باب الحث على التثبت فيما يقوله ويحكيه
باب الحث على التثبت فيما يقوله ويحكيه
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع». رواه مسلم.
----------------
أي: كفاه ذلك كذبا، فإنه قد استكثر منه. قال النووي: ومعنى الحديث والآثار المذكورة في الباب: الزجر عن التحدث بكل ما سمع، فإنه يسمع الصدق والكذب، فإن حدث بكل ما سمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن. ومذهب أهل الحق: الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو... عليه، ولا يشترط فيه العمد، لكن التعمد شرط للإثم.
باب الحث على التثبت فيما يقوله ويحكيه
تطريز رياض الصالحين
عن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين». رواه مسلم.
----------------
قال البخاري: باب إثم من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكر حديث علي رضي الله عنه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فليلج النار» وحديث الزبير رضي الله عنه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار». وحديث أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار». وحديث سلمة بن الأكوع: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار». وحديث أبي هريرة: «ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار». قال الحافظ: قوله: «ولا تكذبوا علي». هو عام في كل كاذب، مطلق في كل نوع من الكذب. ومعناه: لا تنسبوا الكذب إلي، وقد اغتر قوم من الجهلة فوضعوا أحاديث في الترغيب والترهيب. وقالوا: نحن لم نكذب عليه، بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته، وما دروا أن تقويله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل يقتضي الكذب على الله تعالى.
باب الحث على التثبت فيما يقوله ويحكيه
تطريز رياض الصالحين
عن أسماء رضي الله عنها: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور». متفق عليه.
----------------
«والمتشبع»: هو الذي يظهر الشبع وليس بشبعان. ومعناه هنا: أن يظهر أنه حصل له فضيلة وليست حاصلة. «ولابس ثوبي زور» أي: ذي زور، وهو الذي يزور على الناس، بأن يتزيى بزي أهل الزهد أو العلم أو الثروة، ليغتر به الناس وليس هو بتلك الصفة. وقيل غير ذلك والله أعلم. قال البخاري: باب المتشبع بما لم ينل، وما ينهى من افتخار الضرة. وذكر الحديث. قال الحافظ: أشار بهذا إلى ما ذكر أبو عبيد في تفسير الخبر: قال: قوله: «المتشبع»، أي: المتزين بما ليس عنده يتكثر بذلك، ويتزين بالباطل، كالمرأة تكون عند الرجل ولها ضرة، فتدعي من الحظوة عند زوجها أكثر مما عنده، تريد بذلك غيظ ضرتها. وكذلك هذا في الرجال. قال: وأما قوله: «كلابس ثوبي زور»، فإنه الرجل يلبس الثياب المشبهة لثياب الزهاد، يوهم أنه منهم ويظهر من التخشع والتقشف أكثر مما في قلبه منه. قال: وفيه وجه آخر: أن يكون المراد بالثياب الأنفس. كقولهم: فلان نقي الثوب، إذا كان بريئا من الدنس. وفلان دنس الثوب، إذا كان مغموصا عليه في دينه. وقال الخطابي: الثوب مثل، ومعناه، أنه صاحب زور وكذب، كما يقال لمن وصف بالبراءة من الأدناس: طاهر الثوب. والمراد به نفس الرجل. وقال أبو سعيد الضرير: المراد به أن شاهد الزور قد يستعير ثوبين يتجمل بهما ليوهم أنه مقبول الشهادة. قال الحافظ: وهذا نقله الخطابي عن نعيم بن حماد قال: كان يكون في الحي الرجل له هيئة وشارة، فإذا احتيج إلى شهادة زور لبس ثوبيه، وأقبل فشهد، فقبل لنبل هيئته، وحسن ثوبيه، فيقال: أمضاها بثوبيه.