بابُ الأذكارِ بعدَ الصَّلاة
ذكـــــر
أجمع العلماءُ على استحباب الذكر بعد الصلاة، وجاءت فيه أحاديث كثيرة صحيحة في أنواع منه متعدّدة، فنذكرُ أطرافاً من أهمها:
روينا في كتاب الترمذي عن أبي أمامة رضي اللّه عنه قال:
قيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أيّ الدعاء أسمع؟ قال: " جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِر، وَدُبُرُ الصَّلَوَاتِ المَكْتوبات " قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال:
كنتُ أعرفُ انقضاء صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالتكبير. وفي رواية مسلم " كنّا " وفي رواية في صحيحيهما عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: أن رفعَ الصوت بالذكر حين ينصرفُ النَّاسُ من المكتوبة كانَ على عهدِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وقال ابن عباس: كنتُ أعلمُ إذا انصرفوا، بذلك، إذا سمعتُه.
وروينا في صحيح مسلم عن ثوبان رضي اللّه عنه قال:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال: اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ، تَبارَكْتَ يا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرامِ " قيل للأوزاعي وهو أحد رواة الحديث: كيف الاستغفار؟ قال: اسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أسْتَغْفِرُ اللَّهَ.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن المغيرة بن شعبة رضي اللّه عنه:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة وسلّم قال: " لا إلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؛ اللَّهُمَّ لا مانِعَ لِمَا أعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ " .
وروينا في صحيح مسلم، عن عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنهما
أنه كان يقول دُبُرَ كلّ صلاة حين يسلم: " لا إلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَة كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لا حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللّه، لا إِلهَ إِلاَّ اللّه وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ ولَهُ الفَضْلُ، وَلَهُ الثَّناءُ الحَسَنُ، لا إلهَ إِلاَّ اللّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكافِرُونَ " قال ابن الزبير: وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يهلّل بهنّ دُبُرَ كُلِّ صلاة.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه:
أن فقراء المهاجرين أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: ذهبَ أهل الدُّثُور بالدرجات العُلى والنعيم المقيم، يُصَلُّون كما نُصلِّي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجّون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدّقون، فقال: " ألا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئاً تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُـِمْ، وَلاَ يَكُونُ أحَدٌ أفْضَلَ مِنْكُمْ إِلاَّ مَنْ صَنَع مِثْلَ ما صَنَعْتُمْ؟ قالوا: بلى يارسول اللّه! قال: تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلّ صَلاةٍ ثَلاثاً وَثَلاثينَ " .
قال أبو صالح الراوي عن أبي هريرة لما سئل عن كيفية ذكره؟ يقول: سبحان اللَّه والحمدُ للَّه واللَّه أكبر، حتى يكون منهنّ كلُّهن ثلاث وثلاثون. الدثور: جمع دَثْر بفتح الدال وإسكان الثاء المثلثة، وهو المال الكثير.
وروينا في صحيح مسلم، عن كعب بن عُجْرَة رضي اللّه عنه،
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: " مُعَقِّباتٌ لاَ يَخِيبُ قائِلُهُنَّ أوْ فاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ: ثَلاثاً وَثَلاثِينَ تَسْبِيحَةً، وَثَلاثاً وَثَلاثِينَ تَحْمِيدَةً، وأرْبعاً وَثَلاثِينَ تَكْبِيرةً " .
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه،
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: " مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثاً وَثَلاثينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَقالَ تَمامَ المئة: لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطاياهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ " .
وروينا في صحيح البخاري في أوائل كتاب الجهاد، عن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يتعوّذ دُبُرَ الصلاة بهؤلاء الكلمات: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأعُوذُ بِكَ أنْ أُرَدَّ إلى أَرْذَلِ العمُرِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ فتْنَةِ الدُّنْيا، وأعُوذُ بِكَ منْ عَذَابِ القَبْرِ " .
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي، عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما،
عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: " خَصْلَضتانِ أوْ خَلَّتانِ لا يُحافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إلاَّ دَخَلَ الجَنَّةَ، هُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ: يُسَبِّحُ اللَّهُ تَعالى دُبُرَ كُلّ صَلاةٍ عَشْراً، وَيَحْمَدُ عَشْراً، ويُكَبِّر عَشْراً، فَذَلِكَ خَمْسُونَ ومِئَةٌ باللِّسانِ، وألْفٌ وخَمْسُمِئَةٍ في المِيزَاِ. وَيُكَبِّرُ أرْبَعاً وَثَلاثِينَ إذَا أخَذَ مَضْجَعَةُ وَيحْمَدُ ثَلاثاً وَثَلاثينَ، وَيُسَبِّحُ ثَلاثاً وَثَلاثينَ، فَذَلكَ مِئَةٌ باللِّسانِ، وألفٌ بالميزَانِ " . قال: فلقد رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعقدها بيده، قالوا: يارسول اللّه! كيف هما يسير، ومن يعمل بهما قليل؟ قال: " يأتِي أحَدَكُمْ ـ يعني الشيطان ـ في مَنامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أنْ يَقُولَهُ، ويأتِيهِ في صَلاتِهِ فَيُذَكِّرَهُ حاجَةً قَبْلَ أنْ يَقُولَهَا " إسناده صحيح، إلا أن فيه عطاء بن السائب وفيه اختلاف بسبب اختلاطه، وقد أشار أيوبُ السختياني إلى صحة حديثه هذا.
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرهم، عن عقبة بن عامر رضي اللّه عنه قال:
أمرني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن أقرأ بالمعوّذتين دُبُرَ كل صلاة. وفي رواية أبي داود " بالمعوّذات " فينبغي أن يقرأ: قل هو اللّه أحد، وقل أعوذ بربّ الفلق، وقل أعوذ بربّ الناس.
وروينا بإسناد صحيح في سنن أبي داود والنسائي، عن معاذ رضي اللّه عنه:
أن رسولَ اللَّه صلى اللّه عليه وسلم أخذ بيده وقال: " يا مُعَاذُ! وَاللَّهِ إِنّي لأُحِبُّكَ، فَقالَ: أُوصِيكَ يا مُعاذُ! لا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلّ صَلاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أعِنِّي على ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبادَتِكَ " .
وروينا في كتاب ابن السنيّ، عن أنس رضي اللّه عنه قال:
كانَ رسولُ اللَّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قَضى صلاتَه مسحَ جبهتَه بيده اليمنى، ثم قال: " أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، اللَّهُمَّ أذْهِبْ عَنِّي الهَمَّ والحزنَ " .
وروينا فيه عن أبي أُمامة رضى اللّه عنه قال:
ما دنوتُ من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في دُبُر مكتوبة ولا تطوُّع إلا سمعتُه يقول: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذُنُوبي وَخَطايايَ كُلَّها، اللَّهُمَّ انْعِشْنِي واجْبُرْنِي وَاهْدِنِي لِصَالِح الأعْمالِ وَالأخْلاقِ، إنَّهُ لاَ يَهْدِي لِصَالِحها وَلاَ يَصْرِفُ سَيِّئَها إِلاَّ أَنْتَ " .
وروينا فيه عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه:
أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا فرغ من صلاته ـ لا أدري قبل أن يسلِّم أو بعد أن يسلِّم ـ يقول: " سُبْحانَ ربِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ على المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العَالَمِينَ " .
وروينا فيه عن أَنس رضي اللّه عنه قال:
كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول إذا انصرف من الصلاة: " اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ عُمُرِي آخِرَهُ، وَخَيْرَ عَمَلِي خَواتِمَهُ، وَاجْعَلْ خَيْرَ أَيَّامي يَوْمَ ألْقاكَ " .
وروينا فيه عن أبي بكرة رضي اللّه عنه:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول في دُبر الصلاة: " اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنَ الكُفْرِ وَالفَقْرِ وَعَذَابِ القَبْرِ " .
وروينا فيه بإسناد ضعيف عن فضالة بن عبيد اللّه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " إذَا صَلَّى أحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ تَعالى وَالثَّناء عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي على النَّبيّ صلى اللّه عليه وسلم ثُمْ ليَدْعُو بِمَا شَاءَ " .