تقديم العبادة على الاستعانة
فصل
أسرار الصلاة للإمام العلامة ابن قيم الجوزية
قلت: أراد تقديم العبادة ـ و هي العمل ـ على الاستعانة، فالعبادة لله و الاستعانة للعبد، فالله هو المعبود، و هو المستعان على عبادته، فإياك نعبد ؛ أي إياك أريد بعبادتي، و هو يتضمن العمل الصالح الخالص، و العلم النافع الدال على الله، معرفة و محبة، و صدقا و إخلاصاً، فالعبادة حق الرب تعالى على خلقه، و الاستعانة تتضمن استعانة العبد بربه على جميع أموره، و هي القول المتضمن قسم العبد. فكل عبادة لا تكون لله و بالله فهي باطلة مضمحلة، و كل استعانة تكون بالله وحده فهي خذلانٌ و ذل. و تأمل علم ما ينفع العباد و ما يدفع عنهم كل واحد من هاتين الكلمتين من الآفة المنافية للعبودية نفعاً و دفعاً و كيف تدخل العبد هاتان الكلمتان في صريح العبودية.