باب كراهة قول: ما شاء الله وشاء فلان
باب كراهة قول: ما شاء الله وشاء فلان
تطريز رياض الصالحين
عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان؛ ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان». رواه أبو داود بإسناد صحيح.
----------------
قال البخاري: باب لا يقول: ما شاء الله وشئت، وهل يقول: إنا بالله، ثم بك. وذكر حديث: أبرص، وأقرع، وأعمى. قال الحافظ: هكذا بت الحكم في الصورة الأولى، وتوقف في الصورة الثانية، وسببه أنها وإن كانت وقعت في حديث الباب الذي أورده مختصرا، لكن إنما وقع ذلك من كلام الملك على سبيل الامتحان للمقول له، فتطرق إليه الاحتمال. وكأنه أشار بالصورة الأولى إلى ما أخرجه النسائي وصححه من طريق عبد الله بن يسار عن قتيلة، أن يهوديا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة. وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت، إلى أن قال: وحكى ابن التين، عن أبي جعفر الداودي، قال: ليس في الحديث الذي ذكره نهي عن القول المذكور في الترجمة. وقد قال الله تعالى: {وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله} [التوبة (74)]. وقال الله تعلى: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه} [الأحزاب... (37)]. وغير ذلك. وتعقبه بأن الذي قال أبو جعفر ليس بظاهر؛ لأن قوله: ما شاء الله وشئت، تشريك في مشيئة الله تعالى. وأما الآية فإنما أخبر الله تعالى أنه أغناهم، وأن رسوله أغناهم، وهو من الله حقيقة؛ لأنه الذي قدر ذلك، ومن الرسول حقيقة باعتبار تعاطي الفعل، وكذا الإنعام: أنعم الله على زيد بالإسلام، وأنعم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعتق، وهذا بخلاف المشاركة في المشيئة، فإنها منصرفة لله تعالى في الحقيقة، وإذا نسبت لغيره فبطريق المجاز. وقال المهلب: إنما أراد البخاري أن قوله: ما شاء الله ثم شئت. جائز مستدلا بقوله: إنا بالله ثم بك، وقد جاء هذا المعنى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما جاز بدخول: «ثم» لأن مشيئة الله سابقة على مشيئة خلقه، ولما لم يكن الحديث المذكور على شرطه، استنبط من الحديث الصحيح الذي على شرطه ما يوافقه. انتهى ملخصا.