باب النهي عن المسافرة بالمصحف إلى بلاد الكفار
باب النهي عن المسافرة بالمصحف إلى بلاد الكفار
تطريز رياض الصالحين
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. متفق عليه.
----------------
قال الشارح: النهي محمول على التحريم، لئلا يتمكنوا منه فيهينوه. أما إذا أمن ذلك، فيكره حمله سدا للذريعة، وأخذا بالأحوط. وقال البخاري: باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو. وكذلك يروى عن محمد بن بشر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وتابعه ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد سافر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في أرض العدو، وهم يعلمون القرآن، ثم ساق الحديث. قال الحافظ: أما رواية محمد بن بشر، فوصلها إسحاق بن راهويه في: (مسنده)، ولفظه: (كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو). والنهي يقتضي الكراهة؛ لأنه لا ينفك عن كراهة لتنزيه، أو التحريم. قوله: (وقد سافر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في أرض العدو، وهم يعلمون القرآن)، أشار البخاري بذلك إلى أن المراد بالنهي عن السفر بالقرآن السفر بالمصحف خشية أن يناله العدو، لا السفر بالقرآن نفسه. وادعى المهلب: أن مراد البخاري بذلك تقوية لقول بالتفرقة بين العسكر الكثير والطائفة القليلة، فيجوز في تلك دون هذه، والله أعلم. انتهى ملخصا. وقال البخاري أيضا: باب هل يشرد المسلم أهل الكتاب، أو يعلمهم الكتاب. قال الحافظ: أورد فيه طرفا من حديث ابن عباس في شأن هرقل، وهذه المسألة مما اختلف فيه السلف: فمنع من تعليم الكافر القرآن، ورخص أبو حنيفة، واختلف قول الشافعي. والذي يظهر أن الراجح التفصيل بين من يرجي منه الرغبة في القرآن، والدخول فيه مع الأمن منه أن يتسلط بذلك إلى الطعن فيه، وبين من يتحقق أن ذلك لا ينجع فيه، أو يظن أنه يتوصل بذلك إلى الطعن في الدين، والله أعلم. انتهى ملخصا.