بابُ ما يُقال عند الصَّباحِ وعندَ المساءِ
ذكـــــر
اعلم أن هذا البابَ واسعٌ جداً ليس في الكتاب بابٌ أوسعَ منه، وأنا أذكرُ إن شاء اللّه تعالى فيه جملاً من مختصراته، فمن وُفِّق للعمل بكلّها فهي نعمة وفضل من اللّه تعالى عليه وطوبى له، ومن عجز عن جميعها فليقتصرْ من مختصراتها على ما شاء ولو كان ذكراً واحداً.
والأصلُ في هذا الباب من القرآن العزيز قولُ اللّه سبحانه وتعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها} طه:130 وقال تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بالْعَشِيّ والإِبْكارِ} غافر:55 وقال تعالى: {وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بالغُدُوّ والآصَالِ} الأعراف:205 قال أهل اللغة: الآصال جمع أصيل: وهو ما بين العصر والمغرب. وقال تعالى: {وَلاتَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}الأنعام:52 قال أهل اللغة: العشيّ: ما بين زوال الشمس وغروبها. وقال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أذِنَ اللَّهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ، يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بالْغُدُوّ والآصَالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}النور:36 الآية.
وقال تعالى: {إنَّا سَخَّرْنا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بالْعَشِيّ وَالإِشْرَاقِ} ص:18.
وروينا في صحيح البخاري عن شدّاد بن أوس رضي اللّه عنه،
عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: " سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا على عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأبُوءُ بِذَنبي، فاغْفِرْ لي فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ ما صَنَعْتُ. إذا قال ذلك حين يُمسي فمات دخل الجنة، أو كان من أهل الجنة، وإذا قال حين يُصبح فمات من يومه، مثله " معنى أبوء: أقرُّ وأعتر
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " مَنْ قالَ حِينَ يُصْبحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ مِئَةَ مَرَّةٍ لَمْ يأْتِ أحَدٌ يَوْمَ القِيامَةِ بأفْضَلَ مِمَّا جاءَ بِهِ إِلاَّ أحَدٌ قالَ مثْلَ ما قالَ أوْ زَادَ عَلَيْهِ " وفي رواية أبي داود " سُبْحانَ اللَّهِ العَظيمِ وبِحَمْدِهِ " .
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة، عن عبد اللّه بن خُبيب ـ بضم الخاء المعجمة ـ رضي اللّه عنه قال:
خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب النبيّ صلى اللّه عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه فقال: " قُلْ، فلم أقل شيئاً، ثم قال: قُلْ، فلم أقل شيئاً، ثم قال: قُلْ، فقلت: يارسول اللّه! ما أقول؟ قال: قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ وَالمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلّ شَيْءٍ " قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروينا في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه وغيرها بالأسانيد الصحيحة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه،
عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول إذا أصبح: " اللَّهُمَّ بِكَ أصْبَحْنا، وَبِكَ أمْسَيْنا، وَبِكَ نَحْيا، وَبِكَ نَمُوتُ وَإِلَيْكَ النُّشُورُ؛ وإذا أمسى قال: اللَّهُمَّ بِكَ أمْسَيْنا، وَبِكَ نَحْيا، وَبِكَ نَمُوتُ وَإِلَيْكَ النُّشُورُ " قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه:
أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا كان في سفر أو سحر يقول: " سَمَّعَ سامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَحُسْنِ بَلائِهِ عَلَيْنا، رَبَّنا صَاحِبْنا، وأفْضِلْ عَلَيْنا، عائِذاً باللَّهِ منَ النَّارِ " قال القاضي عياض وصاحب المطالع وغيرهما: سمَّعَ بفتح الميم المشدّدة، ومعناه: بلّغ سامع قولي هذا لغيره، تنبيهاً على الذكر في السحَر والدعاء في ذلك الوقت، وضبطه الخطابي وغيره سَمِعَ بكسر الميم المخففة؛ قال الإِمام أبو سليمان الخطابي: سَمِعَ سامِعٌ معناه: شهدَ شاهدٌ. وحقيقته: ليسمعِ السامعُ وليشهد الشاهدُ حَمْدنا اللّه تعالى على نعمته وحسن بلائه.
وروينا في صحيح مسلم، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال:
كان النبيّ صلى اللّه عليه وسلم إذا أمسى قال: " أمْسَيْنا وأمْسَى المُلْكُ لِلَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ " قال الراوي: أراه قال فيهنٌ: " لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ على كُلَّ شَيْءٍ قَديرٌ، رَبّ أسألُكَ خَيْرَ ما فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَها وأعُوذ بِكَ مِنْ شَرّ ما في هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرّ مَا بَعْدَهَا، رَبّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَل وَالهَرَمِ وَسُوءِ الكِبَرِ، أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ في النَّارِ وَعَذَابٍ في القَبْرِ، وَإذَا أصْبَحَ قالَ ذلكَ أيْضاً: أصْبَحْنا وأصْبَحَ المُلْكُ لِلَّهِ " .
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى اللّه عليه وسلم فقال: يارسول اللّه! ما لقيتُ من عقرب لدغتني البارحة؟ قال: " أما لَوْ قُلْتَ حِينَ أمْسَيْتَ: أعُوذُ بِكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرّ ما خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ " ذكره مسلم متصلاً بحديث لخولة بنت حكيم رضي اللّه عنها وهكذا.
ورويناه في كتاب ابن السني، وقال فيه: " أعُوذُ بِكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرّ ما خَلَقَ ثَلاثاً لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ " .
وروينا بالإِسناد الصحيح في سنن أبي داود والترمذي، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه
أن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه قال: يارسول اللّه! مُرْني بكلمات أقولهنّ إذا أصبحتُ وإذا أمسيت، قال: " قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، عالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أشْهَدُ أن لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطانِ وَشِرْكِهِ. قالَ: قُلْها إذَا أصْبَحْتَ وَإذَا أمْسَيْتَ وَإذَا أخَذْتَ مَضْجَعَكَ " قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروينا نحوه في سنن أبي داود من رواية أبي مالك الأشعري رضي اللّه عنهم أنهم قالوا:
يا رسول اللّه! علِّمنا كلمة نقولها إذا أصبحنا وإذا أمسينا واضطجعنا، فذكره، وزاد فيه بعد قوله: وَشِرْكِهِ " وأنْ نَقْتَرِفَ سُوءاً عَلى أنْفُسِنا أوْ نَجُرَّهُ إلى مُسْلِمٍ " قوله صلى اللّه عليه وسلم " وشركه " روي على وجهين: أظهرهما وأشهرهما بكسر الشين مع إسكان الراء من الإِشراك: أي ما يدعو إليه ويوسوس به من الإِشراك باللّه تعالى، والثاني شَرَكه بفتح الشين والراء: حبائله ومصايده، واحدها شَرَكة بفتح الشين والراء وآخره هاء.
وروينا في سنن أبي داود والترمذي، عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَباحِ كُلّ يَوْمٍ وَمَساءِ كُلّ لَيْلَةٍ، باسْمِ اللَّهِ الَّذي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأرْضِ وَلا في السَّماءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيم، ثَلاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّه شَيْءٌ " قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، هذا لفظ الترمذي. وفي رواية أبي داود: " لَم تُصِبْهُ فَجْأةُ بَلاءٍ " .
وروينا في كتاب الترمذي، عن ثوبان رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " مَنْ قالَ حِينَ يُمْسِي: رَضِيتُ باللّه رَبَّاً، وَبالإِسْلامِ دِيناً، وبِمُحَمَّدٍ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نَبِيَّاً، كانَ حَقّاً على اللّه تعالى أنْ يُرْضِيَهُ " في إسناده سعد بن المرزبان أبو سعد البقال بالباء، الكوفيّ مولى حذيفة بن اليمان، وهو ضعيف باتفاق الحفّاظ، وقد قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، فلعله صحّ عنده من طريق آخر. وقد رواه أبو داود والنسائي بأسانيد جيدة عن رجل خدم النبيّ صلى اللّه عليه وسلم عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم بلفظه، فثبت أصل الحديث، وللَّه الحمد. وقد رواه الحاكم أبو عبد اللّه في المستدرك على الصحيحين؛ وقال: حديث صحيح الإسناد، ووقع في رواية أبي داود وغيره: " وبمحمدٍ رسولاً " وفي رواية الترمذي: " نبيّاً " فيستحبُّ أن يجمع الإِسان بينهما فيقول " نبيّاً ورسولاً " ولو اقتصر على أحدهما كان عاملاً بالحديث.
وروينا في سنن أبي داود بإسناد جيد لم يضعفه، عن أنس رضي اللّه عنه:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: " مَنْ قالَ حينَ يُصْبحُ أوْ يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلائِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أنَّكَ أنْتَ لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ، وأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ. أعْتَقَ اللَّهُ رُبُعَهُ مِنَ النَّارِ، فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أعْتَقَ اللَّهُ نصْفَهُ مِنَ النَّار، وَمَنْ قَالَها ثَلاثاً أَعْتَقَ اللَّهُ تعالى ثَلاثَةَ أرْبَاعِهِ، فإنْ قالَهَا أَرْبَعاً أعْتَقَه اللَّهُ تَعالى مِنَ النَّارِ " .
وروينا في سنن أبي داود بإسناد لم يضعفه، عن عبد اللّه بن غنَّام بالغين المعجمة والنون المشددة البياضي الصحابي رضي اللّه عنه
أن رسول اللّه صلَّى اللّه عليه وآله وسلم قال: " مَنْ قالَ حِينَ يُصْبحُ: اللَّهُمَّ ما أصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، لَكَ الحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ؛ وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذلكَ حِينَ يُمْسِي فَقَد أدَّى شُكْرَ لَيلَتِهِ " .
وروينا بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال:
لم يكن النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم يَدَعُ هؤلاء الدعوات حين يُمسي وحين يُصبح: " اللَّهُمَّ إني أسألُكَ العافِيَةَ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إني أسألُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ في دِيني وَدُنْيَايَ وأهْلِي ومَالِي، اللَّهُمََّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وآمِنْ رَوْعاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْن يَدَيَّ ومِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمالِي وَمِنْ فَوْقِي، وأعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أنْ أُغْتالَ مِنْ تَحْتِي " قال وكيع: يعني الخسف. قال الحاكم أبو عبد اللّه: هذا حديث صحيح الإِسناد.
وروينا في سنن أبي داود والنسائي وغيرهما بالإِسناد الصحيح عن عليّ رضي اللّه عنه،
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، أنه كان يقول عند مضجعه: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ وَبِكَلِماتِكَ التَّامَّةِ مِنْ شَر ما أنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِهِ، اللَّهُمّ أنْتَ تَكْشِفُ المَغْرَمَ والمَأثمَ، اللَّهُمَّ لا يُهْزَمُ جُنْدُكَ وَلا يُخْلَفُ وَعْدُكَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدّ مِنْكَ الجَدُّ، سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ " .
وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه بأسانيد جيدة عن أبي عياش ـ بالشين المعجمة ـ رضي اللّه عنه
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: " مَنْ قالَ إِذَا أصْبَحَ: لا إلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. كانَ لَهُ عِدْلُ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ صلى اللّه عليه وسلم، وكُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجاتٍ، وكانَ فِي حِرْزٍ مِنَ الشَّيْطانِ حتى يُمْسِيَ، وَإنْ قَالَهَا إِذَا أمْسَى كانَ له مِثْلُ ذلكَ حتَّى يُصْبحَ " .
وروينا في سنن أبي داود، بإسناد لم يضعفه، عن أبي مالك الأشعري رضي اللّه عنه:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: " إذَا أصْبَحَ أحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: أَصْبَحْنَا وأصْبَحَ المُلْكُ لِلَّهِ رَبّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ أسألُكَ خَيْرَ هَذَا اليَوْمِ فَتْحَهُ وَنَصْرَهُ وَنُورَهُ وَبَرَكَتَهُ وَهُدَاهُ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ شَر ما فِيهِ وَشَرِّ ما بَعْدَهُ. ثُمَّ إذا أمْسَى فَلْيَقُلْ مِثْلَ ذلكَ " .
وروينا في سنن أبي داود، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قال لأبيه: يا أبتِ! إني أسمعك تدعو كلّ غداة: " اللَّهُمَّ عافِني فِي بَدَني، اللَّهُمَّ عافِنِي في سَمْعِي، اللَّهُمَّ عافِني في بَصَري، اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنَ الكُفْرِ وَالفَقْرِ، اللَّهُمَّ إني أعُوذَ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبرِ، لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ " تعيدها حين تصبح ثلاثاً، وثلاثاً حين تُمسي، فقال: إني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعو بهنّ، فأنا أُحبّ أن أستن بسنّته.
وروينا في سنن أبي داود عن ابن عباس رضي اللّه عنهما
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: " مَنْ قالَ حِينَ يُصْبحُ {فَسُبْحان اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحونَ. وَلَهُ الحَمْدُ في السَّمَوَاتِ وَ الأرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ. يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ويُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيّ، ويُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرجُونَ} الروم: 17ـ19 أدرك ما فاتَهُ فِي يَوْمِهِ ذلكَ، وَمَنْ قالَهُنَّ حِينَ يُمْسِي أَدْرَكَ ما فَاتَهُ في لَيْلَتِهِ " لم يضعفه أبو داود، وقد ضعفه البخاري في تاريخه الكبير، وفي كتابه كتاب الضعفاء.
وروينا في سنن أبي داود عن بعض بنات النبيّ صلى اللّه عليه وسلم ورضي عنهنّ،
أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان يُعلّمها فيقول: " قُولي حينَ تُصْبحينَ: سُبْحانَ اللَّه وبِحَمْدِهِ، لا قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ، ما شاءَ اللَّه كَانَ، ومَا لَمْ يَشأ لَمْ يَكُن، أعْلَمُ أنَّ اللَّهَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وأَنَّ اللَّهَ قَدْ أحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً، فإنَّهُ مَنْ قالَهُنَّ حِينَ يُصْبحُ حُفِظَ حتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُمْسِي حُفِظَ حتَّ يُصْبحَ " .
وروينا في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال:
دخلَ رسولُ اللَّه صلى اللّه عليه وسلم ذاتَ يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يُقال له أبو أمامة، فقال: " يا أبا أُمامَةَ! ما لي أرَاكَ جالِساً في المَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلاةٍ؟ " قال: هموم لزمتني وديون يا رسول اللّه! قال: " أفَلا أُعَلِّمُكَ كَلاماً إذَا قُلْتَهُ أذْهَبَ اللَّهُ هَمَّكَ وقضى عَنْكَ دَيْنَكَ؟ " قلت: بلى يا رسول اللّه! قال: " قُلْ إذَا أصْبَحْتَ وَإذَا أمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِني أعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمّ والحُزن، وأعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ، وأعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ والبُخلِ، وأعوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرّجالِ " . قال: ففعلتُ ذلك، فأذهبَ اللّه تعالى همّي وغمّي وقضى عني ديني.
وروينا في كتاب ابن السني، بإسناد صحيح، عن عبد اللّه بن أبزى رضي اللّه عنه قال:
كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أصبح قال: " أصْبَحْنَا على فِطْرَةِ الإِسْلامِ، وكَلِمَةِ الإِخْلاصِ، وَدِيْنِ نبِيِّا مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه وسلم، وَمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ صلى اللّه عليه وسلم حَنِيفاً مُسْلِماً ومَا أنا مِنَ المُشْرِكِينَ " .
قلتُ: كذا وقع في كتابه: " ودين نبيّنا محمد " وهو غير ممتنع، ولعلَّه صلى اللّه عليه وسلم قال ذلك جهراً ليسمعَه غيره فيتعلمه، واللّه أعلم.
وروينا في كتاب ابن السني، عن عبد اللّه بن أوفى رضي اللّه عنهما قال:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أصبح قال: أصْبَحْنا وأصْبَحَ المُلْكُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلُّ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَالكِبْرِياءُ وَالعَظَمَةُ لِلَّهِ، وَالخَلْقُ وَالأمْرُ وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَما سَكَنَ فِيهما لِلَّهِ تَعالى، اللَّهُمَّ! اجْعَلْ أَوَّلَ هَذَا النَّهارِ صَلاحاً، وَأَوْسَطَهُ نَجاحاً وآخِرَهُ فَلاحاً، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ! " .
وروينا في كتابي الترمذي وابن السني، بإسناد فيه ضعف، عن مَعقل بن يسار رضي اللّه عنه
عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: " مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ: أعُوذُ باللَّهِ السَّمِيع العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَقَرَأَ ثَلاثَ آياتٍ مِنْ سُورَةِ الحَشْرِ، وَكَّلَ اللَّهُ تَعالى بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإنْ ماتَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ ماتَ شَهِيداً، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي كانَ بِتلْكَ المَنْزِلَةِ " .
وروينا في كتاب ابن السنيّ، عن محمد بن إبراهيم، عن أبيه رضي اللّه عنه قال:
وجّهَنَا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سرية، فأمَرَنَا أن نقرأ إذا أمسينا وأصبحنا: {أَفَحَسِبْتُمْ أنَما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً}المؤمنون: 115 فقرأنا، فغنمنا وسلمنا.
وروينا فيه عن أنس رضي اللّه عنه:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يدعو بهذه الدعوة إذا أصبح وإذا أمسى: " اللَّهُمَّ أسألُكَ منْ فَجْأةِ الخَيْرِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ فَجأةِ الشَّرّ " .
وروينا فيه عن أنس رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لفاطمة رضي اللّه عنها: " ما يَمْنَعُكِ أنْ تَسْمَعِي ما أُوصِيكِ بِهِ؟ تَقُولِينَ إذَا أصْبَحْتِ وَإذَا أمْسَيْتِ: يا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِكَ أسْتَغِيثُ فأصْلِحْ لي شأنِي كُلَّهُ وَلاَ تَكِلْني إلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنِ " .(34)
وروينا فيه، بإسناد، ضعيف، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما:
أن رجلاً شكا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه تُصيبُه الآفاتُ، فقال له رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " قُلْ إذَا أصْبَحْتَ: باسمِ اللَّهِ على نَفْسِي وأهْلي ومَالي، فإنَّهُ لا يَذْهَبُ لَكَ شَيْءٌ " فقالهنّ الرجلُ، فذهبتْ عنه الآفاتُ.
وروينا في سنن ابن ماجه وكتاب ابن السني، عن أُمّ سلمة رضي اللّه عنها؛
أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أصبح قال: " اللَّهُمَّ إني أسألُكَ عِلْماً نافعاً، وَرِزْقاً طَيِّباً، وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً " .
وروينا في كتاب ابن السني، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " مَنْ قالَ إذَا أصْبَحَ: اللَّهُمَّ إني أصْبَحُتُ منْكَ في نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ وَسَتْرٍ، فأتِمَّ نِعْمَتَكَ عَليَّ وَعَافِيَتَكَ وَسَتْرَكَ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ. ثَلاثَ مَرَّاتٍ إِذَا أصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى، كان حَقّاً على اللَّهِ تَعالى أنْ يُتِمَّ عَلَيْهِ " .
وروينا في كتابي الترمذي وابن السني، عن الزبير بن العوّام رضي اللّه عنه،
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: " ما مِنْ صَباحٍ يُصْبِحُ العِبادُ إِلاَّ مُنادٍ يُنادِي: سُبْحانَ المَلكِ القُدُّوس " وفي رواية ابن السني " إلاَّ صَرَخَ صَارِخٌ: أيُّها الخلائقُ! سَبِّحوا المَلكَ القُدُّوسَ " .
وروينا في كتاب ابن السني، عن بُريدة رضي اللّه عنه، قال:
قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " مَنْ قَالَ إذَا أصْبَحَ وَإِذَا أمْسَى: رَبِّيَ اللَّهُ تَوَكَّلْتُ عَلَيْهِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظيمِ، لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ العَلِيُّ العَظِيمُ، ما شاءَ اللَّهُ كانَ، ومَا لَمْ يَشاْ لَمْ يَكُنْ، أَعْلَمُ أنَّ اللَّهَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وأنَّ اللَّهَ قَدْ أحاطَ بِكُلّ شَيْءٍ عِلْماً، ثُمَّ مَاتَ دَخَلَ الجَنَّة " .
وروينا في كتاب ابن السني، عن أنس رضي اللّه عنه؛
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: " أيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَكُونَ كأبِي ضَمْضَمٍ؟ " قالُوا: وَمَنْ أبُو ضَمْضَمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قالَ: " كَانَ إِذَا أصْبَحَ قالَ: اللَّهُمَّ إِني قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي وَعِرْضِي لَكَ، فَلا يَشْتُمُ مَنْ شَتَمَهُ، وَلاَ يَظْلِمُ مَنْ ظَلَمَهُ، وَلا يَضْرِبُ مَنْ ضَرَبَهُ " .
وروينا فيه، عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه،
عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: " مَنْ قالَ فِي كُلّ يَوْمٍ حِينَ يُصْبحُ وَحِينَ يُمْسِي: حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ كَفَاهُ اللَّهُ تَعالى ما أهمَّهُ مِنْ أمْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ " .
وروينا في كتابي الترمذي وابن السني، بإسناد ضعيف، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " مَنْ قَرأ {حَم} المُؤْمِن إلى: {إِلَيْهِ المَصِيرُ} غافر: 1ـ3 وآيةَ الكُرْسِيّ حِينَ يُصْبحُ حُفِظَ بِهِمَا حتَّى يُمْسِي، وَمَنْ قَرأهُما حِينَ يُمْسِي حُفِظَ بِهِما حَتَّى يُصْبحَ " .
فهذه جملةٌ من الأحاديث التي قصدنا ذكرَها، وفيها كفايةٌ لمن وفّقه اللّه تعالى، نسألُ اللَّه العظيم التوفيقَ للعمل بها وسائر وجوه الخير.
وروينا في كتاب ابن السني، عن طلق بن حبيب، قال:
جاء رجلٌ إلى أبي الدرداء فقال: يا أبا الدرداء قد احترق بيتُك، فقال: ما احترق، لم يكن اللّه عزّ وجلّ ليفعلَ ذلك بكلمات سمعتهنّ من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، من قالها أوّل نهاره لم تصبْه مصيبةٌ حتى يُمسي، ومَنْ قالها آخرَ النهار لم تصبْه مصيبةٌ حتى يُصبحَ: " اللَّهُمََّ أنتَ رَبي، لا إِلهَ إِلاََّ أَنْتَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وأنْتَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، ما شاءَ اللَّهُ كانَ، وَمَا لَمْ يَشأْ لَمْ يَكُنْ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ العَلِيّ العَظِيمِ، أعْلَمُ أنَّ اللَّهَ عَلى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وأنَّ اللَّهَ قَدْ أحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً، اللَّهُمَّ إِني أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرّ كُلّ دَابَّةٍ أنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتها، إنَّ رَبِّي على صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " .
ورواه من طريق آخر، من أصحاب النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، لم يقل عن أبي الدرداء، وفيه: أنه تكرّر مجيء الرجل إليه يقول: أدرِك دارَك فقد احترقتْ وهو يقول: ما احترقتْ لأني سمعتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم يقول: " مَن قال حين يُصبح هذه الكلمات ـ وذكر هذه الكلمات ـ لم يُصبه في نفسه ولا أهله ولا ماله شيء يكرهه " وقد قلتها اليوم، ثم قال: انهضوا بنا، فقام وقاموا معه، فانتهوا إلى داره وقد احترق ما حولها ولم يصبها شيء.