قول الله تعالى : ﴿ ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي ﴾
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قول الله تعالى: ﴿ ولئن أذقناه رحمة منّا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي ﴾
----------------
قال الشيخ السعدي: ” مقصود هذه الترجمة أن كل من زعم أن ما أوتيه من النعم والرزق فهو بكده وحذقه وفطنته، أو أنه مستحق لذلك لما يظن له على الله من الحق، فإن هذا منافي للتوحيد، لأن المؤمن حقاً من يعترف بنعم الله الظاهرة والباطنة، ويثني على الله بها، ويضيفها إلى فضله وإحسانه، ويستعين بها على طاعته، ولا يرى له حقاً على الله، إنما الحق كله لله “. ﴿ ولئن أذقناه رحمة منّا... ﴾ قال مجاهد: ” هذا بعملي وأنا محقوق به “. وقال آخرون: ” على علم من الله أني له أهل “. قال ابن كثير في معنى قوله تعالى: ﴿ ثم إذا خولناه نعمة منّا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ﴾: ” يخبر أن الإنسان في حال الضر يضرع إلى الله وينيب إليه ويدعوه، ثم إذا خوله نعمة منه طغى وبغى وقال: ﴿ إنما أوتيته على علم ﴾ أي لما يعلم الله استحقاقي له، ولولا أني عند الله خصيص لما خولني هذا “. ﴿ بل هي فتنة ﴾ أي ليس الأمر كما زعم، بل إنما أنعمنا عليه بهذه النعمة لنختبره فيما أنعمنا عليه، أطيع أم يعصي. ﴿ بل هي فتنة ﴾ أي اختبار. ﴿ ولكن أكثرهم لا يعلمون ﴾ فلهذا يقولون ما يقولون. ﴿ قد قالها الذين من قبلهم ﴾ أي هذه المقالة، وزعم هذا الزعم، وادعى هذه الدعوى كثير ممن سلف من الأمم. ﴿ فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ﴾ أي فما صح قولهم ولا نفعهم جمعهم وما كانوا يكسبون، كما قال تعالى مخبراً عن قارون: ﴿... إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين.... قال إنما أوتيته على علم عندي أو لم يعلم أن الله أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً... ﴾.
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص، وأقرع، وأعمى. فأراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكاً، فأتى الأبرص، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس به قال: فمسـحه، فذهب عنه قذره، وأعطي لوناً حسـناً وجلداً حسـناً، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبـل أو البقر ـ شك إسحاق ـ فأعطي ناقة عشراء، وقال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأقرع، فقال أي شيء أحب إليك قال: شعر حسن، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس به فمسحه، فذهب عنه، وأعطي شعراً حسناً، فقال: أي المال أحب إليك؟ قال: البقر، أو الإبل، فأعطي بقرة حاملاً، قال: بارك الله لك فيها. فأتى الأعمى، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس، فمسحه، فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم، فأعطي شاة والداً ؛ فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا وادٍ من الإبل، ولهذا وادٍ من البقر، ولهذا وادٍ من الغنم، قال: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته. فقال: رجل مسكين، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال، بعيراً أتبلغ به في سفري، فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيراً، فأعطاك الله عز وجل المال؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر، فقال: إن كنت كاذباً فصيّرك الله إلى ما كنت. قال: وأتى الأقرع في صورته، فقال له مثل ما قال لهذا، وردّ عليه مثل ما ردّ عليه هذا، فقال: إن كنت كاذباً فصيّرك الله إلى ما كنت. وأتى الأعمى في صورته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسـألك بالذي ردّ عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: كنت أعمى فردّ الله إليَّ بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته ل له. فقال: أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك). أخرجاه
----------------
(بني إسرائيل) هم أولاد يعقوب بن إسحاق. (أبرص) في جلده بياض، والبرص داءٌ معروف. (أقرع) من ليس على رأسه شعر. (الناقة العشراء) بضم العين وفتح الشين، وهي الحامل.