الكلام على التسليم
فصل
أسرار الصَّلاة للإمَام العلامَة ابن قيِّم الجَوزيَّة
و لما كان العبد بين أمرين من ربه عز و جل : أحدهما : حكم الرب عليه في أحواله كلها ظاهرا و باطنا ، و اقتضاؤه من القيام بعبودية حكمه ، فإن لكلّ حكم عبودية تخصه ، أعني الحكم الكوني القدري. و الثاني : فعل ، يفعله العبد عبودية لربه ، و هو موجب حكمه الديني الأمري. و كلا الأمرين يوجبان بتسليم النفس إلى الله سبحانه ، و لهذا اشتق له اسم الإسلام من التسليم ، فإنه لما سلّم لحكم ربه الديني الأمري ، و لحكمه الكوني القدري ، بقيامه بعبودية ربه فيه لا باسترساله معه في الهوى ، و الشهوات ، و المعاصي ، و يقول : قدَّر عليّ استحق اسم الإسلام فقيل له : مسلم.