بابُ ما يقولُه في رفعِ رأسِه من الركوع وفي اعتدالِه
فصل: اعلم أنه يُستحبّ أن يجمع بين هذه الأذكار كلها
اعلم أنه يُستحبّ أن يجمع بين هذه الأذكار كلها على ما قدّمناه في أذكار الركوع، فإن اقتصر على بعضها فليقتصرْ على " سمع اللّه لمن حمده ربنا لك الحمد ملء السموات ومَلْء الأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد " فإن بالغَ في الاقتصار اقتصر على " سمع اللّه لمن حمده ربنا لك الحمد " فلا أقلّ من ذلك.
واعلم أن هذه الأذكار كلها مستحبة للإِمام والمأموم والمنفرد، إلا أن الإِمام لا يأتي بجميعها إلا أن يعلم من حال المأمومين أنهم يُؤثرون التطويل. واعلم أن هذا الذكر سنّة ليس بواجب، فلو تركه كُرِهَ له كراهةَ تنزيه ولا يسجدُ للسهو، ويُكره قراءةُ القرآن في هذا الاعتدال كما يُكره في الركوع والسجود، واللّه أعلم.
السنّة أن يقول حال رفع رأسه: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ولو قال: من حمد اللّه سمع له، جاز، نصَّ عليه الشافعي في الأمّ، فإذا استوى قائماً قالَ: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ حمْداً طَيِّباً مُبارَكاً فِيهِ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الأرْضِ وَمِلْءَ ما بَيْنَهُما وَمِلْءَ ما شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أهْلَ الثَّناءِ والمَجْدِ، أحَقُّ ما قَالَ العَبْدُ، وكلنا لَكَ عَبْدٌ، لا مانِعَ لِمَا أعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدّ مِنْكَ الجَدُّ.
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه قال:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: " سَمِعَ اللََّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: " رَبَّنا لَكَ الحَمْدُ " وفي روايات " ولَكَ الحَمْدُ " بالواو، وكلاهما حسن.
وروينا مثله في الصحيحين عن جماعة من الصحابة.
وروينا في صحيح مسلم، عن عليٍّ، وابن أبي أوفى رضي اللّه عنهم:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا رفع رأسه قال: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنا لكَ الحَمْدُ مِلْءَ السَّمَواتِ وَمِلْءَ الأرْضِ وَمِلْءَ ما شِئْتَ منْ شَيْءٍ بَعْدُ " .
3/115ـ وروينا في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: " اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، وَمِلْءَ ما شِئْتَ منْ شَيْءٍ بَعْدُ، أهْلَ الثَّناءِ وَالمَجْدِ، أحَقُّ ما قالَ العَبْدُ وكُلُّنا لَكَ عَبْدٌ، اللَّهُمَّ لا مانِعَ لِمَا أعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلايَنْفَعُ ذَا الجَدّ مِنْكَ الجَدُّ " .) وروينا في صحيح مسلم أيضاً، من رواية ابن عباس:
" رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ مِلْءَ السَّمَواتِ وَمِلْءَ الأرْضِ وَما بَيْنَهُما، وَمِلْءَ ما شَئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْد
وروينا في صحيح البخاري، عن رفاعة بن رافع الزرقي رضي اللّه عنه قال:
كنا يوماً نصلي وراء النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " فقال رجل وراءه: " رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبارَكاً فِيهِ، فلما انصرف قال: " مَن المُتَكَلِّمُ؟ " قال: أنا، قال: " رأيتُ بِضْعَةً وثَلاثِينَ يَبْتَدِرُونَها أيُّهُمْ يَكْتُبُها أوَّلُ " .