كتاب الصيام
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ أبي هُريرة رضي الله عَنْهُ قال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " لا تَقَدَّمُوا رَمَضَان بِصَومْ يوم أوْ يَوْمَئن، إِلا رَجلاً كانَ يَصُومُ صَوماً فَلْيَصُمْهُ ".
----------------
المعنى الإجمالي: الشارع الحكيم يريد التمييز بين العبادات والعادات، ويريد أن يميز بين فروض العبادات ونوافلها ليحصل الفرق ببن هذا وذاك. لذا فإنه نهى عن تقدم شهر رمضان بصيام يوم أو يومين أو نحو ذلك ليكون مفطراً مستعداً لصيام شهر رمضان، إلا من كان له عادة من صوم كيوم الخميس أو الاثنين أو قضاء تضايق وقته، أو نذر لزمه، فليصمه لأنه تعلق بسببه. بخلاف نفل الصيام المطلق فأقل ما فيه الكراهة.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضي الله عنهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا رَأَيْتمُوه فَصُومُوا، وَإذا رَأَيْتُمُوه فَأفْطِروُا، فَإنْ غُمَّ عَليْكم فاقْدُرُوا لَهُ ".
----------------
فاقدروا له: يعني قدروا له في الحساب، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً. وقيل: معناه " اقدروا " ضيقوا، بأن يضيق على شعبان، فيجعل تسعاً وعشرين يوماً. وعلى هذين التفسيرين، حصل الخلاف الآتي: ويجوز الضم والكسر في (دال)- اقدروا له. قوله: " فصوموا " يريد أن ينوى الصـيام وتبيت تلك النية إلى الغد. وكذلك في قوله: " فأفطروا ". المعنى الإجمالي: أحكام الـشرع الشريف تبني على الأصل، فلا يعدل عنه إلا بيقين. ومن ذلك أن الأصل بقاء شعبان، وأن الذمة بريئة من وجوب الصيام، مادام أن شعبان لم تكمل عدته ثلاثين يوماً، فيعلم أنه انتهى، أو يرى هلال رمضان، فيعلم أنه دخل. ولذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم، أناط صيام شهر رمضان، وفطره برؤية الهلال. فإن كان هناك مانع من غيم، أو قتر، أو نحوهما، أمرهم أن يقدـروا حسابه. وذلك بأن يتموا شعبان ثلاثين، ثم يصوموا. لأن هذا بناء على أصل " بقاء ما كان على ما كان ".
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ أنس ْبنِ مَالِكٍ رَضي الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسول اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمْ: " تَسَحًرُوا فَإن في السَّحُور بَرَكَةً "
----------------
سحور بفتح السين، ما يتسحر به، وبضمها الفعل. والبركة مضافة إلى كل من الفعل وما يتسحر به جميعاً. المعنى الإجمالي: يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتسحر، الذي هو الأكل والشرب وقت السحر، استعداداً للصيام، ويذكر الحكمة الإلهية فيه، وهى حلول البركة، والبركة تشمل منافع الدنيا والآخرة.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ انس بْنِ مَالِكٍ عَنْ زيْد بْن ثَابِتٍ رَضَي الله عَنْهُمَا قال: تَسَحَّرْنَا مَع رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَامَ إلى الصَّلاةِ. قال أنس: قُلْتُ لِزيْدٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأذَانِ وَالسُّحُورِ؟ قال: قَدْرُ خَمْسِينَ آيةٍ.
----------------
الغريب: الأذان: يريد به. الإقامة. ويبين ذلك ما في الصحيحين عن أنس عن زيد قال: تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة. قلت: كم كان بينهما؟ قال: قدر خمسين آية. المعنى الإجمالي: يروي أنس بن مالك، عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما: أن زيداً تسحر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان من سنته صلى الله عليه وسلم أن يتسحر قبيل الصبح. ولذا فإنه ـ لما تسحر- قام إلى صلاة الصبح، فسأل أنس زيداً: كم كان بين الإقامة والسحور؟ قال: قدر خمسين آية.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ عَائِشَةَ وَأمُّ سَلَمَةَ رَضْيَ الله عَنْهُمَا: أنً رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُدْركُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنٌبٌ مِنْ أهلِهِ. ثُمَّ يَغتَسِلُ وَيصُومُ.
----------------
المعنى الإجمالي: كان النبي صلى الله عليه وسلم بجامع في الليل، وربما أدركه الفجر وهو جنب لم يغتسل، ويتم صومه ولا يقضي. وهذا الحكم في رمضان وغيره، وهذا مذهب جمهور العلماء، ولم يخالفهم إلا قليل ممن لا يعتد بخلافهم، وقد حكى بعضهم الإجماع على هذا القول.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عَنْهُ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ نَسيَ وهُوَ صَاِئمٌ فَأكَلَ أوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فإنَّمَا أطعَمَهُ الله وَسَقَاهُ ".
----------------
المعنى الإجمالي: بنيت هذه الشريعة على اليسر والسهولة، والتكليف بقدر الطاقة، وعدم المؤاخذة بما يخرج عن الاستطاعة أو الاختيار. ومن ذلك أن من أكل أو شرب. أو فعل مفطراً غيرهما في نهار رمضان أو غيره من الصيام، فليتم صومه، فإنه صحيح، لأن هذا ليس من فعله المختار، وإنما هو من الله الذي أطعمه وسقاه.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ أبي هُريرة رضي الله عَنْهُ قَال: بَينماَ نَحن جُلُوسْ عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم إذ جَاءه رَجلٌ فقَالَ: يَا رَسولَ الله، هَلَكتُ. فقال: " ما أهلَكَكَ؟ " أو مَالكً؟. قال: وَقَعْتُ على امْرَأْتِي، وأنا صائمٌ " وفي رواية: أصبتُ أهلي في رَمَضَانَ ". فقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تعتقها؟ " قال: لا. قال: " فهل تستطِعُ أن تصوم شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعْين؟ " قال: لا. قال: " فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ " قال: لا. قال: فَسَكَتَ النبي صلى الله عليه وسلم. فبينما نَحْنُ على ذلك إذْ أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بِعَرَق فيهِ تَمرٌ " والعرق: المَكْتَلُ.. قال: " أَيْنَ السَّائِلُ؟ " قالَ: أنا. قال: " خُذْ هذَا فتصَدَّق بِهِ، فقال: أعلى أفقَرَ منِّي يَا رَسُولَ اللّه؟ فَوَ الله مَا بَيْنَ لا بَتَيْها ـ يريد الحَرَّتَيْنِ ـ أهْلُ بَيْتٍ أفْقَر مِنْ أهل بَيْتي. فَضَحِكَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ أنيابُهُ، ثمَّ قَالَ: " أطْعِمْهُ أهْلَكَ ". الحَرَّةُ: الأرْضُ، َتَرْكَبُهَا حجارة سود.
----------------
الغريب: بينما: ظرف زمان يغلب أن يضاف إلى جملة اسمية. بعرق: " العرق " بفتحتين: هو الزنبيل، يعمل من سعف النخل، وقدروها- هنا- بما يسع خـمسة عشر صاعاً. اللابة: هي الحرة: وهي الأرض التي تعلوها حجارة سود. والمدينة النبوية بين حرتين، شرقية وغربية. المِكْتَل: القفة من الخوص وهي قفص من ورق النخل.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ عَائِشَةَ رَضْيَ الله عَنْهَا: أنَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرو الأسلمي، قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أأصُوْمُ في السًفَرِ (وكان كثير الصيام). قال: " إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإنْ شِئْتَ فَأَفْطِر ".
----------------
المعنى الإجمالي: علم الصحابة رضي الله عنهم أن الشارع الرحيم، ما رخص في الفطر في السفر إلا رحمة بهم وإشفاقاً عليهم. فكان حمزة الأسلمي عنده جَلَدٌ وقوة على الصيام، وكان محباً للخير، كثير الصيام رضي الله عنه. فسأل رسول الله: " أيصوم في السـفر؟ ". فخيَّره النبي صلى الله عليه وسلم بين الصيام والفطر، فقال: إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ أنَس بْنِ مَالِكٍ رضي الله عَنْهُ قال: كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفطِرِ، وَلا الْمُفطِرُ عَلَى الصًائِمِ.
----------------
المعنى الإجمالي: كان الصحابة يسافرون مع النبي صلى الله عليه وسلم فيفطر بعضهم، ويصوم بعضهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقرهم على ذلك، لأن الصيام هو الأصل والفطر رخصة، والرخصة ليس في تركها إنكار، ولذا فإنه لا يعيب بعضهم على بعض في الصيام أو الفطر.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ أبِي الدَّرْدَاءِ رضيَ الله عَنْهُ قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في شَهْرِ رَمضَانَ في حَرِّ شَدِيدٍ، حَتَّى إنْ كَانَ أحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَه عَلَى رَأسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، ومَا فِيْنَا صَائِمٌ إلا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وعبْدُ الله بْنُ رَوَاحَة.
----------------
المعنى الإجمالي: خرج النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه في رمضان، في أيام شديدة الحر. فمن شدة الحر، لم يصم منهم إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن رواحة الأنصاري رضي الله عنه. فهما تحمَّلا الشدة وصاما، مما يدل على جواز الصيام في السفر وإن كان ذلك مع المشقة التي لا تصل إلى حَدِّ التهلكة.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ أبِي الدَّرْدَاءِ رضيَ الله عَنْهُ قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في شَهْرِ رَمضَانَ في حَرِّ شَدِيدٍ، حَتَّى إنْ كَانَ أحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَه عَلَى رَأسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، ومَا فِيْنَا صَائِمٌ إلا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وعبْدُ الله بْنُ رَوَاحَة.
----------------
المعنى الإجمالي: خرج النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه في رمضان، في أيام شديدة الحر. فمن شدة الحر، لم يصم منهم إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن رواحة الأنصاري رضي الله عنه. فهما تحمَّلا الشدة وصاما، مما يدل على جواز الصيام في السفر وإن كان ذلك مع المشقة التي لا تصل إلى حَدِّ التهلكة.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَه رَضْيَ الله عَنْهُ قال: كانَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فرَأى زِحَاماً، ورَجُلاً قَدْ ظُلِّل عَلَيْهِ، فَقَالَ: " ما هذا؟ " قالوا: صائم. قال: لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصيامُ في السَّفَرِ ". وفي لفظٍ لمسلم " عَلَيْكُم بِرُخْصَةِ الله الَّتي رَخَصَ لَكُمْ ".
----------------
المعنى الإجمالي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد أسفاره، فرأى الناس متزاحمين ورجلا قد ظلل عليه، فسألهم عن أمره. قالوا: إنه صائم وبلغ به الظمأ هذا الحد. فقال الرحيم الكريم صلى الله عليه وسلم: إن الصيام في السفر ليس من البر، ولكن عليكم برخصة الله التي رخص لكم. فهو لم يرد منكم بعبادته تعذيب أنفسكم.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَن أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضْي الله عَنْهُ قال: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم في سَفر، فمِنَا الصَّائِمُ وَمِنَا الْمُفْطِرُ. قال: فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً في يَوْمٍ حَارٍّ وَأكْثَرُنَا ظِلاَّ صَاحِبُ الكساء وَمِنًا مَنْ يَتقى الشَّمْسَ بِيَدِه. قال: فَسَقَطَ الصُّوَّمُ وَقَامَ الْمُفْطِرُون، فَضَرَبوُا الأَبْنَيَة وَسَقُوا الركابَ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " ذَهَبَ المفْطِرُون اليوْمَ بالأجر "
----------------
المعنى الإجمالي: كان الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحد أسفاره، فبعضهم مفطر، وبعضهم صائم. والنبي صلى الله عليه وسلم يقر كلا منهم على حاله. فنزلوا في يوم حار ليستريحوا من عناء السفر وحر الهاجرة. وكانوا ـ رضي الله عنهم- متقشفين، لا يجد أكثرهم ما يظله عن الشمس إلا أن يضع يده على رأسه أو أن يضع كساء فوق عود أو شجرة فيستظل به. فلما نزلوا في هذه الهاجرة، سقط الصائمون من الحر والظمأ فلم يستطيعوا العمل. وقام المفطرون، فضربوا الأبنية بنصب الخيام والأخبية، وسقوا الإبل، وخدموا إخوانهم الصائمين. فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم فعلهم وما قاموا به من خدمة الجيش شجعهم، وبين فضلهم وقال: " ذهب المفطرون اليم بالأجر "
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
الحديث السادس عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عَنْهَا قَالَتْ: كانَ يَكُونُ عَلَيَّ الْصَّوْمُ في رَمَضَان فَمَا أسْتَطِيعُ أَنْ أقْضِيَ إلا في شَعْبَانَ.
----------------
المعنى الإجمالي: تذكر عائشة رَضيَ اللَه عنها أنه يكون عليها الصوم قضاءً من رمضان. ولمحبة النبي لها وحسن أدبها في مراعاته ومعاشرته، تؤخر صيامها إلى شعبان، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر الصيام فيه، فيعلم ذلك ويقرها عليه.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ عَاِئشَةَ رضي الله عَنْهَا: أنَّ رَسُوْلَ الله قال: " مَنَ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَام صَامَ عَنْه وَلِيُّه ". وأخرجه أبو داود وقال: هذَا في النًذْر خاصَّة، وهو قول أحمد بن حنبل.
----------------
المعنى الإجمالي: الديون التي على الأموات يجب قضاؤها، سواء أكانت لله تعالى كالزكاة والصيام، أم للآدميين، كالديون المالية. وأولى من يتولى ذلك، ورثتهم، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: " من مات وعليه صيام، صام عنه وليه ".
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ عَبْدِ الله بِنِ عَبَّاس رَضْيَ الله عَنْهُمَا قال: جَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ أمي مَاتَت وَعَلَنهَا صَوْمُ شَهْرٍ: أفأَقضِيهِ عَنْهَا؟ قال: " لَوْ كانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْن أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟ ". قال: نعم: قال: " فَدَيْنُ الله أحَقُّ أنْ يُقْضَى ". وفي رواية: جَاءَتْ امْرَأة إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، إن أُمِّي مَاتَت وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذرٍ، أَفَأَصُوْمُ عَنْهَا؟ قال: " أَفَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتيِهِ، أَكَانَ يُؤَدَّى ذَلِكَ عَنْهَا؟ قالت: نعم. قال: " فَصُومِي عَنْ أُمِّك ".
----------------
عموم التعليل الذي في الحديث يشمل الديون التي لله، والتي للخلق، والواجبة بنذر، والواجبة بأصل الشرع، بأنها كلها تقضى عن الميت، وهذا ما حكاه شيخنا " عبد الرحمن آل سعدي " عن " تقي الدين ابن تيمية " رحمهما الله تعالى. - فيه إثبات القياس، الذي هو أحد أصول الجمهور في الاستدلال. وقد ضرب لهما النبي عليه الصلاة والسلام المثل بما هو معهود لهما، ليكون الفهم أبلغ، وليقربه من أذهانهما، فإن تشبيه البعيد بالقريب، يسهل إدراكه وفهمه.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ سَهْلِ بِنْ سَعْدٍ السَّاعِدِي رَضْيَ الله عَنْهُ: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يَزَالُ النَّاسُ بَخَيْر مَا عَجَّلُوْا الفِطْرَ وَأَخَّرُّوا السُّحُوْر ".
----------------
المعنى الإجمالي: الشارع الحكيم يحث على تمييز العبادة ووقتها عن غيره، ليتبين النظام والطاعة، في امتثال أوامره، والوقوف بها عند حدودها. ولذا فإنه لما جعل غروب الشمس هو وقت إفطار الصائم، حثَّه على مبادرة الفطر عند أول ذلك الوقت، وأخبر: أن الناس لا يزالون بخير، ما عجلوا الفطر، لأنهم ـ بذلك- يحافظون على السنة. فإذا أخروا الفطر فهو دليل على زوال الخير عنهم لأنهم تركوا السنة التي تعود عليهم بالنفع الديني وهو المتابعة، والدنيوي الذي هو حفظ أجسامهم وتقويتها بالطعام والشراب، اللذين تتوق أنفسهم إليهما.
حديث شريف
تيسير العلام شرح البسام
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَابِ رَضْيَ الله عَنْهُ قال: قال رَسُولُ الله: " إذَا أَقْبَلَ الْلَيْلُ مِنْ ههُنَا، وَأَدْبَرَ الْنَّهَارُ مِنْ هَهُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ".
----------------
المعنى الإجمالي: تقدم أن وقت الصيام الشرعي، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. ولذا فقد أفاد النبي صلى الله عليه وسلم أمته: أنه إذا أقبل الليل من قبل المشرق، وأدبر النهار من قبل المغرب- بغروب الشمس - فقد دخل الصائم في وقت الإفطار الذي لا ينبغي له تأخيره عنه، بل يعاب بذلك، امتثالاً لأمر الشارع، وتحقيقاً للطاعة، وتمييزاً لوقت العبادة عن غيره، وإعطاء للنفس حقها، من مُتَعِ الحياة المباحة.