عبودية الركوع
فصل
أسرار الصلاة للإمام العلامة ابن قيم الجوزية
ثم شرع له بأن يخضع للمعبود سبحانه بالركوع خضوعاً لعظمة ربه، و استكانة لهيبته و تذللا لعزته. فثناء العبد على ربه في هذا الركن ؛ هو أن يحني له صلبه، و يضع له قامته، و ينكس له رأسه، و يحني له ظهره، و يكبره مُعظماً له، ناطقاً بتسبيحه، المقترن بتعظيمه. فاجتمع له خضوع القلب، و خضوع الجوارح، و خضوع القول على أتم الأحوال، و يجتمع له في هذا الركن من الخضوع و التواضع و التعظيم و الذكر ما يفرق به بين الخضوع لربه، و الخضوع للعبيد بعضهم لبعض، فإنَّ الخضوع وصف العبد، و العظمة وصف الرب. و تمام عبودية الركوع أن يتصاغر الراكع، و يتضاءل لربه، بحيث يمحو تصاغره لربه من قلبه كلَّ تعظيم فيه لنفسه، و لخلقه و يثبت مكانه تعظيمه ربه وحده لا شريك له.