باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم
باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم
تطريز رياض الصالحين
عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل، فلما حدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشأنهم، قال: «إن هذه النار عدو لكم، فإذا نمتم، فأطفئوها» متفق عليه.
----------------
فيه: حكمة النهي وهي خشية الاحتراق قوله: «إن هذه النار عدو لكم». في رواية البخاري: «إن هذه النار إنما هي عدو لكم». قال الحافظ: هكذا أورده بصيغة الحصر مبالغة في تأكيد ذلك. قال ابن العربي: معنى كون النار عدوا لنا، أنها تنافي أبداننا وأموالنا منافاة العدو، وإن كانت لنا بها منفعة، لكن لا يحصل لنا منها إلا بواسطة، فأطلق أنها عدو لنا، لوجود معنى العداوة فيها. والله أعلم.
باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم
تطريز رياض الصالحين
عن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «غطوا الإناء، وأوكئوا السقاء، وأغلقوا الأبواب. وأطفئوا السراج، فإن الشيطان لا يحل سقاء، ولا يفتح بابا، ولا يكشف إناء. فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا، ويذكر اسم الله، فليفعل، فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم». رواه مسلم.
----------------
«الفويسقة»: الفأرة، «وتضرم»: تحرق. في رواية البخاري: «خمروا الآنية، وأجيفوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح، فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت». قال القرطبي: في هذه الأحاديث أن الواحد إذا بات ببيت ليس فيه غيره وفيه نار فعليه أن يطفئها قبل نومه، أو يفعل بها ما يؤمن به الاحتراق. وكذا إن كان في البيت جماعة فإنه يتعين على بعضهم، وأحقهم بذلك آخرهم نوما، فمن فرط في ذلك كان للسنة مخالفا، ولأدائها تاركا. ثم أورد حديث ابن عباس، قال: جاءت فأرة فجرت الفتيلة فألقتها بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - على الخمرة التي كان قاعدا عليها، فأحرقت منها مثل موضع الدرهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا نمتم فأطفئوا سراجكم، فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم». وقال ابن دقيق العيد: إذا كانت العلة في إطفاء السراج الحذر من جر الفويسقة الفتيلة، فمقتضاه أن السراج إذا كان على هيئة لا تصل إليها الفأرة لا يمنع إيقاده. وأما ورود الأمر بإطفاء النار مطلقا فقد يتطرق منها مفسدة أخرى غير جر الفتيلة، كسقوط شيء من السراج إلى شيء من المتاع فيحرقه، فيحتاج إلى الاستيثاق من ذلك، فإذا استوثق بحيث يؤمن معه الإحراق فيزول الحكم بزوال علته. انتهى ملخصا. وفي الأمر بإغلاق الأبواب من المصالح الدينية والدنيوية، حراسة الأنفس والأموال، من أهل العبث والفساد، ولاسيما الشياطين. وفيه: أن ذكر اسم الله تعالى يطرد الشيطان، كما ورد في الرواية الأخرى: «خمر إناءك واذكر اسم الله، وأغلق بابك واذكر اسم الله».