.
وروينا في كتاب ابن السني عن أنس رضي اللّه عنه؛
أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم أوصى رجلاً إذا أخذ مضجعه أن يقرأ سورة الحشر وقال: " إنْ مِتَّ مِتَّ شَهِيداً " أو قال: " مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ "
وروينا في صحيح مسلم، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛
أنه أمر رجلاً إذا أخذ مضجعه أن يقول: " اللَّهُمَّ أنْتَ خَلَقْتَ نَفْسِي وأنْتَ تَتَوَفَّاها، لَكَ مَمَاتُها وَمَحْياها، إنْ أحْيَيْتَها فاحْفَظْها، وَإنْ أمَتَّها فاغْفِرْ لَهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ العافِيَةَ " قال ابن عمر: سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
وروينا في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة، حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه الذي قدّمناه في باب: ما يقول عند الصباح والمساء في قصة أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه:
" اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ عالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ نَفِسِي وَشَرّ الشَّيْطانِ وَشِرْكِهِ. قُلْها إذَا أَصْبَحْتَ وَإذَا أَمْسَيْتَ وَإذَا اضْطَجَعْتَ " .
وروينا في كتاب الترمذي، وابن السنني، عن شداد بن أوس رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " ما مِنْ مُسْلِمٍ يأوي إلى فِرَاشِهِ فَيَقْرأُ سُورَةً مِنْ كِتابِ اللَّهِ تَعالى حِينَ يأخُذُ مَضْجَعَهُ إِلاَّ وَكَّلَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَ بِهِ مَلَكاً لا يَدَعُ شَيْئاً يَقْرَبُهُ يُؤْذِيهِ حتَّى يَهُبَّ مَتَى هَبَّ " إسناده ضعيف، ومعنى هبّ: انتبه وقام.
وروينا في كتاب ابن السني، عن جابر رضي اللّه عنه،
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: " إنَّ الرَّجُلَ إذَا أوَى إلى فِرَاشِهِ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطانٌ، فَقَالَ المَلَكُ: اللَّهُمَّ اخْتِمْ بِخَيْرٍ، فَقالَ الشَّيْطانُ: اخْتِمْ بِشَرّ، فإنْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعالى ثُمَّ نامَ باتَ المَلَكُ يَكْلَؤهُ " .
وروينا فيه عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي الّله عنهما،
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول إذا اضطجع للنوم: " اللَّهُمَّ! باسْمِكَ رَبي وَضَعْتُ جَنْبِي فاغْفِرْ لي ذَنْبِي " .
وروينا فيه عن أبي أُمامة رضي اللّه عنه قال:
سمعتُ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم يقولُ: " مَنْ أوَى إلى فِرَاشِهِ طاهِراً، وَذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يُدْرِكَهُ النُّعاسُ لَمْ يَتَقَلَّبْ ساعَةً مِنَ اللَّيْلِ يَسألُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيها خَيْراً مِنْ خَيْر الدُّنْيا والآخرَةِ إِلاَّ أعْطاهُ إيَّاهُ " .
وروينا فيه عن عائشة رضي اللّه عنها قالت:
كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: " اللَّهُمَّ أمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، وَاجْعَلْهُما الوَارِثَ مِنِّي، وَانْصُرْنِي على عَدُوِّي وَأرِنِي ثَأْرِي، اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَمِنَ الجُوعِ فإنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ " .
قال العلماء: معنى اجعلهما الوارث مني: أي أبقهما صحيحين سليمين إلى أن أموت؛ وقيل المراد بقاؤهما وقوتهما عند الكِبَر وضعف الأعضاء وباقي الحواس: أي اجعلهما وارثيْ قوّة باقي الأعضاء والباقِيَيْن بعدها؛ وقيل المراد بالسمع: وعي ما يسمع والعمل به، وبالبصر: الاعتبار بما يرى، وروي " واجعله الوارث مني " فَرَدَّ الهاء إلى الإِمتاع فوحَّدَه.
وروينا فيه عن عائشة رضي اللّه عنها أيضاً، قالت:
ما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ـ منذ صحبته ـ ينامُ حتى فارقَ الدنيا حتى يتعوّذ من الجبن والكسل، والسآمة والبخل، وسوءِ الكِبَر، وسوء المنظر في الأهل والمال، وعذاب القبر، ومن الشيطان وشركه.
وروينا فيه عن عائشة أيضاً،
أنها كانتْ إذا أرادتْ النومَ تقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أسألُكَ رُؤْيا صَالِحَةً، صَادِقَة غَيْرَ كاذِبَةً، نافِعَةً غَيْرَ ضَارَّةٍ. وكانتْ إذا قالت هذا قد عرفوا أنها غير متكلمة بشيء حتى تصبحَ أو تستيقظَ من الليل.
وروى الإِمام الحافظ أبو بكر بن أبي داود بإسناده، عن عليّ رضي اللّه عنه قال:
ما كنتُ أرى أحداً يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة. إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وروي أيضاً عن عليّ: ما أرى أحداً يعقلُ دخلَ في الإِسلام ينامُ حتى يقرأ آيةَ الكرسي.
وعن إبراهيم النخعي قال:
كانوا يُعلّمونهم إذا أووا إلى فراشهم أن يقرؤوا المعوّذتين. وفي رواية: كانوا يستحبّون أن يقرؤوا هؤلاء السور في كلّ ليلة ثلاثَ مرات: قل هو اللّه أحد والمعوّذتين. إسناده صحيح على شرط مسلم.
واعلم أن الأحاديث والآثار في هذا الباب كثيرة، وفيما ذكرناه كفاية لمن وُفِّق للعمل به، وإنما حذفنا ما زاد عليه خوفاً من الملل على طالبه واللّه أعلم؛ ثم الأولى أن يأتيَ الإِنسانُ بجميع المذكور في هذا الباب، فإن لم يتمكن اقتصرَ على ما يقدرُ عليه من أهمّه.