بابُ ما يقولُه بعدَ الدَّفْن
بابُ ما يقولُه بعدَ الدَّفْن
السنّة لمن كان على القبر أن يحثي في القبر ثلاث حثيات بيديه جميعاً من قِبل رأسه. قال جماعة من أصحابنا: يُستحبّ أن يقول في الحثية الأولى: {مِنْها خَلَقْناكُم} وفي الثانية: {وفِيها نُعِيدُكُمْ} وفي الثالثة: {وَمِنْها نُخرِجُكُمْ تارَةً أُخْرَى} [طه:56]. ويُستحبّ أن يقعد عنده بعد الفراغ ساعة قدر ما يُنحر جزور ويُقسم لحمُها، ويشتغل القاعدون بتلاوة القرآن، والدعاء للميت، والوعظ، وحكايات أهل الخير، وأحوال الصالحين.
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عليّ رضي اللّه عنه قال: كنّا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقعدَ وقعدنا حولَه ومعه مِخصَرَة، فنكسَ وجعلَ ينكتُ بمخصرته، ثم قال: " ما مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إِلاَّ قَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ، فقالوا: يا رسول اللّه! أفلا نتكلُ على كتابنا؟ فقال: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ " وذكر تمام الحديث.
وروينا في صحيح مسلم، عن عمرو بن العاص رضي اللّه عنه قال :إذا دفنتموني أقيموا حول قبري قدر ما يُنحر جزور ويقسم لحمها، حتى أستأنسَ بكم وأنظرَ ماذا أراجعُ به رسلَ ربي.
وروينا في سنن أبي داود والبيهقي، بإسناد حسن، عن عثمان رضي اللّه عنه قال: كان النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم إذا فرغَ من دفن الميت وقفَ عليه فقال: " اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فإنَّهُ الآنَ يُسْألُ " قال الشافعي والأصحاب: يُستحبّ أن يقرؤوا عنده شيئاً من القرآن، قالوا: فإن ختموا القرآن كلَّه كان حسناً.
وروينا في سنن البيهقي بإسناد حسن؛ أن ابن عمر استحبَّ أن يقرأ على القبر بعد الدفن أوّل سورة البقرة وخاتمتها.( البيهقيوقال الحافظ: هذا موقوف حسن.)